Skip to main content

طعن إداري رقم 104/ 43ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 104
  • السنة القضائية: 43
  • تاريخ الجلسة: 7 مايو 2000

طعن إداري رقم 104/ 43ق

خلاصة المبدأ

لا يجوز للمحكمة أن تقضي بانقضاء الخصومة من تلقاء نفسها – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ تتحصل واقعات النزاع – كما تبين من أوراق الطعن – في أن الطاعن الأول بصفته أصدر القرار رقم 78/296 بإلغاء عقد المقاولة المبرم بين أمانة الإعلام والشركة المطعون ضدها بشأن إجراء تعديلات بمسرح صبري عياد للتمثيل بطرابلس، والصعوبات فنية تتعلق بتنفيذ العمل توقف العمل، ولعدم صلاحية المبنى من أساسه أوصت اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض بإزالة المبنى، ولعدم تنفيذ الجهة الإدارية لالتزاماتها بعد أن ألغت العقد، أقامت المطعون ضدها الدعوى الإدارية رقم 80/2 بصحيفتها المودعة قلم كتاب دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس بتاريخ 80/1/3 طلبت فيها بإلزام الطاعنين بأن يدفعا لها مبلغاً قدره مائة وسبعة آلاف وثمانمائة وواحد وثلاثون ديناراً و 357 درهما (107831.357 دينار)، والمحكمة بجلسة 82/2/14 قضت فيها بانقطاع الخصومة، وبعد تحريك الدعوى قضت برفضها، فطعن فيه بالنقض، قيد تحت رقم 7/39، و بعد أن نقض الحكم ونظرت الدعوى من جديد أمام الدائرة المختصة بمحكمة الاستئناف، أصدرت حكمها المطعون فيه بالنقض بتاريخ 96/6/2 والذي قضت فيه بإلزام الطاعنين بصفتهما بالتضامن بأن يؤديا للشركة المطعون ضدها مبلغاً قدره مائة وأربعة آلاف وتسعة وسبعون ديناراً و 357 درهما (104079.357 دينار)، ورفض ما عدا ذلك.

وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 96/6/2 فقررت إدارة القضايا – نيابة عن الطاعنين – الطعن فيه بالنقض بالتقرير به لدى قلم تسجيل المحكمة العليا في 96/8/1 أرفقت به مذكرة بأسباب طعنها ضمنتها طلباً خاصاً بوقف تنفيذه – والذي قررت فيه هذه المحكمة بجلسة 96/8/25 برفضه – كما أودعت بذات التاريخ مذكرة شارحة أحالت فيها على أسباب الطعن، وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله، وحافظة مستندات أشارت إلى محتوياتها على غلافها وبتاريخ 96/8/7 أعلن الطعن لوكيل المطعون ضدها شخصياً، وأودع أصل ورقة لإعلانه في 96/8/10.

وبتاريخ 96/8/22 أودع محامي المطعون ضده سند إنابته ومذكرة بدفاعه خلص فيها إلى أن ما جاء بأسباب الطعن لا يساندها قانون، ولا تعني سوى المزيد من إطالة أمد التقاضي.

قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا بعد أن ناقشت أسباب الطعن، وانتهت فيها إلى أنها لا تنال من الحكم المطعون فيه، الذي أعمل سلسلته التقديرية في تحديد مقدار التعويض بعد إقراره له من حيث المبدأ.

حددت جلسة 2009/3/26 لنظر الطعن، وفيها ثلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها. وحجزت للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم من المحكمة.

الأسباب

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلا.

وحيث إنا مبنى طعن الجهة الطاعنة يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال. وبياناً لذلك ذكرت في السبب الأول لطعنها أن المحكمة المطعون في حكمها لم تبحث مسألة انقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات عملا بحكم المادة 261 من قانون المرافعات، عند نظرها للدعوى بعد نقض الحكم وإعادة الدعوى إليها للفصل فيها، لتعلق ذلك بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز إثارته ولو لأول مرة أمام المحكمة العليا، وهي إذ لم تفعل تكون قد خالفت القانون.

وفي السبب الثاني لطعنها قالت : إن إلغاء العقد كان سببه المصلحة العامة، وهو ما تملكه جهة الإدارة، وليس للمتعاقد معها إلا الحق في التعويض الذي يحسب على أساس ما لحقه من خسارة فعلية فقط، وأن الصعوبات التي صادقت الشركة المطعون ضدها في تنفيذ العقد متوقعة ولا ترقى إلى الحادث الطارئ الموجب للتعويض، فضلا عن أنها أقرت بعدم وجود صعوبة أو شك في المواصفات، وبالتالي تعد مساهمة في الخطأ، والمحكمة لم تبحث المستندات الخاصة بتسلمها الموقع ودراسة المواصفات وتعهدها بالوفاء بالتزاماتها وفق العقد دون تحفظ، ولو بحثت ذلك وتحققت منه لتغير وجه الرأي في الدعوى، وهي إذ لم تفعل قد خالفت القانون مما يعيب الحكم ويوجب نقضه. وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن الحكم الصادر في موضوع الدعوى برفضه والمطعون فيه بالنقض والمقيد تحت رقم 7/39 قد نقض بتاريخ 92/12/27، وبعد تحريك الدعوى في 93/3/28 وأحيلت إلى الدائرة التجارية للفصل فيها حيث أصدرت حكمها المطعون فيه في هذا الطعن بتاريخ 96/6/2، وينبني على ذلك أن آخر إجراء صحيح في الدعوى هو تحريكها في الميعاد بتاريخ 93/3/28، بتعجيل نظرها بعد نقض الحكم الصادر في موضوعها بتاريخ 92/12/27، وبالتالي لم تمض خمس سنوات على آخر إجراء فيها، فضلا عن ذلك فإن انقضاء الخصومة بمضي المدة كجزاء رتبه المشرع وأطلق عليه تعبير انقضاء الخصومة كعقاب للمدعي المهمل المتراخي شأنه في ذلك شأن الجزاء الذي رتبه على سقوط الخصومة ومن طبيعة واحدة.

ولما كان سقوط الخصومة وهو أشد الجزاءات التي قررها القانون له نفس طبيعة الجزاء المترتب على سقوط الخصومة على الأقل حتى تتسق قواعد الجزاء في التشريع الواحد، وبناء عليه فإنه، وكما لا يجوز للمحكمة أن تقضي بسقوط الخصومة من تلقاء نفسها، فلا يجوز لها أيضاً أن تحكم من تلقاء نفسها بانقضاء الخصومة استنادا إلى نص المادة 261 من قانون المرافعات، ولا ينال من ذلك النص فيها على الانقضاء في، جميع الأحوال، لأن المقصود بعبارة جميع الأحوال، أي ولو كانت الخصومة بمنجى من السقوط طبقاً لقواعد سقوط الخصومة كأن يكون عدم السير في الدعوى ليس بفعل المدعي أو امتناعه، ولتفادي الدفع بالانقضاء أن يقوم بتعجيلها ولو قبل إتمام الإجراء الذي حال دون السير في الدعوى مما يكون معه نعي الجهة الطاعنة من هذا الجانب في سببها الأول في غير مجله.

وحيث إن ما تنعاه في سببها الثاني فهو في مجمله سديد، ذلك أن جهة الإدارة تعاقدت مع الشركة المطعون ضدها على إجراء تعديلات وإضافات على مبنى المسرح، وحسب السير العادي للأمور وأن المقاول الذي يتولى التنفيذ قد قام بمعاينة المبنى من حيث إمكانية القيام بتعديلات وإضافات عليه بحالته التي كان عليها، وإجراء ما يلزم قبل أن يتم التعاقد على ذلك، وأن ما وصف بصعوبات فنية التي ظهرت للشركة المنفذة وفي نفس اليوم الذي شرعت في التنفيذ، وأدى إلى توقفها عن العمل لاستحالة تنفيذ العمل، وإخطارها للجهة المتعاقدة معها بذلك مع ضرورة تعديل الرسومات والمواصفات بما يتفق وأصول الفني المعماري، ثم عادت وتوقفت عن العمل مرة أخرى بعد تسلمها الرسومات الجديدة المعدلة بدعوى عدم صلاحية المبنى من أساسه لتنفيذ المشروع المتفق عليه، مما حدا بجهة الإدارة إلى تشكيل لجنة فنية لدراسة المشاكل التي اعترضت تنفيذ المشروع، ومن بين مقترحاتها إنهاء المشروع.

