قضية الطعن المدني رقم 518/ 59 ق
بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الأحد 13 صفر 1438 ه الموافق 13.11.2016 م بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس برئاسة
الحضور
المستشار الأستاذ: أحمد بشير بن موسی. ” رئيس الدائرة ” وعضوية المستشارين الأساتذة:
- بشير سعد الزياني.
- مصطفي امحمد المحلس.
- صلاح الدين فاتح الحبروش.
- فتحي عبد السلام سعد.
وبحضور عضو النيابة النقض الأستاذ: حميدة عبد السلام بلو.ومسجل الدائرة السيد: أنس صالح عبد القادر.
أصدرت الحكم الآتي في قضية الطعن المدني رقم 518/ 59 ق المقدم من: طارق محمد مفتاح فرج النيهوم يمثله المحامي/منصور عمران نافو.
ضد:
1- وزير الدفاع بصفته.
2- رئيس الهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح بصفته.
تنوب عنهما إدارة القضايا عن الحكم الصادر من محكمة استئناف بنغازي بتاريخ 25.6.2012 م في الاستئناف رقم 103/ 2012 م.
و بعد الإطلاع على الأوراق، وتلاوة تقرير التلخيص، وسماع المرافعة الشفوية ورأي نيابة النقض وبعد المداولة.
الوقائع
أقام الطاعن الدعوى رقم 481/2011 أمام محكمة جنوب بنغازي الابتدائية على الطاعنين بصفتيهما قال بيانا لها إنه يعمل لدى المدعى عليه الثاني ( رئيس الهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح ) منذ سنة 1988 م بمرتب شهري ضمن فريق من العمال المدنيين في نشاط استثماري تجاري كان يباشره جهاز الفضيل للتنفيذ والتشغيل والصيانة تحت رقابة ولصالح كتيبة الفضيل أبو عمر، وأن رئيس النيابة العسكرية ببنغازي أوقف عنه مرتبه منذ شهر 2011/2 بل ومنعه حتى من مباشرة عمله بدون مبرر قانوني، وانتهى إلى طلب إلزام المطعون ضدهما أن يدفعا له أجوره المتراكمة وقدرها ستة آلاف وخمسمائة وأربعة وتسعون دينارا ومائتان وعشرة دراهم وما يستجد منها إلى حين إعادته فعليا إلى سابق عمله،فقضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وقضت محكمة استئناف بنغازي بتأييد الحكم المستأنف.وهذا هو الحكم المطعون فيه
إجراءات الطعن
الإجراءات صدر هذا الحكم بتاريخ 15.2012.6، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 8.8.2012 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مودعا مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات، وبتاريخ 13.8.2012 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما بتاريخه.وبتاريخ 2012.9.6 أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاعه عن المطعون ضدهما بصفتيهما.وأودعت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي برفض الطعن، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة المختصة، وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
الأسباب
الأسباب حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلا.وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وبيان ذلك:
- إن المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 2010 م بشأن علاقات العمل – الذي ألغى القانونين رقمي 58 لسنة 1970 بشأن العمل و 55 لسنة 1976 بشأن الخدمة المدنية – قد عرفت الموظف العام بأنه ” كل من يشغل إحدى الوظائف بملاك الوحدة الإدارية ” بما يجعل مفهوم الموظف العام الذي تختص دوائر القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة بشؤونه الوظيفية منحصرا في العاملين لدى وحدة إدارية منشأة من إحدى السلطتين التشريعية أو التنفيذية، وبالتالي ولما كان الطاعن يعمل لدى النيابة العسكرية المنشأة بقرار من أمين اللجنة العامة المؤقتة للدفاع بما يجعل وصف الموظف العام غير منطبق عليه، ويكون من تم القضاء المدني – صاحب الولاية العامة – هو المختص بنظر الدعوى خاصة وأن قانون الخدمة في القوات المسلحة لم يمنع تعيين عمال مدنيين بعقود وفقا لقانون العمل كما هو الشأن بالنسبة للطاعن.
- إن الحكمين الابتدائي والمطعون فيه وبالرغم من صدورهما بعد سريان أحكام القانون رقم 12/ 2010 فإنهما استدلا على قضائهما بأحكام للمحكمة العليا كانت قد صدرت في ظل سريان القانونين رقمي 58/ 1970 م، 55/ 1976 اللذين تم إلغاؤها بالقانون المنوه عنه، بما يكون معه الحكم المطعون فيه بقضائه بتأييد الحكم الابتدائي معيبا، ويوجب نقضه.
وحيث إن الطعن بسببيه في غير محله، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي أنه أورد تبريرا لقضائه قوله (( ومن حيث ما ساقه دفاع المدعي من أسانيد باختصاص القضاء المدني بنظر الدعوى فتلك الدفوع والأسانيد في غير محلها، ذلك أن دفاع المدعي أفاد بمذكرة دفاعه بأن الدعوى مرفوعة من عامل على صاحب عمل للمطالبة بحقوق مدنية مستندا على حقوق عقدية وبأن أحكام قانون العمل هي التي تنطبق على المدعي، وواقع الحال خلاف ذلك، ذلك أن المدعي يعمل بمرفق عام تديره وتشرف عليه الدولة إلا وهو إدارة النيابة العسكرية بمدينة بنغازي، وبالتالي فإن العلاقة بين المدعي وجهة عمله علاقة لائحية تحكمها القوانين واللوائح وليست علاقة عقدية يحكمها اتفاق الطرفين، فوزارة الدفاع والهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح هي مرفق عام تديرها وتشرف عليها الدولة، وبالتالي فوفق هذا المعيار فإن المدعي هو موظف عام يعمل بمرفق عام، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في طعنها الإداري رقم 16/ 72 ق بقولها “…”…علاوة على أن المدعي صدر قرار بتعيينه وهو القرار رقم 6/ 1989 بالعمل بالقوات المسلحة بالدرجة الوظيفية المبينة أمام اسمه…وما ذكره دفاع المدعي بأنه صدر أمر بتعيين المدعي كمستخدم بتاريخ 1989.1.5 وأرسلت جهة العمل النسخة الفريدة من العقد إلى إدارتها في مقر القيادة العامة، وبأن العلاقة بين المدعي والمدعي عليهما علاقة تعاقدية ثنائية، فالرابطة العقدية التي دفع بها دفاع المدعي من وجودها بين المدعي والمدعى عليهما لا وجود لها…إضافة إلى ذلك كله فإن قرار رئيس هيئة التنظيم والإدارة رقم 690/ 2009 المرفق صورة منه بملف الدعوى جاء معنوئا بالآتي ( ترقية موظفين بالشعب المسلح ) وكان المدعي أحدهم، وبالتالي فإن جهة الإدارة قد أسبغت على المدعي وصف الموظف وليس العامل كونه يعمل بمرفق عام تديره وتشرف عليه الدولة، وبالتالي ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى الراهنة للقضاء الإداري )).ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد تبريرا لقضائه بتأييد الحكم الابتدائي قوله (( إن ما نعاه المستأنف على الحكم المستأنف لا سند له من الواقع والقانون فالهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح قد تم إنشاؤها قبل صدور القانون رقم 12/ 2010 بشأن علاقات العمل، حيث إن ديباجة قانون إنشائها يستند على قانون الإجراءات الجنائية بالشعب المسلح تحديدا الفقرة الأولى من المادة الأولى على أنه ” تنشأ هيئة تسمى الهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح تتبع اللجنة الشعبية العامة المؤقتة للدفاع تتكون من نيابة ومحاكم الشعب المسلح وإدارات وفروع أخرى…” عليه تكون الهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح مرفق عام أنشأته وتشرف عليه الدولة، وناهيك على أن مرفق الدفاع وما اشتمل عليه من إدارات هو جهات إدارية بحكم القانون، والعاملين المدنيين به فإن علاقتهم تخضع لقانون الخدمة المدنية وفقا لنص المادة 86/1 من القانون رقم 40 لسنة 1973 بشأن الخدمة في القوات المسلحة على أنه ” يجوز تعيين مدنيين في القوات المسلحة وفقا لقانون الخدمة المدنية واللوائح الصادرة بمقتضاه بقرار من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة )).وحيث إنه ولما كان طلب الطاعن قد انحصر في إلزام المطعون ضدهما بدفع أجوره المتراكمة لدى جهة عمله ” الهيئة العامة للقضاء بالشعب المسلح ” المنشأة بالقانون رقم 1 لسنة 1429 ( 1999 م) وتنظيمها بقرار أمين اللجنة العامة المؤقتة للدفاع رقم 15 لسنة 1430 ( 2000 م)، وكانت محكمتا الموضوع قد دلتا – بأسلوب سائغ ومقبول يرتد إلى معينه الثابت بالأوراق ويحمل ما انتهى إليه من نتيجة – على أن العلاقة التي تربط بينه وبين تلك الجهة هي علاقة لائحية وليست عقدية، وأن الطاعن لم يتأت بما يفيد أن تغييرا حصل في تلك العلاقة بعد صدور القانون رقم 12 لسنة 2010 بشأن علاقات العمل، فإن معيار تحديد اختصاص دوائر القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بالوظيفة العامة وفقا للمادة الثانية من القانون رقم 88 لسنة 1971 بشأن القضاء الإداري يكون قائما في واقعة الحال، بما لا يكون معه الحكمان الابتدائي والمطعون فيه قد خالفا القانون أو حادا عن الفهم السوي لمقتضى نصوصه أو شابهما قصور، بما يتعين معه رفض الطعن.
الحكم
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصاريف.
- المستشار أحمد بن موسى بشير رئيس الدائرة
- المستشار مصطفى امحمد المحلس
- المستشار عبد الحميد علي الزيادي
- المستشار بشير سعد الزياني
- المستشار فتحي عبد السلام سعد
- مسجل الدائرة أنس صالح عبد القادر