طعن مدني رقم 218/ 46ق
- التصنيف: المدني
- رقم الطعن: 218
- السنة القضائية: 46
- تاريخ الجلسة: 15 نوفمبر 2003
طعن مدني رقم 218/ 46ق
خلاصة المبدأ
- تعدد المسئولين عن الفعل الضار يجيز إلزامهم جميعا بالتعويض – أساس ذلك.
- مخالفة المحكمة لرأي الخبير وجوب تبريره بأدلة سائغة، مخالفة ذلك – أثره.
- الخصومة في الطعن بالنقض لا تكون إلا بين الخصوم الذين كانوا أطرافا في الحكم المطعون فيه مخالفة ذلك أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 94/53 – مدني كلي بنغازي – ضد المطعون ضدهم عدا المطعون ضده الثاني بصفته، طالباً ندب خبير للاطلاع على المستندات، والانتقال إلى العقار موضوع الدعوى وتقدير قيمة التعويض العادل نتيجة حرمانه من حق الانتفاع، ومعاينة الآلات والتشوينات وبيان الأضرار اللاحقة بها وإلزامهم بالتضامن بما يسفر عنه التقرير المشار إليه، وجاء في شرح دعواه أنه يملك العقار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى المزاولة مهنته كمقاول، وقد حصل على رخصة لإقامة مصنع عائلي، وانه سمح للمدعى عليه الثالث بالانتفاع بجزء من العقار مؤقتاً إلا أن المدعى عليه المذكور أبرم عقد انتفاع بالعقار مع المدعى عليه الثاني بصفته ( الممثل القانوني لمصلحة الأملاك في بنغازي )، مما دفع المدعي إلى إقامة الدعوى رقم 86/456 ضد المدعى عليهم طالباً إخلاء العقار وقد حكم له بإخلاء العقار موضوع الدعوى، وأضحى هذا الحكم باتا بحكم من المحكمة العليا في الطعن المدني رقم 36/121ق،، ثم قام بتنفيذ الحكم وتسلم العقار في شهر 93/11، وحيث إنه قد حرم من الانتفاع بالعقار موضوع الدعوى مدة ثلاثة وعشرين سنة بسبب تخصيص جهة الإدارة للعقار للمدعى عليه الثالث وكان قد لحقه ضرر مادي و معنوي جراء شغل المدعى عليه المذكور لذلك العقار دون وجه حق ؛ لذلك أقام دعواه تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم. ومحكمة البداية قضت:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثالث لرفعها على غيرذي صفة.
وثانياً:- بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي مبلغاً قدره خمسة آلاف وأربعون دينار تعويضاً عن حرمانه من الانتفاع بالعقار موضوع الدعوى، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المرفوع من الطاعن في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به للمستأنف ضده الثالث، وبإلزامه بأن يدفع مبلغ خمسة و عشرين ألف دينار للمستأنف مع المصاريف القضائية المناسبة عن الدرجتين، وبرفض الاستثناف، وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف ضدهما: الأول، والثاني، بصفتيهما مع إلزام المستأنف بالمصاريف.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.12.6ف، ولا يوجد ما يدل على إعلانه، وبتاريخ 1999.4.10ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وعدداً من المستندات الأخرى ذكرت مضامينها على غلاف الحافظة.
وبتاريخ 24,10 1999.4ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم: الأول والثاني والثالث، بصفاتهم في 1999.4.10ف، وإلى المطعون ضده الرابع في 1999.4.20ف، وكان محامي الطاعن قد أودع بتاريخ 1999.4.11ف مذكرة شارحة، و بتاريخ 1999.4.28ف قدم أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضدهم الثلاثة الأول، وقدم محامي الطاعن بتاريخ 1999.5.13 ف مذكرة رادة. ولم يقدم المطعون ضده الرابع مذكرة بدفاعه.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن انتهت فيها إلى عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون ضده الثالث لرفعه على غير ذي صفة، وبقبوله شكلاً بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة، وبالجلسة المحددة صممت النيابة على رأيها.
الأسباب
حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان من المقرر أن الخصومة في الطعن بالنقض لا تكون إلا بين الخصوم الذين كانوا أطرافا في الحكم المطعون فيه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الثالث بصفته ( الأمين المساعد للجنة الشعبية العامة للإسكان والمرافق بشعبية بنغازي ( لم يكن طرفا في الحكم المذكور، ولم يكن خلفا لأي من أطراف النزاع الذي فصل فيه الحكم المذكور بما لا يجوز معه اختصامه في الطعن، ويتعين. من ثم – القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة بالنسبة لباقي المطعون ضدهم فإنه يكون مقبولا.
ومن حيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، بما حاصله:
الاول: أن الحكم المذكور ذهب إلى أن جهة الإدارة غير ملزمة إلا بما تسلمته من المطعون ضده الرابع عن الفترة من 1982.1.1 إلى 87.12.31، على الرغم من أن المطعون ضده المذكور قد شغل عقار الطاعن من 82.1.1 تاريخ تخصيصه له من جهة الإدارة، إلى 1993.10.2، تاريخ اخلائه العقار بموجب حكم قضائي، ولما كان الثابت أن الدعوى المبتدأة هي دعوى تعويض على أساس المسئولية التقصيرية، والخطأ مشترك بين جهة الإدارة والمطعون ضده الرابع، بما يجعل المطعون ضدهم ملزمين بالتعويض بالتضامن. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقضى بالتعويض مجزأ فإنه يكون معيبا وخليقا بالنقض
الثاني: أن الحكم المطعون فيه لم يحكم بقيمة التعويض التي انتهى إليها الخبير المنتدب دون أن يبين سبب اطراحه لما أورده الخبير في هذا الخصوص، وهو ما يجعله قاصر البيان، ولكل ذلك يكون جديرا بالإلغاء
ومن حيث إن هذا النعي بوجهيه سديد، ذلك أنه إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر، وكان الثابت أن الطاعن أسس دعواه ضد جهة الإدارة وشاغل العقار ( المطعون ضده الرابع ( على حكم المسؤولية التقصيرية، باعتبار أن المدعى عليهم جميعا قد اشتركوا في الخطأ الذي. سبب له الضرر والمتمثل في حرمانه من عقاره مدة من الزمن، وذلك بشغل المطعون ضده الرابع للعقار المذكور، دون رضاء الطاعن وإقرار جهة الإدارة له على هذا التصرف حين قامت بتخصيصه له بمقابل دون أساس من القانون، حيث بالرغم من أن العقار لم يؤول للدولة بموجب أحكام القانون رقم 78/4 أو غيره، بما لا يجوز معه لجهة الإدارة القيام بتخصيصه أو تأجيره للغير، وإذ فعلت فقد أخطأت خطأ موجبا لمسؤوليتها بالتضامن مع المطعون ضده الرابع شريكها في الفعل الضار.
لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى تأييد الحكم الابتدائي في قضائه – في الشق المتعلق بإلزام جهة الإدارة بدفع مبلغ خمسة آلاف وأربعين دينارا قيمة ما تسلمه من أجرة عقار الطاعن عن الفترة المبتدأة منذ قيامها بتخصيص العقار المذكور للمطعون ضده الرابع بتاريخ 1982.1.1 إلى تاريخ 1987.12.31 عندما توقف المطعون ضده المذكور عن دفع الأجرة تأسيسا على أحكام الإثراء بلا سبب، على الرغم من أن الطاعن قد أسس دعواه على أحكام المسؤولية التقصيرية، وهي أحكام تختلف من حيث طبيعتها وآثارها عن أحكام الإثراء بلا سبب،، ثم قضى بإلزام المطعون ضده الرابع بشكل منفصل عن التزام جهة الإدارة بمبلغ خمسة وعشرين ألف دينار تعويضا للطاعن عن الحرمان عقاره، وعن فقد معداته وآلاته التي كانت بالعقار من تاريخ شغل المطعون ضده المذكور له.
ولما كان من حق الطاعن كدائن بمبلغ تعويض ناشئ عن فعل ضار صادر من المطعون ضدهم مطالبتهم بالمبلغ المذكور مجتمعين أو منفردين بوصفهم مدينين متضامنين طبقا لنص المادتين 172 و 272 من القانون المدني، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام جهة الإدارة والمطعون ضده الرابع بتعويض الطاعن بالمبلغين المحكوم بهما، كل على حدة – دون أي تضامن بين المحكوم عليهما، يكون مخطئا في تطبيق القانون وهو ما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني للنعي فهو في محله هو الآخر، ذلك أنه – وإن كانت المحكمة ليست ملزمة بأن تأخذ بكل ما ورد في تقرير الخبير، أو تتقيد به – إلا أنه يجب عليها إذا ما رأت أن تفصح عن رأيها فيما يخالف رأي الخبير أن تبرره بأدلة سائغة تكفي لحمله، ولما كان الخبير المنتدب من المحكمة المطعون في قضائها قد قدر التعويض المستحق للطاعن جملة بمبلغ مائة وستة وستين ألفا وخمسمائة وخمسة وستين دينارا، مقابل حرمان الطاعن من الانتفاع بعقاره طيلة شغله من طرف المطعون ضده الرابع، ومقابل الأضرار اللاحقة بالمنقولات التي كانت بالعقار المذكور، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى أنه يقدر التعويض المستحق للطاعن من المطعون ضده الرابع استهداء بما ورد في تقرير الخبير المذكور، إلا أنه قدره بمبلغ خمسة وعشرين ألف دينار و حيث إنه لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة جنحت إلى مغايرة رأي الخبير، وعلى فرض أنها قصدت ذلك في منطوق حكمها فإنها لم تورد في أسباب الحكم المبررات التي تحمل ما قضت به، الأمر الذي تكون معه أسباب الحكم قاصرة عن تبرير النتيجة التي انتهى إليها، بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى مناقشة باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلا، بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته، وبقبوله شكلا بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف بنغازي للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وإلزام المطعون ضدهم عدا الثالث المصاريف.