أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 40/556 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 40/556 ق

خلاصة المبدأ

  1. تقدير رأي الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات- سلطة محكمة الموضوع.
  2. لا يجوز إثار الدفوع الموضوعية لأول مرة أمام المحكمة العليا- أساس ذلك.

الحكم 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 1990.11.22 بدائرة مركز شرطة المدنية بنغازي: 

أحدث بغيره اذى فى شخصه وذلك بـأن أحـدث بالمجني عـليه (….) الإصابات المبينة بالتقرير الطبي. 

وطلبت من محكمة شمال بنغازي الجزئية معاقبته بالمادة 379 من قانون العقوبات وأثناء نظر الدعوى من المحكمة المذكورة ادعى المجني عليه مدنيا ” بصحيفة دعوى طالباً فيها تعويضه عما لحقه من ضرر والمحكمة قضت حضوريا بمعاقبة الطاعن بالحبس مدة شهر واحد وقدرت ثلاثون دينارا كفالة للاستئناف وبلا مصروفات. 

وفى الدعوى المدنية قضت بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ خمسمائة دينار تعويضا عن الضرر الذي لحقه وألزمته بالمصروفات. 

لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المحكوم عليه فأستأنفه أمام محكمة بنغازي الابتدائية ـ دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة ـ فقضت بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعاً وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات تبدأ من الآن مع إلزامه بمصاريف الدعوى المدنية. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه

إجراءات الطعن

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1993.3.29 م فقرر المحكوم عليه الطعن بطريق النقض أمام قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة بنغازي، وكان ذلك يوم 93.4.21 وفى يوم 93.4.7 كان قد تحصل على شهادة سلبية بعدم وجود الحكم فأودع محاميه مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه بتاريخ 93.5.3 م لدى نفس القلم المشار إليه ولا يوجد بالأوراق ما يفيد اخطاره بإيداع الحكم، ولما كان الحكم المطعون فيه صادر عن محكمة بنغازي الابتدائية فى الاستئناف المرفوع عن الحكم الجزئي الصادر عن محكمة شمال بنغازي الجزئية وكان التقرير بالطعن ومحضر إيداع أسبابه قد تم أمام قلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة ببنغازي وفي ذلك دلالة على أن القلم الذي تم الاجراء لديه هو قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وهي محكمة بنغازي الابتدائية. 

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها الى إبداء الرأي بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، قولا منها بأن الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه، قد رد على دفع الطاعن بأنه ارتكب الجريمة فى حالة الدفاع الشرعي، ردا غير كافيا، مما يتعين الحكم بالقصور فى التسبيب. 

حددت 1994.11.30 لنظر الطعن وتلي المستشار المقرر تقرير تلخيص عن الدعوى ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم. 

الأسباب

من حيث أن الطعن قد حاز أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك، إنه فاضل بين تقرير الطبيب الشرعي وبين صورة ترجم لتقرير قدمه المجني عليه لا تحمل تاريخ تحريره، كما أنه قد رد على دفع الطاعن أمام محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه، بإنه كان فى حالة دفاع شرعي برد قاصر ولا يبرر طرحه له وبالنسبة للتعويض فإن الطاعن غير ملتزم به لأنه قد ارتكب الفعل فى حالة دفاع شرعي وإن كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه وحيث يبين من الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه إنه استند فى إدانة الطاعن، على اعترافه بضربه المجني عليه وعلى ثبوت اصابة من التقرير الطبي الذي أعد عنه بمستشفى الجلاء بتاريخ 1991.12.22 ونفى وحدد تعارض بين هذا التقرير وبين تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ فى 1990.11.27 لأنه قد جاء لاحقا عليه وأثبت مظاهر نشأت عن الواقعة وكانت نتيجة لها وإن جاءت متأخرة عنها.

لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير رأى الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات تختص به محكمة الموضوع ولها فى حدود سلطتها التقديرية الأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما لا تطمئن إليه منها، أو ترجيح تقرير على آخر، وكان الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه، قد أخذ بالتقرير الطبي المعد بمستشفى الجلاء واطمأن إليه، لما ساقه على نحو ما سلف، باستدلال سائغ، ومما يجعل النعي على الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فى تقدير الدليل الذى أخذت به محكمة الموضوع واتخذته اساسا لقضائه لا يجوز طرحه أمام المحكمة العليا، مما يجعل النعي المذكور فى غير محله. 

وحيث إنه بالاطلاع على محضر محاكم الطاعن أمام المحكمة المطعون فى حكمها، يبين أن محامي الطاعن، لم يدفع بأنه الطاعن قد ارتكب الجريمة فى حالة دفاع شرعي وإنه تمسك بوقوعه أمام محكمة أول درجة، ويبين من محضر محاكمته أمام محكمة أول درجة عدم إثارته أمامها كذلك الدفع السالف الذكر. 

لما كان ذلك وكان الدفع بارتكاب الجريمة فى حالة دفاع شرعي، دفعا موضوعيا جوهريا يترتب على قبوله تحقق قيام سبب من أسباب الإباحة أو تخفيف المسئولية و يتعين لذلك للتمسك به وجوب دفع المتهم به أمام محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا، لتعارض ذلك مع طبيعة وظيفتها كمحكمة قانون، وكان لا يبين من محضر المحكمة المطعون فى حكمها، على نحو ما سلف أثاره محامى الطاعن الدفع بارتكاب موكله الجريمة فى حالة دفاع شرعي، مما لا تقبل معه إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا، ولا يقدح فى ذلك، تمسك بدفوعه أمام محكمة أول درجة، التي تأييد حكمها بالحكم المطعون فيه، لعدم أثارته أمامها كذلك الدفع المذكور، مما يجعل النعي على الحكم فى هذا الشأن فى غير محله. 

لما كان ذلك وكان مبنى الطعن بالنسبة للتعويض المدني هو عدم التزام الطاعن به لأنه قد قارف الفعل فى حالة دفاع شرعي، وكان يبين، مما سلف، بأنه لم يدفع بحالة الدفاع الشرعي أمام محكمة الموضوع، وأن اثارته له لأول مرة أمام المحكمة العليا غير مقبولة فإن النعي على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله.

وحيث إنه متى كان ذلك تعين رفض موضوع الطعن برمته، وإلزام الطاعن بمصروفات الدعوى المدنية. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بمصروفات الدعوى المدنية.