أدوات الوصول

Skip to main content

طعن رقم 1821 لسنة 56 ق 2012 م

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن:
    1821
  • السنة القضائية:
    56
  • تاريخ الجلسة:
    25 أبريل 2012

بالجلسة المنعقدة علنا صباح يوم الأربعاء 4 جمادي الآخر 1433هـ الموافق 2012.4.25 م بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس. 

الحضور

برئاسة المستشار الأستاذ: يوسف مولود الحنيش “رئيس الدائرة”. وعضوية المستشارين الأساتذة: مفتاح رحيل البرعصي، أحمد حسين الضراط، توفيق حسين الكردی، بشير سعد الزياني، وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ: صالح علي معتوق. ومسجل الدائرة الأخ: عبد الحميد محمد الرويمي. 

الملخص

حكم قضاؤه على اساس ان البيع بالعربون والعقد المبدئي يؤديان إلى معنى واحد – خطأ في فهم القانون – أساس ذلك- أثره. 

لما كان من المقرر أن هناك فرقا ما بين البيع بالعربون، وبين العقد المبدئي، وكانت المحكمة المطعون في قضائها قد ذهبت الى أنه لا فرق بينهما ولم تبحث النية المشتركة للمتعاقدين فإن قضاءها يكون قاصر التسبيب متعين النقض.

بعد تلاوة تقرير التلخيص وسماع المرافعة الشفوية ورأي نيابة النقض والإطلاع على الأوراق، وبعد المداولة. 

الوقائع

أقام الطاعن ضد المطعون ضده الدعوى رقم 2007/836 أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية بصحيفة قال فيها:- إنه 

بموجب عقد مبدئ اشترى من المدعى عليه المنزل الذي أورد معالمه بالصحيفة بثمن اجمالى ترك أمر تقديره لمكتب تسعير العقارات المختص وسدد مائة ألف دينار بموجب صك مسحوب على المصرف التجاري الوطني استلمه المدعى عليه عند توقيع العقد المبدئي ثم فوجئ بالمدعى عليه يبدي رغبته في عدم إتمام إجراءات البيع ونقل الملكية بدعوى ارتفاع أسعار العقارات كما رفض استلام باقي الثمن الذي قدره المكتب المذكور رغم توجيه إخطاره له بالخصوص.

وخلص إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع وإلزام المدعى عليه تسليمه العقار موضوع الدعوى خالية من الشواغل والأشخاص وأن يدفع له تعويض قدره خمسون ألف دينار عما سببه له من ضرر وتعويضه شهرية قدره خمسة آلاف دينار عن كل شهر يتأخر فيه عن التسليم وتنفيذ الحكم. والمحكمة حكمت بصحة العقد المبدئي المبرم بين المدعى والمدعى عليه وألزمت المدعى عليه المصاريف والأتعاب ورفض ما زاد على ذلك من طلبات. 

استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس بالإستئنافين التحريرى والشفوى رقمی 218 و 94 و 2008/99 كما استأنفه المطعون ضده أيضا أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 257 التي قررت ضم الاستئنافات إلى بعضها ثم قضت بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات 

صدر هذا الحكم بتاريخ 2009.6.10 ولا يوجد ما يفيد إعلانه وبتاريخ 2009.7.27 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددة الرسم ومودعة الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الإبتدائى وبتاريخ 2009.7.30 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في 28، 2009.7.29 وحافظة مستندات دون على غلافها ما تحويه. وبتاريخ 2009.8.13 أودع مذكرة شارحة. ومحامي المطعون ضده أودع بتاريخ 2009.9.3 مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند التوكيل محافظة مستندات ضمت الحكم المطعون فيه. 

وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث استوفى الطعن الشكل المقرر له في القانون فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما حاصله: 

* أنه أخطأ في فهم طبيعة العقد المبرم بين الطرفين إذ اعتبره عقدا مبدئيا أخذا من العبارة المدونة به وعدم تحديد الثمن بالكامل في حين أن المادة الرابعة منه تدل على أنه عقد بيع نهائي وأن المبلغ المدفوع هو جزء من الثمن وليس عربون وأن عدم تحديد كامل الثمن وإحالة تقديره إلى لجنة بيع العقارات لا ينفي عنه صفة النهائية ولا يحوله إلى بيع بالعربون. ويكون من ثم قد فسر عباراته الواضحة الدلالة تفسيرة خاطئاً وخرج عن الفهم الصحيح لها ثم إن قرائن الحال تؤكد اتجاه إرادة الطرفين إلى اعتباره عقد بيع نهائي من ذلك النص فيه 

على وجوب الوفاء بباقى الثمن والتزام البائع باستكمال الإجراءات المتعلقة بنقل الملكية وأن عبارة عربون الواردة بنص المادة الرابعة منه غير مقصودة بذاتها وسبب وجودها هو أنه حرر على نموذج معد سلفة والشهود الذين سمعت شهادتهم قطعوا بأن العقد الذي أبرم بين

الطرفين كان نهائياً ولم يكن بيعاً بالعربون وأن ما دفع إنما هو جزء من الثمن ولكل ذلك يكون الحكم معيبا بما يوجب نقضه. 

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وان كان يتعين على المحكمة أن تلتزم العبارة الواضحة للعقد وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 152 من القانون المدني إلا أنه يتعين عليها متى كان هناك محل لتفسير العقد كما إذا كانت عباراته تعارض بعضها بعضاً على نحو لا يمكن أن تفضى معه إلى نتيجة واحدة يسلم بها العقل أن تبحث النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بينهما وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة المذكورة وأن تبين في حكمها كيف أن صيغة العقد وملابساته أفادت المعنى الذي اقتنعت به حتى تتحقق المحكمة العليا من أنها التزمت قواعد التفسير المقررة في القانون ولم تتعد حدود ما رسمه بهذا الشأن. لما كان ذلك وكان مقطع النزاع بين طرفي الخصومة يدور حول ما إذا كان العقد الذي أبرماه عقداً نهائياً أم أنه ليس كذلك وأنه بيع بالعربون. وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبره عقداً مبدئياً والمبلغ المدفوع عربوناً أخذا من نص العقد وظروف التعاقد بأن أورد القول ( وحيث إن المحكمة استظهرت من صحيفة الدعوى ومن العقد محل الدعوى أن العقد هو عقد مبدئي وأن المادة الرابعة منه لم يتحدد فيها الثمن بل ترك حسب التشريعات النافذة وأن المبلغ المدفوع وفق بنود العقد يعتبر عربوناً تسري عليه أحكام المادة 103 من القانون المدني، وهو أمر استظهرته المحكمة من نصوص العقد وإرادة المتعاقدين من ذلك تعليق إتمام الإجراءات على أجل محدد باربعة أشهر من تاريخ تحرير العقد الموصوف بأنه مبدئي كما أشارت إلى ذلك المادة الخامسة من العقد. وحيث إن العقد ورقة رسمية تستمد حجيتها مما دون بها ولا تقبل دليلاً أو قرينة تناقضها ما لم يطعن فيها بالتزوير أو تكون تحت منازعة من أنها غير ذلك…. ” وحيث إن المستأنف ودفاعه تمسكاً بأن البيع بيع نهائي ولم يقدما على ذلك دليلاً كما تقدما بطلبين مماثلين يؤكدان فيهما أن العقد بيع نهائي. و يستطيعان أن يدللا على ذلك بشهادة الشهود وقرائن الأحوال والمحكمة استجابت لذلك….” والمحكمة تلتفت عن هذا الإثبات “شهادة الشهود ” و استجابتها لذلك كان من باب عدم الإخلال بحق الدفاع وتمكين الخصوم من تقديم ما لديهم ليس إلا. وحيث إن هذه المحكمة ثبت لديها من خلال استقراء بنود العقد أن العقد عقد مبدئي وذلك من أمرين أولهما أن العقد من العقود الجاهزة ومعنون بانه مبدئي. وثانيهما أن المادة الخامسة منه ورد بها ” على الطرفين أن يحضروا دون أي تأخير أو أي إعذار أو أي إنذار في موعد غايته التاريخ المذكور لإبرام العقد النهائي ” وبذلك فإن هذا العقد قد أقام دليلاً صحيحاً على نفسه من واقع بنوده من أنه عقد مبدئي يتوقف على رضا المتعاقدين إتماماً أو عدولاً منهما ومن ثم يكون العقد مبدئياً والمبلغ المدفوع عربوناً وهو أمر استظهرته المحكمة من نصوص العقد والقول بغير ذلك لا يسانده الواقع باعتباره دليلاً كتابياً وكان على الموثق بيان ذلك عند تحرير العقد أثناء مجلس العقد باعتباره أدرى بإرادة المتعاقدين البائع المشتري – آنذاك والمحكمة لا تستطيع أن تلزم البائع بتسليم الشيء المبيع ولا أن تلزم المشتري بدفع الثمن ). 

وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم لا يصلح لحمل ما انتهى إليه من قضاء ذلك أنه وقف عند المعنى الحرفي لنصوص العقد وجمع بين عبارات متعارضة فيه معتبراً إياها تؤدي إلى معنى واحد ونتيجة واحدة إذ اعتبر عبارة عقد مبدئ – وعبارة بيع عربون – الواردتين به تفضيان إلى معنى واحد مع أنهما ليستا كذلك إذ العقد المبدئ يفضي في العادة إلى العقد النهائي ولا خيار فيه لطرفيه اللذين اتفقا على الشروط العامة لانعقاده وأجلا إبرامه بالشكل النهائي لاستكمال بعض الإجراءات التي لا تأثير لها في انعقاده وتلاقي إرادة طرفيه بينما البيع بالعربون هو بيع يعطى الخيار فيه لطرفيه وأن العربون هو عبارة عن شرط جزائي لحمل الطرفين على إتمام البيع. مما كان ينبغي معه على المحكمة المطعون في حكمها وقد بان لها مقطع النزاع ووجود عبارات بالعقد لا تؤدي نفس المعنى بل ويوجد بينها تعارض على نحو لا يمكن معه أن تؤديا إلى نتيجة واحدة يسلم بها العقل أن تبحث في النية المشتركة للمتعاقدين أخذا من طبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بينهما مستعينة في ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها بأن تستعرض المستندات والأدلة المقدمة في الدعوى وتناقشها وتقول كلمتها فيها. وحيث استبعدت شهادة الشهود دون مبررات معقولة ومنطقية وقانونية على ما سلف إيراده فإن حكمها يكون قاصر البيان بما يتعين معه نقضه. 

الحكم

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون، فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وإلزام المطعون ضده المصاريف.