Skip to main content

طعن مدني رقم 143، 339/ 46 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة: ,
  • رقم الطعن: 143
  • السنة القضائية: 46
  • تاريخ الجلسة: 24 مارس 2004

طعن مدني رقم 143، 339/ 46 ق

العنوان

  1. تقسيم الحكم المبلغ التعويض المحكوم به إلى قسمين أحدهما للضرر المادي والآخر للضرر المعنوي لا ينطوي على تناقض.
  2. المطالبة بالتعويض عن الإعاقة والتنقل والسفر القضاء بالتعويض عن الضرر المادي المتمثل في إنقاص قدرة المدعي بصفة مستديمة – لا يعتبر تغييرا في سبب الدعوى
  3. ينقل الاستئناف الدعوى بحالتها بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف.
  4. شرط قبول الاستئناف المقابل.
  5. لا تنطبق على المستأنف في الاستئناف الأصلي.قاعدة لا يضار المستأنف باستئنافه في حالة إنقاص المبلغ المحكوم به بناء على استئناف مقابل.

الملخص

  1. فإن قيام الحكم بتقسيم قيمة التعويض المحكوم به ابتداء إلى قسمين أحدهما عن الأضرار المادية والآخر عن الأضرار الأدبية في حدود المبلغ الذي قضى به الحكم الابتدائي في منطوقه لا ينطوي على أي تناقض.
  2. من بين طلبات المطعون ضدها في صحيفة دعواها تعويضها عن الأضرار المادية المتوقعة ومتطلبات الإعاقة والتنقل والسفر ومواجهة متطلبات الحياة مع الإعاقة، ومن ثم فإن ما أورده الحكم في معرض بيانه لعناصر التعويض من ضرر مادي في جسم المدعية وإنقاص قدرتها العاملة بصفة مستديمة يدخل ضمن ما تضمنته صحيفة دعواها من طلبات ولا ينطوي على أي تغيير لسبب الدعوى
  3. طبقاً لنص المادة 319 من قانون المرافعات أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط.
  4. إن نص المادة 323 من قانون المرافعات قد أجاز للمستأنف عليه أن يقدم استئنافاً مقابلاً، ولم يشترط لذلك سوى أن يتم تقديم الاستئناف المقابل عند تقديم مذكرة الدفاع الأولى أو في الجلسة الأولى على الأكثر، فإنه لا يسوغ إضافة شرط جديد لما اشترطه القانون لتقديم ألا يكون رافعه قد سبق له رفع استئناف أصلي باطل على ذات الحكم، لا سيما أن الجدوى من استعمال المستأنف لحقه في رفع الاستئناف المقابل لا تتحقق إلا إذا كان لم يرفع أو كان استئنافه الأصلي باطلاً.
  5. قضاء الحكم المطعون فيه بنقص قيمة التعويض المحكوم به ابتدائيا للمطعون ضدها عن الضرر الأدبي لم يكن نتيجة استئناف المطعون ضدها حتى يسوغ القول بأنه أضر الطاعنة بطعنها، وإنما كان ذلك بناءً على الاستئناف المقابل المرفوع من الجهة المحكوم عليها والذي قضى الحكم المطعون فيه بقبوله وكان من بين أسبابه أن الحكم المستأنف بالغ في قيمة التعويض المحكوم به.

الحكم

الوقائع

أقامت المطعون ضدها ووالدها الدعوى رقم 1833 لسنة 1997 أمام محكمة طرابلس الابتدائية على الجهة الطاعنة وهيئة التأمين الطبي وقالا في بيانها: إن المدعية الأولى تعرضت لحادث سقوط بمناسبة قيامها بالأعمال المنزلية وقام والدها بنقلها إلى المستشفى حيث أسيء تشخيص حالتها وقدم لها العلاج الذي لا يتفق وحالتها الصحية، الأمر الذي اضطره إلى إعادتها إلى المستشفى في اليوم التالي بسبب ارتفاع درجة حرارتها، ونتيجة لأخذ عينة من أسفل العمود الفقري بالمخالفة للأصول العلمية والفنية فقد أدى ذلك إلى التهاب في الأغشية السحائية كما أدى إلى شلل وفقدان الحس في رجلها اليمنى، وبسبب ذلك أقامت الدعوى رقم 1016 لسنة 1993 أمام محكمة طرابلس الابتدائية التي أثبتت المسؤولية عن الخطأ الطبي وقضت لها مؤقتا بتعويض لمواجهة المصروفات العلاجية وصار هذا الحكم نهائيا بتأييده استئنافيا، وبالنظر إلى ما تحملته من مصروفات للعلاج وإلى حجم المصيبة التي أصابتها فقد أقام المدعيان دعواهما طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهما بمبلغ ستين ألف دينار عن المصروفات المادية السابقة، ومائتي ألف دينار تعويضا لها عن الأضرار المادية المتوقعة، ومصروفات مواجهة العلاج الطويل المنتظر ومتطلبات الإعاقة والتنقل والسفر، ومائتين وخمسين ألف دينار عن الأضرار المعنوية والمعاناة النفسية من جراء الإعاقة وللمدعي الثاني مائة ألف دينار عن الأضرار المعنوية والمعاناة النفسية، وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى الثاني لرفعها من غير ذي صفة وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة وبإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعية الأولى مبلغ مائة ألف دينار تعويضا لها عن الأضرار المعنوية التي لحقت بها، وبرفض ما زاد على ذلك من الطلبات، فاستأنفت المحكوم لها هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس وقيد استئنافها تحت رقم 375 لسنة 44 ق، كما أقامت الجهة المحكوم عليها استئنافا أصليا قيد تحت رقم 399 لسنة 44 ق واستئنافا مقابلا، وبعد أن نظر الاستئنافات قضت المحكمة في الاستئناف المضموم رقم 399 لسنة 44 ق ببطلان صحيفة الاستئناف وفي الاستئنافين الأصلي رقم 375 لسنة 44 ق والمقابل شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم، المستأنف.

 ” وهذا هو الحكم المطعون “

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.12.12 ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن عليه بطريق النقض بالطعن رقم 143 لسنة 46 ق نيابة عن أمين اللجنة الشعبية العامة للصحة والضمان والاجتماعي بصفته لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.2.20، وأودع مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع – بتاريخ 1999.2.24 – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدها بتاريخ 1999.2.22، وبتاريخ 1999.3.15 أو دعت محامية المطعون ضدها مذكرة رادة بدفاعها مشفوعة بسند وكالتها.

وبتاريخ 1999.6.10 ف قررت محامية المدعية الطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بالطعن رقم 339 لسنة 46 ق، مسددة الرسم والكفالة، ومودعة مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وسند وكالتها، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي، ثم أودعت – بتاريخ 1999.6.14ف – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما بصفتيهما في اليوم السابق.وبتاريخ 1999.6.30ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة رادة بدفاع المطعون ضدهما الأول بصفته،

وقدمت نيابة النقض مذكرتين في الطعنين أبدت فيهما رأيها بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفضهما، وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين أصرت على رأيها.

وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 339 لسنة 46 ق إلى الطعن رقم 143 لسنة 46 ق ليصدر فيهما حكم واحد.

الأسباب

حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما المقررة في القانون، فإنهما يكونان مقبولين شكلاً

 أولاً:- الطعن رقم 143 لسنة 46 ق:-

حيث إن الجهة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من الوجوه الآتية:- 

  1. إن الحكم قضى في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف الذي قضى بإلزام الجهة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ مائة ألف دينار تعويضا عن الأضرار الأدبية فقط، ومع ذلك تضمنت أسباب الحكم المطعون فيه تعويضا للمطعون ضدها عن الضرر المادي الذي لم يقض الحكم المستأنف بالتعويض عنه، مما يجعل الحكم مشوباً بالتناقض.
  2. إن الحكم قضى للمطعون ضدها بتعويض عن الأضرار المترتبة على الإخلال بقدرتها على الكسب وعن الأذى اللاحق بجسمها رغم أن طلباتها اقتصرت على التعويض عن الأضرار المعنوية والمادية اللاحقة بها المتمثلة فيما تكبدته من نفقات ومصروفات، وهو ما يعد تغييرا لسبب الدعوى لا تملكه المحكمة بغير طلب من الخصوم.
  3. إن الجهة الطاعنة دفعت بعدم مسؤولية تابعيها لعدم ثبوت الخطأ في حقهم استنادا إلى أن الخطأ المنسوب لهؤلاء لم يثبت عن طريق المجلس الطبي الذي خصه المشرع بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية طبقا لنص المادة 27 من القانون رقم 17 لسنة 1986 بشأن المسؤولية الطبية، واكتفى الحكم المطعون فيه بالإشارة إلى هذا الدفع دون بحثه أو تحقيقه.

وحيث إن الوجه الأول في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أفصح في أسبابه عن أنه يؤيد الحكم المستأنف في منطوقه بالنسبة للمبلغ المحدد لتعويض المحكوم لها، وبالتالي فإن قيام الحكم بتقسيم قيمة التعويض المحكوم به ابتداء إلى قسمين أحدهما عن الأضرار المادية والآخر عن الأضرار الأدبية في حدود المبلغ الذي قضى به الحكم الابتدائي في منطوقه لا ينطوي على أي تناقض.

وحيث إن الوجه الثاني غير سديد، ذلك أن الثابت أوراق الطعن أن من بين طلبات المطعون ضدها في صحيفة دعواها تعويضها عن الأضرار المادية المتوقعة ومتطلبات الإعاقة والتنقل والسفر ومواجهة متطلبات الحياة مع الإعاقة، ومن ثم فإن ما أورده الحكم في معرض بيانه لعناصر التعويض من ضرر مادي في جسم المدعية وإنقاص قدرتها العاملة بصفة مستديمة يدخل ضمن ما تضمنته صحيفة دعواها من طلبات ولا ينطوي على أي تغيير لسبب الدعوى.

وحيث إن الوجه الثالث غير صحيح.ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه تضمن الرد على دفاع بعدم مسؤوليتها لعدم ثبوت الخطأ المنسوب إلى تابعيها عن طريق المجلس الطبي الذي خصه المشرع بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية، إذ جاء بالحكم مسؤولية الجهة الطاعنة صارت ثابتة بحكم نهائي وهو الحكم الصادر من محكمة طرابلس الابتدائية في الدعوى رقم 1016 لسنة 1993 ف الذي بحث عنصر الخطأ وعلاقة السببية وقدر للمدعية – بناءً على طلبها – تعويضاً مؤقتاً، كما جاء بذلك الحكم، أن الحكم القضائي له الحجية فيما قضى به بين الخصوم إذا كان قد حسم بين الخصوم مسألة جزئية وحاز قضاؤه فيها قوة الأمر المقضي فلا يجوز بحثها من جديد في دعوى لاحقة بأدلة قانونية أو واقعية جديدة.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن ما انتهى إليه الحكم الابتدائي بشأن مسؤولية الجهة الطاعنة لم يكن محلاً للاستئناف من جانبها، وأن استئنافها كان قاصراً على عدم صلاحية الهيئة التي أصدرت الحكم الابتدائي ومبالغة ذلك الحكم في مبلغ التعويض المقضي به، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 319 من قانون المرافعات أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، فإن عدم تعرض الحكم المطعون فيه للبحث في مدى مسؤولية الجهة الطاعنة التي لم يرفع الاستئناف بالنسبة لها يتفق مع حدود سلطتها المقررة بموجب المادة المشار إليها.

وبناء على ذلك فإن أسباب الطعن جميعها تكون على غير أساس من الواقع أو القانون.

ثانياً:- الطعن رقم 339 لسنة 46 ق:-

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من الوجوه الآتية:-

  1. إن الحكم قضى بقبول الاستئناف المقابل المرفوع من المطعون ضده الأول شكلاً وبتخفيض قيمة التعويض رغم أن الاستئناف الأصلي المرفوع من المطعون ضده المذكور كان باطلاً لبطلان صحيفته، وأن الاستئناف لا يجوز إلا مرة واحدة إذا كان الحكم المستأنف معلناً.
  2. إن الحكم قضى في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف مع أنه أورد في أسبابه تخفيضاً لقيمة التعويض المحكوم به عن الضرر الأدبي من مائة ألف دينار إلى عشرين ألف دينار، بما يجعل أسبابه متناقضة مع منطوقه.
  3. إن الحكم انتهى إلى قبول استئناف الطاعنة ومع ذلك نقص قيمة التعويض المحكوم به لها عن الضرر الأدبي، و بذلك يكون الحكم قد أضر الطاعنة بطعنها 
  4. إن الحكم أغفل الرد على ما قدمته الطاعنة من دفاع ومستندات تثبت المبالغ التي أنفقتها على علاجها.
  5. إن الحكم انتهى إلى تأييد حكم محكمة أول درجة في قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته، وبذلك يكون قد خالف الحكم القضائي النهائي الصادر بين ذات الخصوم في الدعوى رقم 1016 لسنة 1993 ف الذي أثبت مسئولية المطعون ضده المذكور، كما خالف قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 556 لسنة 1991 ف بشأن تنظيم هيئة التأمين الطبي الذي ينص على أن العاملين من مزاولي المهن الطبية في المستشفيات والمرافق الصحية التابعة للدولة يتم دفع أقساط التأمين عنهم من أمانة الصحة بواقع ستين في المائة ويستقطع الباقي – وقدره أربعون في المائة – من مرتباتهم مباشرة دون إبرام أية وثائق أو عقود تأمين مع هيئة التأمين الطبي، بخلاف العاملين في المستشفيات والمصحات الخاصة من غير العاملين التابعين لأمانة الصحة الذين تبرم معهم.عقود تأمين، وبالتالي فإن قضاء الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه بعدم صفة المطعون ضده الثاني في الدعوى لعدم تقديم وثيقة التأمين يكون مخالفاً للقانون.

وحيث إن الوجه الأول مردود ذلك أن ما يقرره القانون من حقوق للخصوم لا يجوز تقييده إلا بنص واضح صريح يحدد هذا القيد ويضع حدوده.

وحيث إن نص المادة 323 من قانون المرافعات قد أجاز للمستأنف عليه أن يقدم استئنافاً مقابلاً، ولم يشترط لذلك سوى أن يتم تقديم الاستئناف المقابل عند تقديم مذكرة الدفاع الأولى أو في الجلسة الأولى على الأكثر، فإنه لا يسوغ إضافة شرط جديد لما اشترطه القانون لتقديم ألا يكون رافعه قد سبق له رفع استئناف أصلي باطل على ذات الحكم، لا سيما أن الجدوى من استعمال المستأنف لحقه في رفع الاستئناف المقابل لا تتحقق إلا إذا كان لم يرفع أو كان استئنافه الأصلي باطلاً.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز الاستئناف المقابل تأسيساً على أن الاستئناف المقابل جائز للمستأنف عليه متى قدم في الجلسة الأولى للمرافعة سواء كان قد رفع استثنافاً تحريرياً باطلاً أو لم يستأنف الحكم أصلاً، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.

وحيث إن الوجه الثاني قد سبق الرد عليه بما أفصح.عنه الحكم في أسبابه من أن تأييده للحكم المستأنف يتعلق بإجمالي المبلغ المحدد للتعويض، وهو ما التزم به الحكم المطعون فيه بعد قيامه بتجزئة للتعويض، التعويض، بما ينفي عنه أي تناقض.

وحيث إن الوجه الثالث مردود بأن قضاء الحكم المطعون فيه بنقص قيمة التعويض المحكوم به ابتدائيا للمطعون ضدها عن الضرر الأدبي لم يكن نتيجة استئناف المطعون ضدها حتى يسوغ القول بأنه أضر الطاعنة بطعنها، وإنما كان ذلك بناءً على الاستئناف المقابل المرفوع من الجهة المحكوم عليها والذي قضى الحكم المطعون فيه بقبوله وكان من بين أسبابه أن الحكم المستأنف بالغ في قيمة التعويض المحكوم به.

وحيث إن الوجه الرابع في غير محله، ذلك أن الثابت من الحكم أن الأضرار المادية الابتدائي أنه انتهى إلى رفض طلب الطاعنة تعويضها عن الأضرار المادية التي لحقت بها والمتمثلة في مصروفات العلاج بجميع أنواعها، استناداً إلى أن الصورة الضوئية للفاتورة المقدمة من مصحة الزيتون لم تعتمد من السلطات الليبية حتى يطمئن إليها وإلى صدورها من المصحة المنسوبة إليها، وأن ما أوردته من تقريرات وبيانات تتعلق بمصروفات العلاج والإقامة لا تصلح دليلاً على إثبات دعواها ما لم تعززها بالأدلة المثبتة لها، وأن الأوراق خالية من أنها تكبدت مصروفات للعلاج، ومن ثم يتعين اعتبارها عاجزة عن إثبات دعواها، وبناء على استئناف الطاعنة للحكم الابتدائي فقد قضى لها الحكم المطعون فيه بالتعويض عن الأضرار المادية التي حددها فيما أصاب جسمها من ضرر مادي جسيم نقص قدرتها العاملة بصفة مستديمة دون الالتفات إلى ما ادعته من تكبد مصروفات للعلاج، بما ينطوي على تأييد لما قضى به الحكم الابتدائي في هذا الشأن، ويدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وما قدم فيها من مستندات

وحيث إن الوجه الخامس غير سديد، ذلك أنه لا يبين من الحكم المطعون فيه، ولا من الحكم الابتدائي، ولا من سائر أوراق الطعن، أن المطعون ضده الثاني (هيئة التأمين الطبي كان طرفاً في الدعوى رقم 1016 لسنة 1993 ف، وأن الحكم الصادر في تلك الدعوى قد أثبت مسؤولية المطعون ضده المذكور، إذ لم تقدم الطاعنة صورة من ذلك الحكم ضمن مستندات طعنها للوقوف على صحة ما تنعى به من الحكم المطعون فيه خالفه في تأييد حكم محكمة أول درجة في قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني، بما يجعل هذا النعي مجرد قول مرسل ولا دليل عليه، ومن جانب آخر، فإن الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني (هيئة التأمين الطبي) على أن المدعية لم تثبت أن المدعى عليه المذكور أصدر وثيقة تأمين للمدعى عليه الأول تغطي مسؤولية أعمال تابعيه.وما أورده الحكم على هذا النحو يتفق مع أحكام قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 203 لسنة 1993 ف بإصدار لائحة التسجيل وجمع الاشتراكات والتفتيش لهيئة التأمين الطبي التي حددت جهات العمل ومن بينها أمانة اللجنة الشعبية العامة للصحة والضمان الاجتماعي والجهات التابعة لها، وحددت فئة المشتركين الواجب تسجيلهم بأنهم كل من يمارس إحدى المهن الطبية أو المهن الطبية المرتبطة بها، وحددت كيفية توزيع عبء الاشتراك بين أمانة الصحة والمؤمن له، ثم نصت اللائحة في المادة 29 على أن تصدر الهيئة وثيقة تأمين لكل مشترك تم تسجيله طبقاً لأحكام هذه اللائحة وفقا للنموذج الذي يصدر باعتماده قرارا من اللجنة العليا للهيئة، ويسري مفعول الوثيقة للمدة التي أدى عنها المشترك قسط التأمين ويجب تجديدها قبل انتهاء مدتها بشهرين على الأقل، على أن تظل الوثيقة سارية المفعول لمدة ثلاثين يوماً بعد انتهاء مدتها المدفوع عنها قسط التأمين».

وحيث إن المستفاد من هذا النص أنه يشمل كافة المشتركين من العاملين في المهن الطبية سواء كانوا يعملون في المرافق الصحية التابعة للدولة أو في غيرها، وأن التزام هيئة التأمين الطبي بتغطية المسئولية المدنية عن الضرر الذي يلحق بأي شخص بسبب الأخطاء المهنية الناشئة عن ممارسة المهن الطبية لا يتحقق إلا من خلال وثيقة التأمين الصادرة عن الهيئة، وبشرط أن يكون الخطأ الذي أدى إلى حصول الضرر قد وقع خلال فترة سريان تلك الوثيقة، ومن ثم فإن قضاء الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهيئة التأمين الطبي لعدم ثبوت إصدارها وثيقة تأمين تغطي المسؤولية الناجمة عن الأضرار المطالب بالتعويض عنها لا مخالفة فيه للقانون.وينبني على ذلك أن الأسباب التي بني عليها هذا الطعن بدورها لا تقوم على سند من الواقع أو القانون، بما يستوجب رفض الطعنين.

فلهذه الأسباب

حکمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع برفضهما، وبإلزام الطاعنة في الطعن رقم 339 لسنة 46 ق بمصروفات الطعن.