طعن مدني رقم 577/ 50ق
طعن مدني رقم 577/ 50ق
خلاصة المبدأ
مسؤولية المتبوع عن الضرر إلي يحدثه تابعه مفترضة – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعنون الدعوى رقم 971 لسنة 1998م أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتهما قائلين في بيانها: إنه بتاريخ 1992.5.24م قام المدعو (…) وهو ضابط صف بالبحث الجنائي بقتل أخ الطاعنين وذلك بأن أطلق عليه النار من المسدس الذي كان بحوزته والمسلم إليه من قبل إدارة البحث الجنائي ونتج عن ذلك إصابات بليغة أودت بحياته، وأدين المتسبب مرتكب الفعل الضار تابعا للمطعون ضدهما بصفتهما ويعمل تحت إشرافهما فإنهما يكونان مسؤولين عن اعمال تابعهما وملزمين بالتعويض، وانتهوا إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يدفعا لهم مبلغ مائة ألف دينار تعويضا عن الضرر المعنوي الذي لحق بهم، وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بصفتهما متضامنين بأن يدفعا للمدعيين مبلغ أربعين ألف دينار على سبيل التعويض الادبي، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ويرفض الدعوى.
وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2001.12.1 ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه وقرر محامي الطاعنين الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2003.7.19 مسددا الرسم والكفالة ومودعـا مذكرة بأسباب الطعن وسند وكالته وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 2003.7.27 م أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما يوم 2003.7.24، وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عنه وذلك بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلا.
وحيث إن ما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه إذ قضى الحكم برفض الدعوى تأسيسا على عدم مسؤولية المطعون ضدهما عن أعمال تابعهما إذ أن الفعل الصادر عن التابع لا علاقة له بالوظيفة المكلف بها وأن علاقة التابع والمتبوع لا تقوم إلا إذا كان الخطأ حصل من التابع حال تأديته لأعمال وظيفته أو بسببها، وما ذهب إليه الحكم غير سديد ذلك أن العلاقة قائمة إذ أن المتسبب في الضرر يشغل وظيفة رئيس عرفاء بالشرطة وأن أداة الجريمة المسدس والمركبة التي كان يستقلها تتبعان البحث الجنائي وأنه ارتكب الفعل أثناء تأديته لواجبه إذ كان يعمل بمدينة طرابلس، وأن عمل رجال البحث الجنائي بحكم وظيفتهم خلال 24 ساعة، وبذلك فإن علاقة التابع والمتبوع قائمة وفقا لنص المادة 177 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 177 من القانون المدني إن المتبوع يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى وقع الخطأ من التابع وهو يقوم بأعمال وظيفته أو أن يقع الخطأ منه بسبب هذه الوظيفة متى هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه سواء ارتكب الفعل لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخص، وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلا بالوظيفة أو لا علاقة له بها.
لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه وهو بصدد استعراضه لواقعة الدعوى أنه أثبت أن محدث الضرر ضابط صف بالبحث الجنائي يتبع المطعون ضدهما بصفتيهما ويعمل تحت إشرافهما وتوجيههما، وأن السلاح الذي استخدمه في ارتكاب الفعل مسلم له من جهة عمله لمقتضيات وظيفته يحمله في جميع الأوقات، ثم خلص الحكم إلى أن الفعل الذي ارتكبه تابع المطعون ضدهما وأدى إلى وفاة شقيق الطاعنين لا علاقة له بالوظيفة المكلف بها لمجرد أن ما قام به من فعل كان بعد الانتهاء من عمله بمدينة طرابلس وعودته إلى مدينة الخمس وبالتالي لا يتصل بوظيفته وليس بسببها، في حين أن الثابت من مدونات الحكم أن السلاح أداة الجريمة المطلوب التعويض عنها قد سلم لمرتكبها من الجهة التابع لها، وبذلك تكون تلك الجهة قد هيأت له فرصة إتيان عمله غير المشروع بالصورة التي وقع بها بصرف النظر عما إذا كان الفعل قد حصل أثناء تأدية وظيفته أو بعد ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفا للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن قضاء الحكم بنفي مسؤولية الجهات المطعون ضدها عن أعمال تابعها قد حجب المحكمة على أن تقول كلمتها في السبب الثاني من أسباب الاستئناف المتعلق بالمبالغة في تقدير التعويض المحكوم به، من فإنه يتعين أن يقترن النقض بالإحالة..
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام الجهات المطعون ضدها بالمصروفات.