طعن إداري رقم 2/ 44ق
طعن إداري رقم 2/ 44ق
خلاصة المبدأ
الحكم في الشق المستعجل المتعلق بتنفيذ القرار، يجوز الطعن فيه – سببه.
الحكم
الوقائع/ تتحصل واقعات الدعوى – كما تبين من أوراق الطعن – في أن لجنة الفصل في الطعون على قرارات تخصيص العقارات بمصراتة، ألغت القرار الصادر من اللجنة الشعبية للمؤتمر الشعبي الأساسي مصراتة المدينة رقم 24/57 بتخصيص مبنى يقع ضمن منطقة الخدمات الصحية الملحقة بمستشفى الأمراض الصدرية، مما دفع الطاعن إلى طلب إلغائه، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذه، بصحيفة دعواه رقم 23/2 المودعة قلم كتاب دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف مصراتة في 96/1/2، والمحكمة بجلسة 96/6/28 قضت في الشق المستعجل في الدعوى برفض طلب وقف التنفيذ.
وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 96/9/28 فقرر محامي الطاعن بتاريخ 96/11/27 الطعن فيه بالنقض بالتقرير به لدى قلم تسجيل المحكمة العليا، أرفق بمذكرة بأسباب طعنه ضمنها طلباً خاصاً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه – والذي قررت فيه هذه المحكمة بعدم قبوله – كما أودع بذات تاريخ التقرير بالطعن حافظة مستندات حوت على سند إنابته، وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله، مع أوراق أخرى أشار إلى محتوياتها على غلافها، مسدداً الرسم والكفالة.
وبتاريخ 96/12/3 أعلن الطعن للمطعون ضدهم لدى إدارة القضايا بطرابلس، وأودع أصل ورقة إعلانه في اليوم التالي. وبتاريخ 96/12/29 أودعت إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضدهم دفعت فيها بعدم جواز الطعن في الأمر الصادر من دائرة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، باعتباره صادراً قبل الفصل في الموضوع، وبعدم قبول الطعن لأن السبب الوحيد الذي أقام عليه طعنه، وهو القصور في التسبيب ليس من بين أوجه الطعن المقررة، فضلاً عن كونه غامضاً.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بالنقض مع الإعادة تأسيساً على أن أسباب الحكم جاءت قاصرة تنحدر به إلى درجة عدم التسبيب. حددت جلسة 2000/5/14 النظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم.
الأسباب
وحيث إن إدارة القضايا أثارت في مذكرة دفاعها عن المطعون ضدهم بعدم جواز الطعن في الأمر الصادر من دائرة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لصدوره قبل الفصل في الموضوع، وبعدم قبول الطعن لأن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب، وهو السبب الوحيد ليس من بين أوجه الطعن، فضلا عن أنه جاء غامضاً، وحيث إن الفصل في الشق المستعجل من الدعوى المتعلق بتنفيذ القرار المطعون فيه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو فصل في موضوع مستقل وحسم للنزاع في شق من صميم طلبات الطاعن، وبه تتأثر مراكز الخصوم من حيث تنفيذ القرار، وبالتالي يعد حكما له مقومات الأحكام وخصائصها ويحوز حجية الشيء المحكوم فيه في الخصوص الذي صدر فيه.
ومن ثم فإنه يجوز الطعن فيه استقلالا، شأنه في ذلك شأن أي حكم انتهائي، رغم كونه مؤقتا بمعنى أنه لا يقيد المحكمة عند النظر في موضوع طلب الإلغاء، كما أنه لا يجوز القياس على الأحكام المدنية لأنها وبحسب الأصل غير قابلة للتنفيذ حتى تصبح نهائية، وتنفيذها قبل أوانها عندما توصف بالنفاذ المعجل خروج على هذا الأصل، بخلاف الوضع بالنسبة للقرارات الإدارية، حيث الأصل فيها النفاذ من تاريخ صدورها ما لم توقف أو تلغ.
وحيث إن التحقق من اندراج أسباب الطعن ضمن حالات الطعن التي نصت عليها المادة 19 من القانون 71/88 بشأن القضاء الإداري إنما يكون بتمحيصها ودون اعتداد بالتسمية التي يطلقها عليها الطاعن، وحتى على فرض قيام الطعن على أسباب غير مقبولة فإن ذلك لا يؤدى إلى عدم قبوله شكلا، وإنما إلى رفضه، مما يجعل ما أثارته إدارة القضايا سواء فيما يتعلق بعدم الجواز أو بعدم القبول لا يقوم على أي أساس قانوني.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بما وصفه بالقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال بمقولة أن المحكمة المطعون في حكمها ذكرت أن ركني الاستعجال والجدية غير متوافرين، ولم تبين كيف توصلت إلى ذلك، ولم تتعرض لبحث مستنداته المتعلقة بعدم ملكيته لسكن، ومن شأن تنفيذ القرار يؤدي إلى إخراجه من العقار، وهو كاف لإثبات شرط الاستعجال، ويؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها، وإلغاء قرار التخصيص تجن واضح، خاصة وأن القرار المطعون فيه مني على إجراءات باطلة، ولا صفة للمعترض وهو ” فاعل خير”، ولا مصلحة له في طلب إلغاء التخصيص، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب أياً كان وجه هذا القصور لا يعدو أن يكون تعييبا له لإخلاله بقاعدة عامة نصت عليها المادة 273 من قانون المرافعات التي أوجبت أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها، والقصور في الأسباب الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم، ومن ثم فإن استناد الطاعن إلى القصور في التسبيب في النعي على الحكم، هو ما يندرج ضمن الوجه المتعلق ببطلان الحكم الذي هو وجه للطعن بطريق النقض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في الشق المستعجل من الدعوى، وقضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأورد في مدوناته وهو بصدد التدليل على انتفاء ركني الاستعجال والجدية قوله: (( وحيث أنه بمراجعة أوراق الدعوى وبحسب الظاهر من الأوراق أن ركني الاستعجال والجدية غير متوافرين في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض طلب وقف القرار المطعون فيه )).
وهذا الذي أورده الحكم لا يستفاد منه أن الحكم قد استظهر ركنى الاستعجال والجدية اللذين يقوم عليهما رفض طلب وقف التنفيذ، ولا يبين من واقع الدعوى ما رتبه عليه من نتيجة مما يتعذر معه تبين صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة النزاع، ويجعله منطويا على قصور مخل ينحدر به إلى عدم التسبيب ذلك أن خلو الحكم من الأسباب أو قصورها مما يعيبه ويبطله – ولو كانت نتيجته سليمة – ويكون ما ينعاه الطاعن عليه من هذا الجانب وفي مجمله في محله، يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى لمحكمة استئناف مصراتة – دائرة القضاء الإداري لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.