أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 1383-43 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1383-43 ق

خلاصة المبدأ 

  1. سقوط الجريمة بمضي المدة من النظام العام – أثر ذلك.
  2. الدفع ببطلان الإذن بالقبض لأول مرة أمام المحكمة العليا – أثره.
  3. الدفوع الموضوعية لا تستلزم ردا صريحا، يكفي في شأنها الرد الضمني.

الحكم

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين لأنهما بتاريخ 5/2/96 ف بدائرة مركز شرطة الدافنية. 

  1. حبسا وحجزاً إنسانا وحرماه من حريته الشخصية بالقوة وذلك بأن قاما معا بوضع المجني عليه داخل غرفة التوقيف لمدة ساعتين دون مبرر من القانون حالة كون الفعل وقع من موظفين عموميين، وقد تعديا بذلك حدود السلطات المتعلقة بوظيفتهما.
  2. أحدثا بغيرهما أذى شخصيا جسيما بأن قاما بضرب ودحرجة المجني عليه المذكور ترتب عنه إصابته بإصابات جسيمة قرر الطبيب شفائه منهما فى مدة تتجاوز الاربعين يوماً.
  3. المتهم الاول وحده خدش شرف شخص فى حضوره واعتباره بأن وجه للمجني عليه سالف الذكر العبارات الواردة بالأوراق. 

وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد (428/1/2، 380/1، 438/1) من قانون العقوبات. والغرفة قررت ذلك. 

وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات مصراته تقدم المطعون ضده بصحيفة ادعاء بالحق المدني طلب فيها تعويضاً مدنيا رمزيا قدره مائة وعشرة دنانير جبراً لما لحقه من أضرار مع الزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. 

ومحكمة الجنايات قضت حضوريا بجلسة 6/7/96 ف.

  • أولا بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثمانية وأربعين شهراً عما نسب إليه.
  • ثانيا بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ستة وثلاثين شهراً عما نسب إليه. و بحرمان كل واحد منهما من الحقوق المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها، وبلا مصاريف جنائية.
  • ثالثا بإلزام المدعى عليهما ” الطاعنين ” متضامنين بأن يدفعاً للمدعي بالحق المدني مبلغاً مالياً قدره مائة وعشرة دنانير تعويضاً رمزيا مؤقفا جبرا للضررين المادي والمعنوي مع إلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة. وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

بتاريخ 6/7/96 ف صدر الحكم المطعون فيه. وفى 9/7/96 ف قرر المحكوم عليهما الطعن على الحكم بطريق النقض من داخل السجن. وفي 17/7/96 ف أودع محامي الطاعن الأول مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم وفى 5/8/96 ف أودع محامي الطاعن الثاني مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى ذات القلم السالف الذكر. أودعت نيابة النقض مذكرة برأيها القانونى رأت فيها قبول الطعنين شكلا، وفى الشق الجنائي بنقض الحكم المطعون فيه، وسقوط جرائم الجنح المدان بها الطاعنان بمضي المدة مع استنزال مقدار الثلث من العقوبة المقضي بها. وفي الشق المدني برفض الطعنين.

حددت جلسة 25/6/2002 ف لنظر الدعوى، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وسمعت الدعوى على النحو الثابت بمحضر الجلسة ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم. 

الأسباب

من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهم القانونية ومن ثم فهما مقبولان شكلا. 

وحيث يتبين من الوقائع السالف ذكرها إن جريمة الإيذاء الجسيم و خدش الشرف المدان بهما الطاعنان من الجنح التى تسقط بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها أو من تاريخ آخر إجراء قاطع للتقادم يتخذ فى الدعوى طبقاً لما تقضي به المادتان 107، 108 من قانون العقوبات. 

ولما كان آخر إجراء قاطع للتقادم اتخذ فى الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو نظر طلب وقف النفاذ من هذه المحكمة بجلسة 17/10/96 ف وبذلك تكون قد مضت منذ هذا التاريخ وإلى أن نظر الطعنان بجلسة 25/6/2002 ف مدة تزيد على الثلاث سنوات مما تكون معه مدة السقوط قد اكتملت. وكان سقوط الجريمة بمضي المدة من النظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها مما يتعين معه القضاء به. 

