طعن إداري رقم 90/ 45ق
طعن إداري رقم 90/ 45ق
خلاصة المبدأ
عيب الانحراف الذي يبطل عمل الإدارة متى يقع، وعلى من يكون عبء إثباته.
الحكم
الوقائع/ وحيث تخلص الوقائع كما بينها الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه خصص للطاعنين قطع أراض بحي المهاجرين، وأن هذه الأراضي مطلة على مساحة خضراء وقاموا ببناء مساكن لهم مطلة على الطريق الدائرى والمساحة الخضراء، كما قاموا بفتح محلات تجارية، غير أن مصلحة التخطيط العمراني فرع بنغازي قامت بتقسيم المساحة الخضراء إلى قطع أراض وتوزيعها على بعض المواطنين، ولما كان ذلك من شأنه حرمانهم من المتنفس ويحجب مساكنهم ومحلاتهم عن الطريق طلبوا من المحكمة إلغاء القرار الطعين، والمحكمة قضت برفض الطعن
وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998/4/14 ف.
وبتاريخ 98/6/8 ف قرر محامي الطاعنين الطعن عليه بالنقض بالتقرير به لدى قلم تسجيل المحكمة العليا مودعا مذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة، وصورة من الحكم، وحافظة مستندات مسددا الرسوم والكفالة المقررين، وبتاريخ 98/6/10 ف أعلن الطعن للمطعون ضدهم لدى إدارة القضايا، وأعيد أصل الإعلان قلم تسجيل المحكمة العليا بنفس التاريخ.
ولا يوجد في الأوراق ما يفيد تقديم المطعون ضدهم المذكرات رادة أو مستندات.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها وحجز الطعن للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وذلك من عدة وجوه.
حاصل الأول: أن القرار الطعين معيب بعيب إساءة استعمال السلطة، لأنه لم يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، وإنما هدف إلى تغيير المنطقة الخضراء إلى قطع سكنية وتوزيعها وكان بالإمكان منح من خصصت لهم هذه القطع قطعا أخرى، كما أنه لا يجوز إجراء التعديل في المخطط المعتمد من مصلحة التطوير العمراني إلا بموافقة اللجنة الشعبية طبقا لقانون التخطيط.
حاصل الثاني: خالف القرار الطعين القانون رقم 92/15 ف بشأن حماية الأراضي الزراعية، لأن المساحة الخضراء التي صدر القرار الطعين بتقسيمها هي مساحة خضراء ومشجرة، ومن ثم تدخل ضمن نطاق الأراضي الزراعية بغض النظر عن وقوعها خارج المخطط أو داخله، و من ثم لا يجوز إقامة مبان عليها ولا يجوز تقسيمها بقصد البناء عليها.
الوجه الثالث: خالف القرار الطعين أحكام القانون رقم 69/5 بشأن تخطيط المدن والقرى الذي يشترط صدور القرار من اللجنة الشعبية العامة باعتماد تعديل المخطط، ومصلحة التخطيط العمراني لم تعرض أمر تغيير المساحة الخضراء إلى قطع سكنية على هذه الجهة.
وحيث إن النعي في مجمله غير سديد، ذلك أن المستقر عليه في الفقه والقضاء الإداري أن عيب الانحراف الذي يبطل عمل الإدارة يقع عندما تستعمل الإدارة سلطتها التقديرية لتحقيق غرض غير معترف به، ويظهر خطره في أن الإدارة تحاول أن تحقق جميع أغراضها غير المشروعة في حماية من مظهر المشروعية، وأنه لما كان هذا العيب يتميز بأنه خفي يستره مظهر من المشروعية الشكلية، فإن مهمة إثباته دقيقة وتقع على عاتق طالب الإلغاء ما لم يكن القرار بذاته، أي باستقراء أسبابه، كافيا للدلالة عليه.
ومتى كان ذلك، وكان المخطط الذي صدر من جهة مختصة واعتمد من الجهة المختصة باعتماده وفقا لقرار أمين اللجنة الشعبية العامة للإسكان والمرافق، وهو مخطط عام وضع لأجل تحقيق مصلحة عامة، وهي سد حاجة بعض المواطنين للسكن، ومن ثم فإن النعي عليه لمجرد تغيير المنطقة الخضراء إلى قطع سكنية لتوزيعها على بعض المواطنين لإثبات انتفاء المصلحة العامة ووصم القرار الطعين بالانحراف لا يصلحودليلا لإثبات هذا العيب خاصة، وأن الثابت من كتاب أمين اللجنة الشعبية العامة للزراعة بمنطقة سهل بنغازي أن الأرض موضوع القرار تقع داخل المخطط العام المعتمد لمدينة بنغازي، وأن دراسة أو إدخال أو إجراء أي تعديل هو من اختصاص اللجنة الشعبية العامة للإسكان والمرافق واللجان المشكلة من طرفها بشأن تخطيط المدن، فإنه في غير محله، ذلك أن اللجنة الشعبية العامة قد أصدرت القرار رقم 1993/18 ف بإنشاء مصلحة التخطيط العمراني، وأسندت لها كافة الصلاحيات المتعلقة بتقسيم الأراضي وإعداد المخططات والتجمعات إضافة إلى أن المادة الثانية من القانون رقم 93/3ف بشأن اللجان الشعبية نصت على أنه ( للجان الشعبية النوعية كافة الاختصاصات والصلاحيات المقررة للجنة الشعبية العامة في التشريعات النافذة والمتعلقة بالقطاع الذي تديره).
وبناء على ذلك أصدر أمين اللجنة الشعبية العامة للإسكان والمرافق القرار رقم 93/249ف الذي قضى بتشكيل لجان لتخطيط المدن وتنظيم المباني واقتراح ما ترى إدخاله عليها من تعديلات، على أن تعتمد محاضر اجتماعاتها من قبل أمين إدارة مصلحة التخطيط العمراني، وهو ما تم الالتزام به في الواقعة المعروضة.
ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة وأعمل هذا النظر فإنه يكون بذلك قد طبق صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصاريف.