طعن مدني رقم 477/ 47 ق
العنوان
- اختلاف الخصوم في تكييف العقد – أثره.
- تفسير العقد من اختصاص محكمة الموضوع شرط – ذلك
الملخص
- أنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تفسير العقود والاتفاقات بما تراه أو بمقصود المتعاقدين مستهدية في ذلك بجميع الظروف والملابسات بلا معقب عليها من محكمة النقض.
- إلا أنه إذا اختلف الخصمان في تكييف العلاقة التي تربط بينهما فإنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبحث الطبيعة القانونية لتلك العلاقة من خلال إرادة الطرفين، وأن تكيف هذه الإرادة التكييف القانوني الصحيح، ثم تقضي في الدعوى على مقتضى هذا التكييف، فإن لم تفعل فإن حكمها يكون قاصر التسبيب
الحكم
الوقائع
أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 139 لسنة 1999 م أمام محكمة مصراتة الابتدائية اختصموا فيها الطاعنين وقالوا بيانا لها : إنهم يملكون سيارات نقل، ولكونهم أعضاء بمكتب نقل البضائع فقد كانوا يقومون بنقل البضائع حسب تكليف المكتب المذكور الذي يتولى تحصيل أجرة النقل، ومن ثم يقوم بتسديدها لهم بعد استيفاء الرسوم والاستقطاعات، وحيث إنهم تسلموا إيصالات تفيد قيامهم بالنقل وترتب لهم التزما في مواجهة المكتب، وكان الأخير قد ألغي بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 858 لسنة 1991 م، وحلت محله جمعية مصراتة لنقل البضائع التي آلت إليها كافة أموال المكتب، وكلفت بتحصيل أمواله وتسديد مستحقات السائقين، وانتهوا إلى طلب إلزام الطاعنين بدفع مستحقاتهم المالية المبينة بالإيصالات المرفقة، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما ( الطاعنين ) بدفع مبلغ قدره أربعة عشر ألفا.وستمائة وثمانية وسبعون دينارا و 895 درهما.
استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصراتة التي قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2000.5.3 م وليس بالأوراق ما يفيد إعلانه وبتاريخ 2000.8.2 قرر محامي الطاعنين الطعن عليه بالنقض نيابة عنهم أمام قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم والكفالة، مودعا سندي التوكيل، ومذكرة بأسباب طعنه، وأخرى شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، ثم أودع بتاريخ 2000.8.16 م أصل ورقة إعلان الطعن معلنة لدى مكتب محامي المطعون ضدهم في مراحل الدعوى السابقة بتاريخ 2000.8.10.وبتاريخ 2000.9.10 أودع محامي المطعون ضدهم مذكرة رادة بدفاعهم مشفوعة بسندات توكيلاتهم.
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانونا فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي ألزمها بدفع المبلغ المحكوم به رغم أن مكتب خدمات نقل البضائع يمارس نشاطه باعتباره وسيطا بين السائقين والجهات المتعاقد معهما، وهو ممثل لهم في عقود النقل، وأنه التزم بتوقيع العقود وجباية أجرة النقل ودفعها للأعضاء بعدم خصم الاستقطاعات، وأن التزامه ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة مضيفا أنه بذل قصارى جهده ولا يزال في سبيل اقتضاء المبالغ ومن بينها مستحقات المطعون ضدهم ورفع دعوى بالخصوص أمام محكمة مصراتة الابتدائية تحت رقم 74 لسنة 1997، ولا تزال متداولة أمامها، وبالتالي لا يكون ملزما بالدفع إلا بعد تحصيل المبالغ المستحقة.
وحيث إن هذا النعي في مجمله سديد، ذلك أنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تفسير العقود والاتفاقات بما تراه أو بمقصود المتعاقدين مستهدية في ذلك بجميع الظروف والملابسات بلا معقب عليها من محكمة النقض، إلا أنه إذا اختلف الخصمان في تكييف العلاقة التي تربط بينهما فإنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبحث الطبيعة القانونية لتلك العلاقة من خلال إرادة الطرفين، وأن تكيف هذه الإرادة التكييف القانوني الصحيح، ثم تقضي في الدعوى على مقتضى هذا التكييف، فإن لم تفعل فإن حكمها يكون قاصر التسبيب، لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أنهما أقاما قضاء هما بإلزام الطاعنين بأداء المبلغ المحكوم به تأسيسا على أن المطعون ضدهم ارتبطوا بعقود نقل مع الطاعنين وعملوا لحسابهما ونقلوا البضائع بواسطة السيارات المملوكة لهم فإنه يجب عليهم أن ينفذوا الالتزام المترتب في ذمتهم وهو دفع أجرة النقل تأسيسا على أن المادة 689 من القانون المدني تنص على أن يلتزم رب العمل بأن يدفع للعامل أجرته في الزمان والمكان اللذين يحددهما العقد أو العرف.
وحيث إن المطعون ضدهم يقرون في صحيفة دعواهم بأنهم أعضاء في مكتب نقل البضائع، وأنهم يقومون بنقلها حسب تكليف المكتب الذي يقوم بتحصيل أجرة النقل من الزبائن ثم يدفعها لهم بعد استيفاء الرسوم والاستقطاعات القانونية، ولما كان الطاعنان قد دفعا في صحيفة استئنافهما بأن المطعون ضدهم رضوا بأن يكون المكتب وسيطاً بينهم وبين الجهات المتعاقدة وممثلا لهم في عقود النقل مع الجهات ذات العلاقة، وأن التزام مكتب النقل هو توقيع العقود ومراجعة الجهات المتعاقدة وجباية المبالغ المالية منها ودفعها لأعضائه بعد خصم نسبة متفق الأعضاء سلفا نسبة 5% عليها مع وهي من قيمة النقل.وكان الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع الجوهري الذي لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى.
ذلك أنه على محكمة الموضوع أن تكييف الطبيعة القانونية للعلاقة العقدية بين مكتب خدمات النقل بمصراتة وأعضائه المطعون ضدهم، وهل كانت الظروف المحيطة بالتصرف الذي أبرمه مكتب النقل يفهم منها أن نيته وقت التعاقد الغير إنما انصرفت إلى التعامل باسم الأعضاء ولحسابهم، وبالتالي تنصرف آثار الالتزام إلى الأصيل لا إلى الوكيل، أم أنه كان يتعاقد باسمه الشخصي ولحسابه الخاص، ومن ثم ترتيب الأثر القانوني على ضوء ما يسفر عنه بحث العلاقة بينهما، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث ما دفع به الطاعنان في صحيفة استئنافهما في هذا الشأن الأمر الذي يكون معه الحكم قاصر البيان في العناصر القانونية والواقعية التي أسس عليها قضاءه بتأييد الحكم المستأنف مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي مناعي الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف مصراتة للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات