Skip to main content

طعن أحوال شخصية رقم 36/ 53 ق

نشر في

طعن أحوال شخصية رقم 36/ 53 ق

خلاصة المبدأ

  1. مفهوم عقد الصلح – أثره.
  2. لا يستقيم التعيب على الحكم بمطاعن لم تطرح على المحكمة المطعون في حكمها لتقول كلمتها فيها – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقامت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها ولية لأبنائها القصر الدعوى رقم 11 لسنة 2005 ف، أمام محكمة غريان الجزئية، قائلة في بيانها: إن المدعى عليه أوقع عليها الطلاق بإرادته المنفردة في القضية رقم 17 لسنة 1994 في أحوال شخصية غريان وفي القضية رقم 25 لسنة 1994 فـ تصالح الطرفان على أن يوفر المدعى عليه لها منزلا لائقا للسكن فيه وأن يدفع لها ستمائة دينار مقدار نفقة الإهمال المتراكمة عليه وقدرها ألف وثمانمائة دينار واستمرار النفقة لها ولأبنائها منه وعددهم تسعة أشخاص بمبلغ ثلاثمائة دينار شهريا بواقع ثلاثين دينارا لكل ابن، واتفقا على بحث موضوع مؤخر الصداق والتعويض عن الطلاق في وقت آخر، وقد اعتمدت المحكمة هذا الصلح وأعطته قوة السند الواجب النفاذ، وذيل بالصيغة التنفيذية، إلا أنه لم يلتزم بتنفيذ بنوده. وطلبت الحكم بإلزام المدعى عليه:

أولا: بتنفيذ الصلح المؤرخ في 1994.10.10 ف في القضية رقم 25 لسنة 1994 ف جزئي أحوال شخصية غريان.

ثانيا: إلزامه بدفع الصداق المؤجل المثبت بعقد الزواج وقدره نصف كيلو جرام من الذهب عينا أو قيمة وفق تسعيرة أمين السوق.

ثالثا: إلزامه بدفع عشرة آلاف دينار تعويضا عن الطلاق بالإرادة المنفردة. فقضت المحكمة

أولا: بإلزامه المدعى عليه بتنفيذ عقد الصلح بينه وبين المدعية بجلسة 1994.11.28، ولأجل ذلك وتنفيذا لبنود الصلح يلزم المدعى عليه بما يلي:

  1. توفير منزل لائق للسكن على النحو الوارد بالصلح.
  2. دفع مبلغ ستمائة دينار نفقة متراكمة عن شهري التمور والحرث لسنة 1994.
  3. دفع مبلغ ألف وثمانمائة دينار من 1993.7.1 ف وإلى نهاية شهر النوار 1994 ف وفقا للبند الثاني من الصلح.
  4. دفع النفقة المتبقية والمتأخرة بعد تاريخ 1994.3.01 وقدرها ألفا وستمائة دينار أو إبراء ذمته منها بتقديم مستندات دفعها عند التنفيذ.
  5. إلزام المدعى عليه بان يدفع للمدعية مؤخر صداقها المدون بوثيقة عقد النكاح وهو نصف كيلو جرام من الذهب عينا أو قيمة وقدرها ثمانية آلاف دينار.
  6. أن يدفع لها تعويضا قدره سبعمائة دينار عن طلاقه لها بإرادته المنفردة وفقا للبند الخامس من الصلح، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة غريان الابتدائية التى قضت بهيئة استثنافية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2006.4.25 ف، وأعلن في 2006.6.3 وفي 2006.7.3 ف قررت محامية الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددة الرسم ومودعة الكفالة والوكالة، ومذكرة أسباب الطعن ومذكرة شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الجزئي، وفي 2006.7.15 ف أودعت أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدها يوم 2006.7.11، وفي 2006.8.12 ف أودع محامى المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة بسند وكالته، دفع فيها بعدم جواز الطعن في مسألة التعويض عن الطلاق لأنه ليس من الحالات التي يجوز الطعن في الأحكام الابتدائية الصادرة في استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مسألة التعويض عن الطلاق.

وقدمت نيابة النقض مذكرة رأت فيها عدم جواز الطعن بالنسبة النفقة الزوجة والأبناء القصر أثناء قيام العلاقة الزوجية وبقبوله شكلا فيما عدا ذلك وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به بشأن إلزام الطاعن بتوفير سكن للحاضنة وبرفض هذا الطلب ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن ما دفع به محامى المطعون ضدها غير سديد ذلك أن البند 4 من المادة 337 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1989 ف يقضي بأنه يجوز للخصوم أن يطعنوا بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في الأحوال 1-2-3-4- إذا كان الحكم صادرا في المهر أو الجهاز أو في دعاوى التعويض التي تدخل في الاختصاص الاستثنائي للمحكمة الجزئية.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه صادرا من محكمة غريان الابتدائية في استئناف حكم صادر من محكمة غريان الجزئية وكان فيما قضى به تعويض المطعون ضدها عما لحقها من ضرر بسبب الطلاق فإن الطعن فيه يكون جائزا من هذا الجانب بما يتعين معه رفض هذا الدفع.

وحيث إن نيابة النقض أسست رأيها بعدم جواز الطعن على أن مسألة نفقة الزوجة والأبناء القصر أثناء قيام العلاقة الزوجية أو العدة ليست من المسائل التي يجوز الطعن في الأحكام الابتدائية الصادرة في قضايا استئناف المحاكم الجزئية في مسألة النفقة للزوجة والأبناء. وحيث إن هذا الرأي في محله، ذلك أن المادة 337 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1989 ف لا تجيز الطعن بالنقض في أحكام المحاكم الابتدائية الصادرة في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية إلا في حالات محددة على سبيل الحصر ليس من بينها الأحكام الصادرة في نفقة الزوجة والأقارب.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة غريان الابتدائية في قضية استئناف حكم صادر من محكمة غريان الجزئية وكان مما قضى به نفقة الزوجة والأبناء القصر أثناء قيام العلاقة الزوجية فإن الطعن فيه لا يكون جائزا من هذا الجانب.

وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد حاز أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من الوجوه الآتية:

  1. إن الحكم قضى بتأييد الحكم الجزئي في قضائه بتنفيذ الصلح الذي أعطي قوة السند التنفيادي وذيل بالصيغة التنفيذية، ومن ثم فلا يجوز للمطعون ضدها رفع دعوى للمطالبة بتنفيذه بل كان يتعين عليها تنفيذه مباشرة وفقا للمادة 369 من قانون المرافعات.
  2. إن الحكم خالف الثابت بالأوراق إذ قضى بإلزام الطاعن بأن يوفر لها منزلا مع أن الثابت بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 466 لسنة 1996 في محكمة شمال طرابلس الابتدائية أنه اشترى لها منزلا في شارع بن عاشور باسمها.
  3. إن الحكم أيد الحكم الجزئي في قضائه للمطعون ضدها بالتعويض عن الطلاق، ولم يبين الحكمان المطعون فيه والجزئي المحال عليه عناصر التعويض الواجب إيرادها في القضاء بالتعويض.

وحيث إن الوجه الأول مردود، ذلك أنه من المقرر أن الصلح في حقيقته عقد تستقر به المراكز القانونية لأطرافه ويمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تعديله طالما كان خاليا من عيوب الإرادة عند إبرامه، وهو عقد كسائر للعقود، ودور المحكمة فيه أنه تم أمامها وهو إثبات ما يتفق عليه الخصوم وإعطائه قوة السند الواجب النفاذ، فهو ليس حكما له قوة الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته أمام المحكمة بما يمتنع عليها أن تناقشه مرة أخرى، والمطعون ضدها في واقعة الحال لم تطلب من إقامتها لهذه الدعوى تعديل بنود الصلح بل هي مصرة على الالتزام بها، وأن ما دفعها لإقامة هذه الدعوى هو حمل الطاعن على تنفيذ بنوده، وليس الخروج عنه، ولا يوجد في القانون ما يمنع من رفع دعوى بإلزام الخصم بما تصالح عليه مع آخر.

لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم إنه تناول هذا الدفع ورد عليه بما مفاده أن الصلح الذي يتم أمام المحكمة هو بمثابة عقد له قوة السند الواجب النفاذ وليست له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته، إلا أنه لا يعتبر حكما في موضوع لأنه يصدر بناء على سلطة المحكمة الولائية وليس بناء على سلطتها القضائية، ومن ثم فإن ما أورده الحكم على النحو المتقدم يؤدى إلى ما انتهى إليه بأسباب سائغة لها معينها في أوراق الدعوى ويتعين رفض هذا الوجه.

وحيث إن النعي في وجهيه الثاني والثالث غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن الطعن بالنقض يعد تعييبا على الحكم المطعون فيه، وأنه لا يستقيم التعييب على الحكم بمطاعن لم تطرح على المحكمة المطعون في حكمها لتقول كلمتها فيها.

لما كان ذلك وكان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن آثار أي من النعيين بشأن تقدير التعويض وبإلزامه بتوفير سكن لائق للمطعون ضدها ولم يرفق صورة من مذكرة استئنافه الشفوي أو مذكرة دفاع حتى تتحقق المحكمة من أنه قد عرض ذلك على المحكمة المطعون في حكمها وأغفلتهما إيرادا وردا، ومن ثم فإنه يعتبر سببا جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة بما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

أولا: بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من تأييده للحكم الجزئي في قضائه بالنسبة لنفقة الزوجة والأبناء أثناء قيام العلاقة الزوجية.

ثانيا: بقبول الطعن شكلا فيما عدا ذلك وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن المصروفات.