Skip to main content

طعن جنائي رقم 734-52 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 734-52 ق

خلاصة المبدأ

  1. يجوز لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر في أية مرحلة – أساس ذلك.
  2. يجوز لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المجني عليه كدليل إثبات – أساسه.
  3.  ينبغي أن تكون أسباب الطعن واضحة ومحددة- مخالفة ذلك – أثره.
  4. يكفي لتبرير العقوبة إيراد أحد العناصر الواردة بالمادة 28 عقوبات.
  5. قضاء الحكم بالإدانة وجوب بيانه الواقعة المستوجبة للعقوبة – أساس ذلك.

الحكم 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر. 

لأنهما بتاريخ 20/10/2004 ف بدائرة مركز شرطة شهداء عبد الجليل. 

استوليا ليلا وبطريق الإكراه على مال منقول مملوك للغير، وذلك بأن سرقا المبلغ المالي المبين بالمحضر والمملوك للمجني عليه وعلى النحو الثابت بالأوراق.

وقدمتهما الى غرفة الاتهام طالبة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا لنص المادة 450 عقوبات. 

والغرفة قررت ذلك. 

ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها حضوريا بمعاقبة المتهمين بالسجن ثلاث سنوات عما اسند اليهما وبلا مصاريف جنائية. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 6/3/2005 ف فقرر المحكوم عليه الطعن بالنقض من داخل مؤسسة الإصلاح والتأهيل بتاريخ 9/3/ 2005 ف وأودع محاميه الموكل والمفوض عنه من إدارة المحاماة الشعبية أسباب الطعن موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم بتاريخ 4/5/2005 ف. 

أودعت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن خلصت فيه الى القول بقبوله شكلا ورفضه موضوعا. 

وبعد أن أودع المستشار المقرر تقريره عن الطعن وحدد لنظره جلسة 1/1/2006 ف وفيها تلى تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ونظر الطعن على النحو المبين بمحضره ثم حجز للحكم لجلسة اليوم. 

الأسباب

ومن حيث إن الطعن مقبول شكلا لاستيفائه شروطه القانونية. 

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال. 

وعن الوجه الأول قال الدفاع إن المحكمة المطعون في حكمها لم تتناول الواقعة بشكل واضح ولم تبين اركانها بما يدفع عنها التجهيل اذ اكتفت ببيان مقتضب لها مما يكون معه الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون لعدم بيانه للواقعة المستوجبة للعقاب، وهو ما يستوجب نقضه، فضلا عن أن الحكم لم يبرر تقديره للعقوبة. 

وعن الوجه الثاني قال الدفاع أنه دفع أمام المحكمة المطعون في حكمها بعده دفوع لم تقم بالرد عليها واكتفت بالرد على دفع واحد بشكل عابر اذا اكتفت بالقول في عبارة مرسلة ودفاع المتهم دفع بعدم توافر أركان الجريمة وأنها كيدية مما يكون معه الحكم الطعين قد أخل بحق الدفاع وهو ما يستوجب نقضه. 

وعن الوجه الثالث من أوجه الطعن قال الدفاع إن الحكم المطعون فيه دليل على قيام الجريمة وثبوتها في حق المتهم تأسيسا على شهادة المجني عليها وهي شهادة غامضة وغير واضحة فهو يقرر أن المتهم الأول أمسك به في حين أنه لم يتعرض للطاعن وان اعتراف متهم على آخر لا يمكن الاعتماد عليه في الادانة، اما عن القول بأن مأمور الضبط وجد محفظة المجني عليه ملقاة على مسرح الجريمة وأن المتهمين مازالوا في مكان الواقعة حتى تم ضبطهم فهو قول لا يقبله العقل إذ لا يتصور أن يرتكب شخص جريمة ما ثم يبقى في مكانه ينتظر الشرطة ويبقى محفظة المجنى عليه ملقاة على الأرض، ومن ثم فهذه قرائن لا يمكن التعويل عليها خاصة أن المتهم “الطاعن ” قد أنكر الواقعة في جميع مراحل الدعوى مما يتضح معه أن الحكم قد استند على أسباب واهية وادلة قاصرة لا يمكن الركون اليها في الادانة مما يجعل الحكم المطعون فيه مشوبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه. 

وحيث إن ما ينعاه دفاع الطاعن على الحكم الطعين من عدم بيانه لواقعة الدعوى فإنه نعى غير سديد ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم بيانه لها وذلك بقوله في مدوناته… ”  وحيث تخلص الواقعة فيما يصوره أمر الاحالة من انه بتاريخها تقدم المجنى عليه ببلاغ إلى مركز شرطة عبد الجليل ذكر فيه أنه بتاريخ 20/10/2005 ف وبينهما كان في منطقة جنزور واقفا على الطريق الساحلي وجد ثلاثة اشخاص جالسين بالقرب من الجدار بجانب الطريق الساحلي حيث حضر له أحدهما وامسك بيده بقوة وطلب منه ان يخرج الحشيش الذى معه واخذ ينادي على باقي الأشخاص الآخرين الذين كانوا معه حيث ان احدهما في هذه الاثناء اعطى شيئا للشخص الاخر وطلب منه أن يضعه في جيبه على اساس انه حشيش فحاول الهرب منهم ولأنه لم يستطع بسبب انهم كانوا ممسكين وأخذوا محفظته من جيبه وسرقوا المبلغ المالي الذي كان بحوزته وقدره خمسون دينارا و المستندات الخاصة به وقد تمكن من الهرب منهم”.

ولما كان ذلك وكان من المقرر أن مراد القانون بعبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 283 إجراءات جنائية، هو أن يثبت قاضى الموضوع في حكمه كافة الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة مع إثبات ما خرج عن هذه الأركان مما له شأن هام تترتب عليه نتائج قانونية كتاريخ الواقعة ومكان حدوثها ومآخذ الظروف المشددة للعقاب، وكان الحكم الطعين قد بين في سياقه السابق أفعال المتهمين ومقاصدهم منها وهو ما يحقق حكم القانون في هذا الشأن مما يكون معه هذا النعي غير سديد. 

وحيث أنه عما ينعاه دفاع على الحكم المطعون فيه بعد تبريره للعقوبة المقضى بها فإنه قول غير سديد أيضا لما يبين من الحكم المطعون فيه تبريره للعقوبة وذلك بقوله في حيثياته..” وحيث أن الأفعال المقترفة تنم عن خطورة اجرامية بشكل يبعث على عدم الطمأنينة ومن تم تقدر المحكمة العقوبة المقررة على نحو ما ورد بالمنطوق “. 

ولما كان ذلك وكان من المستقر في قضاء هذه المحكمة وجوب بيان الأسباب التي تبرر تقدير العقوبة غير أنه ليس من الضروري اثناء تقدير العقوبة أن يستعرض القاضي كل الحالات الواردة بالمادة ( 28 ) عقوبات، إذا أن المشرع اورد تلك الحالات كنوع من الهداية الداخلية ليسترشد بها القاضي أثناء تقدير العقوبة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف لتبرير العقوبة، ومن ثم يكون النعى في هذا الشأن في غير محله. 

وحيث انه عن المنعى الثاني من مناعي دفاع الطاعن والذي مفاده إخلال المحكمة بحق الدفاع وعلى النحو السالف البيان فإنه منعى مردود عليه، لما هو مقرر من وجوب تقديم أسباب الطعن بالنقض على نحو مفصل ومحدد مفصحة عن مواضع الخطأ في الحكم المطعون فيه وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه ماهية الدفوع التي دفع بها أمام محكمة الموضوع وهل من الدفوع الموضوعية التي يكفي في شأنها الرد الضمني من خلال ادلة الثبوت ام دفوع جوهرية تستأهل ردا خاصا، مما يجعل هذا الوجه من الطعن غير محدد ولا مفصح عن مواضع الخطأ في الحكم مما يجعله وجها عاما غير مفصل وهو ما يتعين معه عدم قبوله. 

وحيث إنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن والذي مفاده أخذ المحكمة المطعون في حكمها في الادانة بشهادة المجنى عليه على ما شابها من غموض وعدم وضوح واخذت باعتراف متهم على آخر وهو دليل لا يمكن الاعتماد عليه وإن مأمور الضبط وجد محفظة المجني عليه ملقاة على الأرض عند ضبطه للمتهمين هو قول لا يقبله العقل لأنه من غير المتصور أن يرتكب شخص جريمة ثم يبقى في مكانه ينتظر الشرطة ويبقى محفظة المجني عليه ملقاة على الارض وهى قرينة لا يمكن التعويل عليها، فهي مناع مردود عليها لما يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في أسبابه وهو بصدد تكوين عقيدته قوله….

” وحيث ان المحكمة وهي بصدد تكوين عقيدتها في الدعوى بعد اطلاعها على الملف وما به من تحقيقات ومستندات وسماعها أقوال المتهمين وطلباتهما ودفاعهما رأت ان التهمة المسندة للمتهين ثابتة في حقهما على وجه اليقين عملا بالمادتين 275،  277 /2 إجراءات جنائية أخذ بشهادة المجنى عليه أمام النيابة العامة أقواله أمام مأمور الضبط القضائى والتي جاءت متناسقة بشكل منطقي يقبله العقل بما تطمئن معه المحكمة وتجعله دليلا كافيا لثبوت التهمة وقد تعززت تلك الشهادة باعترافات المتهمين من أنهم قد تواجدوا بمكان الواقعة والحديث مع المجنى عليه وضبط المحفظة بمكان الواقعة وضبط المتهمين بمكان حصول الواقعة من قبل الشرطة، حيث اطمأنت المحكمة الى صحة ذلك كله مما يجعله مستريحة للأخذ بذلك كدليل قائم في الدعوى دون النظر إلى إنكار المتهمين بقصد دفع العقاب عنهما، كما أنه لا سند لما ذهب اليه دفاع المتهمين من عدم كفاية الادلة وذلك انها محاولة في مسألة موضوعية تستقل المحكمة بتقديرها وعن كيدية الدعوى ذلك قول لا سند له في الاوراق ومن ثم تعين رفضه..”. 

ولما كان ذلك وكان من المقرر انه لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الشهادة وان لها ان تأخذ بأقوال الشاهد ولو كان هو المجنى عليه نفسه وان اقتناع المحكمة بأقوال الشاهد مسألة موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها وليست المحكمة ملزمة ببيان سبب اقتناعها لأن السبب معروف في القانون وهو اطمئنانها إلى ما أخذت به وكانت شهادة المجنى عليه قد جاء متناسقة مع أقواله بمحضرى الضبط وتحقيق النيابة العامة وقد تعززت تلك الشهادة باعترافات المتهمين بتواجدهم في مكان الواقعة وضبطهم هناك من قبل الشرطة ومن وجود محفظة المجني عليه ملقاة على الأرض بمكان الواقعة وهى قرينة تعزز ما سبق ذكره من ادلة ومن هذه الأدلة المجتمعة تكونت والمتساندة تكونت عقيدة المحكمة ومن ثم يكون ما استندت اليه المحكمة المطعون في حكمها في اسبابها والمرودة الى أصولها في الاوراق يتفق وصحيح القانون ومن شأنه أن يؤدى عقلا ومنطقا الى ما انتهت إليه مما لا تصح معه مصادرتها في عقيدتها هذا وحملها الاقتناع بما لم تقتنع به، مما يكون ما أثاره الطاعن في هذا الشأن لا محل له. 

وحيث إنه عما اثاره الطاعن في مقالته بأن المحكمة قد أخذت اعتراف متهم على آخر ويكيبيديا التهمة فأنها مقالة مردود عليه لما هو مقرر بأنه من حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال متهم على آخر ولو في محضر الشرطة وإن عدل عنه بعد ذلك فضلا عن أن الحكم قد أورد اعتراف كل متهم على نفسه على النحو السالف البيان، كما أن القول بكيدية التهمة لم يسانده أي دليل في الأوراق وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تتطلب ردا مستقلا بل يكفي فيها الرد الضمني المستفاد من مجموع الادلة السائغة التي ساقها الحكم للتدليل على ثبوت التهمة الى المتهمين مما تكون معه هذه المقالة في هذا الشأن في غير محلها. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول طعن الطاعن شكلا وفي الموضوع برفضه.