Skip to main content

طعن مدني رقم 128/ 46ق

نشر في

طعن مدني رقم 128/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. لا تسقط دعوى عقد المقاولة إلا بالتقادم الطويل – أساس ذلك.
  2. الحكم بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي إلى جانب الفائدة القانونية أو الاتفاقية – شرطه.
  3. لا يجوز إبداء مطاعن على تقرير الخبرة أمام المحكمة العليا ما لم يتم إبداؤها أمام محكمة الموضوع أساسه.

الحكم

الوقائع/ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 92/729 مدني كلي طرابلس ضد الطاعنين، وضد محافظ مصرف ليبيا المركزي، طالبا إلزامهم متضامنين بدفع مبلغ مليون دينار مستحق له بذمة المدعى عليه الثاني بصفته مع الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ استحقاق الدين سنة 1982ف وحتى الوفاء الفعلي، وإلزامهم بدفع مبلغ 8970,104 دينار قيمة الصك رقم 309375 مع الفوائد القانونية منذ المطالبة القضائية وحتى السداد الفعلي وإلزامهم بصفاتهم ومتضامنين بأن يدفعوا له ما يكشف عنه تقريرا الخبير الحسابي المنتدب من قبل المحكمة عن مديونيتهم له، وكذلك إلزامهم متضامنين بدفع تعويض عن التأخير في الوفاء بالتزاماتهم بمبلغ قدره خمسمائة ألف دينار مع الفوائد القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ الحكم وحتى السداد الفعلي مع المصاريف والأتعاب.

وجاء في شرح دعواه أنه تعاقد مع المدعى عليه الثاني بصفته على حفر عدد من آبار مياه، وأنه أوفى بكل التزاماته إلا أنه عند مطالبة بتسوية الحساب الختامي فوجئ بحجز المدعى عليه الثاني مبلغ مليون دينار من مستحقاته تحت يده بواسطة المدعى عليهما: الثالث، والرابع، بحجة أن مبلغ السلفة المقدمة لم يسدد، بالرغم من قيامه بالتسديد ؛ وهو ما حدا به إلى إقامة دعواه تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم.

والمحكمة قضت بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم ومتضامنين بأن يدفعوا للمدعي مبلغاً قدره مليون ومائة وثمانية وثلاثون ألفا وتسعمائة واثنان وأربعون ديناراً وثلاثمائة وثلاثة وستون درهماً مع الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية في 1992.5.2ف، وحتى تاريخ السداد، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وبإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغاً قدره عشرون ألف دينار كتعويض عن الضرر المادي والمعنوي مع المصاريف، ومبلغ عشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما زاد عن ذلك من طلبات.

وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئناف المقام من المحكوم عليهم ( الطاعنين ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ) بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين بصفاتهم متضامنين بالمصاريف.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه “

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.3.16ف، ولا يوجد ما يدل على إعلانه، وبتاريخ 1999.2.8 ف قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وأودع مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي وبتاريخ 1998.2.20ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى وقدم محامي المطعون ضده بتاريخ المطعون ضده في 1999.2.18ف 1999.3.13ف مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند التوكيل، وأعدت نيابة النقض مذكرة برأيها في الطعن خلصت فيها إلى قبوله شكلاً، وفي الموضوع ينقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا، في خصوص القضاء بالتعويض التكميلي عن الضرر المادي والمعنوي، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.

الأسباب

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فهو مقبول شكلاً.

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، من وجوه:-

الأول: أن حكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنين بدفع الفوائد القانونية بواقع 5%، ثم قضى بتعويض مادي ومعنوي بمبلغ عشرين ألف دينار، مع أن الفوائد القانونية تعد تعويضاً عن حرمان المحكوم له من استغلال المبلغ المطالب به بما يجعل الحكم قد قضى بالتعويض مرتين.

الثاني: أن أسباب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون اعتمدت على ما أورده الخبير المنتدب في الدعوى رغم أن تقرير الخبير قد شابه تناقض في كيفية توصله إلى المبالغ المدفوعة وتلك الباقية لصالح الشركة بذمة الطاعنين، بما يجعل الحكم المطعون فيه مشوباً بالتناقض.

