أدوات الوصول

Skip to main content

طعن أحوال شخصية رقم 4/ 54 ق

نشر في

طعن أحوال شخصية رقم 4/ 54 ق

خلاصة المبدأ

الإقرار بالبنوة كما يكون صريحا يكون ضمنيا – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 2003/39 م أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية مختصمة المطعون ضده قالت شرحا لها: إن الطاعن قد تزوج بها إذ عقد عليها في 1999.11.17 ودخل بها ثم فوجئت فيما بعد بأن له زوجة سابقة حينما أقامت ضدهما دعوى أمام محكمة باب بن غشير الجزئية طالبة الحكم ببطلان عقد زواجهما وقضت لها المحكمة بذلك، وأنها بتاريخ 2000.11.8 وضعت ولدها الذي حملت به من زوجها الطاعن والذي نفى نسبه إليه ورفض تسجيله باسمه… وانتهت إلى طلب الحكم بثبوت نسب ابنها المدعو (…) إلى ابيه الطاعن فقضت لها المحكمة ذلك، والمحكمة المطعون في حكمها قضت في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2006.5.17 م، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه وبتاريخ 2006.11.7م قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم ومودعـا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن ومذكرة شارحة وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الابتدائي ضمن حافظتي مستندات، وبتاريخ 26-11-2006م أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدها في 15-11-2006م وبتاريخ 17-12-2006 م أودع أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية مذكرة بدفاع المطعون ضدها مشفوعة بسند الإنابة، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها..

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وبيان ذلك:-

  1. إنه قضى بثبوت نسب الولد موضوع الدعوى إلى الطاعن تأسيسا على أن المطعون ضدها قد وضعته بعد مضي أقل مدة الحمل من تاريخ زواجهما ملتفتا عما قدمه الطاعن من الأدلة التي تثبت أن المطعون ضدها قد أنجبت ولدها المذكور قبل تاريخ عقد زواجهما وهو ما يجعله مخالفاً للقانون.
  2. إنه اعتمد في قضائه على ما انتهى إليه الطبيب الشرعي في تقريره من أن الولد موضوع الدعوى هو الابن لكل من الطاعن والمطعون ضدها وطرح شهادة شهود النفي تأسيسا على أن ما قرره الطبيب الشرعي هو أكثر صحة وشرعية مما جاء في شهادة شهود النفي الذين قد يكونون تحت تأثير المحاباة والانحياز لأسباب مختلفة رغم أن رأي الطبيب الشرعي لا يثبت به النسب طبقا لما قررته المحكمة العليا: الطعن الشرعي رقم 46/26 ق، وأن ما استند إليه في طرح شهادة شهود النفي هو مجرد تخمين، واحتمال مخالفا بذلك ما استقر عليه أن الأحكام يجب أن تبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين.
  3. إنه التفت عما جاء في شهادة شهود النفي دون أن يورد مضمونها في مدوناته، وبذلك يكون قد تردى في عيب القصور في التسبيب.
  4. إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المطعون ضدها قد وضعت مولودها موضوع الدعوى خلال سنة من تاريخ عقد زواج الطاعن بها طبقا للثابت بالأوراق، دون أن يورد مضمون ذلك الثابت بالأوراق، ودون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذا القول، وهو ما يجعله قاصرا في التسبيب.
  5. دفع الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدها قد أنجبت مولودها محل النزاع قبل تاريخ زواجه بها، ولم ترد المحكمة على هذا الدفع مما يكون معه. حكمها معيبا بالإخلال بحق الدفاع.
  6. دفع الطاعن أمام المحكمة المطعون في حكمها بأن الطبيب الشرعي الذي اعتمدت محكمة أول درجة في قضائها على تقريره قد استعان بأحد الخبراء التابعين لقسم الأطفال دون أن يبين في تقريره اسمه وعما إذا كان متخصصا في مجال الخبرة موضوع الدعوى وعما إذا كان قد أدى اليمين القانونية من عدمه وهي بيانات هامة يترتب على إغفالها في تقرير الخبرة عدم الاستدلال به في الدعوى إلا أن المحكمة ردت على ذلك بأنه ليس بلازم إذ – يكفي أن يشير الطبيب في تقريره إلى تخصص الخبير الذى استعان به الأمر الذى أدى بها إلى الوقوع في مخالفة القانون.
  7. إن الحكم المطعون فيه استند فيما انتهى إليه من قضاء إلى شهادة شهود الإثبات رغم أن مدلول شهادة شقيقة الطاعن المسماة (…) يقطع بأن الطفل المطلوب إثبات نسبه للطاعن مولود قبل تاریخ عقد زواجه بوالدته المطعون ضدها مما يكون معه الحكم قد وقع في عيب القصور في التسبيب

ولكل ذلك فإن الحكم المطعون فيه معيب بما يوجب نقضه. وحيث إن جميع هذه المناعي في غير محلها، ذلك أن الفقرة “أ”من المادة 57 من القانون رقم 10 لسنة 1984 في بشأن أحكام الزواج والطلاق و آثار هما قد نصت على أن ” يثبت النسب بإقرار الرجل ببنوة مجهول النسب، ولو في مرض الموت، إن لم يكذبه العقل أو العادة، ولم يصرح أنه من الزنا وصدقه المقر له في ذلك متى كان وقت الإقرار من أهل التصديق…” ومؤدى هذا النص أن مما يثبت به النسب الإقرار بالبنوة، وذلك إذا أقر رجل بأن هذا الولد هو ابن له، فإنه يثبت نسبه منه، وكان له جميع الحقوق التي تثبت للأبناء على آبائهم كالإرث والنفقة وغيرها، بشرط أن يكون المقر له بالبنوة مجهول النسب وأن يكون ممن يولد مثله لمثله بأن يكون في سن تسمح: بأن يكون ابنا للمقر وأن يصدقه المقر له في إقراره إن كان مميزا، وألا يصرح المقر بأن الولد المقر له من الزنى، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الإقرار بالبنوة كما يكون صريحا يكون دلالة بأن يستدل عليه من كل فعل أو عمل ينم عن الإقرار بالولد.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد الأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إثبات نسب الطفل ابن المطعون ضدها من الطاعن على عدة دعامات منها الإقرار به، وذلك بعد أن أثبت الحكم زواج المطعون ضدها من الطاعن دلل على ثبوت نسب الطفل المراد إثبات نسبه من الطاعن بقوله: والذي يؤكد نسب الطفل من

الطاعن هي تضارب المدعى عليه في أقواله حسبما هو ثابت بالمحاضر إذ أنكر زواجه بالمدعية ثم أنكر الدخول بها بعد اعترافه بالعقد عليها، ثم أنكر عليها الطفل، ثم اعترف بأنه قد نقله إلى والدته بمدينة غريان على أساس أنه ابن صديق له، إضافة إلى أنه دلس على المدعية عندما عقد عليها دون موافقة الزوجة الأولى، وكل هذا وذاك والمتناقضات الدالة على صحة موضوع الدعوى حسب ما تراه المحكمة بالإضافة إلى ما تقدم، فإن المحكمة استمعت إلى شهادة أسرة المدعى عليه والدته وشقيقته ووالده وعمه وهم جميعا أشاروا صراحة أو دلالة على أن الطفل الذي أحضره المدعى عليه كان عمره خمسة عشر يوما هو ابنه سواء كان باعترافه لوالدته أو بتقبل التهاني وجلب الهدايا حسبما هو ثابت من مضمون شهادة الشهود، كما أن المحكمة لمست صحة الدعوى من شهادة الشهود بحضور المدعى عليه وعندما ناقشته المحكمة فلم يبد أي مبرر لها، وكان جوابه الصمت أو النفي رغم وجود المتناقضات، وإذ أيد الحكم المطعون فيه هذا القضاء، وأضاف إلى الأدلة التي عددتها محكمة أول درجة أن ما جاء فى شهادة والدة المستأنف ” الطاعن ” أن ابنها المستأنف تعرض لضغط اجتماعي من خاله والد زوجته الأولى لأجل إنكار أبوته للطفل موضوع هذه الدعوى كما جاء في شهادتها: إن إحضار ابنها للطفل كان بعد زواجه من المطعون ضدها، وإن كانت لا تستطيع تحديد المدة بالضبط، وأضاف أن المحكمة تطمئن اطمئنانا كاملا لهذه الشهادة، والتي يمكن تسميتها قرينة وفقا للتصنيف الوارد في الشريعة الإسلامية، إذ لا يعقل أن تنسب والدة لولدها من هو ليس من صلبه كذبا عليه.

كما لا يمكن لشقيقة المستأنف أن تنسب له من هو ليس ابنه خاصة أن المستأنف لم يرد على ما جاء فى أقوال شقيقته ووالدته كما أن المستأنف من ناحية أخرى لم يفسر تفسيراً منطقيا وجود الطفل طيلة هذه السنوات لدى أسرته بمدينة غريان، ولم يبرر سبب استلامه للطفل من المستائف ضدها ودون أن يبين ما إذا كان قد سأل المستانف ضدها عند استلامه للطفل من هو والد هذا الطفل ؟ وعن قصته ! إذ كيف يستلم طفلا من امرأة دون أن يعرف حقيقته، والمحكمة استقر في عقيدتها أن الطفل هو ابن المستأنف وهو الأمر الذي يفسر سبب اهتمامه به وإيداعه لدى أسرته طيلة هذه السنوات، وعدم التخلي عنه حتى بعد أن رفعت المستأنف ضدها هذه الدعوى، فلو كان فاعل خير عندما استلم من المستأنف ضدها الطفل فلماذا يبقيه مع أسرته بعد أن غدرت به المستأنف ضدها: وادعت كذبا – حسب زعمه – أنه ابنه !؟ وأن التصرف الطبيعي لأي إنسان في مثل حالته أن يعيد الطفل لأمه المستأنف ضدها -، ولكنه لم يفعل، ولا تفسير لذلك سوى أنه ابنه فعلا.

وكان ما أورده الحكمان الابتدائي والمطعون فيه المؤيد له على نحو ما تقدم يؤدى إلى ما انتهيا إليه بأسباب سائغه لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى بما يجعل الحكم المطعون فيه بمنأى عما رماه به الطاعن من عيوب، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه الأول والثاني والرابع والخامس والسادس، لما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه إذا بنى الحكم على عدة دعامات تكفي إحداها لحمله فلا يعيبه ما يوجه إلى الباقي منها أيا كان وجه الرأي فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإثبات نسب ابن المطعون ضدها للطاعن على القرائن الدالة على إقراره به فلا يعيبه ما يوجه إلى هذه الدعامة من مطاعن، كما لا ينال منه ما يثيره الطاعن في السبب الثالث والسابع ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص ما يرى أنه واقعة الدعوى وفى بحث الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن نفسه إليه منها وطرح ما عداه دون أن يكون للمحكمة العليا أي رقابة عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغا و من شأنه أن، يؤدي إلى ما انتهى إليه.

لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم الابتدائي والمطعون فيه على نحو ما تقدم قد استعرضا واقعة الدعوى وما تم بشأنها من دفاع ودفوع وأورد الأدلة والقرائن التي اقتنعا بها والتي على أساسها قضيا

بثبوت نسب الطفل المراد إثبات نسبه إلى الطاعن وكانت تلك الأدلة والقرائن لها أصلها الثابت في الأوراق ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو عن كونه مجادلة موضوعية في تقدير الدليل لا يكون مقبولا أمام هذه المحكمة ومتى كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون مقاما على غير أساس متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصاريف.