أدوات الوصول

Skip to main content

طعن إداري رقم 94/ 49ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 94
  • السنة القضائية: 49
  • تاريخ الجلسة: 8 يونيو 2003

طعن إداري رقم 94/ 49ق

خلاصة المبدأ

  1. وقوع تضارب وتناقض في أسباب الحكم – أثره.
  2. الظروف التي تحيط بتنفيذ العقد الإداري ينصرف أثرها إلى طرفيه أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ تخلص الوقائع في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى الإدارية رقم 23/76 ق وقالت شرحا لها: إنها أبرمت العقد رقم 85/2 مع بلدية طرابلس سابقا على تنفيذ عدد من الوحدات السكنية على أن يتم التنفيذ خلال ثمانية وثلاثين شهراً، وقامت بفتح خطاب الضمان، وأودعت التأمين المقرر، إلا أن جهة الإدارة تأخرت في تسليمها مواقع العمل، كما تأخرت في دفع المستخلصات، بالإضافة إلى زيادة كميات الأعمال المطلوب تنفيذها، الأمر الذي ترتب عليه عجزها عن سداد مرتبات العاملين بها وأداء التزاماتها الأخرى، وأنها عندما تقدمت بطلب الزيادة أسعار العقد ووافقت جهة الإدارة على هذه الزيادة لم تخطر بها إلا بعد مدة طويلة، علاوة على الظروف التي أحاطت بالعقد، مثل ظروف الحصار الجوي المفروض على الجماهيرية، وقيام الحرب في بلد الشركة، ورغم هذه الظروف والملابسات قامت الجهة المتعاقدة بسحب العمل منها وحجز معداتها وآلياتها ومنشأتها، الأمر الذي حدا بها إلى رفع الدعوى سالفة البيان.

قامت جهة الإدارة من جانبها برفع دعوى مقابلة ضد الشركة المذكورة تطالبها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بسبب عدم تنفيذ الشركة لالتزاماتها وتأخرها في التنفيذ وتوقفها عن العمل في آخر المطاف.

ومحكمة استئناف طرابلس بعد أن نظرت الدعوى قضت في الدعوى الأصلية بإلزام جهة الإدارة التي يمثلها الطاعنون بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للشركة المطعون ضدها مبلغا قدره مليونان ومائتان وثلاثة وستون ألفا وخمسمائة وتسعون دينارا وذلك مقابل قيمة الأعمال المنجزة بالمشروع، وثمن الآلات والمعدات على النحو المبين بتقرير الخبرة، بالإضافة إلى دفع قيمة الضمانات المعدنية والجمركية التي أنفقتها الطاعنة تنفيذا للعقد، وإلزامها كذلك بدفع مبلغ سبعة وخمسين ألفا وسبعمائة وأربعة وعشرين دينارا، وهو نسبة 5% من باقي المستخلصات ذات الرقم 4، 5 مقابل ما لحق الشركة الطاعنة من أضرار مادية ومعنوية، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وبرفض الدعوى المقابلة، وإلزام رافعها بالمصاريف.

وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2002/3/19. القضاء الإداري و بتاريخ 2002/5/18 قررت إدارة القضايا الطعن على الحكم بطريق النقض، وذلك بالتقرير به لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مودعة في ذات التاريخ مذكرة بأسباب الطعن مع حافظة مستندات انطوت على صورة طبق الاصل من الحكم المطعون فيه، بالإضافة إلى مستندات أخرى سبق عرضها على المحكمة المطعون في حكمها. وبتاريخ 2002/5/21 تم إعلان الطعن وأسبابه إلى الشركة المطعون ضدها، وأعيد أصل الإعلان إلى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2002/5/28، وبتاريخ 2002/6/4 أودعت إدارة القضايا حافظة مستندات أخرى دونت مضامينها على ظهر غلافها، ثم أودعت مذكرة شارحة بتاريخ 2002/6/6. وبتاريخ 2002/7/7 أودع محامي الشركة المطعون ضدها سند توكيله عنها، ولم يقدم أية مستندات أو مذكرات دفاعية. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.