الثالث: أن المحكمة المطعون في حكمها لم ترد على دفع الطاعنين برفع الدعوى قبل الأوان باعتبار أن هناك لجنة مشكلة لتسوية النزاع بين الأطراف، وطلبت وقف السير في الدعوى إلى حين انتهاء اللجنة من أعمالها، إلا أن المحكمة تجاهلت هذا الدفع الجوهري ؛ وهو ما يصم حكمها بعيب الإخلال بحق الدفاع وبالقصور.

الرابع:- دفع الطاعنون أمام المحكمة الابتدائية بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم إلا أن المحكمة ردت على هذا الدفع بأن سريان التقادم لا يبدأ إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء، وأن يكون الدين ثابت المقدار، ورغم انطباق تلك الشروط على الدين المطالب من الشركة المطعون ضدها، ورغم أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة بما فيها من دفاع ودفوع، إلا أن المحكمة المطعون في حكمها أعرضت عن بحث هذا الدفع، وهو ما يصم حكمها بمخالفة القانون وبالقصور، ولكل ذلك يكون جديرا بالنقض.

ومن حيث إن أوجه الطعن: الثاني، والثالث، والرابع، غير سديدة، فبالنسبة للوجه الثاني فإنه لما كان من المقرر أن المطاعن التي توجه إلى تقرير الخبير يجب أن تبدى أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيها ؛ إذ الطعن بالنقض يعتبر تعييباً للحكم المطعون فيه في حدود ما طرح على المحكمة مصدرته، بما لا يسوغ معه أن ينسب إلى الحكم المذكور عيب في أمر لم يعرض على المحكمة لتقول كلمتها فيه. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يطعنوا على ما ورد بتقرير الخبير، ولم يقدموا ما يدل على أنهم أثاروا أية مطاعن بخصوص التقرير المذكور أمام المحكمة المطعون في حكمها ؛ فإنه لا يحق لهم إثارتها لأول مرة أمام المحكمة العليا ؛ بما يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من النعي.

ومن حيث إنه عن الوجه الثالث من الطعن، فإنه ولئن كان الثابت أن الطاعنين قد أثاروا هذا الدفع أمام المحكمة المطعون في حكمها، إلا أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أحال في الرد عليه إلى أسباب الحكم الابتدائي، الذي رفض هذا الدفع تأسيساً على أن الطاعنين لم يقدموا الدليل على وجود تلك اللجنة الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن العقد موضوع الدعوى، ولما كان الطاعنون لم يتقدموا بما يخالف ما أثبته الحكم المذكور، فإن نعيهم عليه في هذا الصدد يضحي بلا أساس، متعين الرقض.

ومن حيث إنه عن الوجه الرابع من الطعن، فإنه لما كانت الدعاوى الناشئة عن عقد المقاولة، باستثناء دعاوى الضمان المنصوص عليها بالمواد 647 و 650 و 651 من القانون المدني، لا تسقط إلا بالتقادم الطويل، وكانت الدعوى موضوع الطعن المائل قد رفعت بتاريخ 1992.5.2 ف للمطالبة بدين ناشئ عن عقد مقاولة أبرم بتاريخ 1980.8.23ف بما تكون معه قد رفعت في الميعاد، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه لا يكون قد حاد عن الفهم الصحيح للقانون، وهو ما يوجب إطراح النعي عليه في هذا الصدد.

و من حيث إنه عن الوجه الأول من النعي فهو في محله، ذلك أن تأخير المدين في الوفاء بالدين لا يستوجب أكثر من إلزامه بالفائدة القانونية أو الاتفاقية، ما لم يثبت أن هذا التأخير كان بسوء نية وترتب عليه الحاق ضرر استثنائي بالدائن وفقاً لما يقضى به نص المادة 234 من القانون المدني، متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين بدفع المبلغ المطالب به من طرف الشركة المطعون ضدها علاوة على فوائد تأخير بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى السداد، بمثابة تعويض عن التأخر في الوفاء، ثم ألزمهم بدفع مبلغ عشرين ألف دينار كتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق الشركة المطعون ضدها نتيجة تأخر الطاعنين في الوفاء بالدين المطالب به، دون أن يستظهر سوء نية الطاعنين ؛ فإنه يكون مشوبا بالقصور متعين النقض، نقضاً جزئياً في هذا الشق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به إلزام الطاعنين بدفع تعويض تكميلي للمطعون ضدها، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى في هذا الشق، ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وإلزام المطعون ضده بصفته المصاريف المناسبة.