Skip to main content

طعن جنائي رقم 50/ 52ق

نشر في

طعن جنائي رقم 50/ 52ق

خلاصة المبدأ

  1. اقتصار تاريخ صدور الحكم على التاريخ الميلادي دون القمري – لا بطلان.
  2. لا يحول السكر الاختياري دون مسؤولية الفاعل ولا ينقصها – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ اتهمت النيابة التخصصية الطاعنين لأنهم بتاريخ 2002/1/3 بدائرة مركز شرطة الأمن العام سبها:- المتهمان الأول والثالث:-

  1. قتلا عمداً المجني عليه (…)بأن دفعاه إلى داخل المقهى الذي يشتغل فيه وطعناه بواسطة السكينين اللذين كانا يحملانهما، فالحقا به الإصابات المثبتة بتقرير الصفة التشريحية المرفقة، والتي أودت بحياته، على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
  2. حالة كونهما عاقلين أتما الثامنة عشرة من عمرهما مختارين غير مضطرين، استوليا مغالبة بطريق القتل، وباستعمال السلاح على مال المجنى عليه سالف الذكر، وذلك بأن دفعاه داخل المقهى الذي يشتغل فيه، وأغلقا الباب وطعناه بالسكينين اللذين كانا بحوزتهما، فالحقا به الإصابات التي نجم عنها وفاته، ثم فتشا المقهى واستوليا على ما بداخله من نقود ولاذا بالفرار، على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

المتهم الثاني:- اشترك مع المتهمين الأول والثالث في تنفيذ الجريمة الأولى والثانية المنسوبة إليهما بطريق الاتفاق والمساعدة، وذلك بأن اتفق معهما على سرقة المجني عليه، وراقب حركة المكان أثناء تنفيذهما للجريمة، على النحو الموضح بالأوراق.

المتهمون جميعاً:-

  1. شربوا خمراً خالصة نوع محلي، على النحو الموضح تفصيلاً بالأورق.
  2. حازوا خمراً خالصة نوع محلي، وذلك بأن حازوا كمية الخمر التي شربوها على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.

المتهم الثالث وحده:-

  1. قدم خمراً خالصة للمتهمين الأول والثاني بقصد التعاطي على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
  2. تعامل في الخمر، بأن اشترى كمية الخمر التي تعاطاها مع بقية المتهمين من مجهول، على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق..

وطلبت النيابة التخصصية من غرفة الاتهام بمحكمة طرابلس الابتدائية التخصصية إحالة الطاعنين إلى محكمة الاستئناف التخصصية لمعاقبتهم طبقاً للمواد 1، 7 من القانون رقم 6 لسنة 1423. م بشأن أحكام القصاص والدية المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 1427 م، والقانون رقم 7 لسنة 1430 م، والمواد 1، 4، 1/5، 8، 9، 11، 15 من القانون رقم 13 لسنة 1425 بشأن إقامة حدي السرقة والحرابة المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1369، والمواد 1، 2، 1/4، 7 من القانون رقم 4 لسنة 1423 في شأن تحريم الخمر، والمادة الأولى مكرر، والمادة الثانية بند ثالثا من القانون رقم 20 لسنة 1425 في شأن تحريم الخمر، والمواد 62، 1/76، 78، 100/ 2، 3، 103 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك.

و محكمة الاستئناف التخصصية – الدائرة الجنائية الأولى بعد أن نظرت الدعوى قضت في 2003/2/23 حضورياً بمعاقبة الطاعنين حداً بالقتل رمياً بالرصاص عما نسب إليهم وبلا مصاريف جنائية، وبنشر الحكم بالصاق إعلان بذلك في المناطق التي صدر فيها الحكم، والتي ارتكبت فيها الجريمة، والتي كان فيها المحل الأخير لإقامة الجناة.

وكان المحكوم عليهم قد طعنوا على ذلك القضاء بطريق النقض، حيث كانت هذه المحكمة بهيئة أخرى – قد قضت في 2003/10/16 بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستناف التخصصية لنظرها مجدداً من هيئة أخرى، وبتاريخ 2004/8/14 قضت محكمة الاستئناف التخصصية حضورياً بمعاقبة الطاعنين بالسجن المؤيد، وباعتماد الدية المتفق عليها والمسلمة إلى وكيل أولياء الدم (…) وفقاً لسند العفو المرفق عن جميع التهم المسندة إليهم، وبمصادرة السلاح المضبوط، وينشر إعلان بمنطوق الحكم في المنطقة التي ارتكبت فيها الجريمة، والتي صدر فيها الحكم، والتي كان بها المحل الأخير لإقامة المتهمين، وينشره في صحيفتي الميزان والشمس على نفقة المحكوم عليهم ويلا مصاريف جنائية.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2004/8/14 في، وفي يوم 2004815 في طعن فيه بطريق النقض المحكوم عليهم أمام ضابط السجن، وبتاريخ 2004/10/10 أودع محامي الطاعن الأول (…) مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، ولم يودع الطاعنان الثاني والثالث مذكرة بأسباب طعنهما، وقدمت نيابة مذكرة برأيها القانوني في الطعن المرفوع من الطاعن الأول خلصت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وحددت جلسة 2005/12/19 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظر الطعن على النحو المبين بمحضر الجلسة ثم حجز للحكم فيه بجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث إنه بالنسبة للطعن المرفوع من الطاعنين الثاني والثالث فإنهما وإن كانا قد قررا بالطعن في الميعاد المحدد قانوناً إلا أنهما لم يودعا مذكرات بأسباب طعنيهما، ولما كان التقرير بالطعن هو مناط اتصال هذه المحكمة بالطعن، وأن تقديم أسبابه التي بني عليها شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه طبقاً للمادة 385 إجراءات جنائية هما وحدة إجرائية واحدة ولا يغني اتخاذ أحدهما عن الآخر، ومن ثم وعملاً بالنص سالف الذكر يتعين القضاء بسقوط حق الطاعنين الثاني والثالث في الطعن.

وحيث إنه بالنسبة للطعن المرفوع من الطاعن الأول فقد استوفي كافة أوضاعه القانونية، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بقبوله شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون، والإخلال بحق الدفاع، وذلك من وجهين: الأول: إن الحكم المطعون فيه لم يثبت القصد الخاص بشكل قطعي وحاسم، وإنما تم الإشارة إليه في ديباجة أسباب الحكم إشارة خاطئة، ذلك أن الطاعن أكد أثناء التحقيق معه في كافة مراحل الواقعة أن القصد من ذهابهم إلى المجني عليه هو سرقة المال الذي بحوزته، إضافة إلى أن الطاعن لم يكن في كامل إرادته ووعيه،

فقد كان فاقد الوعي تماماً نتيجة لتناوله الخمر، كما أن الحكم جاء خالياً من بيان التاريخ الهجري، وهذا الأمر يعد مخالفاً للنظام العام وللقانون، الأمر الذي يستوجب نقض الحكم، ولم تبين المحكمة المطعون في حكمها بأسباب مفصلة ما استندت إليه من أدلة تؤكد ثبوت التهمة ضد الطاعن، وبالتالي فإن حكمها يكون مشوباً بعيب الفساد في الاستدلال الأمر الذي يستوجب نقضه.

الثاني: إن الحكم المطعون فيه مشويًا بعيب الإخلال بحق الدفاع، لعدم رده على كل الدفوع التي أبداها الطاعن، واكتفي بالرد على الدفوع المبداة في المرافعة الشفوية فقط، ولم يرد على الدفوع المكتوبة في مذكرات الدفاع رغم أنها دفوع جوهرية، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها فإنه يكون محلاً بحق الدفاع، الأمر الذي يستوجب نقضه مع الإعادة.

وحيث يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد قرار الاتهام والإحالة، بين وقائع الدعوى وأقوال المتهمين بجميع مراحل التحقيق وأثناء المحاكمة وما أبدوه من دفاع، خلص بعد ذلك إلى ثبوت التهمة الأولى – القتل العمد – في حق الطاعن وباقي المتهمين، بقوله: وحيث إن التهمة الأولى المسندة للمتهمين و هي تهمة قتل المجني عليه (….) ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً لا يرقى إليه أدنى شك تأسيساً واستناداً على كافة ما هو ثابت بالأوراق من وقائع وأدلة عززت بعضها بعضاً، وجعلت عقيدة المحكمة يقيناً راسخاً تطمئن معه بشكل كامل إلى إدانة المتهمين عنها أخذاً باعترافاتهم المفصلة في محضر جمع الاستدلالات… واعتراف المتهم الثاني (…) أمام النيابة العامة، حيث ذكر أنه شرب مع بقية المتهمين الخمر بالحديقة، واتفق معهما على سرقة المجني عليه الذي يشتغل في المقهى المقابل، ووزع الأدوار فيما بينهم، وكان دوره هو مراقبة حركة المكان، وانحصر دور المتهمين الأول والثالث في تنفيذ الجريمة، حيث انطلقا إلى حيث يقف المجني عليه أمام المقهى، وكان الأول يحمل معه سكين أبو خوصة، وما إن وصلا إليه حتى دفعاه إلى الداخل وأغلق الباب خلفهما، وبعد ربع ساعة حضر إليه الشاهد (…) فأخبره بأن كلا من…،…) بداخل المقهى فذهب إلى حال سبيله، ثم خرج المتهمان الأول والثالث من المقهى بعد ربع ساعة تقريباً حيث انطلقا هاربين من المكان، ثم أخبره المتهم الأول (…) أن المتهم الثالث (…) قد طعن المجني عليه بالسكين، وفي اليوم التالي تقابل مع هذا الأخير فأخبره بأن المتهم الأول (…) هو الذي طعن المجنى عليه، وبمواجهتهما ببعضهما رمى كل واحد منهما على الآخر قتل المجني عليه، كما أن التهمة ثابتة في حق المتهمين أخذا بشهادة الشاهد (…) حيث شهد بأنه بتاريخ الواقعة شاهد المتهمين الثلاثة يركضون في اتجاه سوق السيارات فلم يعرهم اهتماماً، وكان يشاهد مباراة في كرة القدم فرجع وشاهد الشوط الثاني من المباراة ثم خرج وسلك نفس الطريق الذي شاهد المتهمين يركضون فيها فعثر على سكينين أحدهما أبو خوصة، والآخر مدية تشادية ملطخين بالدماء والتراب فأخذهما إلى حيث صاحبه (…) حيث قام بغسلهما هناك بحامض الليمون وأعطى المدية لصديقه، وفي اليوم التالي حضر إليه (…) وطلب منه عدم الذهاب للحديقة لوجود مشكلة بها وطلب من صديقه (…) أن يخبر (…) إذا شاهده بالحضور إليه… ثم رجع إلى منزله، وشعر بأن السكينين لهما علاقة بقتل المجني عليه، فذهب إلى المتهم (…) وسأله عن الذي حصل، فأخبره بأن (….،…) قتلا المجني عليه وأخذ منه السكين الذي يخص (…)، والتهمة ثابتة أيضاً أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي رقم 2000/647 والذي جاء فيه: ” بفحص جثة (…) تبين بظاهر الجثة جرح قطعي ثابت بيسار الصدر طوله 2 سم يقع على بعد 75 من حلمة الثدي الأيسر، وعلى بعد 4 سم من الخط المنصف للجسم وإلى يمين ويسار، وتحت عظمة الترقوة بثمانية عشر سنتيمترا، كما تبين وجود انسكابات غزيرة بجوار الصدر مقابل الإصابة الموجودة عالية، وثقب بين الضلعين الخامس والسادس اليساريين مقابل الإصابة عالية، وثقب مقابل له بجدار البطين الأيسر من القلب، وغرف القلب والأوعية الدموية الرئيسية فارغة تماما من الدم، وتبين نزف غزير بتجويف البطن والصدر، وخلص إلى الاستنتاج بأن الإصابة التي لحقت بالمجني عليه إصابة ذات طبيعة طاعنة ثاقبة وحديثة، وحدثت نتيجة لتعرضه لآلة ثاقبة طاعنة وجائزة الحدوث من مثل السكين أو المطواة أو ما شابههما، كما تبين أن وفاة المجني عليه (…) إصابة حدثت نتيجة لتعرضه للإصابة الموصوفة عاليه، وما أحدثته من جرح ثابت بيسار الصدر وواصل إلى تجويف القلب عند البطين الأيسر وما صاحبهما من نزف دموي غزير أدى إلى هبوط القلب والدورتين الدموية والتنفسية، ثم أشار الحكم المطعون فيه إلى تقرير الطبيب الشرعي رقم 2002/1173 المتعلق بفحص السكين والمطواة المضبوطة والذي خلص فيه الطبيب المذكور إلى أن تلك الأسلحة تعتبر من الأسلحة البيضاء، والتي يمكن استعمالها لإحداث إصابات طعنية ثاقبة كالتي مثبتة بالتقرير الطبي الشرعي رقم 2002/847 والخاص بالكشف على جثة المتوفي (…) وبعد ذلك أردف الحكم المطعون فيه قائلاً: وحيث إن جريمة القتل العمد ثابتة في حق المتهمين ومتوافرة الأركان التي تطلبها القانون، فالركن المادي قد توافر من سلوك إجرامي وهو طعن المجني عليه بعدة طعنات من قبل المتهمين الأول والثالث، وتحققت النتيجة وهي وفاة المجني عليه، كما أكدها تقرير الطبيب الشرعي، وتوافرت علاقة السببية بين فعل المتهمين والنتيجة التي حصلت، أي أن فعل المتهمين هو الذي أدى إلى حصول النتيجة كما سبق سرده، كما توافر الركن المعنوي وهو القصد الجنائي بنوعيه العام والخاص، فالقصد العام توافر بعنصريه العلم والإرادة، فقد كان المتهمون يعلمون أن إرادتهم اتجهت إلى الاعتداء على إنسان حى و إزهاق روحه، وهي إرادة حرة غير معيبة، كما توافر القصد الخاص وهو نية إزهاق روح المجني عليه، ويستخلص من طعن المجني عليه عدة طعنات إزهاق من بينها طعنة ثاقبة بيسار الصدر بطول 2 سم على بعد 7,5 سم من حلمة الثدي الأيسر، كما تبين وجود ثقب بين الضلعين الخامس والسادس اليساريين مقابل الإصابة عالية، وثقب مقابل له بجدار البطين الأيسر من القلب، وهذه الإصابات تدل دلالة قاطعة على توافر نية إزهاق روح المجني عليه، واسترشدت المحكمة فى ذلك بحكم المحكمة العليا الصادر بتاريخ 1471/4/27 إذ قضت بأن تعمد إزهاق روح المجني عليها يتوافر في الدعوى من إحداثه أكثر من إصابة في المجني عليه إحداها في مقتل، وتماديه في الاعتداء رغم ذلك، ومن حكم اخر لها بتاريخ 1964.6.20 قضت أن المظاهر الخارجية التي يستدل بها على وجود النية الظروف التي وقع فيها الاعتداء، والغرض الذي كان يرمي إليه الجاني ووسائل التنفيذ وموقع الإصابة وجسامتها وقد تكفي إحداها للدلالة على توافر نية القتل ) لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيام نية القتل لدى الجاني أو عدم قيامها لديه أمر موضوعي يستخلصه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الوقائع وتلك الظروف لا يتنافي عقلاً مع ما انتهت إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على النحو الذي سلف بيانه – يكفي للتدليل على توفر نية القتل لدى الطاعن ولا يتنافي مع العقل، ويؤدي إلى ما انتهى إليه، ومتى كان استخلاص الحكم توافر نية القتل العمد سائغاً ومقبولاً، فإن ما يثيره الطاعن حول عدم توافر قصد قتل المجني عليه، وأنه إنما كان يقصد السرقة فقط لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً وعوداً إلى مناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة باعتبارها محكمة نقض.

لما كان ذلك، وكان من مقتضى نص المادة 90 عقوبات أن السكر الاختياري لا يحول دون مسؤولية الفاعل أو ينقصها، وعلى ذلك فإن ادعاء الطاعن أنه كان فاقد الشعور والإرادة بسبب السكر عند ارتكابه الجريمة القتل لا ينفي مسؤوليته الجنائية على فرض صحة ادعاءاته طالما أنه لم يدع أن ذلك السكر قد تم كرهاً أو أنه لم يكن يعرف حقيقة المادة التي تناولها. وأما بالنسبة لما ينعى به الطاعن من مخالفة الحكم للنظام العام والقانون لخلوه من بيان التاريخ الهجري الذي صدر فيه، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الأمر الصادر من مجلس قيادة الثورة بتاريخ

1969/9/20 والقاضي بأن تكون جميع التواريخ بالتاريخين الهجري والميلادي (المسيحي) في جميع المكاتبات الرسمية وغير الرسمية على أن تلاحظ أسبقية التاريخ الهجري في ذلك، وإن قرر أن جميع المكاتبات ينبغي أن تحمل التاريخين المذكورين، وبفرض أن تعبير المكاتبات يشمل الأحكام ايضاً، إلا أنه لم يرتب أي جزاء على عدم اتباع ذلك، وكانت المادة 305 من قانون الإجراءات الجنائية والخاصة بالبطلان لسبب متعلق بالنظام العام لم تعتبر تاريخ صدور الحكم سواء بالتقويم الميلادي أو الهجري من النظام العام، وكان القصد من إثبات التاريخ على المحررات عموماً هو إثبات تاريخ تحريرها أو صدورها بما يرتبه هذا التاريخ من آثار في الحالات التي يرتب فيها القانون على تاريخ تحرير المحرر أو صدوره أثراً، وهو ما يتحقق بحمل المحرر لأي من التاريخين الهجري أو المسيحي، ومن ثم فإن خلو المحرر من أحد التاريخين اللذين نص عليهما القرار المذكور لا يبطله، طالما كان القصد من تدوين التاريخ على المحرر هو إثبات تاريخ تحريره أو صدوره، فإن ذلك مما ينأى به سواء صدر بالتقويم الهجري أو الميلادي أن يكون من مسائل النظام العام، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه يحمل تاريخ صدوره بالتقويم المسيحي، وفي ذلك ما يكفي لصحة الحكم، ويجعل نعي الطاعن بمخالفة الحكم للقانون والنظام العام في غير محله يتعين رفضه هو أيضا.

لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد اعترافات الطاعن والمتهمين الآخرين بمحضر جمع الاستدلالات واعترافات المتهم الثاني الواردة بتحقيقات النيابة العامة والتي أفادوا فيها ارتكابهم لجريمة القتل العمد، استند الحكم إلى تلك الاعترافات التي تعززت بشهادة الشاهد (…)، وبما ورد في تقريري الطبيب الشرعي رقم 2000/847، ورقم 2002/1173 في القضاء بإدانة الطاعن وباقي المتهمين من الجريمة المذكورة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الشأن ینای به من أي قصور في التسبيب أو فساد في الاستدلال بما يجعل قول الطاعن إن الحكم لم يبين الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعن، نعي على الحكم بما ليس فيه، ومن ثم فإن جميع ما ينعى به الطاعن في الوجه الأول من الطعن يكون في غير محله يتعين رفضه.

لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين في الوجه الثاني من طعنه ماهية الدفوع التي أثارها المدافع عنه أمام محكمة الموضوع ولم ترد عليها، ليبين ما إذا كانت دفوعاً جوهرية فيكون الحكم معيباً بالقصور في التسبيب بعدم الرد عليها أو ليست كذلك فلا يكون الحكم ملزماً بالرد عليها صراحة، وإنما يكفي في شأنها الرد الضمني المستفاد من أدلة الإدانة التي عول عليها، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد سمحت لدفاع المتهمين إيداع مذكرات دفاع خلال عشرة أيام من تاريخ حجز الدعوى للحكم، إلا أنهم لم يودعوا شيئا من ذلك، ثم تناولت المحكمة المذكورة الرد على ما دفع به محامي الطاعن من مرافعته الشفوية، وقد ردت بشكل مفصل على دفعه بعدم توافر تهمة القتل في حق الطاعن، وعلى الدفع بأن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، وعلى الدفع ببطلان اعترافات الطاعن، لأنها انتزعت منه كرها، وفندت المحكمة كل تلك الدفوع بأسلوب سائغ ومقبول ينأى بحكمها عن عيب الإخلال بحق الدفاع الذي ينعى به الطاعن في الوجه الثاني من طعنه، ومتى كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس يتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:-

أولاً بسقوط حق الطاعنين الثاني والثالث في الطعن. ثانياً بقبول طعن الطاعن الأول شكلاً، وفي الموضوع برفضه.