طعن مدني رقم 243/ 46ق
طعن مدني رقم 243/ 46ق
خلاصة المبدأ
ليس للمحكمة أن تخوض في المسائل الفنية التي أبدى فيها الخبير رأيه – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ تقدمت الشركة الطاعنة بطلب إلى رئيس محكمة طرابلس الابتدائية لاستصدار أمر بالحجز التحفظي على أموال الشركة المطعون ضدها لدى جهات معينة لاستيفاء مبلغ ثمانمائة ألف ومائتين وخمسين دينارا، وصدر الأمر وحدد له جلسة للنظر في صحة الحجز وثبوت الدين بالدعوى رقم 337 لسنة 1991 أمام محكمة طرابلس الابتدائية، والشركة المطعون ضدها أنكرت توقيع ممثلها على الصكين المصرفيين موضوع الأمر القضائي، وقامت بالتقرير بالادعاء بالتزوير، وقضت المحكمة بقبول دعوى التزوير الفرعية، وبصحة تزوير المستندات المطعون عليها، وفي الدعوى الأصلية بعدم وثبوت الدين وبرفع الحجز الموقع على أموال الشركة المدعى عليها، فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد صحة الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1994.9.25، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الشركة الطاعنة الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1999.4.27، مسددا الرسم والكفالة، ومودعا مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع – بتاريخ 1999.5.6 – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 1999.5.5، وقدمت نيابة النقض مذكرة بر أيها انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها. الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانونا فهو مقبول شكلا. وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم فسر صلاحيات القاضي في تصديه للأمور الفنية تفسيرا غريبا، إذ أنه لا يملك التصدي للمسائل ذات الطبيعة الفنية من ذاته، وأنه ملزم بعدم مخالفة أي رأي فني إلا برأي فني مماثل. وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ليس لمحكمة الموضوع أن تخوض في المسائل الفنية التي أبدى فيها الخبير رأيه الفني، لأن استعانة القاضي بأهل الخبرة في المسائل الفنية التي يتعذر إدراكها يتطلب منه أن يضع في الاعتبار رأي الخبراء فيما يتعلق بالمسائل الفنية.
ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أصدرت حكما تمهيديا بندب ثلاثة خبراء من مركز البحوث والخبرة القضائية للقيام بفحص التوقيعات الثابتة بالصكين المصرفيين وبعقد الاتفاق وسند الصرف وإيصالي التسلم المنسوبة صدورها لمدير الشركة المطعون ضدها، وأن تقرير الخبراء المنتدبين أثبت أن التوقيعات المنسوبة إلى مدير الشركة المطعون ضدها تتفق توقيعاته مع الصحيحة.
وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد ضمن أسبابه القول (… وحيث إنه وإن كان تقرير الخبرة قد أثبت بأن التوقيعات المنسوبة إلى مدير الشركة الإيطالية “المطعون ضدها” الفونصو فيرولينو تتفق مع التوقيعات الصحيحة والاستكتابات لهذا الشخص، إلا أن ذلك ليس ملزما لهذه المحكمة وهي تطرح النتائج التي وردت به…. ذلك أن تقرير الخبرة أفاد بأن التوقيعات المنسوبة إلى مدير الشركة الإيطالية تتفق مع توقيعاته الصحيحة، وهذا ليس دليلا على أن تلك التوقيعات قد كانت بخط يد المدعى عليه فعلا، بل الصحيح أنها تشابهها وتتفق معها، وهذا يتوقف على درجة إتقان عملية النقل والتقليد والتزوير… وإن للشركة المدعية من الإمكانيات ما يجعل عملية التقليد سهلة ميسرة لديها باعتبارها شركة متخصصة في مجال الإعلام…).
وأورد في موضع آخر قوله ((… وحيث إن رأي الخبرة موضوع الدعوى قد عارض ما توصلت إليه المحكمة من نتائج تؤكد صحة التزوير وعدم نشوء الالتزام فإنه يتعين على هذه المحكمة طرح هذا التقرير وعدم الاعتداد به لأن ذلك يدخل ضمن سلطة المحكمة التقديرية في تكوين عقيدتها… )).
لما كان ذلك، وكان يبين ما أورده الحكم على هذا التحو لا يكفي لطرح ما انتهى إليه رأي الخبراء في مسألة فنية يتعذر على
المحكمة البت فيها، وكانت قد أست قضاءها على الخوض في مسائل فنية، متجاوزة بذلك سلطتها التقديرية بما يجعل حكمها مشوبا بالقصور يتعين نقضه دون حاجة لمناقشة بقية أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وبإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات.