طعن مدني رقم 7/ 45ق
طعن مدني رقم 7/ 45ق
خلاصة المبدأ
- علاقة العمل لا تصلح أن تكون مانعا – أدبيا يحول دون رفع الدعوى – أساس ذلك.
- المانع الأدبي في علاقة العمل لا يجول دون رفع الدعوى – أساس ذلك
الحكم
الوقائع
أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 1994/1197ف أمام محكمة بنغازي الابتدائية اختصموا فيها الطاعن بصفته، بصحيفة قالوا فيها: إنهم يعملون لدى المدعى عليه بصفته بعقود غير محددة المدة، وقد قام بتكليفهم بأعمال إضافية بعد ساعات الدوام الرسمي، وأيام الجمع والعطلات الرسمية، إلا أنه صرف لهم المقابل وفقاً لقيمة المرتب الأساسي وليس الإجمالي، وخلصوا إلى طلب إلزامه بأن يدفع لكل واحد منهم عشرة آلاف دينار نظير قيامهم بالعمل الإضافي عن الفترة من 1982.1.1ف وإلى 1992.11.30ف، والمحكمة قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع لكل واحد من المدعيين عشرة آلاف وأربعمائة دينار ليبي، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي بالاستئناف رقم 97/51 قضت فيه بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بصفته بأن يدفع لكل مستأنف عليه المبلغ الذي حدده الخبير بتقريره المقدم لمحكمة أول التي درجة.
وهذا هو الحكم المطعون فيه ”
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1997.6.29ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1997.10.7ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا، وسدد الرسم، وأودع الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى للحكم الابتدائي، وحافظة مستندات، وبتاريخ 1997.10.12ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم في موطنهم المختار في اليوم السابق، وبتاريخ 1997.11.15ف أودع دفاع المطعون ضدهم سند وكالته، وحافظة مستندات، ومذكرة رادة دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلا، لأن الطاعن بصفته لم يقم بإيداع تقرير الخبير الذي اعتبرته المحكمة المطعون في حكمها مكملاً لأسبابها… قدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن، وأبدت وفي الجلسة المحددة لنظره رأيها بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه، أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إنه فيما يتعلق بشكل الطعن، فإن ما دفع به محامي المطعون ضدهم في غير محله، ذلك أن المشرع أوجب على الطاعن – في المادة 345 من قانون المرافعات – أن يودع قلم كتاب محكمة النقض، خلال عشرين يوماً من تاريخ الطعن، أصل ورقة إعلان الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، إذا كان قد أحال عليه في أسبابه، ومذكرة شارحة لأسباب الطعن، وذلك حتى يستكمل الطعن الشكل الذي قرره القانون، وأما ما عدا ذلك من المستندات فلا يؤثر تخلف إيداعها على قبول الطعن من حيث الشكل.
لما كان ذلك، وكان الطاعن بصفته أودع المستندات المشار إليها سابقاً فإن طعنه يكون قد استوفى الإجراءات الشكلية المطلوبة للطعن بالنقض، ويكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وتأويله، ذلك أنه دفع أمام المحكمة بتطبيق أحكام التقادم الخمسي إلا أنها لم تستجب لذلك بحجة أن المطعون ضدهم يجهلون حقوقهم لدى الشركة، كما أن استمرارهم في العمل معها يعتبر مانعاً أدبياً، يمنعهم من المطالبة بحقوقهم، والثابت أن المطعون ضدهم على علم يقيني بما يطالبون به فضلا عن أن المانع الأدبي غير متصور في علاقة المطعون ضدهم بإدارة الشركة المصعدة شعبياً.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن علاقة العمل في ذاتها لا تعتبر مانعا أدبيا يقف سريان التقادم بين العامل ورب العمل بعد أن تدخل المشرع ونظم هذه العلاقة بمقتضى أحكام قانون العمل التي وضعت ضمانات قوية تتيح للعامل المحافظة على حقوقه، والمطالبة بها بطريقة ميسورة، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة تعاقدية، مما لا يصح القول بأن علاقة العمل تعتبر مانعاً أدبياً منع المدعين من المطالبة بحقوقهم، إذ أن تلك المطالبة كانت سبلها ميسرة أمامهم خاصة وأن عددهم تجاوز المئات ويعملون في شركة عامة تملك الدولة رأسمالها بالكامل.
وحيث إن ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحقوق الدورية المتجددة التي نصت الفقرة الأولى من المادة 362 من القانون المدني على تقادمها بخمس سنوات، يخضع حساب مدة التقادم بالنسبة لها للقاعدة
العامة الواردة في المادة 368 من ذات القانون، وهي تقضي بان يبدأ سريان مدة التقادم من وقت استحقاق الدين ما لم يرد نص خاص يجعل بدء سريان التقادم غير يوم الاستحقاق، وإذ كان المشرع لم ينص علي وقف سريان التقادم الخمسي بالنسبة لهذه الحقوق ما بقي العامل مستمراً في عمله، كما لم ينص على أن مدة التقادم لا تبدأ إلا من تاريخ انتهاء عقد العمل الحال بالنسبة للمادة 698 من القانون المدني، التي تنص على أنه ( تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد….. )، وذلك رغبة من المشرع في التعجيل بإنهاء المنازعات التي قد تنشأ بين العامل ورب العمل لا تجوز مخالفة هذه القاعدة عند احتساب بداية سريان مدة التقادم بافتراض مواعيد لم ينص عليها المشرع، أو بالخلط بينها وبين نص المادة 698 من القانون المدني الذي أوجب رفع الدعوى الناشئة عن عقد العمل في ظرف سنة من تاريخ انتهاء العقد وإلا قضى بسقوطها.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الشركة الطاعنة بصرف فروق العمل الإضافي للمطعون ضدهم اعتباراً من 1982.1.1 ف وحتى تاريخ 1990.11.30ف دون أن يطبق أحكام التقادم الخمسي وفقاً لنص المادة 362 من القانون المدني، اعتماداً على وجود المانع الأدبي الذي اتضح عدم قيامه في هذه الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور، والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.