أدوات الوصول

Skip to main content

الطعن الجنائي رقم 512/ 67 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 512
  • السنة القضائية: 67
  • تاريخ الجلسة: 2 مايو 2021

بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الأحد 2/ 5/ 2021 م، الموافق 22 رمضان 1442 ه، بمقر المحكمة العليا – طرابلس.

الحضور

 برئاسة المستشار:- د.المبروك عبدالله الفاخري وعضوية المستشارين: – نعيمة عر البلعزي،عمر عبد الخالق الزوي وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ: إبراهيم المهدي البيباص ومسجل المحكمة الأخ: سليم الهادي شقاقة

الملخص

أصدرت الحكم الآتي في الطعن الجنائي رقم 512/ 67 ق المقدم من:

  1. النيابة العامة 
  2. محامي أولياء الدم

ضد

(….)

عن الحكم الصادر من محكمة استئناف طرابلس – دائرة الجنايات – بتاريخ 2019/12/15 م في القضية رقم 2014/100 مركز شرطة أبو سليم 782/ 2017 استئناف طرابلس.

الوقائع

 اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم لأنهم بتاريخ2011/10/1 م وما قبله بدائرة مركز شرطة أبو سليم

  1. المتهمون من الثاني إلى السادس والثمانون: 

قتلوا عمدا المجني عليهم المبينة أسمائهم بالكشف المرفق وآخرين من المعتقلين بسجن أبو سليم سنة 1996 م وذلك بأن قاموا بإخراجهم من زنزانتهم إلى ساحة السجن واستعملوا أسلحة آلية في إطلاق الرصاص عليهم، وألقوا عليهم قنابل يدوية وأخذوا في ضرب رؤوس بعضهم بالحجارة فالحقوا بهم الإصابات التي أودت بحياتهم، وعلى النحو المبين بالأوراق.

  1. المتهم الأول وحده:

اشترك بطريق المساعدة في قتل نفس عمدا ؛ بأن ساعد على قتل المعتقلين بسجن أبو سليم سنة 1996 م بنقل بعض المجني عليهم إلى مكان إعدامهم، وعلى النحو المبين بالأوراق.

  1. المتهمون الثاني والرابع والسابع:

حجزوا إنسانا وحرموه من حريته الشخصية بالقوة؛ وذلك بأن حبسوا المجني عليهم المذكورين بالكشف المرفق، وآخرين بسجن أبو سليم المركزي بدون إذن من السلطات المختصة بذلك قانونا، حالة كون الفعل قد ارتكب من موظف عمومي متعديا حدود السلطات الخاصة بوظيفته، وعلى النحو المبين بالأوراق.

  1. المتهم السابع وحده:

بصفته موظفا عموميا معهود إليه بإدارة السجن، قبل فيه أشخاصا دون أمر السلطات المختصة، وذلك بأن قبل وجود المجني عليهم بسجن أبو سليم المركزي دون أوامر حبس من الجهات القضائية، ووفقا للثابت بالأوراق.

  1. المتهمون من الأول إلى السبعين:
  •  مثلوا بجثامين المجني عليهم المذكورين سلفا، وأتلفوها، وشتتوا رفاتها؛بأن قاموا برميها داخل حفرة، وسكبوا عليها مادة كيميائية، ثم استخرجوها وقاموا بتفتيتها، وإلقائها في البحر، وعلى النحو الثابت بالأوراق.
  • أخفوا جثث ورفات المجني عليهم المذكورين سلفا؛ بأن وضعوها بداخل الحفرة وأهالوا عليها التراب، ثم استخرجوها وفتتوها، وألقوها في البحر، وعلى النحو المبين بالأوراق.

 الأمر المنطبق عليه نصوص المواد 1/1، 2،7 من القانون رقم 6 لسنة 1423 م بشأن القصاص والدية، والمواد 1/296، 2 و434 و 293 و294 و 2/76 و 100و 101 و 105 من قانون العقوبات.وقدمتهم إلى غرفة الاتهام طالبة إحالتهم إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمتهم، ومعاقبتهم بمقتضى الوصف والقيد الواردين بقرار الاتهام.والغرفة قررت ذلك.ومحكمة استئناف طرابلس ” دائرة الجنايات” نظرت الدعوى، وقضت فيها للمتهمين الثالث والعشرين “…”، والتاسع والأربعين “…” والرابع والسبعين “…” والخامس والثمانين “…” بسقوط الجريمة المنسوبة إليهم لوفاتهم قبل الإدانة.وحكمت المحكمة غيابيا للمتهمين التاسع “…”، والتاسع والسبعين “…”، وحضوريا لباقي المتهمين بسقوط الجريمة المنسوبة إليهم بمضي المدة.والحكم في شقه الثاني هو المطعون فيه.

إجراءات الطعن

الإجراءات صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2019/12/15م، وبتاريخ 2019/12/17م قرر أحد أعضاء النيابة العامة بمكتب النائب العام الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرته، وبتاريخ 2020/2/13م وبالقلم ذاته أودعت النيابة العامة مذكرة 

بأسباب الطعن موقعة ممن أعدها.وبتاريخ 2020/2/5م قرر محامي أولياء الدم الطعن في الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرته، وبالتاريخ والمكان ذاتهما أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه.وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه:

أولا: إحالة ملف الطعن إلى دائرة فحص الطعون للتقرير بإحالته إلى الدائرة الجنائية المختصة.

ثانيا: عدم قبول الطعن المقدم من دفاع أولياء الدم شكلا لعدم الصفة، وإذا رأت المحكمة غير ذلك ففي الموضوع بنقضه مع الإعادة.

ثالثا: قبول الطعن المقدم من النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الدعوى إلى الدائرة المختصة.وحددت جلسة 2021/4/29 لنظر الدعوى، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم

2021/5/2م.

الأسباب

 حيث إنه عن شكل الطعن المقدم من المحامي يوسف محمد الحارس بوصفه وكيلا عن أولياء الدم، فإنه من المقرر قانونا وفقا لنص

المادة 381 إجراءات جنائية، أنه لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه، وكذلك المسئول عن الحقوق المدنية، والمدعي بها، فيما يختص بحقوقهم فقط، الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية.ومقتضى هذا النص، أن على محكمة النقض أن تتقيد بصفة الطاعن، فلا يجوز طرح الدعوى أمامها، إلا إذا كان الطاعن خصما فيها، وخصوم الدعوى هم كل من توفرت فيه إحدى الصفات المذكورة في تلك المادة.وكان لا يبين من أوراق الدعوى، أن المحامي المذكور كان مدعيا بالحقوق المدنية أمام المحكمة المطعون في حكمها، ولم يكن أحد المذكورين الأخيرين بتلك المادة، وهو بصفته أنه محامي أولياء الدم فحسب، يكون غير مخول قانونا في القيام بالطعن بالنقض بهذه الصفة وحدها، مما يكون معه طعنه- والحالة هذه – مرفوعا من غير ذي صفة ويتعين عدم قبوله.وحيث إنه مما تنعى به النيابة العامة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، بمقولة إن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون عندما طبقت أحكام التقادم المنصوص

عليها في المادتين 107 و 108 من قانون العقوبات، في حين أن هذه الواقعة تعتبر من الجرائم ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم وفقا لأحكام اتفاقية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتي صادقت عليها الدولة الليبية بموجب القانون رقم 7 لسنة 1989م، وكان على المحكمة المطعون في حكمها أن تكيف الواقعة باعتبارها جريمة ضد الإنسانية لأنها جريمة قتل راح ضحيتها مئات من الأشخاص ممن ينتمون إلى فكر معين للتخلص منهم وقت السلم، وإذا كانت المحكمة لم تلتزم هذا النظر فإن حكمها يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، وانتهت النيابة إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لخص وقائع الدعوى بقوله (( إنه بتاريخ 28 و 29/1996/6م تم قتل عدد كبير من المساجين بإطلاق الرصاص الحي عليهم وهم مكبلين من قبل مجموعات مسلحة عسكرية ومدنية دون أن يذكر سبب سجن هؤلاء المواطنين وقتلهم لخلو ملف القضية وملحقاته من محاضر استدلالات أو تحقيقات أو أوامر حبس أو تمديد أو تصرف أو أحكام، وعما إذا كان المقتولون جناة أم مجني عليهم ومظلومين.وتبين للمحكمة أن أحداث الواقعة حصلت في وجود سلطتي الاتهام والتحقيق – النيابة العامة والادعاء العسكري – ولم يباشرها أحد من السلطتين، ولم تتدخل محكمة الجنايات الدولية في حينها في ذلك الوقت حتى مضى زمن طويل يحسب بالسنين، وحتى انتهاء حكم النظام الذي وقعت تحت بصره وسمعه بل بموافقته أو تنفيذا لأمره، والذي عمل قبل سقوطه على أن يخفي آثارها عن المراقبين الدوليين وإسكات أصوات المطالبين بإظهار الحقيقة لمعرفة مصير المفقودين إن كانوا قتلى أو مسجونين، وقد أمر بدفع مبالغ مالية لذويهم.وتبين أن الواقعة كانت وحسبما اتضح من الأوراق ناتجة عن حادثة تذمر لعدد من السجناء بسبب عدم تمكنهم من الحصول على مطالب وحقوق يرونها مشروعة وقانونية؛ تمثلت في العناية الصحية وزيارة الأهل والأقارب والإحالة إلى القضاء للفصل فيما سيوجه إليهم من اتهام كان سببا في حبسهم وحجز حرياتهم مدد طويلة أدى إلى مقتل أحد الحراس وإصابة آخرين من الذين يقومون بتقديم الخدمات بما فيها وجبات الأكل لهم، فتطور الأمر إلى ردة فعل عنيفة، وتدخل المسئولون الكبار على مستوى الدولة الأمني من بينهم عدد من المتهمين بعد أن أبلغوا بالحادثة أو علموا بها، وصدرت الأوامر من أصحابها بقتل هؤلاء السجناء المزجوج بهم في سجن أبو سليم الرئيسي من عدة مدن ومناطق ليبية متباعدة بسبب هياجهم وخروجهم من زنزاناتهم وتحطيم أبواب الحجز وخروجهم إلى الساحات، وحدثت الجريمة التي تمثلت في القتل والتمثيل بالجثث وإهانتها خلافا لأحكام قانون العقوبات…”واستطرد الحكم في سرد وقائع الدعوى والتصدي للرد على دفوع المحامين، ثم أفصح عن عقيدته بشأن سقوط الجريمة بمضي المدة التقادم “، وعدم سريان اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على الواقعة بقوله ” إن الدفع بعدم سريان نص المادة 27 من القانون رقم 29 لسنة 2013 بشأن العدالة الانتقالية الذي جاء فيه ” لا تسقط الجرائم التي ارتكبت قبل نفاذ القانون رقم 11 لسنة 1997 والتي ارتكبت لدوافع أمنية أو سياسية أو عسكرية ولا تنقضي الدعوى الجنائية بشأنها بمضي المدة، وعدم سريان نص المادة الأولى من القانون رقم 31 لسنة 2013 م الذي اعتبر مذبحة سجن أبو سليم جريمة ضد الإنسانية تلتزم الدولة الليبية بإجراء تحقيق شامل وشفاف في شأنها لمعرفة مرتكبيها والمشتركين فيها وتقديمهم للمحاكمة، وعدم سريان نص المادة الرابعة من قرار المؤتمر الوطني العام رقم 59 لسنة 2013م بشأن واقعة مذبحة سجن أبوسليم الذي جاء فيه ” تعد مذبحة سجن أبوسليم من جرائم الإبادة الجماعية وكل من يثبت في حقه ارتكاب هذه الجريمة أو المساهمة فيها يعاقب على هذا الأساس”.فإن مبدأ المحكمة العليا رقم 1/ 57 ق  ينص على أن ” الاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها ليبيا نافذة بإتمام المصادقة عليها ولها أسبقية التطبيق على التشريعات الداخلية.وحيث إن مفهوم الجرائم ضد الإنسانية، سواء في لائحة محكمة نورمبرج أو طوكيو، أو رواندا، ويوغسلافيا، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية كما هو في نص المادة 7 من النظام الأساسي لها الذي يقول يشكل أي فعل من الأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين ” ولم تربطها بنزاع مسلح وحددتها في القتل العمد والإفناء والاسترقاق والنفي واعتبرتها من الأعمال اللاإنسانية التي ترتكب ضد السكان المدنيين، وبما أن القتل العمد هو أول صور الجرائم ضد الإنسانية فإن النظام الأساسي لجميع المحاكم والاتفاقيات الدولية يحدد لاعتبار القتل من الجرائم ضد الإنسانية أن يقترف السلوك في القتل كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين أو أن ينوي أن يكون هذا التصرف جزء من هذا الهجوم الواسع النطاق أو المنهجي بحيث يتبين لهذه المحكمة أن الأفعال التي ذكرتها المادة 7 من نظام روما الأساسي يتوجب لتكون الجريمة ضد الإنسانية أن يتوفر الركن المعنوي وفقا لذلك القصد الجنائي – علم ودراية وإصرار والنتيجة الإجرامية المبتغاة – وهو ما لم يثبت في هذه الواقعة لخلو الأوراق من الدليل على تحققه الأمر الذي تري معه المحكمة أن الدفع بعدم سريان القوانين والقرارات الصادرة باعتبار الواقعة من الجرائم ضد الإنسانية في محله ويتعين قبوله.

وخلصت المحكمة إلى أن الواقعة حصلت في 28 و29/6/1996م، وأن أول إجراء اتخذ في شأنها كان في خلال شهر

2010/4 م، وهو محضر جمع الاستدلالات الذي تم بمعرفة مجلس تحقيق عسكري وضبطت فيه أقوال أحد المشتبه فيهم…وبعد عشرين يوما تم استجوابه من قبل قاضي التحقيق (…) وتم صرفه ولم تستكمل التحقيقات حتى تغير النظام في 2011/2/17 م….، وانتهت إلى تطبيق المادة 107 عقوبات على الواقعة وقضت بسقوطها لمضي المدة كما هو ثابت في منطوق الحكم المطعون فيه )).

لما كان ذلك، وكان مؤتمر الشعب العام – السلطة التشريعية في الدولة في ذلك الوقت – قد أصدر القانون رقم 7 لسنة 1989 بتاريخ

1989/5/9م بشأن المصادقة على بعض الاتفاقيات ومن بينها اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والتي تقضي في مادتها الأولى على أنه لا يسري أي تقادم بالنسبة للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، سواء في زمن الحرب أو زمن السلم، وجريمة الإبادة الجماعية الوارد تعريفها في اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حتى لو كانت الأفعال المذكورة لا تشكل إخلالا بالقانون الداخلي للبلد الذي ارتكبت فيه.وكانت المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية قد عرفت الإبادة الجماعية بقولها (( إنها أيا من الأفعال التالية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه:

  1. قتل أعضاء الجماعة.
  2.  إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة.
  3. إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا…).

وحيث إن الاتفاقية المذكورة، قد أوردت مبدأ قانونيا واضحا بذاته، مقتضاه عدم سريان أحكام التقادم على الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ولما كان العمل بهذا المبدأ لا يحتاج إلى تشريع لاحق يضعه موضع التطبيق، وإنما يكفي لأعماله ما قررته هذه المحكمة بدوائرها المجتمعة من أن الاتفاقيات الدولية التي تصادق عليها الدولة تكون نافذة بمجرد إتمام إجراءات المصادقة عليها، وتكون لها أسبقية التطبيق على التشريعات النافذة إذا حصل بينهما تعارض.ولما كانت واقعة مذبحة سجن أبو سليم – كما هي ثابتة في الأوراق والحكم المطعون فيه- تتمثل في اتهام المطعون ضدهم بتصفية عدد كبير من المساجين المنتمين إلى مجموعات دينية مختلفة بإطلاق الرصاص عليهم، وتهشيم رؤوس بعضهم بالحجارة ؛ أي أنها إبادة لتلك المجموعة خارج القانون، وهي من أوضح صور الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية.وحيث صدر القانون رقم 31 لسنة 2013م في شأن تقرير بعض الأحكام الخاصة بمذبحة سجن أبوسليم ونص في المادة الأولى على أن (( مذبحة سجن أبو سليم جريمة ضد الإنسانية تلتزم دولة ليبيا بإجراء تحقيق شامل وشفاف في شأنها لمعرفة مرتكبيها والمشتركين فيها وتقديمهم للمحاكمة )).كما أصدر المؤتمر الوطني العام – السلطة التشريعية آنذاك – القرار رقم 59 لسنة 2013 بشأن مذبحة سجن أبو سليم ونص في مادته الرابعة على أنه (( تعد مذبحة سجن أبو سليم من جرائم الإبادة الجماعية، وكل من يثبت في حقه ارتكاب هذه الجريمة أو المساهمة فيها يعاقب على هذا الأساس)).ولما كان هذا القرار الأخير والقانون رقم 31 لسنة 2013م المذكور هما تشريعان تفسیریان لواقعة مذبحة سجن أبوسليم واعتبارها جريمة إبادة جماعية مرتكبة ضد الإنسانية، وكان التشريع التفسيري يسري من تاريخ صدور القانون الذي يفسره.ولا تطبق بشأنه قاعدة الأصلح أو الأسوأ للمتهم، وبالبناء على ذلك فإنه طالما تدخل المشرع واعتبر الواقعة محل الحكم المطعون فيه من الجرائم المذكورة في اتفاقية عدم تقادم الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، فإنه لا مجال للبحث في تفسيرات خارج نطاق إرادة المشرع، وينبغي على المخاطبين به الالتزام بهذا التفسير.ومن ثم فإن هذا التفسير يسري اعتبارا من تاريخ صدور القانون رقم 7 لسنة 1989 بشأن المصادقة على اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف هذا النظر واعتبر أن الجريمة المنسوبة للمطعون ضدهم ليست من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ويسري عليها التقادم، وقضى بسقوط الجرائم بمضي المدة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، الأمر الذي حجبه عن نظر الموضوع، لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه برمته لوحدة الواقعة وتحقيقا للعدالة دون حاجة لبحث مناعي النيابة الأخرى.

الحكم

فلهذه الأسباب:

 أولا: حكمت المحكمة بقبول طعن النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهم وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس – دائرة الجنايات – لنظرها من هيئة أخرى.

ثانيا: عدم قبول طعن محامي أولياء الدم لعدم الصفة.