وحيث ينعى الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون من الاوجه الآتية:

  1. بطلان الإذن الصادر في حقه من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام لخلوه من أسم الطاعن بالكامل ورقم الدعوى وتاريخ صدوره. وكان على المحكمة المطعون على قضائها أن تقضى بعدم قبول الدعوى لا أن تقضي بالادانة.
  2. إن ما اتخذه الطاعن من إجراءات ضد المجني عليه تعتبر مباحة قانوناً لا يسأل عنها لأنها ممارسة لواجب فرضه عليه القانون. فالمجنى عليه خالف قانون المرور إذ قاد مركبته الآلية بسرعة. ولم يحمل معه ترخيصهما. ورفض تسليم مفاتيحها مما يستدعي القبض عليه. وقد دفع أمام المحكمة المطعون على قضائها بإباحة ومشروعية الإجراءات التي اتخذها ضد المجني عليه لارتكابه عدة أفعال جرمها القانون كما سلف. 

كما دفع أيضا بعدم انطباق المادة 428/1/2 من قانون العقـوبات عـلى الواقعة وكان الأولى أن تطبيق المحكمة المادة رقم 433 عقوبات لعدم توافر القصد الجنائي الخاص لدى الطاعن عند قيامه بالإجراءات المسندة إليه فكان غير قاصد باختطاف المجني عليه أو تقييد حريته ولم يتجاوز حدود سلطاته والمحكمة لم تتعرض للدفعين لا إيرادا ولا رداً، وإذا كان الفعل المسند الى الطاعن يشكل جريمة قانوناً فإنه يخضع لحكم المادة 433 من قانون العقوبات، ولكل ذلك فالحكم معيب بما يوجب نقضه. 

وحيث ينعى الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بمقولة: إن المحكمة المطعون على قضائها اعتبرت الطاعن الثاني شريكاً مع الاول فى الجرائم المسندة إليه فى حين أنه لا يوجد بالاوراق ما يفيد أنه اتفق مع الطاعن أو حرضه أو ساعده على الأفعال المعاقب عليها قانوناً قبل وقوعها. ولا يعلم عندما أدخل المجني عليه حجرة التوقيف أن ذلك بغير موجب قانوني، وما قام به كان امتتالا لنداء رئيسه ” الطاعن الاول ” كما ان المحكمة استدلت على حكمها بأسباب لا وجود لها بالأوراق. 

والمحكمـة ألزمته بالتعويض بالتضامن مع الطاعن الأول. وهو لم يرتكب أى جريمة يعاقب عليها القانون ولكل ذلك فالحكم معيب بما يوجب نقضه. 

وحيث إنه عن الوجه الأول من نعى الطاعن الأول فإن الذي يبين من الحكم المطعون فيه ومن جلسة المحاكمة دفاع الطاعن انه لم يثره أمام المحكمة المطعون على قضائها مما لا يقبل إثارة طرحه أمام المحكمة العليا لأول مرة. 

فضلا عن أن قرار الإذن الصادر عن أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام أنه ذكر اسم الطاعن ولقبه ورتبته العسكرية. كما أن التاريخ واضح من رسالة الإحالة الى الاخ رئيس نيابة مصراتة وهو 19/2/25 م مما يعد كافيا للتعريف باسم الطاعن. سيما وأنه من رجال الأمن المشهورين بالمكان الذي يعملون فيه، مما يكون معه النعي فى هذا الشأن فى غير محله. 

لما كان ذلك وكان الذي يبين من الحكم المطعون فيه أن ما قام به هذا الطاعن من أفعال ضد المجني عليه لا يدخل ضمن الأعمال المشروعة التي يقرها القانون والمناط به القيام بها وفقا له. 

وكانت المادة 428 من قانون العقوبات تعاقب على الخطف أو الحجز أو الحبس أو الحرمان من الحرية الشخصية على أى وجه إذا ارتكب الفعل بالقوة أو التهديد أو الخداع وهي أفعال لم يشترط المشرع للعقاب عليها توافر القصد الخاص، وانما يكفي توفر القصد العام. 

وكان من المقرر أن ثبوت ارتكاب الجاني لأي فعل فيها بالخداع تتوفر به أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة 428 من قانون العقوبات. وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه فى حق الطاعن من أنه كان يعلم أن خطف المجني عليه وحجزه وحبسه بهذه الطريقة أمر لا يبيحه القانون. كما أن إرادته اتجهت الى ارتكاب هذا الفعل. وهو يعلم صفة المجني عليه. وبعد أن أوقعه على …… الأرض مسكه الطاعنان كل واحد بطرف من أطرافه وأدخلاه غرفة الحبس الانفرادي تحت الأرض فإن ذلك تتوفر به جريمة الخطف بجميع أركانها. ويكون النعي على الحكم فى هذا الشأن فى غير محله.

ومتى كان ذلك فإن مناعي الطاعن الأول على الحكم تكون على غير أساس يتعين رفضها. 

لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن الثاني من أنه قام بالفعل امتثالا لنداء رئيسه وأنه غير قاصد ارتكاب الفعل فإن الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله ” ومن ثم فليس للمتهم الثاني وهو موظف عام إن يدرأ مسئوليته ويدفع بأن الجريمة قد ارتكبت تنفيذا لأمر رئيسه إذ ليس للمرء أن يطيع رئيسه فى أمر مجرم يعلم أنه معاقب عليه قانوناً لأن طاعة الرؤساء لا ينبغي بحال من الاحوال ان تمتد الى ارتكاب الجرائم. وقانون الشرطة رقم 10/92 ف يفض على تنفيذ ما يصدر من أوامر طبقاً للقانون واللوائح. وهذا الذى أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن الثاني له أصله الثابت بالأوراق ولا مجافاة فيه للعقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه. مما يكون معه النعي على الحكم فى هذا الخصوص في غير محله. 

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على مشاركة الطاعن الثاني للأول فى ارتكاب الجريمة جريمة الخطف والحجز والحبس والحرمان من حرية إنسان إذ قال : ولا محل لما دفع به محامى الطاعن الثاني من أنه مرء رس ودفع بوجود خطأ في الوقائع فان هذا يخالف الأوراق فالمجنى عليه معروف بصفته والمتهم الثاني يقر بأنه سمع ارتفاع الصوت بين المجنى عليه والطاعن الأول الذي يطلب إدخاله السجن والمجنى عليه برفض. وهذا وحده يقطع بأن المتهم الثاني بادر بارتكاب الجريمة مسرعاً بالرغم من ظروف الواقعة من الليل وارتفاع الصوت وبرفضه الدخول للسجن المؤيد بتصريح المجنى عليه بصفته وتقريره وصبر المجنى عليه وعدم مقاومته كل ذلك يؤكد عناد الجناة وعلم الثاني بأنه يشارك فى حجز وحبس المجنى عليه وقيد حريته بدون وجه حق. ولا يعفيه القول بأنه ينفذ أمر رئيسه. ولا يعلم بعدم ارتكاب المجنى عليه لشئ يوجب حجر حرية المجني عليه فهو يشاهد الطاعن الأول يحاول استلام المفاتيح الخاصة بسيارة المجني عليه وإدخاله للسجن وهو يستغيث وبرفض ذلك وقد شارك الطاعن الثاني في الفعل مناصفة مع الطاعن الأول حيث مسك كل واحد منهما بطرف ودفعا بقوة وأدخله غرفة الحبس الانفرادي تحت الأرض وهو يستغيث. 

وهذا الذى أورده الحكم للتدليل على مشاركة الطاعن الثاني للأول بمساعدته فى حبس المجنى عليه ودحرجته تحت الأرض وإدخاله غرفة الحبس الانفرادي له أصله الثابت بأوراق الدعوى ولا يجافي العقل والمنطق ويكفي لحمل قضائه. مما يضحي معه النعي على الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن فى غير محله. 

وحيث انه من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يثيره الطاعن من دفوع أو دفاع موضوعي. وأن يتبعه فى كل شبهة يثيرها. بل يكفي أن يكون فى سياق الحكم ما يكفي للرد ضمنا على هذا الدفاع. 

وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى إدانة الطاعنين بأدلة لها أصلها فى أوراق الدعوى بما تعد معه ضمنيا رداً سائغاً على ما أثاره الدفاع. 

وحيث إن جريمتي الإيذاء الجسيم وخدش الشرف جنحتان سقطتا بمضي المدة. كما سلف وكانت المحكمة قد اعملت حكم المادة 76 من قانون العقوبات وزادت العقوبة الاشد الى حد الثلث فانه يتعين استنزال الثلث كاملا من العقوبة المقضي بها عليهما وتصحيح الحكم بذلك. 

وحيث انه بالنسبة للدعوى المدنية فإنه ثبت سلفاً ارتكاب الطاعنين للخطأ الذي سبب ضررا للمجني عليه على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه حيث ثبت ارتكابهما لما أسند إليهما مما يكون معه الحكم قد جاء سليما مطيقاً صحيح القانون ويضحي نعي الطاعن الثاني عليه فى غير محله. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به عن جريمتي الإيذاء الجسيم و خدش الشرف المدان بهما الطاعنان وسقوطهما بمضي المدة. وتصحيح الحكم يجعل العقوبة المحكوم بها على الطاعن الأول السجن لمدة اثنين وثلاثين شهراً، والعقوبة المحكوم بها على الطاعن الثاني أربعة وعشرين شهراً ورفض الطعنين فيما عدا ذلك.