والمستفاد مما تقدم أن تنفيذ أعمال إضافية وتعديلات على المسرح وفق الرسومات والمواصفات الأصلية أو المعدلة من المتعذر القيام بها، وقد اتضح للشركة المنفذة ذلك منذ أن بدأت في التنفيذ، ومن ثم فإن إلغاء العقد المبرم معها، والنص فيه على تسوية مستحقات الشركة المتمثلة فيما تكبدته من مصروفات ونفقات وقيمة أعمال منفذة، وذلك على ضوء ما انتهت إليه اللجنة المشكلة لتصفية مستحقاتها في تقريرها المعد بتاريخ 78/6/1 مؤداه فسخ العقد المبرم بين الطرفين، وإن جاء في صيغة الإلغاء، وأن الشركة المنفذة ساهمت إلى حد كبير فيما ترتب على عدم إنهاء العقد منذ أن تبين لها عدم إمكانية تنفيذ الأعمال المتفق عليها عند شروعها في العمل، وأن توقفها عن العمل منذ اليوم الأول للبدء فيه يقتضي ألا تلتزم بأي اتفاق أو التزام يتعلق بتنفيذ هذ المشروع، مع الأخذ في الاعتبار أنها شركة مقاولات وبإمكانها الاستفادة بالتشوينات الخاصة بهذا العمل في أعمال أخرى.

متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف ذلك وقضى بقيمة الأدوات المشتراة والمواد المتعاقد عليها دون أن يستظهر ما إذا كانت تلك المواد والأدوات ضرورية ولازمة لتنفيذ أعمال إضافية وإجراء تعديلات بالمسرح الذي توقف العمل فيه منذ الشروع فيه، وأنها لا يمكن الاستفادة منها في أي عمل آخر على فرض أنها قامت بشرائها والتعاقد عليها، وأن خطاب الضمان قد تم تسييله حتى يحق للشركة استرجاع قيمته، وأن مصاريف إصداره تلتزم به جهة الإدارة، ثم إن فسخ العقد من شأنه أن يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، والمطالبة بالتعويض أساسها المسئولية التقصيرية أي على مدى صحة الأسباب التي بني عليها الفسخ ودور كل من الطرفين فيما أدى إلى فسخ العقد، والحكم المطعون فيه إذ قضى للشركة المطعون ضدها بما قضى به على خلاف ما سبق بيانه يجعل حكمها قاصراً في أسبابه تعجز معه المحكمة عن مراقبة مدى صحة وسلامة الأسس والعناصر التي استندت إليه، مما يتعين معه نقضه.

هذا ومن الجدير التنويه به أن الحكم المطعون فيه أصدرته الدائرة التجارية بمحكمة استئناف طرابلس وليس بوصفها دائرة القضاء الإداري بها، وحيث إنه ولئن كان تشكيل الدائرة الإدارية يتم بقرار من الجمعية العمومية إلا أن إنشاءها تم بموجب القانون، وبالتالي فإن توزيع الاختصاص بينها وبين بقية الدوائر بالمحكمة يتعلق بالاختصاص النوعي، ويخرج عن نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة أو توزيع العمل بين دوائرها، ولا ينال من ذلك اشتراك القضاء المدني والإداري بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود الأشغال العامة، لأن الاختصاص المشترك بین دوائر القضاء الإداري والمحاكم الابتدائية المدنية وليس بينها وبين دوائر محاكم الاستئناف المختصة بالحكم في قضايا استئناف أحكام المحاكم الابتدائية، وصاحب الشأن هو الذي يختار الجهة التي يرفع دعواه أمامها وبالأوضاع المقررة لذلك، وليس عن طريق الإحالة من رئيس المحكمة، مما يجعل الحكم المطعون فيه قد صدر من جهة غير مختصة، وهو ما يجوز للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها، وأن تحكم بما يقتضيه ذلك، وحتى لا يعد إقراراً لما قضى به الحكم المنقوض فقد رأت المحكمة بحث مناعي الطاعن، ولم تقتصر على بحث مسألة الاختصاص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس – دائرة القضاء الإداري- لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.