أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 328/ 46 ق

نشر في

العنوان

شرط استعمال الحق.

الملخص

أن نص المادة 5 ب من القانون المدني يقضي بأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.

الحكم

الوقائع

تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1018/92 أمام محكمة طرابلس الابتدائية بصحيفة أعلنت إلى الطاعن وآخرين، قائلاً فيها: إنه يملك المبنى المبين وصفاً بالصحيفة، والذي استولى الطاعن على الدور الأرضي منه وأنشأ به ورشة لصناعة وصياغة المعادن الثمينة دون وجه حق، مما ألحق أضراراً بأسرته القاطنة بالدور الأول نتيجة تصاعد الأبخرة والغازات المنبعثة من الورشة وما أدخله عليهم من قلق وخوف من حصول تفجير بسبب وجود أسطوانات غاز داخل الورشة، ونتيجة حرمانه وأسرته من استغلال جزء من عقاره، وانتهى إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن وبقية المدعى عليهم الذين يتبعهم متضامنين بقفل الورشة وتسليم جزء عقاره خالياً من الشواغل والأشخاص وتعويضه بمبلغ ثمانين ألف دينار عما لحق به من ضرر مادي و معنوي، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى، وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بقبوله شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لطلب قفل الورشة وبالنسبة لطلب التعويض وإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بقفل الورشة وأن يدفعوا للمستأنف تعويضاً شاملاً قدره عشرة آلاف دينار، وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.

“وهذا هو الحكم المطعون فيه”.

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1996.12.21ف، وليس في الأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.6.5ف نيابة عن الطاعن بصفته، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والإنابة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ضمن حافظة مستندات، وبتاريخ 1999.6.16ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 1999.7.1 ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه، مشفوعة بسند وكالته عنه ضمن حافظة مستندات، وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من تعويض عن الضرر المادي مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وبيان ذلك:-

  1. أن الطاعن كان يستغل الورشة استغلالاً مشروعاً، ولا يكون من ثم مسؤولاً عما يلحق الغير من ضرر، وإذ حاد الحكم المطعون فيه عن ذلك، وقضى بإغلاق الورشة وألزمه التعويض دون أن يورد أساساً لقضائه فإنه يكون مخالفاً للقانون وقاصراً في التسبيب.
  2. أن الطاعن لم يتعسف في استعمال حقه ولم يرتكب ما من شأنه الإضرار بالجيران على نحو غير مألوف، ولم يقدم المطعون ضده دليلاً على ذلك، ولا يجوز الاستناد إلى تقرير اللجنة المشكلة بقرار اللجنة الشعبية للاقتصاد لأنها لم توضح أن عدم صلاحية سكن المطعون ضده راجع إلى الأبخرة المتصاعدة من الورشة فضلاً عن أنها قررت أن المبنى لم يصمم كمسكن وإنما صمم كمكاتب تابعة للورشة، ويكون الحكم بذلك قد فسر التقرير على خلاف مضمونه، مما يصمه بعيب الفساد في الاستدلال.
  3. إنه قرر أن المستندات الرسمية تؤيد مطالب المدعي – المطعون ضده – لدرجة أن أمين مكتب بلدية طرابلس وجه رسالة إلى أمين المرافق يطلب فيها عدم تجديد الترخيص، في حين أنه لو كان ذلك صحيحاً فنياً النفوذ لأمين مضمون الرسالة، مما يجعل تلك المستندات غير قاطعة الدلالة على ما انتهت إليه المحكمة.
  4. إنه على افتراض أن الورشة ألحقت وتلحق الأضرار المرفوعة بها الدعوى، فإنه كان على المحكمة أن تلزم الطاعن بما يضمن إزالتها أو عدم وقوعها مستقبلاً ولو أدى ذلك إلى إلزام الطاعن بقفل الورشة مؤقتاً إلى حين إيجاد الضمانات التي من شأنها عدم حصول الأضرار 

المدعى بها أو تجنبها، وإذ لم تفعل، فإنها تكون قد خالفت نصوص المواد 4.5.6.8 من القانون المدني، وهو ما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.

وحيث إن هذه المناعي في غير محلها، ذلك أن نص المادة 5 ب من القانون المدني يقضي بأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن عمل الطاعن في صناعة وصياغة المعادن الثمينة قد أدى إلى تصاعد أبخرة وغازات تضر بالصحة والبيئة ووجود آلات بالورشة وأسطوانات غاز مما يستعمله الطاعن في صناعته يشكل خطرا على المبنى الذي يعلو الورشة والذي يقطنه المطعون ضده وأفراد أسرته، وكانوا بسبب هذه الورشة معرضين لأمراض وإصابات فضلا عن عيشهم في قلق وخوف دائمين من الإصابات ومن تعرض مأواهم للخطر، وعزز ذلك بما أعد من تقارير فنية تثبت الضرر الذي تسببه الورشة ومكاتبات إدارية توصي بعدم تجديد ترخيصها وبنقلها إلى منطقة صناعية، وأوضح في مدوناته أن ما يرمي إليه الطاعن من استغلال الورشة من مصلحة قليل الأهمية إذا ما قورن بما يلحقه ذلك الاستغلال من ضرر بالمبنى الذي يعلوها وساكنيه، ورتب على ذلك قضاءه بإغلاقها.

كما أثبت أن استغلال الورشة في صناعة وصياغة المعادن الثمينة ألحق الأذى بالمطعون ضده وأفراد أسرته، وبالمبنى الذي يقيمون فيه على نحو صيره غير صالح للسكن وأضحت الحياة فيه غير مأمونة على ساكت نتيجة ما يتصاعد من الورثة من حرارة وأبخرة وغازات ومواد كيماوية أثبتت التقارير خطورتها على الصحة وأوصت بضرورة انتقال المطعون ضده وأسرته إلى بيت آخر لما يتهددهم من مخاطر صحية وأمنية في البيت الذي يقيمون فيه، ورتب على كل ذلك قضاءه بقفل الورثة وتعويض المطعون ضده تعويضا شاملا عما لحق به من أضرار، وكان ما أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه على النحو المتقدم، قائما على ما يحمله من أوراق الدعوى ومستنداتها ومؤيدا بما يثبت الضرر والخطر، على نحو تكفي فيه مقدماته لحمل ما انتهى إليه من نتيجة في منطق سديد واستخلاص ينأى به عن مظنة ما رماه به الطاعن من عيوب، ويضحى النعي عليه مجرد جدل موضوعي فيما أقامت عليه المحكمة قضاءها وكونت منه معتقدها من أدلة في حدود السلطة التقديرية الموكولة لقاضي الموضوع، وهو ما لا يقبل أمام هذه المحكمة.وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن الطعن يكون قائما على غير أساس، بما يتعين معه رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.وإلزام الطاعن بصفته المصاريف.