طعن إداري رقم 147/ 50ق
طعن إداري رقم 147/ 50ق
خلاصة المبدأ
- إخلال المتعاقد بالتزامه – أثره.
- إلغاء العقد ومصادرة التأمين، كيفيته.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى الإدارية رقم 30/112 ق أمام دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس طالبا فسخ العقد رقم 10 لسنة 1999 الذي أبرمه مع أمين اللجنة الشعبية العامة للثروة الحيوانية بتوريد خمسين ألف طن ذرة صفراء سائبة طبقاً للشروط والأوضاع المحددة فيه وفي ملاحقه، وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا لـه 13720 فرنكاً سويسراً أو ما يعادلها بالدينار الليبى الذي خصم من حساب المؤسسة كمصروفات اعتماد لدى المصرف المفتوح لديه الاعتماد، و 51370 فرنك سويسرياً أو ما يعادله بالدينار الليبي إجمالي مطالبة مصروفات الاعتماد الأصلي المفتوح الصالح المؤسسة لدى المصرف المسحوب لديه الاعتماد، 150050 دولارا أمريكيا سويسري قيمة مطالبة مكتب التفتيش التي لا يزال يطالب بها، و425000 فرنك أو ما يعادله بالدينار الليبي وهو ما تم تسبيله من مستحقات المؤسسة لدى الشركة الوطنية للمطاحن والأعلاف، و435637 ديناراً تعويضاً عما لحق به من خسارة، و21780 ديناراً تعويضاً عما فاته من كسب، مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة، قال شرحاً لها: إن الإخلال بالالتزامات التي نص عليها العقد المذكور لم يكن من جانبه هو، بل من جانب مشروع الدواجن الذي تم التعاقد لصالحه وعدم موافقة هذا المشروع على تمديد الاعتماد المنصوص عليه في المادة الثالثة من العقد وقيامه بتغيير برنامج الشحن عدة مرات وما ترتب عليه من إلغاء حجز البواخر الناقلة في كل مرة والبحث عن البديل وتأخر سفر ممثل التفتيش عن الموعد المحدد المباشرة مهامه وحصول الإضراب العام لسائقي الشاحنات في بلد الشحن، وعدم حصول الشركة الأمريكية من حكومة بلدها على الإذن اللازم للتعامل مع الجماهيرية، وهذه الظروف القاهرة الخارجة عن إرادة الطاعن كانت السبب في عدم شحن كمية الذرة المتعاقدين عليها.
نظرت المحكمة الدعوى وقضت بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه ”
الإجراءات
بتاريخ 1371.6.9 و.ر (2003) صدر الحكم المطعون فيه وبتاريخ 1371.8.6 و.ر قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض بالتقرير به لدى قلم كتاب المحكمة العليا مودعاً الكفالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه وسند وكالته وحافظة مستندات أشار إلى محتوياتها على غلافها ومسدداً الرسم، وبتاريخ 1371.8.14 أودع أصل ورقة إعلان المطعون ضدهما معلنة لدى إدارة القضايا بتاريخ 1371.8.13 و.ر، ولم يودع مذكرة شارحة.
لا يوجد في الأوراق ما يفيد تقديم إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضدهما أو أي مستند. قدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوع موضوعاً. أودع المستشار المقرر تقرير التلخيص، وحددت جلسة 1374.4.9 و.ر (2006 م) لنظر الطعن، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجز للحكم لجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب بمقولة أن فتح الاعتماد تم يوم 1999.7.29، وأدخلت عليه يوم 1999.8.15 عدة تعديلات تتعلق بميناء الشحن وموعده وعمر الباخرة وتسمية مكتب التفتيش بما يتفق مع نصوص العقد ويجعله قابلاً للتنفيذ ولأن هذا التاريخ هو الذي يبدأ منه حساب مدة التنفيذ حسب طلب الطاعن يوم 1999.8.31 من الجهة المتعاقدة معه استعجال مكتب التفتيش للسفر إلى ميناء الشحن لإجراء التفتيش وإن مندوبه في بلد الشحن أفاده يوم 1999.9.9 بأن حبوب الذرة المتعاقد عليها جاهزة، إلا أن المفتش لم يحضر إلا يوم 1999.9.16 الذي بدأ فيه الإضراب العام لسائقي الشاحنات الذي لم ينته إلا يوم 1999.9.30 وأن مشروع الدواجن غير برامج الشحن عدة مرات وتمت مخاطبة هذا المشروع بتلك الصعوبات ومطالبته بتمديد مدة الاعتماد إلا أنه امتنع عن الرد ثم قامت جهة الإدارة بإلغاء العقد، وكان دفاع الطاعن قد أثار كل ما تقدم مع المستندات التي تثبته أمام المحكمة المطعون في قضائها التي لم ترد عليه، رغم أنه جوهري، واكتفت في رفض الطعن على تأخر الطاعن في توريد البضاعة المتعاقد عليها خلال موعد الثلاثة أشهر المتفق عليه، وعلى ما ورد في الرسالة الصادرة من مكتب التفتيش المؤرخة في 1999.10.19 من أن الطاعن لا يزال يبحث عن باخرة ولا يعرف مكان وجود الذرة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مدة التنفيذ في العقد الإداري تعد أصلاً جوهرياً يحكم طرفي الرابطة العقدية الإدارة والمتعاقد معها، ومتى أخل المتعاقد بهذا الالتزام فإن لجهة الإدارة المتعاقدة الحق في الغاء العقد أو سحبه وتنفيذه على حسابه، وهذا الإجراء العقدي تخضع فيه الإدارة لرقابة القضاء الإداري بوصفه قضاء كاملاً، من حيث مشروعيته ومدى ملاءمته للمخالفات المنسوبة للمتعهد ويقضي بالتعويض عنه إن كان لذلك محل إلا أن هذه الرقابة لا تصل إلى حد فسخ عقد التوريد لما في ذلك من مصادرة لحق الإدارة صاحبة العمل في تقدير دواعي المصلحة العامة في الاستمرار أو عدم الاستمرار في تنفيذه مع المتعاقد معها.
وحيث إن عقد التوريد رقم 10 لسنة 1999 محل النزاع ” المرفق صورة منه بالأوراق” أعطى لجهة الإدارة الحق في إلغائه ومصادرة التأمين واقتضاء غرامة التأخير والحق في سحب العمل والتنفيذ على حساب المتعهد المتعاقد معها حيث نصت مادته 15 على أنه ” مع عدم الإخلال بحق الطرف الأول في اقتضاء غرامة التأخير والتعويض يكون للطرف الأول حق إلغاء العقد ومصادرة التأمين في الحالات الآتية:-
1- إذا تأخر الطرف الثاني في توريد الكميات المتعاقد عليها أو بعضها بالرغم من فتح الاعتماد المستندي، وبالمخالفة للبرنامج الزمني أو عجز عن التوريد في المهلة التي أعطيت له.
2-…. 3-….
4-…. 5-….
ويكون إلغاء العقد ومصادرة التأمين في هذه الأحوال بمجرد إخطار الطرف الأول للطرف الثاني بذلك بكتاب مسجل دون الحاجة إلى الالتجاء إلى القضاء أو اتخاذ أي إجراء آخر، ونصت مادته 16 على أنه ” للطرف الأول في حالة عدم قيام الطرف الثاني بالتوريد في الميعاد المحدد بالعقد أو خلال المهلة الإضافية، سحب العمل والتنفيذ على حسابه، وذلك بشراء الأصناف التي لم يقم بتوريدها من غيره على حسابه على أن يخصم من التأمين المودع من الطرف الثاني أو من مستحقاته قيمة الزيادة في الثمن مضافاً إليها مصروفات إدارية بواقع 5% من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه، وما يستحق من غرامة تأخير، فإذا قل سعر الشراء عن السعر الوارد بالعقد فلا يحق له المطالبة بالفرق، ويتم إبلاغ قرار الطرف الأول للطرف الثاني بكتاب مسجل ودون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء أو اتخاذ أي إجراء آخر. كما يحق للطرف الأول مطالبة الطرف الثاني ” إضافة لذلك ” بالتعويض عما يلحقه من أضرار بسبب سحب العمل ” ونصت مادته 21 على أنه ” إذا طرأت ظروف استثنائية عامة لا يمكن دفعها ولم يكن في الوسع توقعها وكان من شأنها أن يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا يهدد الطرف الثاني بخسارة فادحة دون أن يصبح مستحيلا حق له المطالبة بالتعويض بما يرد التوازن المالي للعقد إلى الحد المعقول فإذا استمر قيام هذه الظروف ولم يعد يرجى زوالها جاز إنهاء العقد، كما يعفى الطرف الثاني من تنفيذ التزاماته إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذها مستحيلا”.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الجهة الطاعنة لم تنفذ عقد التوريد محل النزاع خلال الميعاد المنصوص عليه في مادته الثالثة وهو ثلاثة أشهر من تاريخ فتح الاعتماد المصرفي وهذا مما لا ينازع فيه الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى بحق إلى أن ” المبررات التي ساقها المدعي بصفته من تأخير وصول المفتش وإضراب سائقي السيارات الشاحنة وضرورة الحصول على إذن من أمريكا التعامل بواخرها مع الجماهيرية لا تستلزم التأخير في التنفيذ هذه المدة الطويلة “، وذلك أن القوة القاهرة التي تعفى من المسئولية في نطاق القانون الإداري يلزم أن تكون أمراً غير ممكن التوقيع من أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور، ومستحيل الدفع استحالة مطلقة لا بالنسبة للمدين وحده بل بالنسبة إلى أي شخص يكون في مركز المدين، وعلى ذلك فإن إضراب سائقي الشاحنات في بلد ما والتعامل مع بواخر أمريكية لا يعتبر قوة قاهرة إذا كان المتعهد بالتوريد يستطيع الحصول على المواد المطلوب توريدها من دولة أخرى ولو بسعر يزيد كثيراً عما تعهد به، وليس ثمة دليل على استحالة توريد كمية الذرة الصفراء السائبة من غير الدولة التي يقول الطاعن بحصول إضراب سائقي الشاحنات فيها، أو أن بواخر الولايات المتحدة الأمريكية هي وحدها القادرة على نقل هذه الكمية إلى الموانئ الليبية فضلا أن حظر تعامل هذه الدولة مع الجماهيرية مقرر منذ عن ستين.
وبناء على ما تقدم يكون رفض الحكم المطعون فيه لدعوى الطاعن قائم على أساس صحيح ويكون النعي عليه بالتالي في غير محله حرياً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.