طعن جنائي رقم 3800-50 ق
طعن جنائي رقم 3800-50 ق
خلاصة المبدأ
قضاء الحكم بالإدانة- وجوب بيانه الواقعة المستوجبة للعقوبة- أساس ذلك.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 27/7/2002 بدائرة مركز وحدة مرور قصر بن غشير
- تسبب خطأ دون قصد ولا تعمد في قتل المجني عليه وذلك بأن قاد المركبة الآلية الموصوفة بالأوراق على الطريق العام بإهمال وعدم حيطة وحذر وطيش بأن الحق به الإصابات المبينة بتقرير الطبيب الشرعى والتى أودت بحياته.
- قاد المركبة الآلية على الطريق العام دون أن يحمل اللوحتين المعدنيتين على النحو المبين بالأوراق.
- قادها بدون ترخيص من الجهات المختصة.
- قادها ولم يتفادى كل ما من شأنه أن يكون خطرا أو يعرض السلامه للخطر.
- قادها دون أن يحمل معه ترخيص المركبة، وقدمته النيابة العامة إلى غرفة الاتهام المختصة وطلبت منها احالته الى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 59و64و19و3 من القانون رقم 11 لسنة 1984 ف بشأن المرور على الطرق العامة و1و58من القرار رقم 247 لسنة 1423 ميلادية بشأن تحديد قواعد المرور وإشاراته وآدابه، والغرفة قررت ذلك ومحكمة الجنايات نظرت الدعوى وقضت فيها حضوريا بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ثمانية عشر شهرا عما نسب اليه في التهمتين الأولى والرابعة وببراءته من باقى التهم.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الاجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 21/11/2002 ف وقرر المحكوم عليه بتاريخ 25/11/2002 بالطعن فيه بطريق النقض من داخل سجن عين زارة، وبتاريخ 11/12/2002 ف أودع المحامى لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم مذكرة موقعة منه تتضمن أسبابا لطعن الطاعن، كما أودع أحد أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية لدى ذات القلم بتاريخ 18/12/2002 ف واودع المحامى مذكرة موقعه تتضمن أسبابا لطعن الطاعن ونيابة النقض قدمت مذكرة برأيها القانونى خلصت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.
وهذه المحكمة حددت لنظر الطعن جلسة 27/11/2004 ف، وبها نظر، وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وسمعت الدعوى، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم 15/1/2005 ف.
الأسباب
من حيث إن الطعن قد استوفي جميع أوضاعه المقررة في القانون لذا فهو مقبول شكلاً.
وحيث أن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب حيث أنه لم يبين عناصر الخطأ والإهمال في قيادة الطاعن للسيارة التي كان يقودها، واعتمد في ادانة الطاعن على مجرد اعترافه استدلالا وتحقيقا بحصول الحادث الذي نتج عنه وفاة المجنى عليه عند قيادته.
للمركبة الآلية بسرعة 60 كيلومتر في الساعة في مكان الحادث، رغم دفع الطاعن أمام المحكمة المطعون في حكمها بأن الخطأ كان من جانب المجنى عليه الذى عبر الطريق مسرعا أمام مركبة الطاعن المتهم التى كان يقودها ضمن رتل من السيارات تتبع القوات المسلحة، وعلى تقرير الطبيب الشرعي الذي أوعز سبب الوفاة إلى الحادث، ورغم أن هذا الاعتراف الذي استند عليه الحكم الطعين في قضائه بإدانة الطاعن عن جريمة القتل الخطأ – التهمة الأولى – وجريمة قيادته للمركبة الآلية ولم يتفادى كل مامن شأنه أن يكون خطرا أو بعرض السلامة للخطر، لا يتضمن اعترافه بقيادته للمركبة الآلية بإهمال وطيش وعدم حيطه وحذر، وكان استدلال الحكم بأن الطاعن لم يستعمل المبنه استدلالا فاسدا إذ أن الأوراق تخلو مما يفيد أنه لم يستعمل المنبه لتنبيه المجنى عليه وأن واقع الأمر بخلاف ذلك حيث أنه استعمل كل ما في وسعه لتفادي حصول الحادث بما فيلا ذلك استعمال المنبه، الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه قاصرا في بيانه عناصر الخطأ الذي يكون الركن المادي لجريمة القتل الخطأ المسنده إليه، وفسادا في استدلاله على توافر هذا الركن، وذلك مما يعيبه ويوجب نقضه مع الاعاده.
وحيث يبين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أورد وهو بصدد بيان قناعة المحكمة مصدرته بشأن التهمتين الأولى والرابعة المسندتين للطاعن ( أن الأدلة والقرائن المطروحة في الدعوى تتلخص مضامينها فيما يلى :أولا اعتراف المتهم بأنه قاد المركبة الآلية بسرعة ستين كيلو متر في الساعه وصدم المجنى عليه ونجم عن ذلك وفاته وقد أصر على الاعتراف أمام النيابة العامة ولم يطعن في اعترافه :ثانيا:- التقرير الطبى الشرعى الذي أوعز سبب الوفاة إلى الحادث، وحيث أن الأدلة كافية ومشروعه ومستساغه وتؤدى إلى إثبات التهمتين الأولى والرابعة في حق المتهم من اعترافه وكشف المعاينة والتقرير الطبى مما يتعين معه معاقبة المتهم بالمواد…الخ) كما وأن الحكم المطعون فيه أورد وهو بصدد رده على دفع الطاعن بعدم توافر الركن المادى للجريمة وانقطاع العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة قوله ( غير أن الدفاع لم يدلل على ذلك وجاء دفاعه مرسلا دون سند من الواقع ورغم ذلك ترى المحكمة العلاقة السببية متوافرة بين سلوك المتهم الخاطىء الذي تمثل في قيادة مركبة آلية دون التأكد من المجني عليه وعدم استعمال منبه المركبة لتحذير المجنى عليه، وادعاء المتهم بحجب الرؤية لاسند له، ووجود المركبات الأخرى أمر مألوف ومتوقع، وكان على المتهم أن يبذل عناية الرجل الحريص لتلافي وقوع الحادث ولكنه لم يفعل فحصل منه الحادث ونجم عنه الوفاة مما ترى المحكمة طرح دفعى الدفاع )
وحيث أنه لما كان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الادانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المآخذ والاكان الحكم قاصرا، وكان من المقرر أن جريمة القتل الخطأ لاتتوفر في القانون ما لم يكن خطأ المتهم هو السبب في وفاة المجني عليه بحيث لا يتصور أن تحدث الوفاة لولا وقوع ذلك الخطأ مما يتعين معه على الحكم أن يؤسيس قضاءه على أسانيد معقوله مستمدة من وقائع الدعوى الثابتة بأوراقها ويستدل منها على كيفية حصول الخطأ من الجانى، وكيف أدى ذلك الخطأ الى اصابة المجنى عليه، وكيف أن تلك الاصابة أو الاصابات أدت إلى وفاة المصاب أو أسهمت في وفاته. وكان الذى يستناد مما سلف ايراده من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد أسس قضاءه بادانة الطاعن عن جريمة القتل خطأ المسنده اليه وجريمة قيادته للمركبه ولم يتفاد كل مامن شأنه أن يكون خطراأو يعرض السلامه العامة للخطر على اعتراف الطاعن استدلالا وتحقيقا والذى لم يطعن فيه وعلى ماورد بتقرير الطبيب الشرعى من أن سبب الوفاة هو الحادث، وكان مضمون اعتراف الطاعن وكما ورد بالحكم المطعون فيه هو اعترافه بقيادته للمركبة الآليه بسرعة 60متر في الساعه وأنه صدم المجنى عليه.ونجم عن ذلك وفاته، وكان الاعتراف الذى يصلح للاعتماد عليه في القضاء بالادانه هو ذلك الاعتراف الذى يتضمن اعتراف الجانى بارتكابه للجريمة بكامل أركانها كما هى معرفه في القانون، لاذلك الاعتراف الذى يتضمن اعتراف الجانى بحصول الفعل منه دون أن يتضمن اعترافه بارتكاب الجريمة بكامل أركانها القانونية المكونه لها، ولما كان ذلك وكان مؤدى اعتراف الطاعن وعلى نحو ماسلف لايتضمن اعترافه بالجريمة بكامل أركانها القانونية كما هى معرفه في القانون، إذ أنه لايكشف عن كنه الخطأ الصادر منه، مما يجعل من استناد الحكم الطعين على هذا الاعتراف وهو لايتضمن اعترافه بارتكاب احدى صور الخطأ المنصوص عليها في المادة 63 من قانون العقوبات أو غيرها، من صور الخطأ الأخرى، أمر يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، سيما وأنه لم يدلل على أن سرعة 60كيلو مترفيالساعه التى اعترف الطاعن بأنه كان يسير بها عند وقوع الحادث كانت قد جاوزت الحد الذى تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور بمكان وقوع الحادث وزمانه، وأن هذا التجاوز هو السبب المباشر في وقوع الحادث ووفاة المجنى عليه، بحيث تكون عنصرا من عناصر الخطأ قد ثبت توافره في حقه باعترافه، وكان رد الحكم المطعون فيه على دفع الطاعن بانتفاء توافر الركن المادى للجريمة وانقطاع العلاقه السببيه وتدليله على توافرهما بقوله ( ان سلوك المتهم الخاطىء قد تمثل في قيادته للمركبة دون التأكد من المجنى عليه وعدم استعمال المنبه في تنبيه المجنى عليه وأن اداعاته بحجب الرؤيه لاسند له، وأن وجود مركبات أخرى أمرمألوف ومتوقع وكان على المتهم أن يبذل عناية الرجل الحريص لتلافي وقوع الحادث ولكنه لم يفعل فحصل الحادث ونجم عنه الوفاة )ردا خاطئا وتدليلا فاسدا إذ أنه لم يوضح كيف أن الطاعن لم يتأكد من المجنى عليه وقت قيامه بقيادة المركبة ومما استخلص أن الطاعن لم يستعمل المنبه لتنبيه المجنى عليه، وفضلا عن ذلك فإن عدم بذل الطاعن لعناية الرجل الحريص ليس من شأنه أن يتوافر به عنصر من عناصر الخطأ المستوجب للمسؤولية الجنائية، بل أن مجرد بذل عناية الرجل العادى في مثل ظروفه يكفي لنفي المسؤولية الجنائية عنه، ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعن على اعترافه استدلالا وتحقيقا وكان هذا الاعتراف لا يتضمن اعترافه بأي عنصر من عناصر الخطأ الذى يكون الركن المادي في جريمة القتل الخطأ التى دانه عنها، وان كان يتضمن اعترافه بقيادته للمركبة بسرعة 60 كيلومتر في الساعة وصدم المجنى عليه ووفاته، وكان رد الحكم على دفع الطاعن بانتفاء الركن المادى لهذه الجريمة، وتدليله على توافره تدليلا خاطئا و فاسدا وعلى نحو ما سلف بيانه، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ويكون ما ينعاه عليه الطاعن في هذا الشأن في محله، مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه مع الاعادة، ودون حاجة لإيراد ومناقشة باقي منعى الطاعن عليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ،وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس دائرة الجنايات لنظرها والفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.