طعن مدني رقم 333-50 ق
طعن مدني رقم 333-50 ق
خلاصة المبدأ
الشرط الفاسد في العقد يسلب القاضي كل السلطة التقديرية بشأن الفسخ و لا يبقى له إلا أن يتحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها الفسخ – بيان ذلك.
الحكم
الوقائع
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1980 لسنة 1995م أمام محكمة طرابلس الابتدائية اختصم فيها الطاعنين بصفتهما وقال شرحا لها أنه أبرم مع المدعى عليه الثاني عقدا الانتفاع بالمحل الكائن بمنطقة أبى مليانة قصد استغلاله موزع لقطع غيار للسيارات بمقابل سنوي قدره 1200 دينار تدفع على أقساط بواقع 100 دينار شهريا دفع منها مقدما إيجار العشرة أشهر الأولى إلا أنه فوجئ بالمدعى عليه المذكور يقوم بتغيير إقفال المحل وتسليمه لشخص أخر فحال بذلك دون مزاولة مهنته التي هي مصدر دخله وأسرته وعند مراجعته أفاده أن عقده الغي وتم تأجير الآخر دفع أكثر منه .وانتهى إلى طلب الحكم له بصحة ونفاذ العقد المبرم بينه وبين المدعى عليه الثاني وإلزامه بتسليمه المحل وإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا تعويضا عن حرمانه من استغلال المحل اعتبارا من 1/1/1993 وحتى التسليم الفعلي بواقع 300 دينار يوميا ، فقضت المحكمة برفض الدعوى . استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بنفاذ عقد الانتفاع المبرم بتاريخ 1/1/1993 بين المستأنف عليه الثاني بصفته والمستأنف وبتسليم المحل موضوع الدعوى لهذا الأخير خاليا من الشواغل والأشخاص وبإلزام المستأنف عليهما بصفيتهما بـأن يدفعا للمستأنف مبلغ ثلاثين ألف دينار تعويضا له عن حرمانه من استغلال محله موضوع الدعوى وبرفض ما زاد عن ذلك من طلبات.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 2/5/2001 واعلـن فى 14/4/2003 وبتاريخ 30/4/2003 قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن عليه بطريق النقض نيابة عن الطاعنين بصفتيهما لدى قلم كتاب المحكمة العليا مودعا مذكرة بأسباب طعنه وأخرى شارحة من الحكم الابتدائي ثم أودع بتاريخ 18/5/2003 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة الى المطعون ضده بتاريخ 10/5/2003.
وبتاريخ 1/6/2003 أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته. وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث ينعى الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب من وجهين: –
- الأول: إن المادة السابعة من عقد الانتفاع المبرم بين الطرفين تجيز فسخ العقد إذا تأخر المنتفع عن سداد القيمة المستحقة في مواعيدها ويعتبر العقد مفسوخا تلقائيا دون الحاجة إلى إجراءات آخر عدا إخطار المنتفع برسالة بريدية، ولما كان المنتفع قد تخلف عن سداد الأجرة فى الميعاد المتفق عليه فإن قضاء الحكم بنفاذ عقد الانتفاع يكون مخالفا للقانون لمخالفته إرادة الطرفين التي جعلت الفسخ بإرادتهما دون حاجة إلى حكم من القضاء.
- الثاني: قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين بدفع مبلغ 30 الف دينار تعويضا للمطعون ضده عن حرمانه كمن استغلال المحل دون بيان لمقدار الضرر والعناصر الداخلة في حساب التعويض فضلا عن اشتراط فسخ العقد عند تخلف المنتفع عن الوفاء بالأجرة فى مواعيدها باتفاق الطرفين، كما لا يسوغ احتساب المدة التالية لفسخ العقد حتى صدور الحكم ضمن عناصر الضرر الموجبة للتعويض.
