طعن مدني رقم 339-50 ق
- التصنيف: المدني
- رقم الطعن: 339
- السنة القضائية: 50
- تاريخ الجلسة: 2 أبريل 2006
طعن مدني رقم 339-50 ق
خلاصة المبدأ
لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل واقع الدعوى، وتقدير أدلتها – شرطة.
الحكم
الوقائع
تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 436/1999 أمام محكمة بنغازي الابتدائية قائلا فيها أنه شارك في إطفاء الحريق الذي شب بمصنع سوائل الحفر الذى يعمل به والتابع للشركة التي يمثلها الطاعن، ونتيجة للمواد السامة والكيماوية المنبعثة منه فقد أصيب بالربو ” الآزماً ” وانتهى إلى طلب الحكم بإلزامه أن يدفع له مبلغ خمسين ألف دينار تعويضا عن الضررين المادي والأدبي، ونقله إلى عمل آخر، والمحكمة قضت بإلزام الطاعن أن يسند إليه عملا آخر لا يتعرض فيه إلى الغازات والكيماويات ورفض ما عدا ذلك، وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به في الشق الثاني من الطلبات وإلزام الطاعن أن يدفع له مبلغ عشرين ألف دينار،
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2003.3.15، وأعلن في 2003.4.8 وبتاريخ 2003.5.1 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم ومودعاً الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات.
وبتاريخ 2003.5.4 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق.
وبتاريخ 2003.6.7 أودع محامي المطعون ضده سند وكالته ومذكرة بدفاعه.
وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى لأن التعويض المطالب به ناشئ عن ارتكاب جنحة تختص به المحكمة الجزئية، وفي الجلسة تمسكت برأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن ما راته نيابة النقض غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا رفعت الدعوى بطلب يدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية، فإن هذه المحكمة ذات الاختصاص العام في النظام القضائي يمتد اختصاصها إلى ما عساه يكون مرتبطا به من طلبات أخرى إذ أن حسن سير العدالة تقتضي الجمع بين الطلبين أمام محكمة واحدة، وكان يبين من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن المطعون ضده أقام دعواه المبتدأة بطلب الحكم بإلزام الجهة التى يتبعها بنقله إلى عمل آخر وبتعويضه عما أصابه من ضرر، وأن محكمة أول درجة قضت له بمطلوبة بالنسبة لطلب النقل، وهو طلب غير مقدر القيمة مما تختص به المحكمة الابتدائية وبالتالي تكون مختصة بالفصل في طلب التعويض المرتبط به ولو لم تكن مختصة بنظره.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما حاصله أنه عول على تقرير الخبير فيما انتهي إليه من نتيجة مع أنها غير ثابتة بالدليل القاطع ولم يجزم بأن مرضه ناجم عن العمل، بل قرر أن المرض سابق على العمل بدليل أنه نصح بأبعاده عن عمله، وهو ما يفيد أن المطعون ضده لم يصبه أي ضرر نتيجة إخلال صاحب العمل بالتزامه، وقد سبق وأن دفع بذلك إلا أن المحكمة لم ترد عليه بما يدحضه وإنما جاء قولها مرسلا لم يعزز بأي دليل، وهو ما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لقاضى الموضوع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – السلطة التامة في تحصيل واقع الدعوى وتقدير أدلتها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقا مع واقع الدعوى وبما له أصل ثابت في الأوراق.
وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما مفاده أن إصابة المطعون ضده بالمرض كانت بسبب استنشاقه الغازات والكيماويات بالمصنع الذى يعمل به وساءت حالته عقب مشاركته في إطفاء الحريق الذي شب في المصنع الذي يعمل فيه، وكان لاستعمال البودرة الجافة في إطفاء الحريق دورا في اصابته، وان جهة العمل قصرت في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال من الإضرار الصحية وأضرار العمل لعدم توفير الكمامات اللازمة لعمالها للوقاية من الغازات والمواد الكيماوية المستعملة والأبخرة المتسربة من المصنع، بالإضافة إلى عدم وجود الوسائل الخاصة بالإطفاء وهي من الضروريات الواجب توافرها، ومراقبتها وإصلاحها وتوفير البدائل اللازمة وذلك حسبما هو ثابت من تقارير الخبرة الفنية و المختصين بالشركة، وخلصت من ذلك إلى أن اصابة المطعون ضده كان سببها العمل والحريق الذي شب في المصنع والإخلال جهة العمل بما يفرضه عليها القانون، وهذا الذى أورده الحكم على النحو السالف، وفي استخلاص سائغ وبما له أصل في الأوراق يكفي لحمل ما انتهى إليه ويضحي معه نعي الطاعن مجرد مجادلة موضوعية فيما كونت منه المحكمة معتقدها يجعله غير مقبول يتعين معه الحكم برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصاريف.