طعن جنائي رقم 1392-52 ق
طعن جنائي رقم 1392-52 ق
خلاصة المبدأ
تحدث الحكم عن القصد الجنائي على استقلال غير لازم – شرطة.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بتاريخ 2005.3.12 بدائرة مركز شرطة مكافحة التهريب والمخدرات :
- المتهم الأول وحده قلد النقود الوطنية المتداولة قانوناً وذلك بأن قلد العملة الليبية من فئة العشرة دينارات والمضبوطة على ذمة القضية وفقاً لما هو وارد بتقرير خبير التزييف والتزوير المرفق بالأوراق.
- المتهم الثاني وحده عد شريكاً للمتهم الأول بالاتفاق وذلك بأن اتفق معه على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر فوقعت الجريمة بناءاً على هذا الاتفاق.
- المتهمان الثاني والثالث عملاً على تداول النقد المزييف وذلك بأن ضبط بحوزتهما الأوراق النقدية سالفة الذكر وكما هو مبين بالأوراق.
وطلبت النيابة من غرفة الاتهام بمحكمة الزاوية الابتدائية إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمقتضى نصوص المواد 326 – 100/2 – 101 من قانون العقوبات ” والغرفة قررت ذلك “.
ومحكمة جنايات الزاوية نظرت الدعوى وأصدرت فيها حكماً فيها بمعاقبة مفيد، وسالم بالسجن مدة خمس سنوات وتغريمهما ألف دينار عما نسب إليهما ومعاقبة مصطفى بالسجن مدة ست سنوات وتغريمه ألف دينار عن التهمتين المسندتين إليه ومصادرة العملة المضبوطة محل الجريمة وبلا مصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.6.27، وبتاريخ 2005.8.16 قرر محامي المحكوم عليه الطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم كما أودع لدى ذات الجهة مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه بتاريخ 2005.8.24، كما قرر المحكوم عليهما الطعن على الحكم بطريق النقض أمام ضابط السجن في يوم الإثنين غير معروف التاريخ – وأودع محامي الأول مذكرة بأسباب طعنه لدى القلم السالف الذكر بتاريخ 2005.8.22 موقعة منه كما أودع محامي الثاني مذكرة بأسباب طعنه لدى القلم المذكور بتاريخ 2005.8.24 موقعة منه.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها قبول الطعون شكلاً ورفضهما موضوعاً.
حددت جلسة 2006.2.14 لنظر الطعون وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ونظرت الدعوى على النحو المثبت بمحضر الجلسة حيث طلبت نيابة النقض الحكم بسقوط طعن الطاعن الثاني لعدم تقدمه للتنفيذ وقبول باقي الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً ثم حجزت الدعوى للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث إنه بالنسبة لشكل الطعون فإنه وإن كان تاريخ تقرير الطاعنين الأول والثالث غير مثبت على النموذج الذي تم التقرير بموجبه إلا أن الذي يبين من رسالة الإحالة الصادرة على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم والتي بموجبها تمت إحالة الملف إلى المحكمة العليا مثبت بها أنها محررة بتاريخ 2005.8.27 ومرفق بها ملف الطعن بعد أن تم الطعن فيه بطريق النقض وهو ما تعتبره المحكمة قرينة على ان التقرير بالطعن قد تم قبل ذلك التاريخ ويكون بذلك التقرير بكل الطعون قد تم في الميعاد وكذلك إيداع الأسباب مما تكون معه جميع الطعون مقبولة شكلاً.
وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجوه :
- أسست المحكمة المطعون على قضائها إدانة الطاعنين على أقوال الطاعن الأول بمحضر الضبط رغم أن دفاعه كان قد دفع ببطلان تلك الأقوال لأنها كانت نتيجة الضرب الذي تعرض له من مأمور الضبط – وكان وكيل النيابة قد أثبت وجود تلك الآثار على جسمه وأيد ذلك تقرير الطبيب وإن كان الطبيب قد أثبت أن تلك الإصابات مفتعلة أحدثها المتهم بنفسه أو بواسطة يد مواليه له – وهذا القول من الحكم لا يصلح لنفي وقوع الإكراه وكان على المحكمة استدعاء الطبيب لمعرفة كيف توصل لتلك النتيجة.
- كان الطاعن الثاني قد دفع أمام المحكمة المطعون على قضائها بأن التزوير مفضوح بحيث لا تجوز المعاقبة عنه إلا أن المحكمة ردت على هذا الدفع برد غير سائغ – بقولها أن الخبير استعمل كل الوسائل المتاحة له حتى ثبت له أن العملة مزورة – وكان على المحكمة أن تناقش الواقعة على أساس انخداع الرجل العادي بهذا التزوير من عدمه وأن تعاين الأوراق بنفسها.
- لم تبين المحكمة في أسباب حكمها كيف توصلت لتوافر أركان الجريمة وكيف تحققت عناصرها خاصة وأنه لا يوجد ما يدل على ضبط الآلة التي تم تزوير العملة بها رغم قيام مأمور الضبط بتفتيش منزل الطاعن الأول.
- عاقبت المحكمة الطاعنين الثاني والثالث طبقاً لنص المادة 326 من قانون العقوبات والذي رسم صوراً وأنماطاً للسلوك المجرم وبتطبيق تلك الصور على الفعل الذي قام به هذان الطاعنان وهو العمل على تداول النقد الأجنبي يتبين أن ذلك الفعل غير خاضع للتجريم لأنه من شروط العقاب على هذا الفعل أن يتعلق التداول بنقد مزيف مدخل إلى ليبيا من الخارج – بينما الواقعة كما صورتها المحكمة تتعلق بالتعامل بنقد وطني مقلد داخل ليبيا – وبذلك يكون الحكم قد عاقبهما عن فعل لا يعاقب عليه القانون.
- كان الطاعن الثاني قد دفع بعدم تواجده بمكان المواقعة وقدم تدليلاً على ذلك شهادة مكتوبة تفيد بأنه كان قائماً بالعزاء بشعبية تيجي إلا أن المحكمة التفتت عن تلك الشهادة ولم تأخذ بها.
- لم تناقش المحكمة تقرير الخبرة الذي هو محل طعن لأنه لم يبين ما إذا كانت العملة التي تم تزويرها وتداولها هي من الأوراق المسحوبة من التداول أم أنها ما زالت في التداول – كما أن المحكمة لم تناقش القصد الجنائي لدى الطاعن الثالث والذي دفع أمامها بأنه لا يعلم بأن العملة مزورة – وهو ما يجعل الحكم المطعون فيه معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة وأورد للتدليل على ثبوتها في حق الطاعنين قوله : ” وحيث إن وقائع الدعوى تخلص في أنه بتاريخ 2005.2.24 وردت معلومات إلى قسم مكافحة التهريب والمخدرات بنالوت عن شخص من رقدالين ويدعى… بتعامل بالاتجار في العملة المزيفة فكلف أحد أفراد المكتب بمتابعة الموضوع والتحري عنه وقد أسفرت تلك التحريات عن صحة تلك المعلومات واستلم المرشد من ذلك الشخص ورقتين من فئة العشرة دنانير كعينة من المبلغ المقلد الذي يرغب في بيعه ودونت أرقام تلك الورقتيين بالمحضر1/181 1219657 4، 219655 14 تم الاتفاق بينهما على إتمام عملية البيع بمنطقة تيجي وبتاريخ الواقعة حضر المتهمان الثاني والثالث على متن مركبة إليه نوع مرشيدس ومعهما المبلغ المزيف إلى منطقة تيجي وتقابلا مع المرشد في منزله وبعد أن تأكد من وجود المبلغ بحوزتهما أخبرهما عن عدم توفر السيولة لديه وطلب منهما تحديد موعد آخر وعند عودتهما إلى زوارة تم ضبطهما بمفرق بدر وبحوزتهما المبلغ المزيف.
وحيث إنه يضبط أقوال المتهم سالم نصر الحناشي اعترف بأنه تم ضبطه وبرفقته المتهم مصطفى عياد وضبط بحوزتهما مبلغ عشرون ألف دينار من العملة الليبية المزيفة يعد مغادرتهما لمنطقة تيجي بمفرق طريق بدر وكانا على متن مركبة آلية نوع مرسيدس تخص المتهم… مضيفاً بأن المبلغ المضبوط يخص المتهم الثاني… وقد اشتراها من ابن خالته المتهم الأول وويدعى… رجب بكه وان لديه نصيباً من الربح وأنه مجرد وسيط وأنه حضر إليه شخص وطلب منه تزويده بالعملة المزيفة فذهب إلى مصطفى وأخذ منه عينة وهي عبارة عن ورقتين من فئة العشرة دنانير مقلدة وسلمها إليه.
وحيث إنه وبالتحقيق معه بمعرفة النيابة العامة اعترف بما نسب إليه وقال بأنه تم ضبطه بتاريخ 2005.3.13 يقود المركبة الآلية ومعه المتهم الثاني… وبحوزتهما مبلغ قدره عشرون ألف دينار مزيفة يخص الأخير حيث طلب منه السفر معه ولديه نسبه في الربح تقدر بألف دينار – وأن تلك العملة يقوم بطبعها المدعو… واعترف بأنه عمل على تداول عملة مزيفة داخل البلاد.
وحيث إنه وبضبط أقوال… اعترف بأنه تم ضبطه من قبل حرس الجمارك ومعه العملة المقلدة وهي عشرون ألف دينار وقد تحصل عليها من ابن خالته المدعو… حيث حضر إليه… بمقر عمله وأخبره عن وجود شخص يريد شراء العملة المزورة فطلب من ابن خالته… أن يجهز له ذلك المبلغ وبعد أربعة أيام تسلم منه المبلغ مقابل صك بأربعة آلاف دينار وفي يوم 2005.3.12 استلم المبلغ والتقى بالمدعو… وذهبا معاً إلى منطقة تيجي والتقيا بالشخص الذي يرغب في شراء العملة بالجزيرة ثم ذهبوا إلى منزله فأخبرهم بأن المبلغ المطلوب غير جاهز وطلب منهما تحديد موعد آخر وعند عودتهما تم ضبطهما بمفرق بدر وضط بحوزتهما المبلغ المزيف، وأضاف بأن مفيد ابن خالته هو من قلد تلك العملة وزورها.
وحيث إنه وبضبط أقوال المتهم… أفاد بأنه قريبه… كلفه بتزوير العملة وأخبره بوجود شخص يريد شراء العملة المزورة وأتفق معه على انجاز العملة المطلوبة وكان ذلك بتاريخ 2005.3.10 حيث كلمه بالهاتف ثم حضر إليه بالمنزل يوم 2005.3.12 واستلم منه المبلغ وقدره عشرون ألف دينار مقلدة واستلم منه صكاً بأربعة آلاف دينار واعترف بأنه قام بتقليد العملة بالاتفاق مع… بمنزله الكائن بزوارة.
وحيث إنه وبضبط أقوال الشاهد… والتحقيق معه بمعرفة النيابة ذكر بأنه بعد ورود معلومات إلى مكتب مكافحة التهريب الذي يتبعه عن وجود شخص يرغب في بيع عملة مزيفة كلف بمتابعة الموضوع وقد استطاع بواسطة مرشده الخاص الاهتداء إلى ذلك الشخص ويدعى… حيث اتصل به وأعلمه بأنه يرغب في بيع العملة المقلدة وطلب منه عينة منها فسلمه ورقتين من فئة العشرة دنانير ليبية مزيفة واتفق معه على أن يشتري منه منه مبلغ قدره عشرون ألف دينار وبتاريخ 2005.3.12 حضر إليه ذلك الشخص المدعو… ومعه شخص آخر يدعى… وتناولا الغذاء في منزله وأخبراه بأن المبلغ جاهز وبحوزتهما واطلعاه عليه وبعد أن تأكد من وجود المبلغ بحوزتهما طلب منهما تأجيل الموضوع بحجة عدم توفر السيولة لديه وأخبر قسم المكافحة بوجود المبلغ بحوزة المتهمين وطلب منهم القبض عليهما قبل مغادرة المنطقة وفعلاً قد تم ذلك حيث تم ضبط المتهمين وبحوزتهما المبلغ المزيف.
وحيث إنه وبإحالة المبلغ المضبوط بحوزة المتهمين إلى مكتب الخبرة القضائية قسم أبحاث التزييف والتزوير أثبت الخبير المختص بتقريره المرفق أن جميع الأوراق فئة العشرة دنانير ليبية موضوع القضية رقم 1 لسنة 2005 جمرك نالوت والسالف ذكرها بالتقرير تعتبر جميعها أوراق عملة مزيفة.
وحيث يبين من السرد السالف أن التهمة المسندة إلى المتهمين قد توافرت أركانها وتحققت عناصرها القانونية وهي ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً وعلى نحو لا يتطرق إليه الشك وذلك أخذاً باعترافات المتهم الثالث… عن نفسه وعلى المتهمين الأول والثاني تحقيقاً بإنه تم ضبطه وبرفقته المتهم الثاني وضبط بحوزتهما مبلغ عشرون ألف دينار من العملة المزيفة وقد قام بتزويره المتهم الأول… واعترافه بأنه عمل على تداول عملة مزيفة داخل البلاد وقد تعززت اعترافاته تلك بشهادة الشاهد… وعلى النحو السالف سرده… وقد تعززت تلك الأقوال والشهادة بواقعة ضبط المبلغ بحوزة المتهمين الثاني والثالث وبتقرير الخبرة القضائية المرفق والذي أكد أن جميع أوراق العملة موضوع الدعوى مزيفة والمحكمة تطمئن لهذه الأدلة.. “.
ثم عرض الحكم للدفوع المبدأة أمام محكمة الموضوع وردها بقوله : ” وحيث إنه بعد ذلك يتعين الرد على بعض الدفوع الجوهرية والتي من شأنها لو صحت أن يتغير بها وجه الرأي في الدعوى وما عداها من الدفوع فتتركها للرد الضمني المستفاد من أدلة الإثبات السالف سردها بحيثيات هذا الحكم…
وعن الدفع ببطلان تقرير الخبرة القضائية من حيث إنه لم يتضمن بيان أرقام الإصدار للعملة المضبوطة فإن هذا الدفع في غير محله ذلك أن أرقام الورقتين اللتين استلمها مأمور الضبط القضائي من المتهمين كعينة للأوراق النقدية الأخرى المراد بيعها دوون أرقامها بمحضر التحري فإن أرقام هاتين الورقتين جاءت متفقة مع الأرقام الواردة بتقرير الخبرة بزيادة بيان رقم الإصدار بمحضر التحري وهو 14 فإذا ما كان ذلك وكانت الورقتين المشار إليهما تحمل رقم الإصدار وهي عينة مطابقة للأوراق النقدية الأخرى التي تم ضبطها بحوزة المتهمين وهي ذات الأوراق التي أحيلت إلى الخبرة فإن هذا يؤكد أن أوراق العملة التي ضبطت بحوزة المتهمين تحمل رقم الإصدار (4) وبالتالي فإن القول بأن العملة المضبوطة ربما تكون من العملة الملغاه وهي التي تحمل أرقام 1، 2، 3 في غير محله خاصة وأن الخبير قد أثبت في تقريره أنه بعد أن قام بمقارنة العملة المضبوطة بورقة عمله صحيحة من نفس الطبعة والأصدار تبين له اختلاف هذه الأوراق عن أوراق العملة الصحيحة الأمر الذي يكون معه الدفع في هذا الشأن في غير محله أما عن افتضاح التزوير فإنه لما كان الخبير لم يثبت أن التزوير مفضوحاً بل قرر أنه استعمل جميع أجهزة الفحص والأشعة فوق البنفسجية لأداء المهمة المكلف بها وهي بيان ما إذا كانت تلك الأوراق مزورة أم لا فإن هذا الدفع يكون في غير محله ويتعين رفضه.. “.
لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع في المسائل الجنائية متى تأكد لديها أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسها أن تأخذ به في إدانة المتهم سواء كان هذا الاعتراف قد صدر لديها لأول مرة أم كان قد صدر أثناء التحقيق مع المتهم فاعتراف المتهم بمحضر ضبط الواقعة أو أمام النيابة يصلح أن يتخذ دليلاً عليه ما دامت المحكمة قد اقتنعت بصحته إذ أن حجية الاعتراف في حق المتهم المعترف أو في حق غيره من المتهمين الذين تناولهم هذا الاعتراف هي مسألة تقدرها محكمة الموضوع ولها أن تأخذ بهذا الاعتراف إن اعتقدت صدقة وعدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن اعترافه كان نتيجة إكراه مادي أو معنوي. وكانت المحكمة المطعون على قضائها بعد أن أثبت أن الطاعن قد اعترف بما أسند إليه بمحضر الضبط وكما سلف البيان – قد ردت على دفاعه بأن اعترافه كان وليد إكراه بقولها : ” وبالإضافة إلى اعترافات المتهم الأول بمحضر الضبط والتي جاء فيها أنه قام بتزييف العملة موضوع المحضر بناءاً على طلب ابن خالته المتهم الثاني وهو وإن كان قد دفع أمام النيابة بأن اعترافاته تلك قد أدلى بها تحت الإكراه البدني الذي مورس عليه من قبل مأمور الضبط القضائي إلا أن الطبيب الشرعي قد أثبت في تقريره المرفق بأن تلك الإصابات مفتعلة قد أحدثها المتهم بنفسه أو بواسطة يد مواليه له “. وهذا الذي أورده الحكم قول سائغ وسليم يقبله العقل وله أصوله الفنية بتقرير الخبرة والمحكمة بذلك قد جزمت بما جزم به الخبير وليس بلازم عليها للاقتناع بما جاء في التقرير أن تناقش الخبير في تقريره إذ مرجع الأمر في ذلك كله إلى ما يرتاح إليه وجدانها ولا تجوز مجادلتها فيه لما في ذلك من مصادرة لحقها في تقدير الأدلة – وبذلك يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
لما كان ذلك وكان المقصود بالتزوير المفضوح هو الذي لا ينطلي على الشخص العادي ولا ينخدع به – وكان الحكم المطعون فيه نوكما سلف قد أكد على أن التزييف كان من الدقة بحيث لم يتمكن الخبير من التأكد من حصوله على تلك الأوراق المعروضة عليه إلا بعد إستعماله لكل الطرق الفنية المتاحة له ومفاد أنه ينطلي على الشخص العادي ويتعذر عليه اكتشافه وليس بلازم على الحكم توضيح الواضح من القول مادام قد عبر عما تنوي المحكمة قوله بما يؤدي إلى ذلك وهو ما يجعل النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله كذلك.
لما كان وكان من المقرر أنه ليس بلازم على الحكم التحدث عن كل ركن من أركان الجريمة على استقلال ما دامت الوا قعة كما أوردها والأدلة التي عول عليها فيها ما يكفى لبيان ذلك وكانت الواقعة كما بينها الحكم المطعون فيه والأدلة التي عول عليها وكما سلف البيان فيها البيان الكافي لأركان جريمتي تزييف النقد والتعامل فيه اللتين عاقبت المحكمة الطاعنين على ارتكابها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يضحى في غير محله أيضاً.
لما كان ذلك وكان نص المادة 326 من قانون العقوبات قد بين الأفعال التي يحرمها القانون لما فيها من مساس بالتقه بالنقد وذلك بقوله ” يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار كل من قلد النقود الوطنية أو الأجنبية المتداولة قانوناً أو عرفاً في البلاد أو غير النقود الصحيحة بأي وجه بأن زاد من قيمتها الظاهرية أو أنقص من قيمتها الجوهرية أو أدخل إلى ليبيا نقداً مزيفاً بأحدى الطرق المذكورة أو صرفه فيها أو عمل على تداوله ” ومفاد ذلك أن صرف النقد المزيف أو العمل على تداوله يعتبر جريمة سواء وقع الصرف أو التداول في النقد الوطني أو النقد الأجنبي – والنقد الوطني أولى برعاية المشرع له من العبت به وزعزعه التقة فيه – بحيث لا يتصور القول أن المقصود بمنع صرفه والتداول فيه إذا كان مزيفاً هو النقد الأجنبي وليس النقد الوطني.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمه بالرد صراحة على دليل النفي وإنما يكفيها في ذلك الرد الضمني المستفاد من أدلة الإدانة التي يعول عليها الحكم – ولها في هذا الخصوص الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم تعرضه للشهادة المكتوبة التي تقدم بها الطاعن الثاني لينفي التهمة عنه ويؤكد أنه وقت الواقعة موجود في مكان غير المكان الذي تم ضبطهم فيه ويكون النعي به في غير محله كذلك.
لما كان ذلك وكان ليس بلازم على المحكمة التحدث عن القصد الجنائي على استقلال إلا في بعض الجرائم التي تتطلب قصداً خاصاً كما في القتل وإنما يكفى في الغالب الأعم أن تكون الواقعة والأدلة التي عول عليها الحكم كفيلة ببيان ذلك – وكان الثابت من الحكم وكما سلف البيان أن الطاعنين يعلمون بأن العملة التي تم التعامل فيها مزورة وأنها قد تم تزييفها بناء على طلب الشخص الذي اتفق مع الثالث على بيعها له وقد كلف الثالث ابن خالته الأول بتجهيز المبلغ المزيف المطلوب وقام هو والثاني بنقله لمنطقة تيجي لتسليمه له في منزله وقدم تم ضبطه معهما وهما راجعان في الطريق بعد أن ذكر لهما ذلك الشخص أن السيولة غير متوفرة – كما أثبت الحكم وكما سلف البيان أن العملة المضبوطة تحمل رقم الإصدار (4) وقد أثبت الخبير أنها ليست من العملة الملغاة والتي تحمل أرقام 1، 2، 3 وهو ما يجعل نعي الطاعن الثاني على الحكم في هذا الخصوص غير صحيح.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن الطعون تكون على غير أساس متعينة الرفض موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً.