طعن مدني رقم 395/ 47ق
طعن مدني رقم 395/ 47ق
خلاصة المبدأ
تعريف عقد الصلح – انطباقه على ناقص الأهلية – شرطه.
الحكم
الوقائع/ أقامت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وكيلة عن ورثة المرحوم (…) الدعوى رقم 1563 لسنة 1998ف أمام محكمة بنغازي الابتدائية على الشركة الطاعنة قائلة في بيانها -: إنه إثر وقوع حادث الطائرة التابعة للخطوط الجوية العربية الليبية بالقرب من مطار طرابلس العالمي، وبتاريخ 1992.11.2ف وكان مورثها ومن تنوب عنهم المرحوم (…) من ضمن ضحايا هذه الطائرة، وقد سعى المدعى عليه بصفته المسؤول عن تعويض أسر الضحايا وفق عقد التأمين المبرم بينه وبين شركة الخطوط الجوية العربية الليبية إلى تسوية الموضوع ودياً مع ذوي المتضررين، وقد عرض على المدعين مبلغ أربعين ألف دينار كتعويض عن الأضرار الناجمة عن فقدهم لمورثهم المرحوم المذكور، زاعما تحديد التعويض بهذا المبلغ، لأن الطائرات الليبية غير مؤمن عليها حالياً لدى شركات التأمين الاجنبية بحجة أن الحصار الاقتصادي المفروض على الجماهيرية يحول دون إجراء هذا التأمين، وقد قبل المدعون بهذا المبلغ استناداً إلى هذه المعلومات من المدعى عليه، ومنذ شهرين علموا أن المدعى عليه أبرم اتفاقاً مع ورثة أحد ضحايا الطائرة المذكورة دفع لهم بموجه مبلغ مائة و عشرين ألف دينار تعويضاً لهم عن فقد مورثهم، وأن سلوك المدعى عليه معهم ينطوي على إجحاف كبير بحقهم، لأنهم لم يكونوا على علم بقواعد التأمين الجوي على الطائرات بما يجعل تنازلهم معيباً، وأن المدعى عليه عمد إلى التدليس عليهم وتضليلهم وخداعهم، وطلبت إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعين مبلغ ثمانين ألف دينار هو الفارق بين ما تحصل عليه المدعون كتعويض اتفاقي والتعويض الذي حدده المدعى عليه مؤخراً لورثة أحد ضحايا نفس الطائرة، فقضت المحكمة بإيطال عقد الصلح، وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعين مبلغ ثمانين ألف دينار، فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استثناف بنغازي التي قضت بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2000.5.18 ف،وأعلن بتاريخ 2000.6.12 ف، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بطريق النقض نيابة عن الشركة الطاعنة لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2000.6.27 في مدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وبذات التاريخ أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدها بنفس اليوم، وبتاريخ 2000.7.4 ف أودع صورة رسمية من الحكم، المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي، وبتاريخ 3/8/2000ف أودع محامي المطعون ضدها مذكرة رادة بدفاعها مشفوعة بسند وكالته.
و قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب، إذ قضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف دون الاستناد إلى أساس قانوني، واكتفى بعرض مختصر لأسباب الاستئناف دون الرد عليها، وقد قضى الحكم الابتدائي المؤيد بإلزام الشركة الطاعنة بدفع مبلغ ثمانين ألف دينار كتعويض عن الأضرار اللاحقة بالمطعون ضدهم استنادا إلى أن المطعون ضدها لم تتحصل على إذن من المحكمة في عقد الصلح مع الشركة الطاعنة على مبلغ أربعين ألف دينار بصفتها مقدمة شرعية عن ابنها القاصر (…) قبل إبرامها لعقد الصلح المذكور واعتبر تصرفها باطلا ولأن الصلح لا يتجزأ، فقد اعتبره العقد كله باطلا، وهو ما يخالف الثابت بالأوراق، لأن المطعون ضدها قد تحصلت على إذن بذلك من المحكمة المختصة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 548 من القانون المدني تنص على أن “الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه”، وتنص المادة 549 من ذات القانون على أن يشترط فيمن يعقد صلحا أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح، وتنص المادة 552 من القانون ذاته على أنه “1- تنحسم بالصلح المنازعات التي تناولها”.
2- ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولا نهائيا، ومفاد هذه النصوص أنه يترتب على عقد الصلح انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولا نهائيا إذا كان المتنازل أهلا للتصرف في الحقوق التي تناولها الصلح، وكان يبين من أوراق الطعن أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها قد تصالحت مع الشركة الطاعنة على مبلغ أربعين ألف دينار تعويضا لها ولمن تنوب عنهم عن وفاة مورثهم وتسلمت المبلغ المتصالح عليه بتاريخ 1993.10.19 ف، وهو ما لا تنازع فيه المطعون ضدها.
وكان يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه ببطلان هذا الصلح وبإلزام الشركة الطاعنة بدفع الفرق بين هذا المبلغ وما تصالحت عليه مع أسرة أخرى متضررة من ذات الطائرة على قوله: (وإن كان من غير الجائز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون طبقا للمادة 1/555 مدني، وكان على المدعين التثبت قبل إبرام العقد من كافة المسائل المتعلقة بما انصب عليه الصلح، وهو بذلك يختلف عن الغلط في الواقع، والذي لا يوجد من ظاهر الأوراق أن المدعى عليه قد أوقع المدعية فيه، وأن الصلح قد تم نتيجة لذلك، إلا أن ذلك مقصور على المدعين الأربعة الأول، ولا ينطبق على المدعى عليه الخامس باعتباره ناقص الأهلية وقت إبرام عقد الصلح، ولم تحصل المدعية الأولى على إذن من المحكمة بإبرام الصلح نيابة عنه إلخ، ثم أورد في موقع آخر وحيث إن الصلح لا يتجزأ وبطلان جزء منه يقضي ببطلان العقد كله طبقا لنص المادة 556 مدني، وقد أيده الحكم المطعون فيه، وأحال عليه إحالة صريحة بقوله: “.. وقد جاء حكم المحكمة المستأنف حكمها متفقا وصحيح القانون فيما انتهى إليه، لذلك فإن المحكمة تنتهي إلى الحكم في الموضوع برفض موضوع الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وجعل أسبابه مكملة لهذه الأسباب فيما لا يتعارض معها”.
لما كان ذلك، وكان الثابت من حافظة مستندات الشركة الطاعنة المؤشر عليها بما يفيد أنها كانت مودعة ملف الدعوى المعروضة على المحكمة المطعون في حكمها أنها تضمنت طلبا مقدما من المطعون ضدها إلى دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة بنغازي الابتدائية بصفتها مقدمة شرعية عن ابنها القاصر (…) ابن المرحوم (…). مفاده أنها تصالحت مع الشركة الطاعنة على مبلغ أربعين ألف دينار تعويضا لها ولأولادها منه، وتطلب الإذن لها بإتمام ذلك والموافقة على الصلح وصرف المبلغ، وقد ذيل هذا الطلب بموافقة المحكمة على ذلك والإذن بسحب المبلغ لمصلحة القاصر والورثة لمقدمة الطلب أو وكيلها بتاريخ 1993.4.13 ف. بما يكون معه الحكم المطعون فيه قاصر التسبيب متعين النقض دون حاجة إلى مناقشة بقية أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بالمصروفات.