طعن جنائي رقم 211-52 ق
طعن جنائي رقم 211-52 ق
خلاصة المبدأ
- قصور أسباب الحكم -أثره.
- نقض الحكم لإحدى الجرائم المرتبطة – أثر ذلك.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بتاريخ 2002.02.13م، بدائرة مركز الحرس البلدي بني وليد :
- غير حالة ملك الغير للحصول على نفع غير مشروع لنفسه أضراراً بآخرين، بأن قام بالبناء في مصلحة عامة، والتابعة للشركة العامة للكهرباء، وعلى النحو المبين بالأوراق.
- هاجم أطيان الغير بقصد احتلالها والانتفاع بها بدون وجه حق، بأن قام ببناء سياج وبه حجرتان بدون سقف، وهو خلف منزله الشعبي، وكذلك قام ببناء خزانات تحليل واقعة في مصلحة عامة (7/ ب) بمحطة كهرباء، بعد صدور المخطط العام، باللوحة رقم 70 – 14 – 51 وعلى النحو المبين بالتقرير المرفق – من مكتب التخطيط العمراني رقم 38/2002، وعلى النحو الثابت بالأوراق.
- قام ببناء في مسكنه الشعبي دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة، وعلى النحو المبين بالأوراق.
وقدمته إلى محكمة بني وليد الجزئية طالبة معاقبته بموجب المواد 454، 455/1 والمادتين 49، 65/1 من القانون رقم 5 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 32 بشأن تخطيط المدن والقرى والمادة 76 عقوبات، فأصدرت المحكمة المذكورة بتاريخ 2004.03.17 ف، حكماً في الدعوى قضى : (حضورياً بتغريم المتهم خمسين ديناراً عن التهمة الثالثة وبراءته من التهمتين الأولى والثانية، مع إلزامه بالمصاريف) فاستأنفت النيابة العامة والمحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة ترهونة الابتدائية دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة نظرت الاستئنافين، ثم أصدرت فيهما حكماً قضى: حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف، والحكم بمعاقبة المتهم بحبسه حبساً بسيطاً لمدة ثلاثة أشهر وتغريمه خمسين ديناراً عما نسب، وأمرت المحكمة بوقف نفاذ عقوبة الحبس المقضي بها المدة القانونية، واعتباراً من الآن بلا مصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2004.12.15 ف، وبتاريخ 2005.02.10 ف، طعن فيه المحامي علي ضو مصباح بطريق النقض نيابة عن المحكوم عليه، بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم، كما أودع في ذات التاريخ، ولدى نفس القلم مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن وسند وكالته عن الطاعن في التقرير بالطعن بطريق النقض، وأدلت نيابة النقض بمذكرة خلصت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، مع الإعادة، ثم حدد لنظر الطعن جلسة 2006.03.14 ف، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم حجزت للحكم فيها بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلاً.
وحيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب، وفساد الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، ويرى ذلك في أن الحكم أسس قضاءه بالإدانة على ما نسبه للطاعن من اعتراف، مع أن ما صدر منه هو مجرد الإقرار بقيامه بحفر خزان في السياج الأمامي لمنزله، وهي واقعة لا تشكل اعتداء على العقار المحدد في المخطط بمصلحة عامة، الواقع خلف المنزل، التي رفعت الدعوى بشأنها، وأن المحكمة المطعون في حكمها إذ اعتبرت أقوال الطاعن هذه اعترافاً بالتهمتين المذكورتين، خلافاً لحقيقتها، واستندت تقرير إلى مكتب التخطيط العمراني الذي لم يتضمن إلا إثبات وجود المنشآت في الأرض الواقعة خلف منزل الطاعن، لكنه لا يثبت أن الطاعن هو الذي قام بإنشائها، وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه وبراءة الطاعن أو الإعادة.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين التهمة كما وردت ورقة القيد والوصف المقدمة من النيابة العامة، واستعرض إجراءات الاستئناف والمحاكمة، مورداً تقديرات الطاعن أمامها، ونفيه القيام ببناء، وأنه إنما قام بإجراء لياسة على واجهة المنزل، وقام بحفر خزان أمام المنزل نظراً للضرورة التي ألجأته إلى ذلك، دون أن يستصدر ترخيصاً من الجهات المختصة، ثم أن الحكم بعد أن انتهى إلى تقرير بطلان الحكم المستأنف لإيداع أسبابه بعد الميعاد القانوني المحدد بالمادة 286/2 إجراءات جنائية، حصل الواقعة في قوله : [ وحيث أن واقعة الدعوى تخلص حسب الثابت في الأوراق في أنه بتاريخ 2002.2.13 ف، بمركز الحرس البلدي الظهرة، ورد بلاغ إلى المركز المذكور مفاده قيام المتهم عبد الناصر محمد المدني بالاعتداء على قطعة الأرض المصنفة مصلحة عامة حسب المخطط العام باللوحة رقم 70 – 14 – 51 وقيامه ببناء سياج، وبضبط أقوال المتهم بمحضر جمع الاستدلال ذكر بأنه لم يقم ببناء السياج على المنزل وإنما اشتراه والسياج مقام من مالكه السابق أبو ريمة أحمد مفتاح، وبعد إجراء الكشف من قبل مكتب التخطيط العمراني بني وليد على العقار موضوع الشكوى تبين وجود سياج قائم وبه حجرتان بدون أسقف خلف المنزل الشعبي الخاص بالمتهم، وأنه يخص المتهم، كما توجد خزانات تحليل واقعة في مصلحة عامة 7/4 ” محطة كهرباء ” بعد صدور المخطط العام للمدينة باللوحة رقم 70 – 14 – 51، مع العلم بأن محطة الكهرباء قائمة ومنفذة. ثم ساق الحكم في التدليل على قضائه بإدانة الطاعن قوله: وحيث أن الواقعة على النحو السالف بيانه، وحيث أن هذه المحكمة وهي بصدد تكوين عقيدتها في الدعوى، بعد أن أطلعت على أوراقها، وأحاطت بوقائعها، ترى بأن التهم المسندة للمتهم ثابتة في حقه ومتوافرة الأركان، فعن التهمة الأولى وهي تهمة تغيير ملك الغير قائمة من خلال إحداث المتهم تغييراً في المصلحة العامة وذلك بقيامه ببناء خزانات تحليل في المصلحة العامة وذلك بقيامه ببناء خزانات تحليل في المصلحة العامة والمقام عليها محطة كهرباء، والتي يرمز إليها بالرمز 7/4 بقصد الحصول على نفع غير مشروع لنفسه، وكذلك التهمة الثانية وهي تهمة مهاجمة أطيان الغير، فالمتهم استولى على المصلحة العامة، بقصد احتلال العقار والانتفاع به، أما عن التهمة الثالثة، وهي تهمة البناء بدون ترخيص فهي أيضاً ثابتة في حقه، ذلك بأنه قام ببناء خزانات تحليل دون الحصول على ترخيص بذلك عن الجهات المختصة، وقد تأكد ثبوت التهم من خلال اعترافه أمام المحكمة، حيث ذكر بأنه قام بحفر خزان أمام المنزل نظراً للضرورة التي ألجأته إلى ذلك، وأنه لم يستصدر ترخيصاً بذلك من الجهات المختصة، وكذلك تعزز ثبوت التهم من خلال الكشف الذي قام به مكتب التخطيط العمراني، والذي أشار إلى وجود خزانات تحليل واقعة بالمصلحة العامة والتي يرمز لها بالرمز 7/4 وهي محطة كهرباء، وأن إنشاء الخزانات كان بعد صدور المخطط العام، وحيث أن التهم المسندة للمتهم ناشئة عن فعل واحد ومرتبطة ببعضها، فإنه يتعين معاقبة المتهم بالجريمة الأولى طبقاً لنص المادة 454 من قانون العقوبات، باعتبارها الأشد، طبقاً للمادة 76/1 من قانون العقوبات، وعملاً بنص المادة 277/2 إجراءات جنائية، وعلى النحو الذي سرد بالمنطوق.
لما كان ذلك، وكان يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه، وعلى نحو ما سلف، أن الواقعة المادية موضوع التهمتين الأولى والثانية المدان بهما الطاعن هي بناء سياج وحجرتين بدون سقف، وخزانات تحليل، في قطعة الأرض الواقعة خلف منزل الطاعن الشعبي، والمصنفة في المخطط العام للمدينة ( مصلحة عامة ) والمميزة فيه بالرمز ( 7/4 )، وأن الحكم المطعون فيه قد تساند في إثبات التهمتين المشار إليهما قبل الطاعن إلى إقراره بأنه أجرى لياسة السياج الأمامي لمنزله وحفر خزان أمامه ،وإلى تقرير مكتب التخطيط العمراني بإثبات وجود منشآت في الأرض الواقعة خلف منزل الطاعن، فإن المحكمة المطعون في حكمها تكون قد فهمت أقوال الطاعن على غير حقيقتها، وحملت التقرير الفني مالا يحتمله، واستخلصت منهما نتيجة لا يؤديان إليها، مما يكون معه حكمها مشوباً بفساد الاستدلال، ويكون نعي الطاعن عليه من هذا الجانب في محله، الأمر الذي يستوجب نقضه فيما قضى به بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية.
لما كان ذلك، وكان نقض الحكم بالنسبة لإحدى الجرائم المرتبطة يستتبع نقضه بالنسبة للجرائم الأخرى المرتبطة بها، وكان الحكم المطعون فيه، وعلى نحو ما سلف، قد اعتبر جميع الجرائم المدان بها الطاعن مرتبطة، وأنزل به عنها عقوبة واحدة، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للتهمة الثالث أيضاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، بنقض الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة ترهونة الابتدائية دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.