Skip to main content

طعن جنائي رقم 553-43 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 553
  • السنة القضائية: 43
  • تاريخ الجلسة: 28 فبراير 2002

طعن جنائي رقم 553-43 ق

خلاصة المبدأ

يكفي لصحة الحكم بالبراءة أن تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم.

الحكم

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهم لأنه بتاريخ 24/5/1995 ف بدائرة مكتب الجمارك لمكافحة التهريب والمخدرات:

  1. حاز المادة المخدرة “حشيش” المبينة بالمحضر وتقرير خبير التحاليل الكيمياوية بمركز البحوث والخبرة القضائية وكان ذلك بقصد الاتجار فى غير الأحوال المرخص بها قانونا.
  2. باع المادة المخدرة “حشيش” المبينة بالمحضر وتقرير خبير التحاليل الكيمياوية بمركز البحوث والخبرة القضائية وكان ذلك بقصد الاتجار فى غير الأحوال المرخص بها قانون على النحو المبين بالأوراق.
  3. تعاطى المادة المخدرة “حشيش” المبينة بالمحضر دون الحصول على ترخيص بذلك.

الأمر المعاقب عليها بالمواد 1، 2، 7، 35/1، 37، 42، 46 من القانون رقم 7/90 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية 76/2 عقوبات، واحالته الى غرفة الاتهام وطلبت منها احالته الى محكمة الجنايات المختصة، والغرفة قررت ذلك واحالته الى محكمة جنايات طرابلس ومحكمة جنايات طرابلس الدائرة الرابعة بعد ان نظرت الدعوى قضت فيها حضوريا بتاريخ 4/12/95 ببراءة المتهم من التهمة الأولى والثانية والثالثة وبمصادرة المادة المضبوطة موضوع الدعوى.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 4/12/95، استخرج وكيل النيابة العامة شهادة سلبية بتاريخ 13/12/1995 ف. وقرر الطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب محكمة استئناف طرابلس بتاريخ 25/1/96 وبذات التاريخ والمكان أودع مذكرة بأسباب الطعن.

أودعت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني وخلصت فيه الى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

وحددت جلسة يوم الاثنين 16 شوال الموافق 31/12/2001 ف لنظر الطعن. وتلا المستشار المقرر تقريره، وتمسكت نيابة النقض مذكرة برأيها السابق.

ونظرت الدعوى على النحو المفصل فى محضر الجلسة، ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث إن الطعن قد حاز الأوضاع المقررة له فى القانون.

وحيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال موضحة ذلك بما يلي:

  • اولاً لم يعول على اعتراف المتهم استدلالا بحجة انه وليد أكراه مادي قد تعرض له، فى حين أن المتهم لم يدفع بذلك أمام النيابة والتي نفى ما نسب إليه أمامها، إلا فى ختام أقواله عندما ذكر أنه تعرض للضرب، مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوبا بعيب القصور فى التسبيب عندما ذكر أنه تعرض للضرب، مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوبا بعيب القصور فى التسبيب.
  • ثانياً عول الحكم على تقرير الطبيب الشرعي بوجود ست كدمات من الناحية الخلفية للصدر ولم يحدد الطبيب سبب تلك الإصابات ولا تاريخها، وقد تم التحقيق مع المتهم بمعرفة النيابة بتاريخ 25/5/1995 ف وتم عرض المتهم على الطبيب الشرعي عندما كان محبوسا بتاريخ 1/6/95، وقد تكون هذه الإصابات مفتعلة من قبل المسجونين معه، ولم يناقش الحكم هذا التقرير، وعول عليه، مما يجعله مشوبا بعيب الفساد فى الاستدلال.
  • ثالثاً لم يعول الحكم على شهادة مأمور الضبط بحجة أنها متناقضة، وهي لم تكن كذلك لأن التناقض الذى يعيب الشهادة ويبطلها هو ما يقع بين الشهادة الواحدة من تعارض يجعلها متخاذلة بحيث لا يبقى منها ما يمكن اعتباره قواما لنتيجة القبض على المتهم كان فى حالة تلبس، ولا يوجد تناقض في هذه الشهادة بين محضر ضبط الواقعة وبين محضر تحقيق النيابة، وإذ ذهب الحكم خلاف ذلك فإنه يكون مشوبا بعيب الفساد فى الاستدلال.

وختمت النيابة الطاعنة مذكرة أسباب طعنها بطلب قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الاعادة فيما قضى به من براءة المتهم عن التهم من الاولى الى الثالثة بدخول الغاية.

وحيث أن الواقعة تخلص كما وردت فى مدونات الحكم المطعون فيه فى أن العريف … التابع لمكافحة التهريب أفاد في تقرير مقدم منه بورود معلومات عن طريق مرشده الخاص بأن شخصا يدعى عبدالسلام  يقوم بالمتاجرة فى المواد المخدرة وتوجه الاثنان الى حيث يقيم عبدالسلام واتفقا معه على أن يبيعهما قطعة مخدر مقابل مائة دينار وطلب منهما العودة بعد ساعة، وتم تكليف دورية للمراقبة والقبض عند توافر حالة التلبس، وعند عودة العريف … ومرشده إلى ومعه القطعة افادهما ان صديقه لم يحضر، وبعد حوالى عشر دقائق حضر الصديق ومعه القطعة المتفق عليها، واستلم عبدالسلام المبلغ بعد ان سلمهما القطعة وهنا تم القبض عليه، واصطحابه الى القسم، وهناك أقر استدلالا بالوقائع الواردة فى ملخص الواقعة، إلا انه امام النيابة العامة نفى ما نسب إليه وذكر أن القطعة المخدرة المضبوطة باعها المدعو عبدالسلام، وكان واقفا بجواره عند قيامه بذلك، وقد تم القبض عليه بعد أن دخل البائع بمنزله، وأنه لا يتعاطى المخدرات وأن اعترافه بمحضر ضبط الواقعة كان وليد إكراه إذ انه قد تعرض للضرب وأن الورقة المكتوبة بخط يده كانت من إملاء رجل الجمارك. ثم انتقلت المحكمة المطعون فى قضائها الى تقدير قيمة الادلة فى مدونات حكمها بقولها :[ وحيث انه بالبناء على ما تقدم فان ما نسب الى المتهم بالنسبة للتهمة الاولى والثانية والثالثة غير ثابتة فى حقه لأنه لا يوجد أي دليل بالأوراق عدا اعترافه بمحضر جمع الاستدلالات والذى ذكر المتهم امام النيابة العامة بانه وليد اكراه مادى حيث تعرض للضرب من قبل رجال المكافحة، وقد ارفق تقرير طبى يفيد ذلك، وان شهادة مأمور الضبط العريف … جاءت متناقضة حيث ذكر بمحضر ضبط الواقعة، بعد ان سرد الواقعة على النحو المبين فى هذه الاسباب ذكر بان المتهم … طلب منه مبلغ مائة دينار مقابل قطعة … فأعطاه المبلغ واستلم القطعة فتم ضبطه متلبسا فى حين نجده يقرر امام النيابة العامة بانه ذهب رفقة زملائه الى مكان منزل المتهم رفقة المصدر لأجل شراء المادة المخدرة حيث تم الاتفاق مع المتهم لشراء المادة منه بمبلغ مائة دينار حيث استلم منه القطعة ودفع ثمنها واشار الى زملائه حيث لم يجدهم لان المكان ضيق وعندما خرج من الشارع وجد زملاءه فابلغهم عنه، فذهبوا اليه وقاموا بضبطه، وحيث ان هذه الشهادة جاءت متناقضة وفق ما جاء فيها حيث نجد الشاهد يقرر بمحضر ضبط الواقعة بانه تم ضبط المتهم متلبسا فى حين نجده يقرر امام النيابة العامة بانه استلم القطعة المخدرة واشار الى زملائه فلم يجدهم فخرج اليهم لان المكان ضيق وطلب منهم القبض على المتهم … ] ثم خلصت المحكمة فى اسبابها الى طرح اعتراف المتهم استدلالا وشهادة مأمور الضبط القضائي بقولها :(لكل ما تقدم فان المحكمة ترى طرح شهادة الشاهد وعدم الاخذ بها ومن ثم فان المحكمة ترى ان ما نسب الى المتهم بالنسبة للتهمة الاولى والثانية والثالثة غير قائمة فى حقه لأنه لا يوجد أي دليل على ادانته بعد ان طرحت المحكمة شهادة الشاهد واعتراف المتهم بمحضر ضبط الواقعة).

وحيث متى كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف يجب ألا يعول عليه متى كان وليد إكراه كائنا ما كان قدره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استبعد اعتراف المطعون ضده استدلالا ولم يعول عليه فى الادانة بعد ان ثبت لديه ان هناك اكراها ماديا قد مورس عليه، فانه يؤدى فى منطق سائغ إلى ما انتهى إليه فى هذا الشأن ولا يجافي العقل، مما يجعل نعى النيابة الطاعنة عليه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال في غير محله.

ولما كان ذلك وكان من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ يرجع الأمر في ذلك الى اقتناعه هو وإلى ما ينتهى إليه فى شأن تقدير الدليل مادام أنه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ومحص واقعتها ووقف على ظروفها وأدلتها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض لشهادة مأمور الضبط القضائي استدلالا وتحقيقا وخلص الى أنها شهادة متناقضة لا تأخذ بها كدليل إدانة لعدم الاطمئنان إليها، ويبين من ذلك أن الحكم كان على بينة بواقعة الدعوى وظروفها والادلة القائمة فيها حيث عرض لبيان ذلك كله ولم تر المحكمة فى العناصر القائمة فى الدعوى ما تطمئن إليه وترتب قضاء الادانة عليه، وكان ما انتهت إليه المحكمة مما يدخل في سلطتها التقديرية التي تخولها الأخذ بما تطمئن إليه وطرح ما لا تطمئن إليه بلا معقب عليها، الأمر الذى يكون معه نعى النيابة الطاعنة بأن المحكمة قد أهدرت اعتراف المطعون ضده استدلالا وشهادة مأمور الضبط والتي تثبت الاتهام والتي كانت المحكمة على بينة منها، ليس إلا مجادلة فى اقتناع المحكمة فيما انتهت اليه لا تكون مقبولة، مما لا يصح معه مصادرتها فى عقيدتها لحملها على الاقتناع بما لم تقتنع به.

وحيث إنه متى كان ذلك فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه يكون فى غير محله مما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول طعن النيابة العامة شكلا وفى الموضوع برفضه.