طعن جنائي رقم 784-43 ق
- التصنيف: الجنائي
- رقم الطعن: 784
- السنة القضائية: 43
- تاريخ الجلسة: 26 يونيو 2002
طعن جنائي رقم 784-43 ق
خلاصة المبدأ
- للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر الشرطة ولو عدل عنه في مراحل أخرى، بيان ذلك.
- التناقض في أسباب الحكم – مفهومه.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن..
لأنه بتاريخ 1992.1.2 ف بدائرة مركز شرطة الهضبة..
هتك عرض المجني عليه، وذلك بأن ضربه على رأسه بقطعة حديد وأدخله إلى بيته ونزع له ملابسه وأدخل ذكره في دبره، وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمته إلى غرفة الاتهام طالبة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمادة 408/1 من قانون العقوبات.
والغرفة بعد ان نظرت الدعوى عدلت القيد والوصف بإضافة تهمة المواقعة بالقوة طبقا لنص المادة 407/1 من قانون العقوبات وقررت.. قيد الواقعة جناية بالمواد.. 407/4، 408/1، 77/1 ع 1، 3 من القانون رقم.. 10/85 بشأن تقرير بعض الأحكام بشأن الآداب العامة.
ومحكمة جنايات طرابلس بعد ان نظرت الدعوى قضت فيها.. حضوريا.. بمعاقبة مفتاح أحمد ميلود بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما نسب إليه وأمرت بنشر منطوق الحكم في صحيفة الميزان مرة واحدة على نفقة المحكوم عليه، وبلا مصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ.. 1996.2.3 ف فقرر عليه المحكوم عليه بطريق النقض في 1996.2.5 ف ووكل المحامي على مختار من إدارة المحاماة الشعبية للدفاع عنه فأودع أسباب الطعن بتاريخ 1996.3.3 ف لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن خلصت فيها إلى القول بقبوله شكلا ورفض موضوعا.
وبعد أن أودع المستشار المقرر تقريره عن الطعن حددت جلسة 2002.4.30 ف لنظره وفيها تلا تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم وقضت فيها المحكمة بالحكم الآتي..
الأسباب
من حيث إن الطعن مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بشائبة الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وعن الوجه الأول قال دفاع الطاعن ان الحكم المطعون فيه قد استند في أسبابه لإدانة الطاعن على اعترافه بمحضر ضبط الواقعة كدليل كاف وقوي وجازم وعلى تقرير الطبيب الشرعي وأقوال المجني عليه، في حين أن الأوراق جاءت خالية من اعترافات المتهم في جميع مراحل التحقيق وأمام المحكمة. وأضاف الدفاع ان الاعتراف أمام مأمور الضبط لا يعتبر اعترافا قانونيا يرقى إلى الدليل الكافي الذي يمكن أن يعتمد عليه في الإدانة، كما أن المحكمة ق اعتمدت في إدانة الطاعن على تقرير الطبيب الشرعي الذي جاء سلبيا.. اذ جاء في نهايته عبارة لا يمكن استبعاد تعرض المجني عليه للواط وانه يمكن ان يكون تعرض لذلك يوم.. 1996.1.2 ف وهو ما يعني أن التقرير غير جازم وبالتالي هناك شك والشك يفسر لمصلحة المتهم وليس العكس الذي ذهبت إليه المحكمة في أسبابها مما تكون معه قد وقعت في مخالفة تطبيق القانوني والقصور في التسبيب.
وحيث انه لما كان الحكم المطعون في قضائه قد استعرض واقعة الدعوى وخلص إلى ثبوت تهمتي المواقعة وهتك العرض بالقوة في حق المتهم، وذلك في معرض تدليله بقوله ( ومن حيث أن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا وجازما لهذه المحكمة، وذلك أخذا بأقوال المجني عليه التي تطمئن إليها المحكمة وتأخذ بها كأساس لقضائها، حيث انها جاءت متناسقة ومتساندة ولا تناقض فيها ولا تخاذل حيث ذكر بأنه بينما كان نازلا من العمارة التي يقيم فيها المتهم حيث أوصل كمية من الماء لامرأة كبيرة في السن بنفس العمارة طلبت منه ذلك، فأعترض طريقه المتهم وضربه بقطعة حديد على رأسه وادخله إلى شقته وخلع له سرواله وواقعه مواقعة كاملة، ثم طلب منه ان يمص له ذكره وتم ذلك حتى امنى في فمه، وحيث ان الذي قام به المتهم تتوافر فيه جريمة المواقعة بالقوة وهتك العرض كذلك، فان إدخال المتهم ذكره في دبر المجني عليه يتحقق به الركن المادي لجريمة المواقعة وان المتهم كان لديه آنذاك قوة الشعور والإرادة وانه أقدم على ذلك إشباعا لغريزته الشهوانية وهذا هو الركن المعنوي، وهذا هو الحال في جريمة هتك العرض بالقوة، فإن ما قام به المتهم من إدخال ذكره في فم المجني عليه يخدش الحياء العرضي عنده، ومن ثم تكون جريمتا المواقعة وهتك العرض بالقوة ثابتتان في حق المتهم مما يتعين معه عقابه عنهما طبقا للمادة 277 أ. ج ).
وحيث إن الثابت من سياق حيثيات الحكم السالف البيان أنه قد دلل في اتساق تام على قيام وثبوت جريمتي المواقعة وهتك العرض في حق المتهم وبتوافق تام مع النموذج التجريمي لكل منهما طبقا لما هي معرفة به في قانون العقوبات وعلى نحو سائغ يتمشى مع موجبات الاقتضاء العقلي ومن ثم يكون الحكم المطعون عليه بهذا الوجه بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
أما عن الوجه الآخر من هذا المعنى والمتمثل في قول دفاع الطاعن بأن المحكمة اعتمدت اعترافات الطاعن والتقرير الطبي في إدانتها للمتهم وعلى النحو سالف البيان فهو قول فاقد لأساسه من الواقع والقانون.
ذلك أنه من المستقر ومما جرى به قضاء هذه المحكمة أن للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم في محضر الشرطة ولو عدل عنه في مراحل أخرى متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع دون بيان السبب، ومفاد ذلك أن المحكمة طرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بهذه الأقوال التي اطمأنت إليها، كما أنه ليس بلازم أن يتطابق اعتراف المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أدان المتهم أخذا باعترافه في محضر ضبط الواقعة حيث جاء في حيثياته قوله (… وبتاريخ 1992.3.27 ف تم القبض على المتهم وبسؤاله أمام مأمور الضبط اعترف بأنه واقع المجني عليه أربع مرات ووضع ذكره في فمه، وأن المجني عليه كان مخمورا وكان ابن عمه الذي واقعه، وانه كان مخمورا ومتناول أقراص في اليوم).
وحيث إن هذا الذي ساقه الحكم نص من اعتراف الطاعن بمقارنته لجريمتي المواقعة وهتك العرض بالقوة يتطابق مع ما جاء في أقوال المجني عليه التي أوردها الحكم على النحو السالف البيان والتي أخذ بها في أسبابه لإدانة الطاعن والتي عززها تقرير الطبيب الشرعي وهي ضمائم متساندة يشد بعضها بعضا دون تناقض وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها عقيدة المحكمة مما ينحل معه دفاع الطاعن في هذا الشأن إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة الدليل وقوته التدليلية، هذا فضلا عن عدم إثارة هذا الدفع أمام محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره من الدفوع الجديدة ولو كانت مستندة على نصوص تشريعية مما يضحى معه هذا الوجه من النعي لا محل له في هذا الشأن. ومتعين الرفض.
وحيث ان دفاع الطاعن ينعى على الحكم الطعين بالتناقض في الأسباب والفساد في الاستدلال إذ ورد بأسباب الحكم المطعون فيه أن المتهم ارتكب التهمتين لغرض إجرامي واحد وهو إشباع الغريزة الشهوانية، وحيث أنه لخطورة الفعل الذي ارتكبه المتهم بضرب المجني عليه داخل العمارة وأدخله إلى مسكنه والاعتداء عليه جنسيا بالمواقعة وهتك العرض كما سبق الأمر الذي يتعين معه عقاب المتهم بالعقوبة المناسبة والرادعة، وهذا ما جاء مخالفا لما هو وراد بمنطوق الحكم، كما أوردت المحكمة في أسبابها بأنها أرادت أن تساعد المتهم لعدم وجود ما يفيد بالأوراق أنه عائد، وأنه ليس من ذوي السوابق، وأنه صاحب أسرة، وبالتالي إسعافه بالمادة 29 عقوبات.
وحيث إن هذا النعي تكرير لمكرر ونافل من القول مردود ذلك أن التناقض في الأسباب والذي يبطل الحكم هو ما يكون بين أسبابه ومنطوقه، أما ما يكون بين الأسباب بعضها والبعض فلا يكون من شأنه الأبطال إلا إذا تحادت الأسباب وتعذر معرفة أيها المقصود للمحكمة والمنتج لما قضت به.
ولما كانت المحكمة قد أوردت في صدر الحكم عند تحصيلها للواقعة ما يفيد قيام المتهم بمواقعة المجني عليه وهتك عرضه بالقوة إلا أنها دانته عن الجريمة الأشد وهي المواقعة للارتباط وخففت عليه العقوبة باستعمالها للمادة 29 عقوبات رأفة به وبينت الأسباب التي انتهت منها إلى هذا الرأي بتخفيض إلى أقل من الحد الأدنى لها، وهي رخصة للمحكمة تمارسها إذا استدعت ظروف الجريمة او ظروف المتهم استعمال الرأفة فضلا عن ان ذلك يعني قانونا وأنه لا مصلحة للطاعن في هذا المعنى مما يرتفع به التناقض المقال به بين الأسباب والمنطوق او الفساد في الاستدلال مما يكون معه ما انتهت إليه المحكمة في تطبيقها للعقوبة صحيحا وفي حدود سلطتها التقديرية طبقا للمادتين.. 27، 28 عقوبات ويتعين أيضا رفض هذا المعنى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.