أدوات الوصول

Skip to main content

طعن إداري رقم 15/ 46ق

نشر في

طعن إداري رقم 15/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. دعوى تأديبية انتفاء الجريمة الجنائية لا يعني انتفاء الجريمة التأديبية، بيان ذلك.
  2. الإجراءات التي تؤدي إلى انقطاع مدة تقادم الدعوى التأديبية.
  3. ميعاد الطعن في اللوائح التنفيذية هو نفس ميعاد الطعن في القرارات الإداريه.
  4. مجلس تأديب المحامين – تشكيله المقصود برئيس المحكمة من يشغل هذه الدرجة، وليس من يتولى إدارة المحكمة بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن دعواه أمام الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف طرابلس طعنا على القرار رقم 885 الصادر عن اللجنة الشعبية العامة بتاريخ 1990/10/3 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 1990/10 بشأن إعادة تنظيم المحاماة، وعلى القرار الصادر ضده من مجلس تأديب المحامين بمحكمة استئناف طرابلس بتاريخ 1996/2/17 إفرنجي، والقاضي بوقفه عن مزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاث سنوات وذلك في الدعوى رقم 1996/5 افرنجي.

والمحكمة بعد أن نظرت الدعوى أصدرت حكمها برفضها.

وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998/12/7 إفرنجي.

وبتاريخ 1999/2/1 إفرنجي قرر محامي الطاعن الطعن عليه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مرفقا بالطعن توكيلا بالدفاع ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه وحوافظ مستندات، دونت محتوياتها على ظهر أغلفتها، وسدد الرسم، والكفالة المقررين، وبتاريخ 1999/2/7 إفرنجي، أعلن الطعن للمطعون صدهما عن طريق إدارة القضايا، وأعيد أصل الإعلان إلى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999/2/8 إفرنجي.

وبتاريخ 1999/3/11 أودع عضو إدارة القضايا حافظة مستندات، دونت محتوياتها على ظهر غلافها، ومن بينها مذكرة رادة بدفاع المطعون ضدهما.

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها،، وحجز الطعن للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون، والخطأ في فهمه وتفسيره وتطبيقه، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، وذلك على النحو التالي:-

  1. قضى الحكم بعدم قبول الطعن في اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة شكلا لرفعه بعد الميعاد، وهذا مخالف لما استقر عليه الفقه قضاء من أن للمضرور من اللائحة أن يطعن فيها عند تطبيقها بالتبعية للقرار الفردي ولو بعد المواعيد.
  2. لم يعتد الحكم المطعون فيه بقرار النيابة العامة التقرير بالأوجه الإقامة الدعوى الجنائية تأسيسا على أن هذا القرار لا يقيد سلطة التأديب، وذلك لاستقلالية الدعوى التأديبية عن الدعوى الجنائية، وهذا مخالف لما استقر عليه الفقه والقضاء من أن الأمر بالأوجه يقيد سلطة التأديب إذا كان مبناه عدم ثبوت ارتكاب الفعل، وذلك لاتحاد الواقعة في كل منهما.
  3. أن الحكم قد قضى بصحة القرار الصادر بإدانة الطاعن عن دعوى تأديبية سقطت بالتقادم، وذلك لمرور أكثر من ثلاث سنوات على الواقعة.
  4. لقد فسر الحكم النص المتعلق بتشكيل المجلس التأديبي تفسيرا خاطنا عندما ذكر أن المقصود برئيس محكمة الاستئناف هو من تكون درجته القضائية على هذا النحو، وليس المقصود هو من يتولى رئاسة المحكمة، وكذا الأمر فيما يتعلق بعضوية رئيس المحكمة الابتدائية، إذ التفسير الصحيح هو أن يكون المقصود برئيس المجلس هو رئيس محكمة الاستئناف الذي يتولى إدارتها وعضو المجلس هو رئيس المحكمة الابتدائية، وليس من تكون درجته رئيس محكمة ابتدائية.
  5. أن الحكم المطعون فيه قد استند على واقعة غير ثابتة بالأوراق بل على العلم الشخصي للمحكمة، وذلك لا يجوز قانونا فقد قرر الحكم بأن رئيس النيابة الحاضر في مجلس التأديب هو أقدم رؤساء النيابة العامة، وكذلك تقريره بأن المجلس قد انعقد في مقر محكمة استئناف طرابلس رغم عدم بيان مكان الانعقاد في ورقة القرار التأديبي.
  6. أن الحكم قد جاء متناقضا، حيث قضى بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للائحة التنفيذية لقانون المحاماة، في حين أنه قضى في موضوع الطعن برفضه وإلزام رافعه بالمصاريف، مما مؤداه أن الحكم قد بت في موضوع الطعن، وهذا تناقض يعيب الحكم ويوجب نقضه.

و من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المتطلبة قانونا فإنه يكون مقبولا من ناحية الشكل.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون لأنه قضى بعدم قبول الطعن في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 1990/10 إفرنجي بشأن إعادة تنظيم مهنة المحاماة لفوات ميعاد الطعن المقرر قانونا، فإن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المادة 8 من القانون رقم 1971/88 بشأن القضاء الإداري قد حددت ميعاد الطعن في القرارات الإدارية بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به، ولم تفرق بين قرار إداري وآخر، كما يستفاد من عموم، النص ولا وجه لما أثاره الطاعن من أن الطعن في اللوائح لا يتقيد بزمن، فالمستقر عليه في الفقه والقضاء الإداريين أن اللوائح لا يقبل الطعن فيها إلا خلال المدة المحددة للطعن على القرارات الإدارية بوجه عام، و لا يستثنى من ذلك إلا حالة ما إذا صدر قانون جديد أصبحت معه اللائحة مخالفة لهذا القانون، أو إذا تغيرت الظروف التي دعت إلى إصدار اللائحة وحيث إنه في واقعة الحال فإن التشريع الذي صدرت اللائحة في ظله وتنفيذا له لم يتغير، كما أن الطاعن لم يبين ما إذا كانت الظروف التي دعت إلى إصدار اللائحة قد تغيرت أو حالة ما إذا كانت اللائحة غير مشروعة، وحيث أن عرض اللائحة من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام بدلا من اللجنة لا يترتب عليه اعتبار اللائحة غير مشروعة، فالمعول عليه هو أن تكون الجهة التي أصدرت اللائحة مختصة بإصدارها أما جهة العرض فنظرا إلى أنها تقوم بإجراء تمهيدي وفعل مادي ليس له تأثير على نفاذ اللائحة، إذ تستطيع الجهة المختصة تعديل المعروض متى رأت ذلك.

وحيث كان الأمر كذلك فإن نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الوجه يكون على غير أساس ويكون ما انتهى إليه الحكم من القضاء بعدم قبول الطعن في اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة قد وافق صحيح القانون.

وحيث إنه فيما يتعلق بعدم اعتداد الحكم بقرار النيابة العامة ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الذي أسسه على استقلالية الدعوى التأديبية عن الدعوى الجنائية، فإن هذا النعى أيضا على غير اساس،

ذلك لأن من المقرر أن انتفاء الجريمة لا يعني انتفاء مخالفة الفعل المرتكب للقواعد والنظم المتعلقة بممارسة الوظيفة أو المهنة واستحقاق مرتكبها للعقوبات التأديبية، ومن ذلك قيام الطاعن بتمثيل مصالح متعارضة بين خصمين، فإن هذا السلوك وإن لم تتوافر فيه أركان جريمة خيانة الأمانة، إلا أنه يخالف صراحة ما تتطلبه التشريعات المنظمة لمهنة المحاماة ويستوجب مساءلته عنه، وحيث أنه من ناحية أخرى فإن قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد كان واضحا في أنه قاصر على نفي الصفة الجنائية عن الفعل على اعتبار أن النيابة العامة إنما تعنى بملاحقة هذا النوع من السلوك، ولا شأن لها بما ينطوي عليه الفعل من طرق قانونية أخرى، فقد جاء في مذكرة النيابة المذكورة أن المتهم قد ( خلط الأمور المدنية بالأمور الجنائية، ولعله يهدف من وراء ذلك إلى سرعة تصفية مشاكله المدنية مع محاميه عن طريق محاولته إضفاء الصبغة الجنائية على علاقة مدنية صرف، فلذلك ترى حفظ الأوراق من الناحية الجنائية)، مما يشير إلى أن الأمر يقتصر على تكييف الواقعة جنائيا، ولا يتناول مسألة حدوثها في ذاتها، وإذا كان ذلك فإن قضاء الحكم بتوافر عناصر المخالفة التأديبية رغم انتفاء التهمة الجنائية سليم قانونا ولا يستقيم النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون.

وحيث إنه فيما يتعلق بالنعى على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لتصديه للفصل في موضوع الدعوى التأديبية رغم سقوطها بالتقادم فإنه في غير محله، ذلك لأن الحكم قد أبان بوضوح أن التحقيقات التي أجريت بشأن الواقعة قد كانت متصلة سواء التحقيقات الجنائية التي أجراها مكتب الادعاء الشعبي وتحقيقات النيابة العامة أو التحقيقات الإدارية التي أجرتها نقابة المحامين، وحيث أن المادة 2/50 من اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة قد نصت على أن تنقطع المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وفي واقعة الحال فإن إجراءت التحقيق قد استمرت، ما مؤداه أن مدة التقادم قد انقطعت، وبالتالي عدم اكتمال المدة المقررة لذلك، ويكون الحكم إذ قضى في موضوع الدعوى قد طبق صحيح القانون، ولا يستقيم النعي عليه بالخطأ في تطبيقه.

وفيما يتعلق بالنعى على الحكم بالبطلان بسبب عدم صحة تشكيل مجلس التأديب، فإنه كالمناعي التي سبقته لا يجد له سندا من القانون ذلك، لأنه لا فرق في ممارسة الأعمال القضائية بين من كان في درجة رئيس محكمة، أو رئيس بالمحكمة وهذا واضح من عبارة النص ذاته، حيث ذكر النص عبارة أحد رؤساء محاكم الاستئناف، مما مؤداه صلاحية أي رئيس بمحكمة استئناف لتولي رئاسة المجلس، ولو كان الأمر يعني من يتولى إدارة المحكمة لجاء النص بعبارة قاصرة لا تحتمل التأويل، ولقال النص رئيس محكمة الاستئناف المختصة، وليس أي رئيس لمحكمة الاستئناف ومما يؤكد هذا النظر أنه لو كان المقصود هو رئيس محكمة الاستئناف الذي يتولى إدارة المحكمة لما كان في حاجة إلى قرار باختياره من قبل أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام، لأنه سيكون محددا بصفته الإدارية الثابتة قبل تشكيل المجلس، وينطبق ذات الأمر على رئيس المحكمة الابتدائية، وحيث كان ذلك، فإن التفسير الصحيح لنص المادة 12 من اللائحة التنفيذية لقانون المحاماة هو أن يكون المقصود برئيس محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية من تكون درجته القضائية على هذا المستوى، وليس المقصود من يتولى إدارة المحكمة وبالتالي فإن ما انتهى إليه الحكم من تفسير للنص على النحو السالف بيانه يكون هو التفسير الصحيح للقانون.

وفيما يتعلق بالقول إن رئيس النيابة ليس هو أقدم رؤساء النيابة العامة، فإن هذا النعي في غير محله، ذلك لأنه من المقرر وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن أسباب الطعن ينبغى أن تكون واضحة لا لبس فيها ومبينة للخطأ الذي يصم به الطاعن الحكم، وإلا فإن الطعن يكون غير مقبول، وحيث إنه في واقعة الحال فإن الطاعن لم يحدد الشخص الأقدم من رئيس النيابة الحاضر في مجلس التأديب مما يكون معه دفعه مرسلا لم يدعمه بأي دليل، الأمر الذي يستوجب طرحه، ولا ينال من هذا ما أورده الحكم من أن الرئيس المذكور هو الأقدم فالحكم ليس ملزما بالتعرض للدفوع المرسلة التي لا تعدو أن تكون شبهة لا تنال من سلامة الحكم إهمالها أو التزيد في أسبابه بالتعرض لها.

وكذا الأمر فيما يتعلق بمكان انعقاد المجلس، فإن هذا الطعن يخالف الثابت من الأوراق حيث يبين من ورقة الحكم مكان انعقاد المجلس الذي أصدر القرار بطريقة لا تحتاج إلى تدليل.

وحيث إنه فيما يتعلق بالنعي على الحكم بالتناقض بين منطوقه وأسبابه، فإنه أيضا في غير محله، ذلك لأن الطعن قد شمل قرارين، الأول هو اللائحة التنفيذية للقانون رقم 90/10 ف بشأن تنظيم مهنة المحاماة، وهذه اللائحة قد انتهت مواعيد الطعن فيها بمضى المدة المقررة للطعن، والقرار الثاني هو القرار الصادر عن مجلس التأديب الذي قضى الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، على اعتبار أن الإجراءات الشكلية المتطلبة قانونا لقبوله قد توافرت، وبالتالي فإنه يعتبر مقبولا من ناحية الشكل، وإذا كان ذلك فإنه لا تناقض في الحكم لتعلق منطوقه بقرارين إداريين مختلفين توافرت في أحدهما الشروط الشكلية المتطلبة وانتفت في الآخر تلك الشروط وحيث كان الأمر كذلك، فإن جميع المآخذ التي أبداها الطاعن على الحكم في غير محلها

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، مع الزام واقعه بالمصاريف.