طعن مدني رقم 344/46 ق
طعن مدني رقم 344/46 ق
خلاصة المبدأ
ضمان البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع مداه.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 94/197 ضد الطاعن بصفته وآخرين أمام محكمة طرابلس الابتدائية قال شرحاً لها: إنه عضو في جمعية الشرطة التعاونية للإسكان، وبتاريخ 79.4.7 ف اشترى منها قطعة أرض كائنة بطرابلس وفقا للحدود والمعالم المبينة في صحيفة الدعوى، وسدد ثمنها، وسجلها في السجل العقاري، ولكنه لم يتسلمها من المدعى عليه الأول بصفته، لأن أمانة الإسكان قامت بإنشاء مشروع سكني عليها، وخلص إلى طلب الحكم له بالزام المدعى عليهم برد ثمن قطعة الأرض ورسوم تسجيلها، وتعويضه بمبلغ مائتي ألف دينار عما فاته من كسب ولحقه من خسارة وعن الأضرار المادية والمعنوية، وبتاريخ 1994.11.20، قضت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس بالاستئناف رقم 42/905 ق التي قضت بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبالزام المستأنف عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يردوا إلى المستأنف ثمن الأرض موضوع الدعوى وقدره خمسمائة وتسعة وثلاثون ديناراً و 990 درهماً، وأن يدفعوا له مبلغاً قدره ثلاثة آلاف دينار تعويضاً شاملاً لكل الأضرار.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1998.6.21ف وأعلن بتاريخ 1999.5.15ف، وبتاريخ 1999.6.14ف قرر محامي الطاعن بصفته الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 1999.7.19ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بتاريخ 1999.6.17ف، وبتاريخ 1999.6.27ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده الأول بتاريخ 1999.6.24ف، وبتاريخ 1999.7.12ف أودع دفاع المطعون ضده الأول مذكرة رادة مشفوعة بسند وكالته وحافظة مستندات وبتاريخ 1999.7.24ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضدهما الثاني والثالث وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن وأبدت رأيها أصليا ببطلان الطعن واحتياطيا قبوله شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عن رأيها وطلبت قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الجمعية باعت للمطعون ضده قطعة الأرض الواردة في صحيفة دعواه، وسلمت له وثائقها، وقام بتسجيلها في السجل العقاري، واستخرج لها شهادة عقارية بتاريخ 1979.4.14، وبسط سلطانه عليها إلى أن وقع اعتداء المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما بوضع اليد على العقار ونزع ملكيته، وقد دفعت أمام المحكمة المطعون في حكمها بأنها غير ملزمة بدفع التعرض المادي الذي يقوم به الغير، فهي غير مسؤولة عما قام به المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما بصفتيهما بدفع ثمن الأرض مع التعويض متضامنين.
وحيث إن هذا النعي، سديد ذلك أن المادة 428 من القانون المدني تنص على أن (يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله هو أم من فعل أجني. يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشتري، ويكون البائع ملزما بالضمان ولو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه).
ومقتضى ذلك أن البائع يضمن التعرض الذي يصدر منه ضد المشتري سواء كان التعرض ماديا أو قانونيا، أما إذا كان التعرض صادرا من الغير فلا يضمنه البائع إلا إذا وقع التعرض فعلا من شخص أجني ليس طرفا في عقد البيع، وأن يدعي حقا على المبيع مبنيا على سبب قانوني، وأن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع أو تاليا لـه، لكنه مستمد من البائع، فإذا انتزع الغير المبيع من المشتري عنوة كان ذلك عملا ماديا ولا يكون البائع مسؤولا عنه، ويكون للمشتري في هذه الحالة أن يواجه الغير للمطالبة بحقوقه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته (جمعية) الشرطة التعاونية للإسكان قد باعت للمطعون ضده الأول قطعة أرض كائنة بسوق الجمعة بطرابلس بموجب عقد بيع مؤرخ في 1979.3.7، وقام بتسلم المبيع وتسجيله في السجل العقاري، وحسبما يتضح من رسالة مصلحة الأملاك العامة بطرابلس المؤرخة في 1424.6.19 م، أن المؤتمر الشعبي الأساسي الجهاد بسوق الجمعة أصدر في سنة 1978 قراراً بتخصيص أرض جمعية الشرطة لتنفيذ مشروع سكني عليها، وتم تنفيذ المشروع دون أن يصدر قرار بنزع ملكيتها، ولم يصرف أي تعويض لملاك قطع الأراضي التي خصصتها الجمعية لأعضائها، فإن الطاعن بصفته يكون غير مسؤول عن الاستيلاء الذي تم من قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما بصفاتهم متضامنين بأن يردوا للمطعون ضده الأول ثمن الأرض والتعويض على النحو المذكور، فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه نقضا جزئيا دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن الأخرى.
وحيث إن مبنى النقض مخالفة القانون، وكان الموضوع صالحا للفصل فيه، فإن المحكمة تقضي فيه طبقا لنص المادة 358 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من إلزام الطاعن بصفته بالمبلغ المحكوم به بالتضامن، وفي موضوع الاستئناف رقم 42/905 ق طرابلس، بتأييد المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للطاعن بصفته (جمعية الشرطة التعاونية للإسكان) وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات الحكم.