أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 188/ 46ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 188
  • السنة القضائية: 46
  • تاريخ الجلسة: 26 يوليو 2003

طعن مدني رقم 188/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. توافر أركان وشروط انعقاد البيع اعتباره عقدا ناجزا، وجود تنازل سابق على البيع اعتبار البيع ناسخل للتنازل – أساس ذلك.
  2. أسباب الطعن عدم تعلقها بالأساس الذي بني عليه الحكم قضاءه – أثره.

الحكم

الوقائع/ تخلص الواقعة في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 96/124 أمام محكمة الزاوية الابتدائية ضد المطعون ضده، قال فيها إن موكله يملك المزرعة البيئة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقد تنازل عنها ابنه (…) إلى المطعون ضده مستغلاً وكالة عرفية صادرة له من والده بالتصرف في المزرعة، وانتهى إلى طلب إبطال التنازل المؤرخ 1993.6.9 ف، وبإخلاء المزرعة محل التنازل وتسليمها له خالية من الشواغل والأشخاص، وتعويضه بمبلغ مائة ألف دينار مقابل انتفاعه بالمزرعة منذ 1990.9.6ف مع إلزامه بتقديم أصل عقد الهبة، وفي حالة عدم امتثاله اعتباره مسلماً بما أورده المدعي بشأنها عملاً بحكم المادة 212 من قانون المرافعات والمحكمة قضت ببطلان عقد الهبة المؤرخ 1993.6.9ف بين (…) والمطعون ضده، واعتبار العقد التالي له المؤرخ 1994.5.4 ف كأن لم يكن، وبتسليم المزرعة – المبيئة الحدود والمعالم بالدعوى – ” للطاعن ” بصفته خالية من الشواغل والأشخاص، ورفضت ما عدا ذلك، وقضت محكمة استئناف طرابلس في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف في الاستئناف الأصلي المرفوع من المطعون ضده، وبرفض الدعوى، وفي الاستئناف المقابل المرفوع من الطاعن بصفته، برفضه.

وهذا هو الحكم المطعون:

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1999.1.4ف، وأعلن بتاريخ1999.2.18ف.

وبتاريخ 1999.3.16ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه.

وبتاريخ 1999.3.21ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده في اليوم السابق كما أودع بتاريخ 1999.4.3ف حافظة مستندات.

وبتاريخ 1999.4.22 ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند الوكالة وحافظة مستندات.

وبتاريخ 1999.5.10ف أودع محامي الطاعن مذكرة رادة. وبتاريخ 1999.5.23 ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة تعقيب. وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وفي الجلسة أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ومخالفة القانون، والخطأ في فهمه وتطبيقه، والفساد في الاستدلال، وبيان ذلك:

  1. إنه لم يرد على دفاعه الذي أورده بمذكرته المقدمة للمحكمة بتاريخ 1997.10.26 من أن حيازة المطعون ضده للمزرعة – محل الدعوى عمل مادي وعدائي لا سند له، وأن ما قام به يعد غصبا بما يتعين معه إخراجه منها ولا يصحح وضعه أو يسبغ عليه المشروعية أي إجراء لاحق، ولو تناوله بالبحث لتغير وجه الحكم الذي توصلت إليه.
  2. إنه لم يناقش دفاعه المبدى بمذكرته المقدمة بتاريخ 1996.10.5 ردا مع على ما تمسك به المطعون ضده من أن عقد التنازل يعد عقدا مبدئيا بالبيع مع أن هذا العقد ليس وعدا بالبيع ولا عقد بيع مبدئي التخلف ركن الثمن، ولو فعلت لانتهت إلى عدم قبول استئنافه لانعدام مصلحته.
  3. أخطأ في تكييف عقد التنازل عن المزرعة، عندما اعتبره وعدا بالبيع لتخلف أحد أركانه الأساسية وهو الثمن مما يترتب عليه عدم انعقاد هذا الوعد عملا بحكم المادة 101 من القانون المدني، وإنما يعد عقد هبة طبقا لحكم المادة 475 من ذات القانون.
  4.  إنه تصدى لتفسير عقد التنازل خلافا للمبادئ العامة في التفسير حيث عمد إلى عباراته الواضحة القاطعة في الدلالة على مراد المتعاقدين فصرفها عن معناها باجتهادات وتأويلات فاسدة متهافتة خلافا للمبدأ المقرر ) لا اجتهاد مع النص )، وهو ما عبرت عنه المادة 152 من القانون المدني.
  5. لقد سبق له أن تمسك بعدم صحة الوقائع من خلال مقارنة المستندات ببعضها وتناقضها حيث جاء في مستند التنازل عن المزرعة أنه بدون مقابل في حين أن عقد بيعها يتضمن ثمنها ويقر البائع بقبضه بالكامل، ثم يظهر مستندا جديدا يذكر فيه أن الثمن مقسط على دفعات، وتم الوفاء بالدفعتين: الأولى، والثانية، قبل إبرام العقد في 1994.5.4، ودفعت الأخيرة في 1994.10.28 أي بعد تحرير العقد، دون الإشارة فيه إلى ذلك، وهو ما يؤكد عدم صحتها، وبالتالي الالتفات عن العقد الذي ما حرر إلا لإثباتها، وما أورده الحكم من أن عقد البيع الرسمي بعد ورقة رسمية وما دون فيه من أمور له الحجية عملا بحكم المادة 378 من القانون المدني يعد خطأ في فهم القانون وتطبيقه
  6.  إنه خلط بين الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي عند تكييفه لعقد التنازل رغم اختلاف الالتزامات المترتبة على العقد النهائي عن تلك المترتبة على الوعد بالبيع، حيث لا يرتب الأخير إلا التزاما شخصيا بإبرام العقد النهائي، أما في العقد النهائي فإن البائع يلتزم بتسليم المبيع، كما توهم الحكم أن ورود عبارة التنازل والأولوية تقديرا للجهد تعد من عبارات التفضيل في الوعد بالبيع تغني عن الشروط الأخرى حتى يكون العقد وعدا بالتعاقد وأهمها الثمن الذي لا ينعقد الوعد بالتعاقد إلا بذكره، وطبقا لنظرية تحول العقد المنصوص عليها في المادة 144 من القانون المدني يمكن تلمس قيام عقد آخر إذا توافرت أركانه وأقرب هذه العقود هو عقد الهبة، ولعدم توافر ركن الشكلية ( الرسمية » فيه ولا في الوكالة التي تصرف بموجبها الوكيل حسب نص المادة 700 من ذات القانون فإنه يكون باطلا، كما انساق وراء مناقشة إنهاء الوكالة أو عدمها وهو مسألة جزئية بالنسبة للأسس والأسانيد القانونية التي بني عليها الطاعن دعواه سواء بالنسبة لطلب بطلان عقد التنازل العرفي المحرر بموجب وكالة عرفية – على فرض استمرارها – أو طلب اعتبار العقد الرسمي اللاحق صوريا والحكم ببطلانه أو عدم الاعتداد به الصوريته ليتوصل إلى تكييف العقد الأول خطأ، وكذلك العقد التالي له الذي ما حرر إلا دعما وتأكيدا له. ‏‏
  7. إن ما استدل به الحكم من انتفاء نية التبرع لكون المتبرع له ليس من ذوي أرحام المتبرع جاء فاسدا ولا ينطبق على الواقع.
  8. إن ما جاء في البند الرابع من اتفاق التنازل من أنه لم يبق لأي من الطرفين أي حق سوى ما اتفقا عليه تفصح عن نية المتعاقدين وتؤكد أن العقد تبرع لا معاوضة فيه، وكان على المحكمة أن تقول كلمتها فيما تفيده هذه العبارة، ولا تقحم ما أضيف بعد ذلك من إقرارات وأوراق لمحاولة تصحيح عقد ولد مينا ولتتوصل إلى ما وصلت إليه، ومن كل ما تقدم فإن الحكم يكون معيبا بما يوجب نقضه. ومن حيث إن موضوع النزاع يدور حول إبطال تصرف الابن في مزرعة أبيه بموجب توكيل صادر من الأخير إلى الأول، ومن ثم فإن الفيصل فيه يتوقف على مدى كون التوكيل الذي تم التصرف في العقار بموجبه يخول له ذلك من عدمه.

وحيث إنه باطلاع على التوكيل الذي بموجبه باع المطعون ضده مزرعة والده الطاعن ( المودع ضمن حافظة مستندات المطعون ضده، الذي نص فيه على أن (…)، وهو بكامل قواه العقلية قد وكل ابنه (….)، بأن يقوم مقامه، ونيابة عنه بكل ما يتعلق بالمزرعة الكائنة بجو دائم «ظهرة الصالحين بلدية الزاوية، وله الحق في البيع والرهن والمناقلة والتنازل، وله كل الصلاحيات التي يتطلبها ذلك الأمر، وهو موكل ومفوض من قبله وكالة تامة، ومحرر في الرباط بتاريخ 1989.3.6 وموقع من الطرفين، ومعتمد من عضو الأمانة للشؤون القنصلية الليبية بالرباط، وتم التصديق على صحة توقيعه وعلى صحة الختم من مكتب التصديقات بإدارة الشؤون القنصلية بالمكتب الشعبي للاتصال الخارجي، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المحكمة بعد أن اطلعت على سند التوكيل المقدم من الطرفين، اتضح لها أن المقدم منه نسختان أصليتان لتوكيل صادر عن (…) لابنه (…) بتاريخ 1989.3.6 كتبتا بالآلة الكاتبة، وأنهما متطابقتان في ما تضمناه من العبارات، وأن كلا منهما يحمل توقيعا أصليا لكل من الموكل والوكيل، وتم التصديق على توقيعيبهما من طرف عضو الشئون القنصلية ( الليبية، بالرباط، كما صدق قسم التصديقات بالمكتب الشعبي للاتصال الخارجي – على النسخة المقدمة من الوكيل – بصحة توقيع عضو الشؤون القنصلية، وبموجب هذه النسخة باشر التصرف في المزرعة وأبرم عقد بيعها الموثق لدى مكتب التسجيل العقاري بتاريخ 1994.5.4، وخلصت من ذلك أن ادعاء الطاعن أن التوكيل محرر من أصل واحد، وقد استرجعه من الوكيل عند إنهاء وكالته غير صحيح، لأن التوكيل محرر من نسختين ولم يقم باسترجاع النسخة التي باشر بها الوكيل مهمته – وهما تحت نظر المحكمة – ولم تعتد بسند إنهاء الوكالة المؤرخ 1991.9.20، لأن تأشيرة مكتب الأخوة بالرباط عليها بتاريخ 1994.5.5 – وهو التاريخ الثابت لها باعتبارها ورقة عرفية جاءت لاحقة للتصرفات التي أجراها الوكيل بمقتضى عقد الوكالة المعطى له ومن ثم فليس لهذا الإنهاء من أثر على صحة ما قام به الوكيل.

وكان ما أورده الحكم على النحو السالف بيانه، وفي استخلاص سائغ ومما له أصل ثابت في الأوراق وفي حدود سلطته التقديرية يؤدي إلى ما انتهي إليه من أن عقد البيع العقاري الرسمي المؤرخ 1994.5.4 الموثق بمعرفة أحد موثقي مصلحة التسجيل العقاري بالزاوية للمزرعة محل الدعوى قد أبرم بين المدعو (…) بوصفه وكيلا عن والده والمطعون ضده، قد توافرت فيه جميع أركانه وشروط انعقاده من أهلية ورضا وثمن ومبيع محدد، وهو عقد تمليك ناجز لا تشوبه شائبة تنال من صحته ونفاذه، وأنه عقد قائم بذاته أفصح فيه المتعاقدان عن إرادتهما النهائية وهو منقطع الصلة بعقد التنازل الذي كيفته محكمة أول درجة بأنه هبة لا أثر لها على البيع الذي هو ناسخ لها. لما كان ذلك وكان ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه من جميع وجوهه وهي لا تتعلق بالأساس الذي استند إليه الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من صحة التوكيل، وما رتبه عليه من نتائج – وهو مثار الخلاف ومقطع النزاع في الدعوى بما يضحي معه الطعن برمته – لا يقوم على أساس، بما يتعين معه رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصاريف.