طعن مدني رقم 43/ 50ق
طعن مدني رقم 43/ 50ق
خلاصة المبدأ
طرح تقرير الخبرة، وجوب بيان سببه – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 47 لسنة 2001 ف أمام محكمة باب بن عشير الجزئية اختصم فيها المطعون ضده بصفته وقال شرحاً لها: إنه يملك مزرعة بمنطقة القره بوللي مشجرة بأشجار مثمرة وبتاريخ 1998/5/18 اندلع بها حريق ناتج عن التماس كهربائي بإحدى المحولات الكهربائية الواقعة بجوار المزرعة أتت النيران على مساحة خمس هكتارات مزروعة بنبات “القصيبة” وعلى أربعمائة شجرة سرول وثلاثمائة شجرة نخيل وثلاثمائة شجرة زيتون ومائة شجرة عنب وخمسين شجرة تفاح وعشرين شجرة تين وشجرتي توت وجميعها أشجار مثمرة وخلص إلى طلب إلزام المدعى عليه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة ألف دينار تعويضاً شاملاً فقضت المحكمة برفض الدعوى.
استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية التي قضت بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2002.2.11 وليس بالأوراق ما يفيد إعلانه.
وبتاريخ 2002.10.27 قرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم والكفالة ومودعاً سند وكالته وصورة من الحكم المطعون فيه وأخرى من الحكم الجزئي وبتاريخ 2002.11.2 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى الشركة المطعون ضدها في اليوم السابق.
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي يقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من الوجوه الآتية:-
- إن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف قضى برفض الدعوى تأسيساً على عجز المدعى عن إثبات خطأ المدعى عليهم وطرح محضر جمع الاستدلالات وتقرير الخبرة وكان المدعى قدم محضر جمع الاستدلالات كدليل على حصول الحريق كما قدم تقرير الخبرة الذي قال عنه الحكم المستأنف أن الخبير لم يعلن المدعى عليه بموعد الخبرة في حين تم إعلان الخصوم بموعد الخبرة بموجب الإعلانات المعدة من الخبير والمسجلة بسجل محضري محكمة شمال طرابلس الابتدائية.
- أورد الحكم المطعون فيه أن الخبرة قد تمت بعد سبعة أشهر من وقوع الحريق ولا يمكن بعدها لأي خبير إرجاع سبب الحريق إلى فعل معين والحكم في هذا الخصوص يكون قد خاض في مسألة فنية صرفة وهي من صميم عمل الخبير وقد أعد الخبير تقريره دون الإشارة إلى هذا الجانب.
- كان على الحكم المطعون فيه وقد تعرض لهذه المسألة الفنية أن يبحثها عن طريق خبير آخر لا أن يتعرض لها بنفسه.
- إن الحكم المطعون فيه طرح تقرير الخبرة على سند من أنه لم يؤكد أن سبب الحريق ناتج عن التماس كهربائي في حين أن تقرير الخبرة أشار في الاحتمال الثاني إلى وجود آثار حريق في أسفل أحد الأعمدة الخشبية بالمحطة الهوائية والناتج عن ربط سلك الأرض بالمحطة بالقضيب الأرضي المثبت في الأرض وأنه كثيراً ما يحدث شرارة كهربائية وهذا يؤكد أن الخبير وضع يده على السبب الفعلي للحريق.
كما أشار الخبير إلى أن الرياح في ذلك اليوم كانت رياح قبلي ولو أمعنت المحكمة النظر في التقرير لاستنتجت من ذلك أن خط الكهرباء يقع في الجانب القبلي للمزرعة فلو كان الحريق بسبب آخر لما وصلت آثاره إلى أعمدة المحطة وهذا يؤكد أن مصدر الحريق كان من الاتجاه الذي به المحطة واستمر بسبب الرياح ليشمل المزرعة بكاملها.
- أما ما أورده الخبير من وجود احتمالين هو من باب التزيد لأن ما أورده بشأن الاحتمال الأول لا أصل له في الأوراق وهو ما جعله يعطي اهتماماً للاحتمال الثاني.
- تجاهل الحكم المطعون فيه ما أورده مأمور الضبط القضائي من قيام الشركة بوضع عمود كهربائي حديث بدلاً من أحد الأعمدة المثبت عليها المحطة وفي ذلك دليل على حصول خلل بها مما جعل الشركة تسرع في معالجته.
وحيث إن هذه المناعي جميعاً مردودة ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن لقاضي الموضوع صلاحية وزن الأدلة وترجيح ما يطمئن إليه وجدانها وتقدير قيمتها التدليلية في الإثبات، وله أن يأخذ بتقرير الخبرة متى ما اطمأن إليه وله أن يطرحه وكل ما يطلب في هذا الخصوص أن يبين في أسباب حكمه الدواعي التي حملته إلى عدم الأخذ بتقريرالخبرة.
وحيث إن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن نسبة الخطأ إلى الشركة المطعون ضدها لم يكن ثابتاً ثبوتاً قطعياً لعدم تقديم الطاعن دليلاً على أن الحريق الذي شب في مزرعته كان نتيجة كهرباء وأن محضر الشرطة لم يبين سبب الحريق ولا يوجد دليل قاطع على أن أحد أسلاك الضغط العالي قد تعرض للقطع يوم حصول الحريق وانتهى إلى عدم التعويل على تقرير الخبير الكهربائي لعدة أسباب منها عدم وجود ما يفيد إعلان الشركة المدعى عليها بموعد ومكان الخبرة، فضلا عن عدم إرجاع الخبير سبب الحريق إلى فعل معين ولم يؤكد في تقريره أن الحريق كان نتيجة التماس كهربائي وأورد لذلك احتمالين إما أن يكون بفعل فاعل عن عمد أو بحسن نية وإما بسبب انقطاع سلك الكهرباء. وانتهى الحكم أن الخبير رغم ما شاب تقريره من بطلان لم يؤكد على سبب معين للحريق.
لما كان ذلك وكانت الشركة الطاعنة قد دفعت أمام المحكمة المطعون في حكمها بأنها لم تخطر بموعد الخبرة ومكانها وأن التقرير أعد في غيابها وأن المحكمة تحققت من صحة هذا الدفع بعد أن تبين لها خلو الأوراق مما يفيد إخطارها بموعد الخبرة وكان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بتأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض الدعوى استناداً إلى بطلان
تقرير الخبرة فحسب بل إنه أضاف إلى ذلك دعامة أخرى وهي أن التقرير ذاته لم يجزم بنسبة الخطأ إلى الشركة المطعون ضدها لعدم ثبوت حصول الحريق بسبب يرجع إلى الخط الكهربائي وهو قضاء يجد صداه في أوراق الدعوى مقام على استخلاص سائغ ومتفق وصحيح القانون بما تكون المناعي برمتها على غير أساس بما يتعين معه رفض الطعن معه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات.