Skip to main content

طعن جنائي رقم 1233-52 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 1233
  • السنة القضائية: 52
  • تاريخ الجلسة: 21 مارس 2006

طعن جنائي رقم 1233-52 ق

خلاصة المبدأ

  1. أركان جريمة الاختلاس.
  2. عدم الرد الحكم على الدفوع الجوهرية – أثره.

الحكم

الوقائع 

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم خلال يومي 14 – 2005.4.15 بدائرة مركز شرطة الزاوية: 

  • المتهم الأول: 
  1. اختلس مالاً عاماً مسلماً إليه بحكم وظيفته إذ زود شاحنة المتهم الثاني بكمية من وقود الديزل تقدر بعشرة آلاف لتر دون إذن بالتعبئة، بوصفه مشغل تعبئة على منصة وقود الديزل بالمستودع رقم 11 التابع لشركة البريقة لتسويق النفط وعلى النحو الثابت بالأوراق. 
  2. أساء استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير، إذ أعطى المتهم الثاني مقدار عشرة آلاف لتر نمن وقود الديزل دون إشعار إذن التعبئة بوصفه السابق على النحو المبين بالأوراق. 
  • المتهمان الثاني والثالث: 

استوليا بدون وجه حق على مال عام، إذ حازا عشرين ألف لتر من وقود الديزل من المستودع النفطي بالزاوية دون حصولهما على إشعار الإذن بالتعبئة بوصفهما عاملين على شاحنة شركة البريقة لتسويق النفط فرع الزاوية، حالة كون الفعل تكرر منهما مرتين، على النحو المبين بالأوراق. 

  • المتهم الثاني: 

هدد الغير بإنزال ضرر غير مشروع به، إذ توعد المجني عليه قائلاً ” والله لما انقعمزك ونورطك ” على النحو المبين بالأوراق. 

وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1، 2، 3، 27/1، 28/1، 34، 35 من القانون رقم 2/1979 بشأن الجرائم الاقتصادية المعدل بالقانون رقم 9/1989 والمواد 76، 77، 430/1 عقوبات، فقررت الغرفة ذلك، ومحكمة جنايات الزاوية بعد أن نظرت الدعوى قضت حضورياً بمعاقبة كل واحد من الطاعنين بالسجن ثلاث سنوات، وبتغريمهم متضامنين مبلغ أربعة آلاف وستمائة وثمانية وسبعين ديناراً عما نسب إليهم مع إلزامهم برد مبلغ ألفين وثلاثة ؟! وتسعة وثلاثون ديناراً، وبحرمانهم من حقوقهم المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها، وبتغريم الثاني خمسين ديناراً عن تهمة التهديد المسندة إليه، وأعفتهم من المصاريف الجنائية. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.6.19، وبتاريخ 2005.7.17 قرر المحامي عبد الناصر الشاوش الطعن بالنقض بتقرير لدى  قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم نيابة عن المحكوم عليه الأول الذي وكله في ذلك كما أودع بذات التاريخ ولدى نفس القلم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه، وبتاريخ 2005.7.20 قرر المحامي محفوظ القمودي الطعن بالنقض بتقرير لدى نفس القلم مصحوباً بمذكرة بأسباب الطعن وذلك نيابة عن المحكوم عليه الثاني بموجب توكيل منه، وبتاريخ 2005.6.23 قرر الثالث الطعن بالنقض بتقرير أمام ضابط السجن المختص وأناب إدارة المحاماة الشعبية في الدفاع عنه فأودعت إحدى المحاميات التابعة لتلك الإدارة مذكرة بأسباب الطعن موقعة منها بتاريخ 2005.8.3 لدى القلم المشار إليه. 

قدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بسقوط طعن كل من الطاعنين الأول والثاني لعدم تنفيذهما العقوبة المقضي بها، وبقبول طعن الطاعن الثالث شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجميع الطاعنين والإعادة. 

حددت جلسة 2006.2.6 لنظر الطعن حيث تلا المستشار المقرر تقريره وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحضرها ثم قررت حجزها للحكم بجلسة اليوم. 

الأسباب 

وحيث أنه لما كان الطاعن الثالث قد قرر بالطعن بالنقض من داخل   السجن، كما أن الطاعنين الأول والثاني وإن كانا قد قررا بالطعن بواسطة محامي كل منهما إلا أنه قد تبين إرفاق رسالة من مدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل بصرمان بما يفيد دخولهما المؤسسة بتاريخ 2005.4.24، كما أرفق بملف الدعوى نموذج أمر تنفيذ الحكم الصادر ضدهما ثابت به قيد المحكوم عليه الأول بدفتر السجن برقم 66109 وقيد الثاني بنفس الدفتر برقم 66110، الأمر الذي يجعل طعون الطاعنين الثلاثة قد حازت سائر أوضاعها القانونية ويتعين قبولها شكلاً. 

وحيث أن مما ينعى به الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم وإن قال بتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن ومن معه إلا أنه قصر في بيان عنصري ذلك الركن من الدعوى، خاصة وأن مجرد ظهور العجز لا يقطع بقيام الاختلاس، وقد أدانه على جملة من القرائن الفاسدة التي جاءت متواترة متخاذلة لا تؤيد    ما توصل إليه، وهي لا تتعدى ما يقال من وجود نقص في خزان الوقود دون أن يعني ببيان المفردات المفقودة أو يحيل الأمر على الخبرة القضائية، علاوة أنه الواقعة بافتراض صحتها هي أن المتهم الثاني ملء الوقود بعد أن قام بتهديده بالقتل فيكون المسئول هو من صدر عنه الإكراه.

وحيث أن مما ينعى به الطاعنان الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهما دفعا لدى المحكمة مصدرة الحكم بضرورة عرض الشريط المسجل من قبل المراقبة بالمستودع على الخبرة القضائية لبيان الأحداث التي وقعت يومي 14 – 2005.4.15 وهو طلب جوهري خاصة وأن الشريط لم يعرض على النيابة العامة ولو صح أنه عرض في مكان آخر فقد تناقضت أقوال الشهود حياله، فالشاهد ناصر الهادي سالم ذكر بمحضر التحقيق أنه لم يشاهد الشريط رفقة الآخرين، كما أفاد جميع الشهود بأنهم لم يشاهدوا المركبة الآلية نوع رينو ولم يجزموا بمشاهدتهم الثاني أو حتى رقم اللوحة المعدنية للمركبة التي يدعي في الشريط أنها وقفت أمام منصة تعبئة وقود الديزل، وقد ذكر بعضهم أن الصور كانت غير واضحة وأنهم اشتبهوا مجرد الانتباه في السائق  وسيارته، وهي تناقضات كانت ترشح الاستجابة لطلب محامي الطاعنين بعرض الشريط المذكور أمام الخبرة القضائية حتى يكون محتواه حجة على الطاعنين، وقد خالف الحكم ما هو ثابت بالأوراق من وجود إشعار بالتعبئة يجزم بتسليم كمية الوقود للطاعن الثاني إرادياً ويتنافى مع القول بحصول الاختلاس ويجعل الشك قائماً حيال تحديد الكمية المختلسة ووسيلة النقل وهو الإشعار رقم 1457789 المؤرخ يوم 2005.5.15 في كمية قدرها ثلاثون ألف لتر خاصة مع دخول مركبات آلية من نفس نوع مركبة الطاعن الثاني في يومي 14 – 2005.4.15، خاصة وقد خلت الأوراق من تقرير مالي صادر عن لجنة مختصة يبين الحركة اليومية لصرف الوقود ومقارنتها بإشعارات وأذونات الصرف وفق الإجراءات المقررة لدى الشركة لأجل تحديد كمية الوقود المفقودة، الأمر الذي يجعل الحكم فاسداً في استدلاله. 

ويضيف الطاعن الثاني أن تهمة التهديد المنسوبة إليه أقيمت فقط على شهادة المجني عليه الذي هو المتهم الأول وقد جاءت أقواله متضاربة حيال تحديد تاريخ ومكان ارتكاب الواقعة، إذ جاء عنه بمحضر الضبط أنه هدده بالقتل يوم 2005.4.14 أثناء قيامه بتعبئة كمية الوقود المختلسة، ثم ذكر في شكواه المقدمة إلى مركز شرطة الحرثة أن الواقعة كانت بتاريخ 2005.4.19، كما أن المجني عليه ذكر أن التهديد حصل بحضور الشاهد….، وبسماع أقوال هذا الأخير لم يستطع تحديد مكان وزمان حصوله مما عزز ما دفع به محاميه لدى المحكمة من تناقض أقوال الشهود عن جريمتي الاختلاس والتهديد. 

كما يضيف الطاعن الثالث أن الحاضر معه دفع بعدم توافر الأدلة على نسبة الجريمة إليه، كما دفع بأنه مساعد سائق، وهو بهذه الصفة غير مسئول عن أية أعمال تصدر من سائق المركبة، وأن حدود واجبه ينحصر في مساعدته في أعمال القيادة أو عند حدوث عطل بالشاحنة أو بأحد إطاراتها دون أن تمتد واجباته إلى علاقة السائق بصرف الزيوت لأن إجراءات الأمن الصناعي المقررة تمنع المساعد من قيادة الشاحنة التي يعمل عليها الأمر الذي تنعدم معه صلته بواقعة اختلاس الوقود التي دانه الحكم عنها مما يعيبه ويوجب نقضه. 

وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد بيانه واقعة الدعوى وإيراده أقوال الطاعنين وأقوال الشهود، خلص إلى القضاء بإدانتهم بناء على الأدلة التي أوردها في قوله: ” وإزاء ما تقدم ذكره فإن المحكمة وهي بصدد تكوين عقيدتها في هذه الدعوى وبعد مطالعتها للأوراق، ثبت لها يقينياً وبما لا يدع مجالاً للشك قيام جريمة الاختلاس وإساءة استعمال سلطات الوظيفة في حق المتهم الأول ثبوتاً قطعياً وتوافر أركانها وشروطها القانونية تأسيساً على اعترافه استدلالاً وتحقيقاً كونه بتاريخ 2005.4.14 عندما كان بالحمام خرج ليجد المتهم الثاني يعبئ وقود الديزل وحده دون أخذ الإذن منه، فلما  اعترض عليه أمره بالتزام السكوت وهدده بالقتل، وفي المرة الثانية شاهد مساعد السائق المتهم الثالث يدخل المستودع، فأخبره المساعد أن المضخة التي وقف عليها لا تشتغل حيث بقى في مكانه ربع ساعة، وقد اعترف المتهم الأول بأن المتهم الثاني قد أعطاه إيصال بنزين وقال له ” خذ كازيك واسكت ” وأنه قام بتعبئة عشرة آلاف لتر ديزل في المرة الأولى، وأن سبب تعبئته دون إبراز الإشعار له هو كونه قد خاف منه وهدده بالقتل، وعند إحالته إلى النيابة العامة اعترف كذلك أنه بتاريخ الواقعة 2005.4.14 عقب خروجه من الحمام شاهد السائق…. المتهم الثاني يقوم بتعبئة وقود الديزل من المنصة رقم 8 دون أن يكون له إشعار إذن بالتعبئة فلما اعترض على ذلك قال له ” خذ كازيك واسكت ” فلما رفض هدده بالقتل ن، الأمر الذي جعله يخاف منه خشية على نفسه، وبعد أن أتم تعبئة الديزل تراجع للخلف ليشحن طلبيته الأصلية من وقود البنزين بكمية قدرها ثلاثون ألف لتر وفقاً للإشعار، وفي يوم 2005.4.15 وعندما كانت ثلاث منصات الوقود تعمل عداد رقم 9 حيث دخلت شاحنة السائق المتهم الثاني التي كان يقودها مساعدة المتهم الثالث في حين بقى السائق في البوابة وطلب منه المساعد أن يعبئ له إلا أن المشغل كان مشغولاً في منصته طالباً منه أن يأتي للمنصة رقم 8 ويلتزم دوره إلا أن المساعد المذكور بقى فترة عند المنصة رقم 9 ثم توجه إلى المنصة رقم 8 ليأخذ طلبيته من الديزل ذلك اليوم، وقد ذكر المدعو النعاس أن يوم 2005.4.14 حين شاهد الشاحنة التي يقودها المتهم الثاني قد ملأت حملتها نمن مادة الديزل تقدم نحوها ليحكم الأقفال  إلا أن السائق ومساعده أخبراه بأن شحنتها خليط ( ديزل وبنزين )، وما يعزز أدلة الاتهام حيال المتهمين الأول والثاني عند سماع شهادة المدعو…. رئيس قسم الإطفاء ومنع الخسائر بالشركة أفاد بأنه عند اكتشافه العجز في مبيعات يومي الخميس والجمعة بكمية قدرها عشرون ألف لتر من وقود الديزل من قبل منسق المستودعات الذي طلب منه مراجعة ما حدث خلال هذين اليومين تبين لهم عندما تم استرجاع ما تم تسجيله بواسطة عدسات آلات التصوير الموزعة على كافة أرجاء المستودع رقم 11 تبين أنه بتاريخ 2005.4.14 دخلت شاحنة تابعة للشركة تحمل رقم 70114 لغرض شحن طلبيتها من وقود البنزين بما مقداره ثلاثون ألف لتر إلا أن هذه الشاحنة توقفت بداية أمام وحدة تعبئة الديزل مدة ستة دقائق، وقد تعرف الموجودون المتابعون للتسجيل على سائقها حيث أكد أن الشاحنة التي شاهدها في الشريط هي مسلمة للمتهم الثاني وهي مميزة بنوعها حيث كانت نوع رينو، وهي الشاحنة الوحيدة الموجودة يوم الخميس 2005.4.14 حيث توقف بها وفقاً لما هو ثابت بالشريط أمام وحدة تعبئة الديزل لمدة سبع دقائق ثم تراجع لشحن طلبيته من البنزين، وقد أفاد منسق المستودع بأنه يوم السبت عند مراجعة أعمال المستودع اليومية وحركة مبيعاته تم إبلاغه من قبل مشرف وحدة الأرصدة بوجود عجز يقدر بعشرين ألف لتر من الديزل يومي الخميس والجمعة 14 – 2005.4.15 الأمر الذي دفعه إلى مراجعة شريط منع الخسائر للإطلاع على ما سجلته العدسات الموزعة بالمستودع، وعند عرض الشريط تبين صحة ذلك، وكذلك بسماع شهادة إبراهيم أحمد النعاس أمام النيابة العامة حيث أفاد أنه بوصفه محكم خزانات الوقود ( الكرشام ) تقدم لأقفال خزان شاحنة المتهم الثاني حسين سحوب بعد أن كان أمام منصة الديزل يوم الخميس أخبره مساعد السائق المتهم الثالث بأن حمولة الشاحنة خليط فانتظر حتى حملت الشاحنة طلبية البنزين، وبعد أن امتلأت اعتلى خزانها لإقفاله فشاهد أقسام الخزان الثلاثة حيث كان الأول والثالث بنزين في حين كان الأوسط وقود ديزل، وكما يدل على صحة الاتهام كذلك ما تم إرفاقه من قبل مشرف وحدة الأرصدة تقريراً به تقدير قيمة العجز في وقود الديزل حيث  قدرت قيمته بمبلغ ألف وثلاثة مائة وتسعة وثلاثين ديناراً، ولما كانت الواقعة على النحو الوارد بيانه وأدلة الإثبات حيال المتهمين من توافر جريمة الاختلاس في حق المتهم الأول وكذلك تهمة إساءة سلطات وظيفته لنفع الغير ن، ذلك أن نص المادة 27/1 من قانون الجرائم الاقتصادية يعاقب كل موظف عام اختلس أموالاً عامة مسلمة إليه بحكم وظيفته، وحيث أن المتهم الأول موظف عام وهو كل من انيطت به مهمة عامة في الشركات أو المنشآت فينطبق عليه نص الموظف العام وهو ما يسمى ركن الصفة الذي يكون متوافراً في حقه، أما بشأن محل الجريمة فقد اشترط المشرع أن يكون محل الجريمة مالاً عاماً ويقصد به المال المملوك أو الخاضع لإدارة أو إشراف الجهات المذكورة.. وأن يكون مسلماً إليه بحكم وظيفته على سبيل العهدة في الإدارة التي يتبعها، وحيث أن المتهم الأول مسلم له المال بحكم وظيفته فإنه يكون مسئولاً عنه، أما بشأن الركن المادي لجريمة الاختلاس وهو أن يظهر المتهم على هذا المال بمظهر المالك أو أن يملكه لغيره أو التصرف فيه بأي نوع من التصرفات على اعتبار أنه مملوك له، وبالتالي فإن عنصر الركن المادي المكون لجريمة الاختلاس يكون متوافراً في حق المتهم الأول، أما بشأن الركن المعنوي للجريمة حيث اشترط المشرع ركن العلم في جريمة الاختلاس وكذلك الإرادة فيها وهو ما يسمى بالقصد الجنائي العام وهو علم الموظف بأن المال مسلم له بحكم وظيفته، وبالتالي فإن جميع أركان تهمة الاختلاس تكون متوافرة في حقه، وتظهر بالتالي تهمة الإساءة في استعمال سلطات وظيفته متوافرة ضمناً في حقه الأمر الذي بجعل التهمتين قائمتين نفي  حقه، أما بشأن الاتهام المسند إلى المتهمين الثاني والثالث المتعلق بالاستيلاء على مال عام دون وجه حق فقد تبين أن المادة 28/1 نصت على معاقبة كل موظف يستولى بدون حق على مال عام وعند البحث نجد انطباق هذا النص عليهما لكونهما موظفين عامين تابعين لشركة البريقة لتسويق النفط ومن ثم فإن صفة الفاعل متوافرة في حقهما، وكذلك صفة المال محل الجريمة.. وكذلك الركن المادي والمعنوي… باعتبارهما قد حازا مادة الديزل خلافاً للقانون دون إشعار إذن التعبئة قصد التصرف فيه والحصول على نفع غير مشروع.. أما عن تهمة التهديد المنسوبة إلى المتهم الثاني فإن المحكمة ترى ثبوتها في حقه من خلال أقوال المجني عليه محمود عبد السلام جربوع من أن المتهم الثاني قد ذكر له عبارة ” حتى لو حكم عليا صيوري نطلع ونقتلك ” وهو ثابت بالمحضر المفتوح بمركز شرطة الحرشة، وأن المحكمة تطمئن إلى أقوال المجني عليه وتأخذ بها دليلاً جازماً في الدعوى بثبوت تهمة التهديد المنسوبة إليه.. وحيث أنه كذلك فإن المحكمة ترى ثبوت جميع التهم المسندة للمتهمين جميعاً طبقاً للأسباب سالفة البيان، وترى ما جاء في أسباب هذه الحكم رداً كافياً لما أثاره محامي المتهمين من دفوع شكلية وموضوعية، ونظراً لظروف المتهم الأول باعتباره شاباً في مقتبل العمر وأنه يعول أسرة… وأنه قد وقع تحت طائلة التهديد من قبل المتهم الثاني من كل ذلك رأت المحكمة إعمال نص المادة 29/1 عقوبات.. وحيث أن التهمتين الأولى والثانية مرتبطان ارتباطاً لا يقبل التجزئة وناشئة عن فعل واحد طبقاً لنص المادة 76/1 عقوبات.. ” 

وحيث أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 27 من القانون رقم 2/1979 بشأن الجرائم الاقتصادية المدان بموجبها الطاعن الأول تقتضي لقيامها تصرف الجاني في المال المسلم إليه بحكم وظيفته معتبراً أنه مملوك له، بالاختلاس يتكون من ركن مادي هو التصرف في المال بعمل إيجابي منه، وركن معنوي هو أن يضيف المختلس الشيء الذي بعهدته إلى ملكه ويتصرف فيه بنية تملكه أو تمليكه لغيره، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف من أن الطاعن الأول قام بتمكين المتهم الثاني من تعبئة الوقود بنفسه خوفاً منه بسبب تهديده له بالعبارة التي ذكرها، فإن ذلك لا ينهض لقيام الركن المادي في حقه الذي يجعله مساهماً في ارتكاب جريمة اختلاس كمية الوقود بصفته فاعلاً مع غيره أو بصفته شريكاً في ارتكابها بأي صورة من صور الاشتراك في الجريمة، وذلك لعدم قيامه بأي نشاط إيجابي في هذا الشأن بنية الاختلاس، وإن عد مهملاً في أداء واجبه لعدم الإبلاغ عن هذه الواقعة بافتراض صحة وقوعها، ومن ثم فإن ما أورده الحكم في هذا المقام ليس سوى ترديد لأركان جريمة الاختلاس كما وردت في القانون دون التدليل على صحة قيامها في حق الطاعن الأول الأمر الذي يجعل نعيه في محله و يتعين تبعاً لذلك نقض الحكم بالنسبة له. 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لصحة الحكم بالإدانة أن يكون مستوفياً الأسباب التي اعتمد عليها نفي ذلك بأن يشتمل على ما يفيد أن المحكمة قد محصت أدلة الدعوى والدفوع الجوهرية المثارة بشأنها، وكل ما يفيد إلمامها بظروف الواقعة وعناصرها دون أي لبس أو غموض، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعنين الثاني والثالث دون أن يحدد في أسبابه الأسانيد التي تقطع بأنهما قد اختلسا كمية من وقود الديزل بتاريخ 2005.5.15 طالما كان يبين مما أثبته الحكم أن الطاعن الثاني كان مكلفاً في ذلك اليوم باستلام كمية من هذا الوقود، وأن الثالث مساعد للسائق وليس من شأنه استلام الوقود وما أوردته المحكمة في ختام أسبابها لا يعدو كونه إثارة منها إلى الأسباب التي رأت أنها تحمل قضاءها أخذاً من شهادة الشهود وما حمله الشريط المعد من قبل الشركة وتم الإطلاع عليه من مستخدميها وخلاصة أقوالهم في هذا الشأن وهو بهذه الصورة لا يصلح للرد على الدفوع المثارة من الطاعنين المذكورين بشأن التناقض حيال تحديد الشاحنة التي سحبت وقود الديزل المختلس وما إذا كانت على سبيل القطع هي التي يقودها الطاعن الثاني ومساعده الطاعن الثالث أم غيرها من الشاحنات التي تتردد على خط ومكان تعبئة الوقود لعدم وضوح أرقام الشاحنة الظاهرة في الشريط الذي تمسك الدفاع بعدم صلاحيته كدليل لعدم إطلاع النيابة عليه ودون تفريغه من جهة محايدة ذات خبرة، وتقديم نتيجة ذلك مكتوبة إلى المحكمة، الأمر الذي يجعل نعي الطاعنين على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب وإخلاله بحق الدفاع لعدم رد المحكمة مصدرته على دفوعهما المثارة في هذا الشأن نعياً في محله مما يوجب نقضه فيما قضى به من إدانتهما عما نسب إليهما بما في ذلك تهمة التهديد المنسوب للطاعن الثاني لانسحاب سبب النقض على جميع التهم المدان بها الطاعنان. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعون شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف الزاوية دائرة الجنايات لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.