Skip to main content

طعن جنائي رقم 44/642ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 642
  • السنة القضائية: 46
  • تاريخ الجلسة: 27 مايو 2003

طعن جنائي رقم 44/642ق

خلاصة المبدأ 

  1. حكم بالبراءة – شرطه صحته. 
  2. السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية مسألة واقعية من اختصاص محكمة الموضوع – بيان ذلك. 
  3. انفجار أحد إطارات السيارة صورة من صور الخطأ الذي تقوم به المسؤولية الجنائية – بيان ذلك. 

الحكم 

الوقائع 

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بتاريخ 94.8.9 ف بدائرة وحدة مرور الرحيبات. 

  1. تسبب خطأ من غير قصد ولا تعمد في مقتل المجني عليه…، و… و… بأن قاد المركبة الآلية المبينة نوعا، ورقما بالأوراق، برعونة وطيش، فاختل توازنها عند انفجار إطارها ونجم عن ذلك انقلابها وإصابة المذكورين بالإصابات التي أدت إلى وفاتهم.
  2. قاد المركبة الآلية الموصوفة بالأوراق ولم يتفاد كل ما من شأنه أن يشكل خطرا أو يعرض سلامة الأشخاص والأموال للضرر. 

وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 9.64 من القانون رقم 84/11 ف بشأن المرور المعدل بالقانون رقم 13/ 94ف، وبالمادتين 1,13 من القرار رقم 94/247 ف بشأن قواعد وآداب المرور، والغرفة قررت ذلك. 

ومحكمة جنايات طرابلس قضت غيابيا ببراءة المتهم مما نسب 

هذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات 

بتاريخ 96/12/9 ف صدر الحكم المطعون فيه، وفي 96/12/21 ف قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن على الحكم بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم، وبذات التاريخ ولدى ذات الجهة أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعة من أحد وكلائها. 

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها قبول الطعن شكلا و النقض مع الإعادة، حددت جلسة 2003/5/20 لنظر الدعوى، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وسمعت الدعوى على النحو الثابت بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم. 

الأسباب 

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلا. 

وحيث تنعى النيابة الطاعنة الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، وقالت في بيان ذلك: إن المحكمة المطعون في قضائها قد أوردت في أسباب حكمها أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد أن المتهم قصر أو أهمل في القيادة، وأن الحادث حصل نتيجة لانفجار إطار المركبة، وأن النيابة العامة لم تثبت كيف أن المتهم لم يتفاد كل ما من شأنه أن يكون خطراً أو يعرض سلامة الأشخاص والأموال للضرر، وأن السرعة غير محددة بمكان الحادث، وهذا القول الذي أوردته المحكمة في أسباب حكمها يخالف القانون ويجعل الحكم مشوبا يعيب الفساد في الاستدلال. ذلك أن نص المادة 13 من قرار أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل رقم 23/247م أوجب على قائد المركبة أن يكيف سرعته وحالة الطريق, وحالة المركبة، وحمولتها، بحيث يمكن تخفيض سرعة مركبته وإيقافها إذا الزم الأمر، وهذا القول من المحكمة غير سديد في القانون ذلك أن المركبة كانت تسير وهي مملوءة بالركاب، وقد صرح المتهم أنه يقودها بسرعة ما بين الثمانين والمائة كيلو مترا في الساعة، وهي مسرعة لا تلائم حمولتها، وكان عليه أن يقلل من تلك السرعة حتى يمكن إيقافهما إذا لزم الأمر، إضافة إلى ما سبق فإن انفجار إطار المركبة لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً مفاجئا يمكن أن يكون سببا في الحادث، وبه تنقطع علاقة السبية بين الفعل الذي قام به المتهم والنتيجة، بل إنه كان على المتهم أن يتوقع انفجار الإطار، ويتوقع ما قد ينجم عن ذلك، أما إذا لم يفعل ذلك فإن مسئوليته تكون قائمة، ولكل ذلك، فالحكم معيب بما يوجب نقضه. 

وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن لخص واقعة الدعوى أورد وهو بصدد التدليل على قضائه بالبراءة قوله: – وحيث إنه مما تقدم فإن المتهم كان يستعمل السيارة موضوع الحادث صحبة المتوفين باتجاه نالوت، وبمكان الواقعة انفجر أحد إطارات المركبة على النحو المشار إليه مما أدى إلى انقلابها، وحصول الإصابات التي لحقت بالمجني عليهم وأدت إلى وفاتهم. 

وحيث إن الأوراق خالية تماما مما يدل على وجود تقصير أو إهمال من المتهم، ولم تثبت النيابة العامة ما إذا كانت السرعة محددة بمكان الواقعة من عدمه، كما لم توضح كيف أن المتهم لم يتفاد كل ما من شأنه أن يكون خطرا، أو أنه لم يكن مسيطرا على المركبة، بل كان الاتهام مرسلا ودون دليل يؤيده، بل الواضح أن سبب الحادث هو انفجار إطار المركبة، وهو ما تقول به النيابة العامة ذاتها فهي تكرر في قرار الاتهام عبارة أن السيارة انقلبت بعد انفجار أحد إطاراتها وحيث إن ما أسند إلى المتهم غير ثابت قبله فتقضي المحكمة بما هو في المنطوق. 

وحيث إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة أو لعدم توافر أركان الجريمة أو لعدم توافر أدلة الثبوت عليها غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثوابت التي قام الاتهام عليها، وبتوافر عناصر الجريمة وأركانها. 

لما كان ذلك، وكان يبين أن الطاعن وهو يقود سيارته قد أهمل في اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة بتفقد جميع أجزاء مركبته وخصوصاً إطاراتها، وأنه بمجرد أن انفجر أحد الإطارات اختل منه توازن القيادة، الأمر الذي أدى إلى وقوع الحادث، إذ أنه لم يسيطر على القيادة أثناء الحادث وكان المشرع إذ عدد صور الخطأ فی المادة 3/63 من قانون العقوبات قد اعتبر كل صورة من الصور خطأ قائما بذاته يترتب عليه مسؤولية فاعله، ولو لم يقع منه خطأ آخر. 

 وكان الحكم المطعون فيه لم يطلع على ما يظهر من أسبابه على قائمة أدلة الاثبات في القضية، حيث كشف الشرطة أثبت فيه مأمور الضبط أن السيارة المشكلة للحادث كانت قد تدحرجت عن مكان الحادث مسافة سبعة وتسعين خطوة، مما يدل على أن الطاعن لم يتخذ كافة الاحتياطات اللازمة بتفقد مركبته من جميع أجزائها، وخصوصا إطاراتها، واختلال توازن القيادة من الطاعن بمجرد انفجار الإطار وحصول الحادث نتيجة هذا الخطأ ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري، ذلك أنه يشترط لتوافر هذه الحالة ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر، أو في قدرته على منعه. 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية في جريمتي: القتل والإصابة خطأ، هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال، وظروف المرور، وزمانه، ومكانه، فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الإصابة، ولو كانت السرعة داخلة في الحدود المسموح بها طبقا للقرارات واللوائح المنظمة لقواعد المرور. كما أن السرعة التي تعتبر جريمة في. حد ذاتها هي التي تجاوز الحد المسموح بها طبقا للقرارات وللوائح المنظمة لقواعد المرور، وكان الحكم المطعون فيه على النحو السالف بيانه، رغم أنه أثبت على لسان الطاعن أن سرعته كانت ما بين الثمانين والمائة، قد نفى عنه وجود تحديد السرعة مكان الحادث، متناسياً أن السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة خطأ 

، هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال، وظروف المرور، وزمانه، ومكانه، فيتسبب عن هذا التجاوز الموت، أو الإصابة، ولو كانت السرعة داخلة في الحدود المسموح بها طبقا للقرارات واللوائح المرورية، وإذ برأ الحكم المطعون فيه الطاعن دون أن يلم بواقعة الدعوى، ويتعرض لأركان الجريمة، ولعدم انتباه المتهم وعدم أخذه الحيطة والحذر، فواجب الحيطة والحذر يحتمان عليه أن يخفف سرعته كلما تطلب الأمر ذلك، حتى يتمكن من تفادي الحادث، وهو أمر متوقع دائما. 

مما يكون معه الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة الطاعن من تهمة القتل الخطأ على النحو السالف بيانه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه مع الإعادة. 

فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ونقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة جنايات طرابلس لنظرها مجددا من هيئة أخرى.