طعن جنائي رقم 422/ 46 ق
طعن جنائي رقم 422/ 46 ق
خلاصة المبدأ
عدم جواز الطعن في القرارات الصادرة بألا وجه لإقامة الدعوى الصادرة عن جهات التحقيق- أساس ذلك.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده الأول (…) بتاريخ 1427/4/9م قتل المجني عليه (…) بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه، والذي دخل منزله ليلاً دون رضاه، فألحق به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى وفاته. وقد قيدت الواقعة جناية بالمادتين 1، 3 من القانون رقم 6 لسنة 1423م بشأن القصاص والدية، وأعدت مذكرة بالرأي القانوني انتهت فيها إلى إصدار القرار بألا وجه لإقامة الدعوى قطعيا لعدم العقاب، وقد اعتمد هذا القرار من النائب العام بتاريخ 1998/5/21ف، أعلن والد المجني عليه ( المتوفى ) بالقرار المذكور بتاريخ 1998/6/4 ف فلم يلق لديه قبولا، فقرر الطعن عليه بطريق الاستئناف أمام دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بمحكمة غريان الابتدائية، حيث سجل الاستئناف تحت رقم 106 – 98 ف، حيث طلب إلغاء القرار المستأنف وإحالة الدعوى إلى غرفة الاتهام لإحالة المتهم المطعون ضده إلى محكمة الجنايات، ومحكمة غريان الابتدائية دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة حكمت في الاستئناف بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998/12/27ف، قرر المحامي (…) نيابة عنه الطاعن بموجب وكالة عرفية الطعن في الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم بتاريخ 1999/1/26ف، وأودع بنفس التاريخ ولدى نفس القلم مذكرة موقعة منه تتضمن أسباب الطعن، كما أنه سدد كفالة الطعن.
الأسباب
بالا وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب بمقوله إن الحكم المطعون أسس قضاءه برفض الطعن بالاستئناف على قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده الأول على أساس قيام حالة الدفاع الشرعي، رغم أن التحقيقات التي أجريت في الواقعة لا يبين منها توافر الشروط التي أوجبتها المادة ( 70 ) من قانون العقوبات لقيام حالة الدفاع الشرعي، وأنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه وأسباب القرار المؤيد بالحكم المطعون فيه يبين منها أنها أهملت التناقض في الرواية التي سردتها زوجة المطعون ضده والرواية التي ذكرها المطعون ضده بخصوص عدة نقاط، منها كيفية مشاهدة المجني عليه، وواقعة أخذ المطعون ضده للسلاح، والمكان الذي دخل منه المجني عليه لبيت المطعون ضده، وأسماء من استنجد بهم المجني عليه، كما أن الحكم خالف ما هو ثابت بالأوراق التناقض المطعون ضده في أقواله وتضاربها مع بعضها البعض استدلالاً وتحقيقا، ولوجود تناقض بين التقرير المعد من قبل الخبير الكيميائي وخبير الأسلحة، ولما حصل من عبث بأدلة الدعوى.
وحيث إنه قبل البحث في أوجه الطعن فإنه يتعين البحث عن جواز أو عدم جواز الطعن بالنقض في حكم دائرة الجنح المستأنفة الصادرة عن التظلم من قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لقد نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية على أن الطعن بالنقض يكون في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة، كما نصت المادة 365 من نفس القانون على أن الطعن بالاستئناف يكون في الأحكام في الدعوى الجنائية, و معنى ذلك أن الأصل في الطعن أن يرد على الحكم وليس على القرارات أو الأوامر، وإذا أجاز الشارع الطعن في بعض تلك القرارات أو الأوامر فإن ذلك يجب أن يكون بنص خاص،، والأوامر الصادرة من قاضي التحقيق والنيابة العامة وغرفة الاتهام بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية هي كلها من هذا القبيل، فهي باعتبارها صادرة من سلطات تحقيق تكون أوامر تحقيق محضة، وقد نص المشرع الليبي في المواد 139، 142، 167، 169، 170 من قانون الإجراءات الجنائية على جواز الطعن بالاستئناف في الأمر الصادر من قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية على أن يرفع الاستئناف إلى المحكمة الابتدائية الكائنة في دائرتها الجهة التي أصدرت الأمر، وينظر من هيئة استئنافية، ويكون الحكم الصادر منها غير قابل لأي وجه من وجوه الطعن، أما بخصوص أمر النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فقد نصت المادة 181 من قانون الإجراءات الجنائية على جواز الطعن فيه دون أن تبين الجهة التي يرفع إليها الطعن، ولا ما إذا كانت قرارات تلك الجهة قابلة للطعن بالنقض أو غير قابله، اللهم إلا ما يفهم من قول المادة – بجواز الطعن – فإنه يدل على أن الطعن ينظر أمام أول جهة من جهاته، ألا وهي دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة، كما أن المادة 184 من نفس القانون دلت ضمنا على أن الجهة المختصة بنظر هذا الاستئناف هي المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية، فقد ورد بالمادة المذكورة أنه للنائب العام أن يلغي الأمر المذكور، ولا يجوز له ذلك إذا صدر قرار المحكمة الابتدائية برفض الاستئناف المرفوع لها عن هذا الأمر، وهذا هو المعقول باعتبار أن هذه الجهة هي المختصة أيضاً بنظر الاستئناف المرفوع عن قرار قاضي التحقيق وقرار غرفة الاتهام بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، لأن هذه الجهات الثلاث هي سلطات تحقيق يلزم أن تكون الجهة التي تنظر أوامرها وتفصل فيها جهة واحدة، وحيث إن المحكمة الابتدائية في مثل هذه الحالة إن هي إلا جهة استئنافية لأوامر التحقيق، فأحكامها التي تصدرها إنما هي قرارات استئنافية لأوامر التحقيق ليس لها خاصية الأحكام، وأن جاءت على منوالها، ويؤيد ذلك ما عبرت به المادة 184 السالفة الذكر من قولها – إذا صدر قرار من المحكمة الابتدائية برفض الاستئناف المرفوع لها عن هذا الأمر، ومتى كان ذلك فإن الطعن عليها بالنقض غير جائز إلا بموجب نص خاص، ولما كان هذا النص غير متوفر بشأن القرار الصادر برفض استئناف أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى فإنه لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض، والذي يؤكد هذا أن قانون الإجراءات الجنائية كان في السابق قد خول غرفة الاتهام النظر في الطعن في أمر النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى وقد نصت المادة 185 من هذا القانون على أن قرار غرفة الاتهام الصادر برفض استئناف هذا الأمر يجوز الطعن فيه أمام المحكمة العليا، ثم عدل القانون المذكور وحدفت هذه المادة أصلاً مما يدل على أن إرادة المشرع كانت هي عدم جواز الطعن بالنقض فيه، وإلا لعدلت المادة المذكورة واكتفي باستبدال المحكمة بالغرفة، وهذا من شأنه أن يجعل القرار المذكور كشأن القرارات الصادرة من محكمة الاستئناف عن امري قاضي التحقيق وغرفة الاتهام لا يجوز الطعن فيها بالنقض بأي وجه من الوجوه، لذلك فإن كل هذه الجهات الثلاث إن هي إلا سلطات تحقيق يربطها التشابه في مهمتها واختصاصها، والمفارقة بينها تكون غير مقبولة وغير مفهومة.
وحيث إنه لما كان ذلك، فإن القرار الصادر من المحكمة الابتدائية برفض الاستئناف المرفوع من الطاعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون غير قابل للطعن بالنقض مهما كانت عيوب ذلك القرار، ويتعين الحكم بعدم جواز الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن.