أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 1091-52 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1091-52 ق

خلاصة المبدأ

  1. الجنايات التي من اختصاص محكمة الشعب، تختص بنظرها محكمة الجنايات المختصة أو التخصصية ولو كانت منظورة أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة الشعب – أساس ذلك.
  2. تفويض مكتب الادعاء الشعبي حق استئناف حكم الدائرة الابتدائية بمحكمة الشعب القاضي باعتبار الواقعة جنحة- إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بعد إلغاء محكمة الشعب أثناء نظر استئناف المتهم – النعي على حكم محكمة الجنايات بأن الواقعة تعد جناية وليست جنحة – غير جائز- سبب ذلك.

3/ محكمة الشعب – إلغاؤها بالقانون رقم 7 لسنة 1373 و.ر – أثر ذلك.

الحكم

الوقائع

اتهم مكتب الادعاء الشعبي المطعون ضده ( متهم أول ) وآخرين، بأنهم بتاريخ 1995.12.23 وما قبله، بدائرة مكتب الادعاء الشعبي : 

  • الأول وحده ( المطعون ضده ) بوصفه موظفا عاما، رئيس مكتب الادعاء الشعبي سابقا : اختلس أموالا عامة، وذلك بأن قام بإحالة مبلغ مالي قدره (2،278،794،870 د.ل ) مليونان ومائتان وثمانية وسبعون الفا وسبعمائة وأربعة وتسعون دينارا، وثمانمائة وسبعون درهما من حسابي مكتب الادعاء الشعبي رقمي 3933 و 4071 مصرف  الصحاري ، الفرع الرئيسي، لحساب فريق دراسات وابحاث موسوعة الكتاب الأخضر رقم 7150 مصرف الصحاري، الفرع الرئيسي، وقام بسحبها والاستيلاء عليها، وعلى النحو الثابت تفصيلا بالأوراق. 
  • المتهمون الثاني والثالث والرابع وحدهم :.………. وقدمهم الى محكمة الشعب  دائرة التطهير الثالثة، طالبا عقابهم بموجب المواد 1، 2، 3 و27/1 و 35 من القانون رقم 2 لسنة 1979 ف بشأن الجرائم الاقتصادية والمادتين 100 ثانيا وثالثا و 100 من قانون العقوبات، فأصدرت المحكمة المذكورة بتاريخ 2004.04.27 ف حكما فى الدعوى  قضي ( حضوريا أولا : ببراءة المتهمين الثاني والثالث والرابع مما أسند إليهم، ثانيا : تعديل القيد والوصف للمتهم الأول إلى الفقرة الثانية من المادة 28 من القانون رقم 2 لسنة 1979 ف وإدانته ومعاقبته بالحبس سنة واحدة، وإلزامه برد مليونين  ومائتين وثمانية وسبعين ألفا وسبعمائة وأربعة  وتسعين ديناراً وثمانمائة وسبعين درهما، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة خمس سنوات تلحق صيرورة هذا الحكم  نهائيا، وبلا مصاريف )  فاستأنف المحكوم  عليه هذا الحكم، وأثناء نظر الاستئناف أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة الشعب  صدر القانون رقم 7 لسنة 1373 و.ر بشأن إلغاء محكمة الشعب، فأحيلت الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس التخصصية / دائرة الجنايات التى قضت ( حضوريا بسقوط الجريمة بمضي المدة ) 

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.05.09 ف، وبتاريخ 2005.05.28 ف قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن فيه بطريق النقض، لدى قلم كتاب المحكمة التى أصدرته، وبتاريخ 2005.06.06 أودع مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن، وأدلت نيابة النقض بمذكرة خلصت فيها الى الرأي بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة، ثم حدد لنظر الطعن جلسة 2006.03.14 ف وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حجزت للحكم فيها بجلسة 2006.04.26 ف، ثم من أجل النطق بالحكم  لجلسة اليوم.

الأسباب 

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلا. 

وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره، وقصور التسبيب، وترى ذلك فى أن المحكمة المطعون فى حكمها لم تحاكم المطعون ضده عن جريمة اختلاس المال العام بموجب المادة (27) من القانون رقم 2 لسنة 1979 ف بشأن الجرائم الاقتصادية، كما ورد بقرار الاتهام، وذلك طبقاً للمادة 4/2 من القانون رقم 7 لسنة 1373 و.ر بشأن إلغاء محكمة الشعب الذي يوجب عليها ذلك، مع مراعاة حكم المادة (379 ) إجراءات جنائية، من وجوب عدم إضرار المستأنف باستئنافه، وهو ما لا يتعارض  مع إعادة  المحاكمة عن الواقعة بوصف الجناية الوارد بقرار الاتهام مع التزام المحكمة بعدم الإضرار بالمتهم المستأنف وحده، وذلك يتحقق بعدم الحكم عليه بعقوبة أشد من المقضي بها عليه، وأن الحكم المطعون فيه لم يبين الوصف القانوني الذي أسبغته  المحكمة على الواقعة، ولا مادة التجريم والعقاب، مع إنه أورد فى ديباجته أن مكتب الادعاء قدم  المتهم وطلب معاقبته بالمادة 27 من القانون رقم 2 لسنة 1974 ف بشأن الجرائم الاقتصادية وهى من جرائم الجنايات، وكل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه مع الإعادة. 

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين  التهمة كما وردت فى قرار الاتهام المقدم من مكتب الادعاء شعبي، ثم استعرض إجراءات نظر الدعوى أمام الدائرة الابتدائية بمحكمة الشعب، وأورد ما انتهى إليه قضاء الدائرة المذكورة من تعديل قيد ووصف الواقعة، بتطبيق المادة (28/2 ) من القانون رقم 2 لسنة 1979 بشأن الجرائم الاقتصادية عليها، ثم بين إجراءات إحالة الدعوى من قبل النائب العام الى المحكمة المطعون فى حكمها، استناداً إلى المادة 4/2 من القانون رقم 7 لسنة 1373 و.ر بشأن إلغاء محكمة الشعب ومكتب الادعاء الشعبي، كما بين إجراءات نظر الدعوى أمامها، موردا طلب النيابة العامة تطبيق مواد الاتهام، وإنكار المطعون ضده لما نسب إليه، ومرافعة محاميه، وما تضمنته من الدفع بمشروعية الصرف، وبسقوط الدعوى العمومية بالتقادم، ثم حصل الواقعة فقال : ( وبما أن الواقعة   تخلص من أوراقها إنه بتاريخ الواقعة سالف الذكر أحيل لمكتب الادعاء سابقاً صورة من التحقيقات التى أجرتها الرقابة الشعبية حول قيام المدعو….، رئيس مكتب الادعاء سابقاً، لارتكابه جريمتي الإهمال والتقصير فى حفظ وصيانة المال العام حسب تكييف الرقابة الشعبية، وذلك أنه قام بصرف  ملونين ومائتين وسبعين الفا وسبعمائة وأربعة وتسعين دينار وثمانمائة وسبعين درهما  خلال الفترة من سنة 1988 م وحتى نهاية سنة 1995، والتي  تخص ميزانية مكتب الادعاء، وقد أدعي المذكور أعلاه أنه صرفها لصالح فريق دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، وباستدعاء المذكور أعلاه وأخذ أقواله من قبل محقق مكتب الادعاء الشعبي سابقاً  أفاد المذكور أعلاه أنه استاذ جامعي  بكلية القانون بطرابلس، وأنه شغل وظيفة رئيس مكتب الادعاء الشعبي منذ شهر 6 سنة 1988 م حتى نهاية شهر الربيع سنة 1996 م، وأنه قام بصرف مبالغ مالية لفريق دراسات وأبحاث موسومة الكتاب الأخضر، المأذون له إدارتها ثوريا، وأنه قام بصرف وإحالة مبالغ مالية من ميزانية  مكتب الادعاء الشعبي لصالح الفريق المذكور، وذلك ما قيمته مليونان ومائتان وثمانية وسبعون ألف وسبعمائة وأربعة وتسعون ديناراً وثمانية وسبعون درهما، وذلك منذ بداية اختياره رئيسا للمكتب المذكور، حتى نهاية شهر 3 سنة 1996 م، وذكر عدم وجود علاقة بين ميزانية مكتب الادعاء الشعبي وفريق دراسات وأبحاث موسوعة الكتاب الأخضر، ولحاجة الفريق المذكور وتدبير الصرف، ألحقه بمكتب الادعاء الشعبي، وأنه حاول الصرف من الميزانية العامة، والحاق ذلك بميزانية المكتب إلا أنه لم يتحصل إلا على تفويض مالي  يتيم قدره  215.000.000 مائتان وخمسة عشر ألفا، وإن الصرف للمبلغ المذكور بناء على مخطط الموسوعة، وهو مخطط طويل المدى، وتم صرف جزء منها على عمل سياسي يتعلق بقضية لوكربي، وذلك أنه قام بتنفيذ إجراءات الصرف بصفته رئيس مكتب الادعاء الشعبي  ورئيسا لفريق دراسات وأبحاث موسومة  الكتاب الأخضر، وقد تم ذلك بموجب صكوك صادرة من حساب المكتب المذكور لصالح الفريق المذكور، وقام بتوقيع تلك الصكوك، وأفاد إن الإجراءات التى تم تحصيلها من الموسومة ثم صرفها فى طباعة الكتب وتوزيعها، وأن جميع المستندات المتعلقة بالصرف تم اتلافها من قبل غفير سوداني يدعي الفاتح، بأن قام  بحرق جزء منها، وفرم الجزء الآخر، والقي الجزء المتبقي فى الشارع، وأنه لم يبلغ الجهات المختصة، حتى لا يقال بأن الحادث مفتعل، وهذا مجمل ما أدلي به ) ثم ساق الحكم فى تأسس قضائه قوله :- ( وحيث إنه بإطلاع المحكمة على كافة مستندات الدعوى، وعلى جملة ما دفع به دفاع المتهم، ودون التطرق إلى موضوع الدعوى من حيث ثبوت ما هو منسوب الى المتهم من عدمه، فإن المحكمة بتمحيصها  لما حوته مستندات الدعوى، فإنه عملا بحكم نص المادة التاسعة عشر مكرر، الصادرة وفقا للقانون رقم 7 لسنة 1997 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 5 لسنة 1988، بشأن إنشاء محكمة الشعب، وقد قضت بالآتي : ( لا تسقط الجريمة التى تختص بنظرها محكمة الشعب بمضي المدة )  وقد صدر هذا القانون بتاريخ 1997.12.29 ونص على العمل به من تاريخ  نشره في  الجريدة الرسمية، وبإطلاع المحكمة على مستندات الدعوى، تأكد لها جليا، بما لا  يدع مجالا للشك، أن الوقائع المنسوبة للمتهم حصلت قبل صدور هذا القانون، وحيث أن الواقعة المسندة الى المتهم قد وقعت قبل سنة 1996 م، وهو تاريخ انتهاء مهامه كرئيس لمكتب الادعاء الشعبي، وبالتالي فإن هذه الوقائع يسري عليها نص المادة (107 ) عقوبات، والتي تنص على سقوط الجنح بمضي ثلاث سنوات، ولما كان ذلك، وبما أن النعي المذكور من القواعد العامة التى يجوز للمحكمة أن تتصدى له ولو من تلقاء نفسها، ولأي طرف آخر له مصلحة فى الدعوى، وبالتالي فإن المحكمة رأت انطباق هذا النص على واقعة الحال، وعدم انطباق نص المادة 19 مكرر من القانون 7 لسنة 1997 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 5 لسنة 1988م بشأن إنشاء  محكمة  الشعب ، لصدور ذلك القانون بعد حدوث الوقائع المسندة للمتهم، وبالتالي فإن القانون الأصلح للمتهم هو قانون العقوبات و التي يتعين على المحكمة القضاء به دون غيره، وحيث إنه وفقا لمبادئ المحكمة العليا المتعددة، و التي منها الطعن الجنائي رقم 68/25 ق، جلسة 1981.3.10 م ومجمل ما فى الطعن المذكور أن جريمة الجنح تسقط بمضي ثلاث سنوات إذا لم يتخذ فيها أي إجراء قاطع للتقادم، وللمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها، ولما كانت الواقعة المسندة الى المتهم تشكل جريمة جنحة، وأن هذه المحكمة مقيدة بما أحيل إليها مع مراعاة نص المادة 379 إجراءات جنائية. )

وحيث إنه خلافا لما هو قائم فى التنظيم القضائي العام، من أن مبدأ التقاضي على درجتين، يقتصر فى المواد الجنائية على الجنح والمخالفات، دون الجنايات، التى تنظر فى درجة قضائية واحدة، هي محكمة الجنايات، فإن مبدأ التقاضي على درجتين فى التنظيم القضائي لمحكمة الشعب الوارد بالقانون رقم 5 لسنة 1988 ف بشأن إنشاء محكمة الشعب، يشمل الدعاوى الناشئة عن الجرائم الداخلة فى اختصاص المحكمة المذكورة، بجميع  أنواعها، بما فيها الجنايات، فتنظر هذه الدعاوى فى درجة أولي، أمام الدوائر الابتدائية للمحكمة، ثم تنظر الدوائر الاستئنافية بالمحكمة في قضايا استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية، باعتبارها  درجة قضائية ثابتة. 

وحيث إن مكتب الادعاء الشعبي يقوم فى التنظيم القضائي لمحكمة الشعب بالتحقيق فى الوقائع التى تدخل فى اختصاص المحكمة المذكورة، كما يتولى إحالة الدعوى ومباشرتها أمامها، وتنفيذ الأحكام الصادرة منها والطعن فيها، وله فى ذلك كافة الاختصاصات والصلاحيات المقررة قانونا لقاضي التحقيق والنيابة العامة وغرفة الاتهام، في التنظيم القضائي الجنائي العام. 

وحيث إن المشرع وقد نص فى المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 1373 و.ر بشأن إلغاء محكمة الشعب، على إحالة الوقائع والدعاوى المنظورة أمام كل من محكمة الشعب ومكتب الادعاء الشعبي الى المحكمة أو النيابة العامة المختصة أو التخصصية، بالحالة التى هي عليها عند العمل بالقانون المذكور، إنما أراد أن تعرض هذه الوقائع والدعاوى على نظيرتها فى التنظيم القضائي العام – كما هي عليه – ولم يرتب على إلغاء محكمة الشعب ومكتب الادعاء الشعبي إهدار إجراءات التحقيق أو الإحالة أو المحاكمة التى تمت فى الدعاوى أو نقض الأحكام الصادرة فيها، بما يؤدى الى العودة الى تلك المراحل أمام جهات القضاء العادي، بعد أن تجاوزتها بإجراءات سليمة، فى ظل قانون نافذ  وقت حصولها، ومؤدى ذلك، أن الإحالة المنصوص عليها فى المادة المذكورة هي إحالة إدارية، تقوم بها النيابة العامة، بحكم دورها  فى التنظيم القضائي الجنائي العام، واختصاصها فيه، دون غيرها، بمباشرة  الدعوى الجنائية، وما يوجبه عليها من إرسال أوراق القضايا الى المحكمة العادية التى آل إليها الاختصاص بنظرها، وإعلان الخصوم للحضور أمامها ، وأن ما ورد فى النعى المذكور من أن الدعاوى الجنائية المنظورة أمام الدوائر الاستئنافية بمحكمة الشعب تحال الى دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة إذا كانت الواقعة جنحة أو مخالفة،  أما إذا  كانت الواقعة جناية، فيتولى النائب العام إحالتها الى محكمة الجنايات المختصة أو التخصصية، لإعادة محاكمة المتهم طبقاً لقرار الاتهام، مع مراعاة المادة (379 ) من قانون الإجراءات الجنائية، لا يخرج عن ذلك، لأن مقصود الشارع من إعادة المحاكمة قد تعلق بخطابه لمحكمة الجنايات، وهى ليست درجة ثابتة فى التنظيم القضائي الجنائي العام، بأن تنظر فى استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية لمحكمة الشعب فى الجنايات، وأن تراعى فى ذلك القواعد المقررة للفصل فى الاستئناف ، طبقاً للمادة (379) المشار إليها، وكانت هذه القواعد تقضي بعدم الإساءة الى مركز المتهم إذا كان الاستئناف مرفوعا منه وحده، أما إذا كان الاستئناف مرفوعا من سلطة الاتهام ( مكتب الادعاء  الشعبي أو النيابة العامة ) فإن المحكمة تنبسط سلطتها على الدعوى برمتها، فى حدود ما تناوله تقرير الاستئناف، وتعاد محاكمة المتهم وفقا لقرار الاتهام، ولا تتقيد المحكمة عند فصلها فى الدعوى بطلبات سلطة الاتهام، ولا بالأساس الذى قام عليه استئنافها. 

لما كان ذلك، وكان تفويت مكتب الادعاء الشعبي على نفسه، كسلطة اتهام، حق استئناف حكم الدائرة الابتدائية لمحكمة الشعب، الذى أضفي على واقعة الدعوى وصف الجنحة، بعدم استئنافه، يجعل  هذا الحكم حائزاً لحجية الأمر المقضي، فينغلق أمام مكتب الادعاء  الشعبي باب الطعن بطريق النقض فى الحكم الذى يصدر فى استئناف المتهم، مؤيداً للحكم المستأنف، حيث يصدق القول بأن الحكمين قد اندمجا وكونا قضاءاً واحداً، ومن ثم لا يقبل من النيابة العامة التى آلت إليه اختصاصات مكتب الادعاء الشعبي أن تعيب عليه فى طعنها بطريق النقض بما يمس ما اكتسبه من حجية ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد صدر من محكمة الجنايات، التى صار إليها الاختصاص قانوناً بالفصل فى قضايا استئناف الأحكام الصادرة من الدوائر الابتدائية لمحكمة الشعب، فى مواد الجنايات، وكان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده، دون مكتب الادعاء الشعبي، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف فيما جري به قضاؤه من إضفاء  وصف الجنحة على واقعة الدعوى، مما يصح معه القول باندماج الحكمين ، فى هذا الصدد وتكوينهما قضاءا واحدا، فإنه لا يجوز للنيابة العامة، وقد انغلق أمامها باب الطعن فيه بالاستئناف، أن تعيب عليه فى طعنها بطريق النقض، بما ينال من حجيته، التى تعلقت بها مصلحة المتهم المستأنف وحده، أو يؤدى الى المساس بهذه المصلحة، مما يجعل نعيها على الحكم المطعون فيه فى شأن عدم إعادة محاكمة المطعون ضده عن الواقعة بوصف الجناية غير مقبول. 

لما كان ذلك، وكان القانون لا يوجب على المحكمة أن تشير فى حكمها إلا الى مادة القانون التى قضت بموجبها بعقاب المتهم، وكان الحكم المطعون فيه، قد قضى بسقوط الجريمة بمضي المدة، ولم ينزل بالمطعون ضده أي عقوبة، فلا يعاب عليه عدم بيان مادة التجريم والعقاب ، وفضلا عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه قد أشار الى نص المادة (107 ) من قانون العقوبات ، التى استند إليها فى قضاءه بسقوط الجريمة بمضي المدة، مما يكون معه النعي على الحكم من هذا الجانب في غير محله. 

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى ديباجته بيان التهمة، كما وردت فى قرار الاتهام، ثم أورد في أسبابه الوصف القانوني للتهمة التي أسبغته الدائرة الابتدائية بمحكمة الشعب على الواقعة المدان بها المطعون ضده، وأنها تشكل الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة (28) من القانون رقم 2 لسنة 1979 ف بشأن الجرائم الاقتصادية، و التي لا تجادل النيابة  العامة الطاعنة فى إنها جنحة، وقد اتبع الحكم ذلك بتطبيقه أحكام تقادم الجنح على جريمة، وهو ما يكفي لحمل قضائه، وبيان الواقعة، مما يكون معه نعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه من هذا الجانب في غير محله. 

ومتى كان ذلك، تعين رفض الطعن. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه.