أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 1035-50 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1035-50 ق  

خلاصة المبدأ

  1. تحدث الحكم استقلالا عن الركن المادي في جريمة حيازة المخدر – غير لازم. 
  2. لا يشترط لصحة الحكم أن يتحدث صراحة عن القصد الجنائي، يكفي أن تدل أسبابه على توافر هذا القصد.
  3. خضوع الواقعة لعدة قوانين وجوب تطبيق أحكام القانون الخاص- أساس ذلك.
  4. تقدير الأدلة والأخذ بأقوال المتهم أو تجزئتها، أو تجزئة أقوال الشاهد، من سلطة محكمة الموضوع.
  5. الدفع بإنكار المتهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تلزم المحكمة بأن تتناوله برد صريح.

الحكم

الوقائع 

 اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 11/12/2001 بدائرة قسم مكافحة مخدرات نالوت:

حاز مواد مخدرة فى غير الأحوال المرخص بها قانونا، وكان القصد من ذلك الاتجار فيها، وذلك بأن باع للمتهمين…،…، المادة المخدرة المضبوطة والمبينة وصفا ووزنا بالأوراق، بملغ مالى قدره ثمانون دينارا، وعلى النحو الثابت بالتقرير الفنى المرفق بالأوراق.

وطلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام بمحكمة جادو الابتدائية إحالة الطاعن إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد 1-2-35/1-42-46 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 25 والمادة 169/1 عقوبات، والغرفة قررت ذلك، ومحكمة جنايات الزاوية بعد أن نظرت الدعوى، قضت فى 24/3/2003 حضوريا بمعاقبة الطاعن بالسجن ثلاث سنوات، وبتغريمه ألف دينار عما أسند إليه ،مع نشر ملخص الحكم مرتين متتالتين فى جرائد الفجر الجديد، والأصالة، والشمس على نفقة المحكوم عليه، وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطه، وبلا مصاريف جنائية. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

 صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 24/3/2003 ف، وفى اليوم التالي طعن فيه بطريق النقض المحكوم عليه أمام ضابط السجن، وبتاريخ 19/4/2003 أودع محاميه مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن لدى قلم كتاب محكمة استئناف الزاوية، وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانونى فى الطعن رأت فى ختامها قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وحددت جلسة 20/11/2004 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقر تقريره وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظر الطعن على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم حجز للحكم بجلسة اليوم 

الأسباب

وحيث أن الطعن قد حازأوضاعه القانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، والقصور فى التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، وذلك من عدة وجوه :-

  • الأول:

أعتبر الحكم المطعون فيه الفعل المنسوب للطاعن جناية حيازة مادة مخدرة بقصد الاتجار دون بيان أركان هذا الاتهام، فالمحكمة لم تستظهر ركن الحيازة خاصة وأن الطاعن لم تضبط معه أى مادة مخدرة رغم تفتيشه عند القبض عليه، كما لم تبين المحكمة ركن الاتجار، وإذا كان قانون المخدرات لم يضع مفهوما لمعنى الاتجار، لذا وجب الرجوع إلى القانون التجارى الذى حدد معنى الاتجار بأنه القيام بعدة عمليات تجارية مع قيام القصد على ذلك، وبالرجوع الى الأوراق بلاحظ أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن غير متوافر فيها قصد الاتجار، وهي محض افتراء من المتهم.

  • الثانى:

أستندت المحكمة المطعون فى حكمها فى ثبوت الاتهام فى حق الطاعن على أقوال المتهم…، دون أن تبين التحريات التى أجريت بالخصوص، ولم تبين أدلة الإثبات التى تؤيد قيام تهمة الاتجار فى المخدرات، وأقوال المتهم المذكور لم يقم عليها أى دليل وهو قد تراجع عنها حسبما هو وارد في طلب الإفتراء المقدم منه، والغريب أن المحكمة المذكورة قد اطمأنت الى أقوال المتهم فتحى رمضان الواردة بالتحقيقات، ولم تطمئن إلى ما أكده هذا الأخير بطلب الافتراء.

  • الثالث:

أثار دفاع الطاعن عدة دفوع أمام المحمة المطعون فى حكمها، فقد دفع بإنكار الطاعن فى جميع مراحل التحقيق، كما دفع بعدم كفاية الدليل، بالتناقض الواضح في أقوال المتهمين، وأقوال الشاهد الوحيد، ورغم أن المحكمة المطعون فى حكمها قد أوردت جميع تلك الدفوع إلا أنها لم ترد عليها و أغفلتها جميعها مما يعد إخلالا بحق الدفاع وخلص الطاعن فى مذكرة أسباب الطعن الى طلب نقض الحكم مع الإعادة.

وحيث يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد واقعة الدعوى فى قوله.( تخلص الواقعة فى أنه بتاريخ 29/6/2002 تم إحضار الدورية التابعة لقسم مكافحة المخدرات غريان – وحدة تحريات نالوت، للمدعو…، المطلوب للقسم فى القضية رقم 4/2001 مخدرات نالوت، بالإتجار فى المواد المخدرة، وبسؤال على…. بمحضر جمع الأستدلالات أجاب بأن سبب ضبطه لأن المدعو… قال بأنه باع له مخدرات، وهو لايتعاطاها، ويعرف… معرفه جيدة، ولاتوجد بينهما مشاكل، ولايعلم عن سبب إتهامه له بالأتجار بالمواد المخدرة، ولايعرف…، ولايبيع المخدرات ولديه قضيه سرقه ملابس ولايعرف رقمها، وبسؤال على… بمحضر تحقيق النيابة عما أسند اليه أنكر ذلك وقال بأنه يعرف… منذ سنة 1996ف، وقد ألتقى به بسجن جادو ولاتوجد مشاكل بينهما ولم يبع أى مواد مخدرة، ولم يتعاطاها ولديه قضية سرقه فى سنة 96 ف وحكم فيها بستة أشهر ونفذ العقوبه….وبسؤال المتهم… أفاد :- بأنه ضبطت بحوزته قطع يشتبه فى كونها مواد مخدرة تعود ملكيتها ل…، وكان معهم بالسيارة التى يقودها…، وقد أشتراها بمبلغ (80) ثمانين دينارات، وكانت القطع مجزأه، وقد تمت عملية البيع والشراء فى منزل… ثم دلل الحكم المطعون فيه على قيام الأتهام فى حق الطاعن، بقوله :.( وحيث أن المتهم… أفاد بمحضر تحقيق النيابة بأنه أشترى المواد المخدرة المضبوطه بحوزته من… بمبلغ (80) ثمانين دينارا ،وقد تمت عملية البيع والشراء فى منزل…، أن ماذكره….. قد تأيد بما ذكره… بمحضر تحقيق النيابة بأنه قام بتوصيل… الى وازن، وبالتحديد الى منزل…، ودخلا المنزل وتبادلوا أطراف الحديث، وبعدها خرج الى مركبته ولحق به المتهم الأول، ولم يشاهد مادار بينه وبين… لأنه خرج قبله، وأن المتهمين ضبطا فى بوابة مدخل وازن على متن سيارة نوع هوندا لونها أحمر، وبحوزة أحدهما، وتحديدا بيده قطع صغيرة يشتبه فى كونها مادة مخدرة، وأن تقرير الخبرة المرفق رقم 246/2001المبين أعلاه ورد فيه بأن القطع المضبوطه (8قطع ) هى جميعها لمادة مخدرة نوع حشيش….إن المحكمة تطمئن الى أعتراف المتهم الوارده بمحضر تحقيق النيابة بمامفاده بأنه أشترى القطع المضبوطه بثمانين دينارا من المتهم حيث ذهب الى منزله، وقد تأيد ذلك بقرينة ماذكره الشاهد المتهم الثانى بمحضر تحقيق النيابة بأنه ذهب برفقة… الى منزل المتهم… بوازن وضبط المتهمين عقب ذلك ببوابة وازن وما ورد بتقرير الخبرة سالف الذكر، ولاتطمئن بشأن طلب الإفتراء المقدم من…، الأمر الذى ترى معه المحكمة ثبوت ما أسند إلى المتهم ويتعين معه القضاء بإدانته عما أسند إليه طبقا للمادة 277/2 إجراءات جنائية، والمواد الواردة بالمنطوق.)

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس يلازم على الحكم فى سبيل بيان الركن المادى فى جريمة حيازة المخدر أن يتحدث استقلالا عن توفره، وإنما يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وفيما اعتمده لقضائه ما يدل دلالة كافية على قيامه.وكان الحكم المطعون فيه – وعلى النحو الذي سلف بيانه – قد دان الطاعن لقيامه ببيع المادة المخدرة لآخر، وهذا الذى أعتمد عليه الحكم يدل بوضوح أن الطاعن كان متصلا اتصالا ماديا بالمخدر لأنه حسب اعتراف المتهم الآخر…أن الطاعن هو الذى باعه المخدر المضبوط بثمن قدره ثمانون دينارا، وعلى ذلك يكون الركن المادي لجريمة إحراز المخدر متوافرا فى حق الطاعن، لأنه لا يلزم لتوافر الركن المذكور أن يكون الأحراز قائما وقت القبض على الجاني لأن الجريمة عندئذ تكون متلبسا بها، وأنما يتحقق الركن المادى فى جريمة الأحراز باتصال الجاني بالمخدر اتصالا ماديا أي وقت طالما لم تسقط الجريمة لأى سبب.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين عند سرده الواقعة المسندة للطاعن بما تتوفر به جميع الأركان القانونية للجريمة التى دان الطاعن بمقتضاها، الأمر الذى يجعل ماينعاه الطاعن فى هذا الوجه فى غير محله بتعين رفضه. 

لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أنزل بالطاعن العقوبة المقررة وفقا لحكام المادة 169من قانون العقوبات، وذلك إعمالا لأحكام المادة الأولى من القانون رقم 19لسنة 1425الصادر فى شأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 7/190بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، وكانت المادة الأولى سالفة الذكر تنص على انه.(……ولايشترط توفر قصد الأتجار فى تطبيق العقوبات المشار إليها ) ومن ثم فإن ماينعى به الطاعن من قصور الحكم المطعون فيه لعدم بيانه ركن الأتجار هو ضرب فىغير مضرب، يضاف الى ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قصد الأتجار فى المواد المخدرة يتحقق كلما كان التصرف فيها للغير بمقابل سواء أكان هذا المقابل نقدا أو عينا أو منفعة، وسواء أحصل الفاعل على هذا المقابل أم لم يحصل عليه، ولايلزم تكرار الفعل أو تعدده، ولاتحقق الربح أو أستهدافه، ولايصح التزام المعنى الضيق للأتجار الذى حدده القانون التجارى، ولاالتقيد بتعريف التاجر والعمل التجارى وفقا لما هو وارد فيه، لأن القوانين العقابية لها ذاية خاصة تجعلها غير تابعة لغيرها من القوانين، فهى تهدف الى حماية المجتمع من كافة الأفعال التى تمثل خطورة، ولذلك فإن قانون المخدرات وهو واحد هذه القوانين يعاقب على التصرفات التى ترد على مادة مخدرة بالرغم من عدم مشروعية محل الألتزام بأعتبارها من الأشياء التى تخرج عن دائرة التعامل على خلاف القانون المدنى الذى لايعتد بهذا العقد، ويعتبره باطلا طبقا للمادة 135من القانون، ولايشترط فيمن يتجر فى المادة المخدرة أن يكون محترفا هذا العمل وفقا لتعريف التاجر الوارد فى القانون التجارى، ولايستلزم الأثبات التعامل فى المواد المخدرة أن يثبت حصول عملية تجارية بين حائز المادة المخدرة ومشتر معين بالذات بل يكفى ثبوت واقعة التعامل بالبيع أو بالشراء أو بغيرهما من الصور التى يحظرها قانون المخدرات. ومن ثم فإن كل ماينعى به الطاعن فى الوجه الأول من الطعن يكون فى غير محله يتعين رفضه.وأما بالنسبة لما ينعى به الطاعن فى الوجه الثانى، فإنه من المقرر أن القاضي الجنائي حر فى تكوين عقيدته، وله بهذه السلطة تجزئه اقوال المتهم أو الشاهد والأخذ بالأقوال التى يطمئن اليها وترك غيرها مما لم يرتاح اليه وجدانه، ولما كان ماأعتمد عليه الحكم المطعون فيه من أقوال المتهم الاخر له مصدره الصحيح فى أوراق الدعوى، وكان من شأنه حمل قضائه، فإنه لايجوز المجادلة فيه لدى محكمة النقض، والتدليل على وهنه بأثارة الشبهات حوله للوصول الى نتيجة غير التى أنتهت اليها المحكمة، لأن مهمة محكمة النقض تقتصر فيما يتعلق بالدليل الذى عول عليه الحكم على التحقق من أن هذا الدليل له معينة الصحيح من أوراق الدعوى / وأنه يحمل عقلا مارتبه عليه، وكانت محاولة الطاعن، وعلى النحو المبين فى الوجه الثانى من الطعن، تقوم على تعييب الحكم المطعون فيه لأنه أعتمد فى أدانة الطاعن على أقوال المتهم ألاخر الواردة بالتحقيقات، وأطراح أقواله التاليه التى عدل فيها عن قوله السابق، وهذا القول من الطاعن وان كان يحق له طرحه أمام محكمة الموضوع التى تملك تقدير الدليل، إلا أنه لايجوز إثارته لدى هذه المحكمة بوصفها محكمة نقض ،والتى تقتصر مهمتها ،كما سلف القول، على التحقق من أن الدليل الذى أعتمده الحكم المطعون فيه له معينه الصحيح من أوراق الدعوى، وأنه يحمل عقلا مارتبه عليه، وهو الأمر المتوفر فى الحكم المطعون فيه، بما يجعل ماينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن فى غير محله يتعن رفضه.لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمه بالرد صراحه على أنكار المتهم، لأن الرد عليه مستفاد ضمنا من الحكم بالأدانة أعتمادا على ادلة الثبوت، وكان من المقرر كذلك أن الدفع بأنتفاء الدليل أو بعدم كفايته دفع موضوعى مما لاتلزم المحكمة بأن تتناوله برد صريح بل يكفى فى شأنه الرد الضمنى المستفاد من أدلة الثبوت التى عول عليها الحكم، وكان ماعولت عليه المحكمة المطعون فى قضائها فى أدانة الطاعن ،والمتمثل فيما أعترف به المتهم من أنه اشترى المادة المخدرة من الطاعن، وماشهد به المدعو اسماعيل موسى زكرى، من أنه كان برفقة المتهم الاخر عندما ألتقى بالطاعن، يعتبر ردا ضمنيا على الدفع بوجود تناقض فى أقوال المذكورين، ودليلا على أنها لم تأخذ بهذا الدفع ولم تتأثر به عقيدتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الطاعن لم يبين ماهى أوجه التناقض فى تلك الأقوال، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديدا للطعن وتعريفا بوجهته، ذلك أنه ليس من شأن محكمة النقض مراجعة الحكم المطعون فيه للتحقق من سلامته من جميع الوجوه، أو مراجعة أوراق الدعوى لاستيضاح التناقض أو الاختلاف في أقوال المتهمين أو الشهود، بمجرد استيفاء الطعن للشكل المقرر فى القانون، وإنما سبيلها فى ذلك هى أسباب الطعن التي ينبغي أن تجسم عيوبا محددة فى الحكم ،وأن توضح هذه العيوب وتبينها على نحو لا يشوبه غموض أو بهام، ولأن محكمة النقض لا تنقض الحكم الأبناء على الأسباب التى تقبلها، وذلك فى غير الحالات الى خولها القانون نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. لما كان ذلك فإن جميع ماينعى به الطاعن فى الوجه الأخير من الطعن يكون هو أيضا فى غير محله يتعين رفضه، ومتى كان ذلك، وكانت جميع مناعى الطاعن فى غير محلها، فإنه يتعين رفض الطعن برمته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه.