أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 770-43 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 770-43 ق  

    خلاصة المبدأ 

    1. النص في منطوق الحكم على المصادرة دون ما تورد في أسبابه أن هناك مادة قد ضبطت ليس سوى خطأ مادي.
    2. تقدير حالة المتهم العقلية مسألة موضوعية من اختصاص محكمة الموضوع – عدم التزامها باللجوء لأهل الخبرة – شرطة.

    الحكم 

    الوقائع

    اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 22/8/1424 وما قبله بدائرة مركز شرطة زليتن حاز بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي المادة المخدرة حشيش دون ترخيص بان تعاطاها واستعملها شخصيا.

    وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمقتضى نصوص المواد 1، 2، 37، 46 من القانون رقم 7/1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية والمادة 1 مكرر من القانون رقم 19/1923 بشأن إضافة حكم للقانون رقم 7/90 المشار إليه.

    ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت القضية حكمت حضوريا بمعاقبة المتهم مصطفى الهادي الصيد بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المادة المضبوطة وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه مرتين متتاليتين في جريدة الفجر الجديد والمنتجون والميزان وبلا مصاريف جنائية.

    وهذا هو الحكم المطعون فيه

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 22/1/1996.

    وبتاريخ 25/1/1996 قرر المحكوم عليه الطعن بالنقض أمام ضابط السجن، وبتاريخ 7/2/1996 تحصل محامي الطاعن على شهادة سلبية من قلم كتاب محكمة استئناف مصراتة تفيد عدم إيداع أسباب الحكم حتى تاريخه، وبتاريخ 6/3/1996 أودع محامي الطاعن مذكرة بأسباب الطعن وذلك أمام قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم.

    وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانون في الطعن انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم الإعادة.

    وحددت جلسة 2002.10.21 ف لنظر الطعن وبها تلا المستشار المقرر تقريره ونيابة النقض تمسكت برأيها السابق.

    نظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحضرها وقررت حجز الدعوى للحكم بجلسة 2002.12.15، وفي تلك الجلسة قررت من أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.

    الأسباب

    من حيث إن الطعن حاز أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلا.

    وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب وإخلاله بحق الدفاع، ذلك أنه قضى في المنطوق بمصادرة المادة المخدرة، رغم أنه لا وجود بملف الدعوى لمادة ممنوع حيازتها قانونا، وهو ما يبين منه أن المحكمة لم تمحص أوراق الدعوى وتحط بها علما، وقد أخلت بحقه في الدفاع بعدم الاستجابة لطلب محاميه بعرضه على الطبيب الشرعي لبيان حالته العصبية والصحية في تاريخ الواقعة، كما لم ترد على دفعه ببطلان محضر جمع الاستدلالات لضبط أقواله حال خروجه من غرفة العمليات وهو في حالة تخدير لا يدري ما يقول فضلا عن الانهيار العصبي الذي يعاني منه ودون أن يعالج، ومن كل ذلك يكون الحكم معيبا بما يوجب نقضه والإعادة.

    وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد إيراده واقعة الدعوى وما أثبته مأمور الضبط، وبعد أن سرد اعتراف الطاعن بمحضر الاستدلال ومحضر تحقيق النيابة العامة بتعاطيه المادة المخدرة خلص إلى إدانته تأسيسا على قوله : (… نجد أن المتهم قد اعترف في محضر تحقيق النيابة العامة أنه تناول المخدر من نوع حشيش، ولونه كلون الشكلاطة، وانه تناوله على هيئة التدخين، كما أن أقواله بمحضر الضبط جاء فيها انه كان يتناول المخدرات، وتناولها آخر مرة من مدة أربعة وعشرين يوما، وقد اشتراها من شخص جزائري بمبلغ 20 دينارا، ومن ثم فإن التهمة المسندة للمتهم تكون ثابتة في حقه ثبوتا قطعيا باعترافه بها الصريح غير المشوب بما يبطله قانونا، فالمتهم ذكر صراحة انه تناول المخدر عن طريق التدخين في فترة قريبة لا تتجاوز الشهر، وأنه عند تناوله كان يعرفه تمام المعرفة، ومن ثم فإن أركان الجريمة من حيازة وتعاطي وقصد قد توافرت ودخلت تحت النص القانوني في المواد …).  

    لما كان ذلك، فإن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه والذي له معينه من أوراق الدعوى مفاده أن المحكمة قد محصت الدعوى ووقفت على أدلتها بما يفصح عن حقيقة الواقعة كما ثبتت لها وهي أن الطاعن كان قد تعاطى المادة المخدرة نوع حشيش التي سبق له أن اشتراها لهذا الغرض مع علمه بحقيقتها، ولم تورد في أسبابها أن هناك ثمة مادة قد ضبطت مع الطاعن الأمر الذي يجعل ما أوردته في منطوق حكمها من النص على المصادرة ليس سوى خطأ مادي لا يؤثر في النتيجة التي انتهت إليها في المنطوق ما دام لم يضبط مع الطاعن ما يمكن مصادرته، مما يجعل هذا الوجه من النعي في غير محله.

    لما كان ذلك، وكان من المقرر ان تقدير حالة المتهم العصبية والصحية ومدى تأثير ذلك على حالته العقلية التي يترتب عليها تحديد مدى مسئوليته الجنائية عن أفعاله وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بلا معقب عليه طالما انه يقيمه على أسباب سائغة، وهو ما يصدق بشأن الاعتراف وغيره من الأدلة والتي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات، مما يجعل محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب الدفاع إلى طلبه ندب خبير لإبداء الرأي في حالة المتهم العقلية مادامت ترى أنها في غير حاجة للاستعانة برأيه في أمر تبينته من عناصر الدعوى، كما لا تثريب عليها في الأخذ باعتراف المتهم الصادر عنه في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن وأورد ما قرره بالأوراق من ان أعصابه متوترة، وانه كان يتعاطى المخدرات، كما أورد ما دفع به دفاعه من بطلان اعترافه بمحضر جمع الاستدلالات لصدور ه عنه وهو تحت تأثير التخدير ورد عليه بقوله: (ان هذا الدفع في غير محله لأن مأمور الضبط حقق مع المتهم في اليوم التالي لإجراء العلمية، وقد وجده في حالة صحو تام، وهو لا يحتاج حتى للعلاج مما لا يستدعي بقاءه بالمستشفى … ولا صحة لقول المحامي ان المتهم كان تحت تأثير المخدر عن اخذ أقواله أمام مأمور الضبط … وان المتهم اعترف صراحة اعترافا غير مشوب بما يبطله قانونا والمحكمة تقتنع به في إدانة المتهم وتبنى قضاءها، وان دفوعات محاميه في غير محلها مما يجعل المحكمة تلتفت عنها).

    لما كان ذلك، فإن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على سلامة الحالة الصحية للطاعن وبالتالي عدم تأثر حالته العقلية و المستمد مما هو ثابت بالأوراق يعد تدليلا سائغا على ما ذهب إليه وما رتبه عليه من رفض ضمني لطب الاستعانة بخبير مختص بالأمراض النفسية والعقلية، فضلا عما اشتمل عليه من الرد على الدفع ببطلان اعترافه بمحضر الاستدلال رغم انه لا يستوجب الرد الصريح إذ يكفي فيه أخذ المحكمة بالدليل والاعتماد عليه بما يعد دحضا للدفع ببطلان، الأمر الذي يجعل ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه هو الآخر في غير محله.   

    وحيث إنه متى كان ذلك، فان الطعن برمته يكون قائما على غير أساس من الواقع والقانوني وتبعا لذلك يتعين القضاء برفضه.

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.