الأسباب

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المتطلبة قانونا فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال سديد في مجمله، ذلك لأن الحكم بعد أن عدد أخطاء طرفي العقد المبرم بين جهة الإدارة “لطاعنة” والشركة المطعون ضدها قضى لأحدهما ببعض طلباته ورفض طلبات الطرف الآخر، كما أنه لم يبين علاقة السببية بين الخطأ المدعى به والضرر الحاصل لأحد الطرفين، علاوة على أنه قد خلط بين الأخطاء المرتكبة والظروف التي أحاطت بالعقد، ومن أهمها الحصار الجوي المفروض على الطرف الأول، والحرب القائمة في بلد الطرف الثاني، واللذان كانا في فترة محددة من سريان العقد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الحكم قد اعتبر هذه الظروف لمصلحة طرف دون آخر وأوردها كما لو كانت أخطاء مرتكبة من الطرف الآخر، وهذا أيضا غير سليم، فهذه الظروف ينبغي أن يكون لها تأثيرها على طرفي العقد على السواء، فهي خارجة عن إرادتهما، ولا يجوز أن يتحملها أحدهما دون الآخر من ناحية أخرى فإن الحكم قد اعتمد على تقرير الخبير دون أن يدلل على صحة ما جاء فيه بطريقة سائغة ومقبولة، فقد أورد في حيثياته أن الطرفين أبديا عليه ملاحظات، ولكنه لم يذكر ماهية هذه الملاحظات ولم يفندها، مع أن الواضح أن التقرير لا يخلو من تناقض، فقد جاء في أسباب الحكم ما مفاده أن الخبير قد أثبت عدم تمكنه من حصر الأعمال التي قام بها الطرف الثاني بسبب تسلم شركة أخرى للموقع، ثم قرر أحقية الشركة المطعون ضدها في المستخلصات رقمي 4، 5 من العقد.

وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الحكم بعد أن عدد أخطاء الطرف الأول من العقد قرر مشروعية وملاءمة القرار الذي أصدره بسحب العمل من الطرف الثاني وتنفيذه على حسابه وتحت مسئوليته، ثم رتب على هذه المشروعية نتائج غير منطقية، ذلك لأنه من مستلزمات مشروعية قرار السحب أن يتم تنفيذ الأعمال على حساب المقاول الطرف الثاني وتحت مسئوليته بحيث إذا تحقق وفر كان حقا خالصا للطرف الأول، وإن كان العكس رجع الطرف الأول على الطرف الثاني بقيمة ما تكبده من نفقات في سبيل تنفيذ العقد بما في ذلك تسييل الضمانات وحجز الآليات المملوكة للطرف الثاني مع تعويض الطرف الأول عما لحقه من خسارة، و يترتب على ذلك عدم أحقية الطرف الثاني لأي تعويض، ولكن الحكم المطعون فيه قضى بعكس ذلك، فقرر قبول الدعوى الأصلية المرفوعة من الطرف الثاني، ورفض الدعوى المقابلة من الطرف الأول دون بيان سبب مقنع لذلك.

وحيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الحكم قد تناقض مع نـفسه وجاءت أسبابه متضاربة إلى الحد الذي يصعب معه معرفة الأسس التي استند عليها في ما انتهى إليه من قضاء، مما يؤكد أن وقائع الدعوى لم تستقر في ذهن المحكمة التي أصدرت الحكم، وأن المحكمة لم تحقق الدعوى وتمحصها على النحو الواجب الفصل فيها، ولما كان الأمر كذلك فإن المناعي التي أثارتها الجهة الطاعنة من شأنها أن تنال من سلامة الحكم، الأمر الذي يستوجب نقضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس لنظرها مجددا من هيئة أخرى.