وحيث إن النعي بوجهيه سديد ذلك أنه متى كان العقد مشروطا فيه إنه إذا خالف المستأجر أي شرط من شروطه فللمؤجر اعتبار العقد منفسخا بمجرد حصول هذه المخالفة بدون حاجة إلى تنبيه رسمي او تكليف بالوفاء فهذا الشرط الفاسخ يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، ولا يبقى له في اعتبار الفسخ حاصلا فعلا إلا أن يتحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها الفسخ.
وحيث إنه بالرجوع إلى مدونات الحكم الابتدائي يبين أن مدة عقد الايجار محل النزاع سنة واحدة تبدأ من 1993.1.1 وتنتهي في 1993.12.31 وأن أقساط الإيجار تدفع شهريا بواقع مائة دينار عن كل شهر وتنص المادة السابعة من العقد على أنه إذا تأخر المنتفع عن سداد القيمة المستحقة في مواعيدها ، اعتبر العقد منفسخا تلقائيا دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات عدا إخطار بذلك يرسله الطرف الأول إلى المنتفع بالبريد وخلص الحكم الابتدائي إلى أن المدعي خلافا لما يدعيه لم يسدد الأجرة إلا دفعة واحدة بتاريخ 1993.10.12 حسب الإيصال الصادر عن اللجنة الشعبية للعدل ببلدية طرابلس ورتب على ذلك رفض الدعوى التي أقامها المطعون ضده بطلب صحة ونفاذ العقد وتسليم المحل تأسيسا على أن المدعى عليه الثاني استعمل حقه في فسخ العقد استنادا إلى المادة السابعة من العقد المشار إليها بعد أن طال انتظاره في أن يقوم المدعي بسداد الإيجار وأن عدم إخطاره بالبريد بالفسخ لا يرتب أية مسئولية على المدعى عليه الثاني لعمله المسبق بحصول هذا التصرف كما أن واقعة الإخطار هي إجراء كاشف لواقعة الفسخ لأن العقد يعتبر منفسخا من تلقاء نفسه بمجرد تأخره في دفع قيمة الإيجار التي حل أجلها .
وقضى الحكم المطعون فيه في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بنفاذ عقد الإيجار المبرم بين الطرفين وبتسليم المحل للمستأنف خاليا من الشواغل والأشخاص مع تعويضه بمبلغ 30 ألف دينار عن حرمانه من استغلال محله موضوع الدعوى. تأسيسا على مخالفة المادة 160 من القانون المدني التي تنص على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه وهذا الاتفاق لا يعفي من الأعذار إلا إذا اتفق الطرفان صراحة على الإعفاء منه.
لما كان ذلك وكانت المادة السابعة من العقد المبرم بين الطرفين تنص على أن العقد ينفسخ تلقائيا في حالة تأخر المنتفع عن دفع الأجرة دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات عدا إخطار المنتفع برسالة بريدية وهو أمر مغاير للتكليف بالوفاء او الأعذار من ثم يكون دور القاضي قاصرا على بحث المخالفة التي نجم عنها الفسخ والقضاء بالتعويض عنها في حالة ثبوت مسئولية المخالف عنها ولا تكون للقاضي سلطة تقديرية في بحث الفسخ في حد ذاته.
وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بنفاذ عقد الانتفاع المبرم بين الطرفين وتسليم المحل موضوع الدعوى للمستأنف وبإلزام المستأنف عليهما بصفتيهما بالتعويض على الرغم من ثبوت إخلال المستأنف بالتزاماته التعاقدية فإنه يكون مخالفا للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث أن مبنى النقض مخالفة القانون وكان الموضوع صالح للحكم فيه فإن المحكمة تقضي فيه طبقا للقانون عملا بنص المادة 358 من قانون المرافعات ولما كان الحكم المستأنف قد التزم صحيح القانون في قضائه برفض الدعوى، فإنه يتعين القضاء بتأييده.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وفي الاستئناف رقم 424 لسنة 43 ق ((طرابلس)) برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن جميع مراحل التقاضي.