طعن مدني رقم 503/ 44ق
طعن مدني رقم 503/ 44ق
خلاصة المبدأ
إذا رأت المحكمة عدم لزوم ندب خبير وجب عليها رفض ذلك صراحة وتبريره بأسباب سائغة – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 165 لسنة 1991ف أمام محكمة الزاوية الابتدائية على الطاعنين طالبا الحكم بثتبيت حق انتفاعه في كامل الربع مشاعا بينهم في الأرض موضوع الدعوى، وقال بياناً الدعواه: إنه يملك الربع مع المدعى عليهم جميعا في الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى على الشيوع بينهم، والمحكمة قضت له بطلباته، فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم امام محكمة استئناف طرابلس، وأثناء نظر الاستئناف تدخل فيه بقية المطعون ضدهم منضمينزإلى المطعون ضده الأول، والمحكمة قضت بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.6.30ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1997.9.30ف قرر محامي الطاعنين الطعن فيه بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم والكفالة، مودعا مذكرة بأسباب الطعن، وسند وكالته، كما أودع – بتاريخ 1997.10.21ف – صورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ومذكرة شارحة، وأصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم بتواريخ 12 و 13 و 14 و 18 من شهر 10 لسنة 1997ف، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع: ذلك أن محامي الطاعنين طلب إعادة المأمورية إلى خبير أخر لبيان عما إذا كان عقد الشراء الذي يستند إليه المطعون ضده الأول في دعواه يخص نفس الأرض موضوع عقد البيع الصادر عنه وعن المنضمين إليه في الاستئناف إلا أن المحكمة المطعون في حكمها أهدرت هذا الطلب الجوهري وأشارت إليه في أسباب حكمها دون أن تناقشه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه – ولئن كان تعيين الخبير في الدعوى حسب الأصل وحسب المادة 307 من قانون المرافعات من الرخص المخولة لقاضي الموضوع، وله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء، إلا – أنه يجب على المحكمة التي لا ترى لزوما لندب خبير أن ترفض ذلك صراحة وأن تقيم رفضها على أسباب تبررها حتى يمكن لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على مدى سلامة هذه الأسباب.
وحيث يبين من الرجوع إلى أوراق الطعن أن محامي الطاعنين قد أرفق صورة من مذكرة الدفاع المقدمة للمحكمة المطعون في حكمها بجلسة 1997.4.14 ف مؤشر عليها من قلم كتاب المحكمة بما يفيد أنها صورة طبق الأصل للمذكرة المودعة بالملف يبين منها أن محامي الطاعنين قد طلب إعادة المأمورية إلى خبير آخر لبيان عما إذا كانت الأرض موضوع عقد الشراء المؤرخ في 2 شوال 1325 هجرية والذي يستند إليه المدعي في دعواه يتعلق بنفس الأرض موضوع عقد البيع الصادر عنه وعن المنضمين معه في الاستئناف.
وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد هذا الطلب ولم يناقشه، وأغفله كلية، ومفاد ذلك في رأي المحكمة المطعون في قضائها لا يقتضي ردا خاصا مثله في ذلك مثل أدلة الدعوى التي يطرحها الخصوم على المحكمة تأييدا لدعواهم، وهذا النظر لا يتفق وطبيعة الإجراء الخاص بندب خبير أو سماع شهود أو غير ذلك من الإجراءات القانونية التي تتم بمعرفة المحكمة بجعل الدعوى صالحة للحكم فيها وللوصول إلى الحقيقة، لأن القانون جعل من هذا الإجراء وسيلة للحصول على دليل وليس الإجراء في حد ذاته دليلا، ولذلك كان لزاما على المحكمة أن تبدي رأيها حول طلب الخصوم باتخاذ الإجراء الذي لا يتم إلا عن طريقها، ولها مطلق الحرية في أن تجيبه إذا رأت أن الفصل في الدعوى في حاجة إليه ويعين على الوصول إلى الحقيقة، أو أن ترفضه إذا وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي للفصل فيها، أو أن هذا الإجراء
المطلوب لا يجدي في واقعة النزاع، وفي هذه الحالة، أي حالة الرفض – يجب أن يكون صريحا ومحمولا على أسباب تسوغه ولا يغني في هذا المقام الرفض الضمني، لأن هذا النوع من الرفض وإن جاز بالنسبة للدليل المعروض على اعتبار أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي دفاعهم والرد على كل حجة من حججهم استقلالا، إلا أنه غير جائز بالنسبة لطلب الإجراء المعتبر وسيلة للحصول على دليل، لأن الدليل لم يوجد بعد، الأمر الذي يتطلب من المحكمة موقفا إيجابيا بالقبول أو بالرفض الصريح، حتى يتسنى للمحكمة الأعلى درجة مراقبة مدى سلامة الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأدنى درجة، ومتى كان ذلك فإن عدم تناول المحكمة المطعون في قضائها لطلب محامي الطاعنين بندب خبير آخر وعدم إبداء الرأي فيه بالقبول أو الرفض الصريح بالرغم من أنه جوهري في الدعوى المعروضة لمعرفة مدى انطباق مستندات المطعون ضده على أرض النزاع من عدمه – لا سيما أن تقرير الخبير السابق لم يتناول هذه المسألة – فإن ذلك يعد منها إخلالا بحق الدفاع يترتب عليه بطلان حكمها مما يتعين معه نقضه مع الإحالة دون حاجة إلى مناقشة بقية أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف الزاوية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.