أدوات الوصول

Skip to main content

طعن أحوال شخصية رقم 46/ 52ق

نشر في

طعن أحوال شخصية رقم 46/ 52ق

خلاصة المبدأ

  1. وجوب بیان عناصر الضرر التي تدخل في تقدير التعويض – أساس ذلك.
  2. معيار تقدير أجرة الحضانة هو قدرة الملزم بها يسرا وعسرا وقت فرضها أساسه.
  3. وجوب تنحي القاضي عن نظر الدعوى إذا سبق له أن أصدر فيها ما يكشف عن رأيه في موضوعها، أساس ذلك.
  4. جواز تحمیل مصاريف الدعوى لأحد الخصمين أو لكليهما – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 92 لسنة 2003م أمام محكمة المدينة الجزئية على الطاعن قالت شرحاً لها: إنها زوجة للمدعى عليه، وأنجبت منه سنة أولاد ذكوراً وإناثاً، وأنه قد أساء إليها فيما بعد، وطردها من بيت الزوجية، وأهملها منذ شهر 9 لسنة 2002 مما اضطرها إلى رفع هذه الدعوى… وخلصت إلى طلب الحكم لها عليه بحسن معاشرتها، وبإلزامه بأن يدفع لها نفقة إهمالها من تاريخ الإهمال المشار إليه وحتى تاريخ رفع دعواها، وبأن يسلم لها مصوغاتها الذهبية، ومبلغ عشرين ألف دولار أمريكي مستحقات علاجها وأثناء نظر الدعوى

قدم المدعى عليه ” الطاعن ” صحيفة دعوى مقابلة ضمنها أنه زوج للمدعى عليها في هذه الدعوى، وله منها سنة أولاد، وقد أحسن إليها، وقام بشئونها خير قيام، إلا أنها أساءت إليه، وذلك بالخروج من بيت الزوجية بمحض إرادتها، ودون علمه ورضاه، وسافرت إلى تونس أثناء وجوده خارج الجماهيرية مما يعد خروجا منها عن طاعة زوجها، وخلص إلى طلب الحكم بتطليقها منه للضرر مع إسقاط كافة حقوقها المترتبة على ذلك من مؤخر صداق، ونفقة وحضانة، وسكن، وقضت المحكمة في الدعويين الأصلية والمقابلة بتطليق (…) من زوجها (…) طلقة واحدة بائنة للضرر مع إسقاط كافة حقوقها الشرعية الواردة بصحيفة دعواها الأصلية، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات….. فاستأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 32 لسنة 2004م أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المستأنفة من المستأنف عليه لاستحالة دوام العشرة بينهما مع إلزام المستأنف عليه باعتباره طالباً للتفريق بأن يدفع للمستأنفة نفقة إهمالها عن كامل الفترة من شهر 9 لسنة 2002 م إلى 2005.2.23م بواقع أربعين ديناراً شهرياً، ومبلغ مائة وخمسين ديناراً نفقة عدة، ومائتي دينار متعة طلاق، وألف دينار تعويضا لها عما لحقها من ضرر مادي ومعنوي جراء الطلاق ومبلغ خمسة عشر ديناراً شهرياً أجرة حضانة تبدأ من تاريخ 2005/2/23م، وبأن يوفر لها سكناً مناسباً للحضانة، وبإلزامه بأن يدفع لها مؤخر صداقها المدون في عقد زواجهما.

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005/2/23م وأعلن في 2005/3/27م وبتاريخ 2005/4/26م قرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية الطعن فيه بطريق النقض نيابة عن الطاعن بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، وسند الإنابة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه مع ورقة إعلانه، وصورة أخرى من الحكم المستأنف وبتاريخ 2005/5/11م أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدها بتاريخ 2005/5/1م. وبتاريخ 2005/6/5م أودعت محامية المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة بسند وكالتها، وحافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها، انتهت فيها إلى الرأي بعدم جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بالنسبة لأسباب الفرقة الزوجية، وما ترتب عنها، وبقبول الطعن شكلاً فيما عدا ذلك، ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به بالنسبة للتعويض، وأجرة الحضانة مع الإعادة، وبالجلسة أصرت على رأيها فيما يتعلق بأجرة الحضانة، وعدلت عنه بالنسبة للتعويض حيث أبدت الرأي برفض الطعن بشأنه.

الأسباب

حيث إن نيابة النقض أسست رأيها بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من تطليق المطعون ضدها من الطاعن لاستحالة دوم العشرة بدلا من تطليقها منه للضرر على أن الفرقة بين الزوجين بجميع أنواعها وأسبابها لا يجوز للخصوم الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة بشأنها وحيث إن هذا الرأي سديد، ذلك أن المادة 337 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 1989 م حددت على سبيل الحصر المسائل التي يجوز للخصوم الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة فيها من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية، ولم يكن من بينها مسألة ما إذا كان الحكم صادراً في الفرقة الزوجية بجميع أسبابها وأنواعها.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة شمال طرابلس الابتدائية في قضية استئناف حكم من محكمة المدينة الجزئية وقضى بإلغاء الحكم المستأنف، وبتطليق المطعون ضدها من زوجها الطاعن لاستحالة دوام العشرة بدلا من تطليقها منه للضرر مع إسقاط حقوق الطاعن باعتباره طالب التفريق، وكان الطاعن يجادل في سبب التفريق بينه وبين زوجته المطعون ضدها الذي تأسس عليه الحكم المذكور فإن طعنه عليه بالنقض لا يكون جائزاً من هذا الجانب.

وحيث إنه فيما عدا ذلك، وقد استوفى الطعن أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخلطاً في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال من الوجوه الآتية: الوجه الأول / عدم صلاحية الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذ إن عضو اليسار بها سبق له أن حقق في الدعوى أمام محكمة أول درجة، وكان عليه أن يتنحى عن نظرها، ويمتنع عن سماعها في مرحلة الاستئناف.

الوجه الثاني / أنه قضى للمطعون ضدها بالتعويض عن الضررين المادي والمعنوي دون أن يبين حجمهما، ومكونات كل منهما وعناصرهما التي تدخل في حساب التعويض.

الوجه الثالث / أنه قضى للمطعون ضدها بأجرة حضانة بالمبلغ المحكوم به رغم أنها لا تحضن إلا بنتا واحدة، ولم يراع في تقديرها يسار الطاعن.

الوجه الرابع / أنه ألزم الطاعن بالمصروفات عن درجتي التقاضي رغم أن المطعون ضدها أخفقت في بعض الطلبات.

وحيث إن الوجه الأول من النعي في غير محله، ذلك أن المادة 160 من قانون الإجراءات الشرعية قد نصت في فقرتها الرابعة على أنه من الأسباب الموجبة لتنحي القاضي عن نظر الدعوى، وامتناعه عن سماعها (إذا كان قد أفتى، أو ترافع، أو أدى شهادة في الدعوى، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً في مراحل أخرى من الدعوى، أو كان فيها خيراً أو محكماً، أو محققاً.)، ومؤدى ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المقصود بسبق نظرها قاضياً أن يكون قد أصدر فيها حكماً، أو حكماً فرعياً قاطعاً في جزء من الحق المتنازع عليه، أو الحمد فيها إجراء، أو قراراً يشف عن إبداء رأيه، أو وجهة نظره فيها.

لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم محكمة أول درجة أن القاضي الذي أصدره لم يكن القاضي الذي كان عضو اليسار بالهيئة الاستئنافية مصدرة الحكم المطعون فيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أن عضو اليسار قد أصدر بمحكمة البداية حكماً فرعياً قاطعاً في جزء من الحق المتنازع عليه، أو اتخذ في الدعوى إجراء، أو قراراً يشف من إبداء رأيه، أو وجهة نظره فيها. فإنه من ثم يكون النعي في الوجه الأول قد جاء مرسلاً عارياً عن الدليل، ويتعين رفضه. وحيث إن النعي في الوجه الرابع مردود، ذلك أن المادة 182 من قانون الإجراءات الشرعية تنص على أنه: [ إذا أخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف، أو بتقسيم المصاريف بين الخصمين على حسب ما تقدره المحكمة في حكمها، كما يجوز لها أن تحكم بها جميعها على أحدهما… ومؤدى هذا النص أن تحميل أحد الخصمين بجميع المصاريف في حالة إخفاق كل منهما في بعض الطلبات أمر جـوازي متروك تقديره للمحكمة.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد ألزمت الطاعن بكامل المصروفات حسب الظروف التي قدرتها في الدعوى فإنها لا تكون قد جاوزت حدود الحق المخول لها قانوناً، ومن ثم فإن نعى الطاعن على حكمها لا يكون مقاماً على أساس من هذا الجانب متعين الرفض.

وحيث إن النعي في الوجه الثاني في غير محله ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا لحق بالمطلقة ضرر بسبب الطلاق، وطلبت التعويض عنه تعين على المحكمة قبل القضاء به أن تبين العناصر المكونة للضرر التي تدخل في حساب التعويض، لأن هذا التعيين هو المعيار في بيان مدى التناسب بين التعويض والضرر، وعلى ذلك فإذا ما قضى الحكم بتعويض عن ضرر وبين عناصره فإنه لا يكون قاصراً في التسبيب.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين عناصر الضرر، وأسس تقدير التعويض الذي قضى به للمطعون ضدها على ما انتهى إليه من أنه قد ترتب على طلاقها وقوع آلام وفقد للزوج الذي كانت تعيش في كنفه، وللحياة المستقرة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أوفى بما يفرضه القانون من تبرير لتقدير التعويض المقضى به على أسس سليمة، وعناصر واضحة وأسباب سائغة ولا ينال من سلامته ما ورد في أسبابه من تقريرات زائدة، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون على غير أساس.

وحيث إن النعي في الوجه الثالث صائب، ذلك أن المادة 69 من القانون رقم 10 لسنة 1984م بشأن الأحكام الخاصة بالزواج، والطلاق وآثارهما تنص على أنه: [ لا تستحق الأم أجراً على حضانة ولدها ما دامت في عصمة أبيه، فإذا انفصلت عنه، أو كانت الحاضنة غير الأم استحقت أجرة الحضانة، وتكون في مال المحضون إن كان له مال، وإلا وجبت على أبيه الموسر )، ومؤدي ذلك أن معيار تقدير أجرة الحضانة هو قدرة الملزم بها من يسر، وعسر وقت فرضها.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيـه أنـه أسس قضاءه بأجرة الحضانة على أنها قد طلبتها في صحيفة تعديل الطلبات دون أن يعنى بالبحث في قدرة الطاعن من عسر ويسر، فإنه من ثم يكون قاصراً في التسبيب متعين النقض من هذا الجانب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة للتفريق بين الطاعن وزوجته المطعون ضدها، وبقبول الطعن شكلاً فيما عدا ذلك، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به بالنسبة لأجرة الحضانة، وبإحالة القضية إلى محكمة شمال طرابلس الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، ويرفض الطعن فيما عدا ذلك، وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات المناسبة.