أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 580/ 49 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 580/ 49 ق

خلاصة المبدأ

  1. البيانات التي يجب أن يشتمل عليها الحكم هي تلك التي وردت بنص المادة 273 من قانون المرافعات.
  2. العبرة في التقارير الطبية عند تعددها بالتقرير الطبي النهائي.
  3. عدم بيان اسم المدعي بالحق المدني في ديباجة الحكم، أو في أسبابه- أثره.
  4. تجريح الشهادة أمام المحكمة العليا- غير جائز- سبب ذلك.

الحكم 

اتهمت النيابة العامة الطاعنين لأنهما بتاريخ 2001/5/17 بدائرة مركز شرطة هون: –

أحدثا بغيرهما أذى في شخصه أدى إلى مرض، باستعمال السلاح، مع سبق الإصرار والترصد، ونشأ عن الفعل إضعاف الأطراف إضعافاً مستديما، وذلك بأن صمما على ضرب المجني عليه (…) حيث كمنا له بالقرب من حظيرة أغنامه، وما أن حضر حتى اقتربا القضاء منه وانهالا عليه بالضرب بأدوات معدة على رأسه حتى سقط على الأرض، ونتج عن ذلك إصابته بالإصابات التي نجم عنها شلل بالأطراف الأربعة، وإضعافها إضعافا مستديما، كما هو مبين بالتقارير الطبية المرفقة، وعلى النحو الثابت بالأوراق.

 وطلبت النيابة من غرفة الاتهام بمحكمة سرت الابتدائية إحالتهما إلى محكمة الجنايات المختصة لمعاقبتهما طبقاً للمواد 369، 370، 1/379، 3/381، 382 من قانون العقوبات وأمام الغرفة تقدم المجني عليه بصحيفة ادعاء بالحق المدني، طلب في ختامها إلزام المتهمين بأن يؤديا له مبلغا قدره خمسة وعشرون ألف دينار تعويضا عما لحقه من أضرار، مع مصاريف الدعوى، والغرفة أمرت بإحالة الدعويين الجنائية والمدنية إلى محكمة جنايات مصراتة التي قضت حضوريا:-

أولا: في الدعوى الجنائية بإدانة المتهمين ومعاقبتهما بالسجن أربعين شهراً عما نسب إليهما، وحرمانهما من حقوقهما المدنية مدة تنفيذ العقوبة، وسنة بعدها، وبلا مصاريف جنائية

ثانيا: في الدعوى المدنية بإلزام المدعى عليهما (المتهمين) بأن يدفعا للمدعي متضامنين مبلغاً قدره خمسة وعشرون ألف دينار تعويضا عما لحقه من ضرر مع إلزامهما بالمصاريف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2001/12/22، وفي يوم 2002/1/5 طعن فيه بطريق النقض الأستاذ (…) المحامي بإدارة المحاماة الشعبية، بموجب تقرير أودعه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، وبناء على بناية مرفقة بالأوراق، كما أودع المحامي المذكور، بذات التاريخ سالف الذكر، ولدي نفس القلم مذكرة بأسباب الطعن، وبتاريخ 2002/1/21 أودع لدى قلم كتاب المحكمة العليا الأستاذ المحامي (..) مذكرة ثانية بأسباب الطعن، كما يبين من الأوراق أن المحكوم عليهما قد نفذا الحكم المطعون فيه، وكانت هذه المحكمة ( بهيئة أخرى)، قد أمرت بجلسة 2002/5/1، بوقف تنفيذ الحكم المذكور لحين الفصل في موضوع الطعن. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت في ختامها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة في شقيه الجنائي والمدني، وحددت جلسة 2002/12/17 لنظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقريره، ونظر الطعن على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم حجز للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث إن الطعن قد حاز أوضاعه المقررة قانونا، ومن ثم فهو مقبول شكلا.

 وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في الإسناد من عدة وجوه: –

الأول: إن الحكم المطعون فيه لم يحصل الركن المادي للجريمة، حيث دانتهما المحكمة طبقا للمادة 381 عقوبات مستندة في ذلك إلى تقريري الطبيب الشرعي، وذلك يخالف صحيح القانون، لأن تقرير الطبيب الشرعي رقم 2001/3682 لم يثبت حدوث أي تشويه لدى المجني عليه، وكذلك الأمر بالنسبة لتقرير الطبيب الشرعي رقم 2001/4845 الذي لم يشر صراحة أو ضمناً إلى وجود حالة شلل رباعي لدى المجني عليه، أو أن نسبة العجز دائمة أو مؤقتة وهو بعد تقريراً ناسخا للتقرير الأول وليس مكملاً له، فالتقرير الأول وإن أورد عبارة ( عاهة مستديمة )، إلا أنه لا يعتبر تقريراً نهائيا لأنه أجل إعطاء النتيجة النهائية بعد إجراء العملية الجراحية، عندما اعتبرت أن التقرير الأخير مكملا للتقرير الأول.

الثاني: – خالف الحكم نص المادة 283 إجراءات جنائية لعدم بيانه الواقعة المستوجبة للعقوبة، والنص القانوني الذي عاقب بموجبه الطاعن وكان الوارد بقرار الاتهام نص المادتين 379، 381 عقوبات ولم يبين الحكم النص القانون الذي عاقب بموجبه الطاعن، مما يعد تجهيلا من الحكم يستوجب نقضه

الثالث: – إن الحكم المطعون فيه لم يبرر تبريراً سائغاً ومقبولا رفضه طلب دفاع الطاعنين ضرورة إعادة عرض المجني عليه على الطيب الشرعي لتحديد نسبة العجز، وهو أمر جوهري يترتب على إغفاله بطلان الحكم.

الرابع – أسست المحكمة المطعون في حكمها إدانة الطاعنين على شهادة كل من المدعو (…)، والمدعو (…)، والمدعو (…)، وبمطالعة أقوال أولئك الشهود بمحضر تحقيق النيابة يلاحظ أن المحكمة قد نسبت إلى الشاهد الثاني أقوالا لم تصدر عنه، كما تناقضت شهادة الأول مع ما هدد به الثالث في مسألة هامة وهي تحديد الأداة التي استعملت في الاعتداء، وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد واقعة الدعوى في قوله: (وحيث تخلص وقائع الدعوى، وبما لا يخرج عن أوراقها وفيما أبلغ به مستشفى العافية يهون مركز شرطة هون من إحضار شخص مصاب على أثر تعرضه للضرب من آخرين بتاريخ الواقعة. وحيث إن مأمور الضبط الذي انتقل إلى المستشفى لم يتمكن من ضبط أقوال المجني عليه لأنه كان في غيبوبة تامة وفاقد الوعي، وتسلم تقريراً أوليا بالإصابات باسم (..) وأحضر (…)، صحبة ابنه (…) ( المتهم الأول ) و (…) أبن أخيه (المتهم الثاني)، ليسلمهما إلى المركز لكونهما ضربا المجني عليه و ويضبط أقوال المتهم الأول قرر أنه ضرب المجني عليه بعضا على رأسه حتى سقط على الأرض، وأنكر المتهم الثاني ضربه للمجني عليه وباستجواب المتهم الأول اعترف بأنه ضرب المجني عليه على راسه.. قائلا أنه التقي يوم الواقعة بالمتهم الثاني الذي أوصله بمركبته إلى مزرعة المجني عليه الذي كان بجانب حظيرة أغنامه, ولوحده فجاء إليه و قال له الأول لماذا تشتم والدي في صالة المناسبات بحي الجماعة، رد عليه قائلا… وأخذ معه عصا غليظة ليضربه بها، عندها أخذها منه و ضربه بها على رأسه ولحق به عندما حاول الفرار وأشبعه ضربا حتى سقط على الأرض ولاذا بالفرار بمركبتهما، وأنكر الثاني ضرب المجني عليه، وقال إن دوره يقف عند توصيل المتهم الأول إلى مزرعة المجني عليه، ولا يعلم بأنه سيضربه إلا بعد حصول الواقعة وإخبار المتهم الأول له بذلك……. وشهد المجني عليه (…) بأنه قبل يوم الواقعة كان في مأتم في حي الجماعات، وكان فيه ضيوف قام أحدهم بالتدخين فنهره والد المتهم الأول ومنعه من التدخين فلمته وقلت له لماذا لا تتحمل الضيوف، ويوم الواقعة ذهبت لسقي الأغنام بالحظيرة وشاهدت سيارة فولفو تمر بالطريق المجاورة أكثر من مرة، وعند سقي الأغنام سمع صوتا قريبا منه يقول اضرب الكلب وعندما وجه رأسه إلى أعلى وجد المتهمين بجانبه وكان بيد (…) المتهم الثاني قطعة حديد ضربه بها على رأسه مباشرة من الجهة اليسرى فوق أذنه سقط على أثرها على الأرض، ثم قام (…) المتهم الأول بضربه بقطعة حديد أيضا على رأسه بالقرب من المكان الأول وخلف الأذن اليسرى، وسقط على الأرض بعد أن حاول الهروب ولم يتمكن ثم فقد وعيه….. )، وبعد أن استعرض الحكم المطعون فيه أقوال الشهود، دلل على ثبوت التهمه ضد الطاعنين، ورد على دفاعهما بقوله: ( وتأسيسا على ما تقدم تكون أركان الجريمة ثابتة في حقهما ثبوتاً قاطعا بما أثبته قرار الاتهام، والتقارير الطبية المرفقة التي تؤكد النية المبيتة السابقة للمتهمين على الانتقام من المجني عليه لأتفه الأسباب بأسلوب شريعة الغاب، مما نتج عنه إلحاق الأذى به، والذي تمثل في جرح قطعي أعلى الرأس من الجهة اليسرى بطول 15 سم، وجرح قطعي في الأذن اليسرى مع قطع صوان الأذن اليسرى من المنتصف حتى 3 سم أسفل الأذن اليسرى، وما نتج عن الإصابات من تشويه وشلل رباعي وورم مائي فوق المخ وتحت الأم الجافية وما صاحبها من اضطرابات في الذاكرة، والإحساس والمشاعر والقدرات العقلية نتجت عنها عاهة مستديمة وعجز قدره التقرير الطبي من الشرعي. سالف البيان بنسبة 50 إلى 60% جائزة الحدوث من سيخ حديد أو أداة أخرى راضة كالعصا الغليظة وهي تتفق مع تاريخ الواقعة وفقاً للتقرير الطبي الشرعي رقم 2001/1815 الموقع على المجني عليه بتاريخ التقارير 2001/8/30 المرفق والذي رأت فيه المحكمة الكفاية، وأنه يتفق مع السابقة ويزيد عليها لكونه جاء قاطعا فى الدعوى ٠٠٠٠٠٠٠ ويكون بذلك ما دفع به دفاع المتهمين من وجوب إعادة عرض المجنى عليه غير مجد وتلتفت المحكمة عنه، كما أنه من جهة أخرى فإن ما قدمه من صورة المبدأ المحكمة العليا في الطعن الجنائي رقم 18/53ق هو حجة عليه وليس له، ذلك أن التقرير الطبي الشرعي سالف البيان جاء مكملا للتقرير الطبي الشرعي رقم 2001/3642 الصادر بتاريخ 2001/7/2، والذي انتهى إلى أن اصابة المجني عليه مستديمة حيث أفصح عن عاهة بالمجني عليه ثم جاءت نسبة العجز بسببها، مما يتعين الالتفات عن طلب الدفاع. « لما كان ذلك، وكانت الواقعة كما أثبتها الحكم والأدلة التي عول عليها في إدانة الطاعنين تتوفر بها أركان جريمة الإيذاء الخطير المنصوص عليها في المادة 381 من قانون العقوبات والمدان بها الطاعنان، ذلك أن التقرير الطبي النهائي الذي استند إليه الحكم في إثبات العجز لدى المجني عليه بنسبة تتراوح بين 50% إلى 60% تتوفر به الجريمة المدان بها الطاعنان، وكانت العبرة في التقارير الطبية عند تعددها هي بالتقرير الطبي النهائي، وكان التقرير الطبي الذي عول عليه الحكم على النحو السالف بيانه هو التقرير النهائي الصادر من الطبيب الشرعي، وقد اقتنعت المحكمة بما جاء فيه، ورأت أنه مكمل للتقرير الطبي الأول، وخلصت إلى أن طلب إعادة عرض المجني عليه على الطبيب الشرعي من جديد غير مجد، لأن التقرير الأخير كان واضحا، وأثبت أن الإصابات خلفت لدى المجني عليه عجزا تقدر نسبته بما بين 50% إلى 60%، ومن ثم فإن النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ال على النحو المبين في الوجهين الأول والثالث من أسباب الطعن يكون في غير محله.

 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف التهمة كما قيدتها النيابة العامة, وهي الجناية المعاقب عليها بموجب المادة 381 عقوبات، لخص واقعة الدعوى حسبما ثبت له من الأوراق والتحقيق والأدلة التي ثبتت لديه، وأن ما أورده الحكم في هذا الشأن يتحقق به الغرض المقصود للمشرع من نص المادة 283 إجراءات جنائية، كما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد مواد الاتهام في ديباجته ثم أورد في منطوقة نص المادة 381 عقوبات الذي عاقب بموجبه الطاعنين، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون في غير محله.

 لما كان ذلك وكان وجه الطعن المبين في السبب الرابع من أسباب الطعن لا يعدو أن يكون مجادلة في ثبوت الاتهام وعودا إلى مناقشة موضوع الدعوى وأدلتها التي انتهت محكمة الجنايات من تحصيلها وتقديرها بسلطتها الموضوعية من أصول ثابتة بالأوراق وفي منطق سديد يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من تضارب أقوال الشهود مجرد جدل موضوعي لا محل للنعي به على الحكم، وعلى اعتبار أن تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث أمام محكمة الموضوع ولم يطعن فيها الطاعنان بأى مطعن، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نسب إلى الشاهد (…)، قوله إنه شاهد المتهمين في سيارة الفولفو أكثر من مرة، وعند مغادرتهما مكان الواقعة حضر ووجد المجني عليه ساقطاً على الأرض، وبجانبه بقية الشهود، وهي ذات الأقوال التي أدلى بها الشاهد المذكور أمام النيابة العامة، ومن ثم فإن النعي على الحكم الخطأ في الإسناد على النحو المبين في الوجه الرابع من وجوه الطعن يكون هو أيضا في غير محله. ومتى كان ذلك فإن الطعن على الحكم فيما انتهى إليه بالنسبة للدعوى الجنائية يكون في غير محله يتعين رفضه.

وأما بالنسبة للدعوى المدنية فإن مما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة المادة 273 من قانون المرافعات لعدم بيانه اسم المدعي بالحق المدني في ديباجته، أو في أسبابه مما يعد تجهيلاً بالخصوم ونقصا في بيان جوهري من بيانات ورقة الحكم يؤدي إلى بطلانه بقوة نص القانون، وأن الحكم قضى بإجابة المدعي بالحق المدني إلى طلباته رغم أن المجني عليه وقع تنازلا كتابيا بتاريخ 1369/8/17 أثبت فيه تنازله عن حقه الشخصي المادي والمعنوي، مما يجعل الحكم للمدعي بطلباته رغم وجود ذلك التنازل مخالفا للقانون يستوجب نقض الحكم ورفض الدعوى المدنية.

 وحيث استقر قضاء هذه المحكمة تطبيقاً للمادة 273 من قانون المرافعات على أن النقص في أسماء الخصوم يبطل الحكم إذا كان من شأنه التجهيل بأسماء الخصوم، وكان من بين ما اقتضته الفقرة الثالثة من المادة المذكورة أن الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم يترتب عليه بطلان الحكم، وكان ينضح من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يتضمن مطلقاً اسم المدعى بالحق المدني في أي جزء من اجزائه الأمر الذي يجعل الحكم معيبا بالبطلان تطبيقاً للقاعدة المتقدم ذكرها. لما كان ذلك وكان الحاضر مع الطاعنين قد دفع أمام المحكمة المطعون في حكمها بانتهاء الدعوى المدنية طبقا للمادة 552 من القانون المدني استنادا إلى سند التنازل المرفق، وكان ببين من الأوراق أن الطاعنين قدما لغرفة الاتهام بجلسة 2001/8/20 تنازلا موقعا من المجني عليه تنازل فيه هذا الأخير عن حقه المادي والمعنوي في موضوع الدعوى المرفوعة منه ضد المذكورين، وكان الحكم المطعون فيه قد أجاب المدعي بالحق المدني إلى طلب التعويض، دون أن يناقش ما ورد في دفاع الطاعنين سالف البيان، لتحديد قصد المجني عليه من التوقيع على ذلك السند، وكل ذلك يعيب الحكم فيما انتهى إليه بشأن الدعوى المدنية مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص مع الإعادة ودون حاجة إلى مناقشة مناعي الطاعن الأخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه بشأن الدعوى المدنية، وإعادتها إلى محكمة جنايات مصراتة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.