طعن مدني رقم 465/ 45ق
طعن مدني رقم 465/ 45ق
خلاصة المبدأ
- أحوال جواز رجوع الواهب عن الهبة – تنفيذ الهبة الباطلة لعيب في الشكل – أثره.
- الرجوع في الهبة – شرطه.
الحكم
الوقائع/ تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 94/273 أمام محكمة الزاوية الابتدائية ضد الطاعن، قال فيها: إنه سبق وأن تنازل لابنه الطاعن عن قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، ولتنكره له، ومحاولة بيع جزء منها، فقد انتهى إلى طلب الترخيص له بالرجوع في هبته واعتبارها كأن لم تكن، وتسليمها له خالية من الشواغل والأشخاص، والمحكمة قضت برفض الدعوى، ومحكمة استئناف طرابلس قضت في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وفسخ عقد الهبة، واعتباره كأن لم يكن، وإلزام الطاعن ” بتسليمه العقار موضوع عقد الهبة الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى خالياً من الشواغل والأشخاص.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.5.18ف، وأعلن بتاريخ 1998.8.31ف، وبتاريخ 1998.9.23ف قرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية، الطعن فيه بالنقض نيابة عن الطاعن لدى قلم كتاب المحكمة العليا، مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة، وسند الإنابة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، ضمن حافظة مستندات وبتاريخ 1998.10.4ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده في 1998.10.1ف. وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وفي الجلسة تمسكت برأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلا. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، بما حاصله أنه أسس قضاءه على ما جاء بصحيفة الاستئناف من أقوال مرسلة من أنه يحق للمطعون ضده الرجوع في هبته وفق نص المادة 490 من القانون المدني دون أن يورد الأعذار المبررة للرجوع فيها، ومن غير أن يثبت المطعون ضده – وهو الذي يقع عليه عب الإثبات – من أن وثيقة التنازل هي هبة، وأن الطاعن لم يتنازل له عن قطعة أرض بالمقابل، وكما جاء بشهادة الشهود التي لم يأخذ بها الحكم المطعون فيه، ومنتهيا إلى عدم ثبوت الطاعن للمطعون ضده قطعة الأرض بالمقابل، وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه يجوز للواهب – طبقا لنص المادة 489 من القانون المدني- الرجوع في الهبة إذا تراضى على ذلك مع الموهوب له، أو استند إلى عذر يقبله القاضي ما لم يوجد مانع يحول دون الرجوع في الهبة، وقد حددث المادة 191 من ذات القانون موانع الرجوع في الهبة، ومن بينها ما نصت عليه الفقرة ( هـ ) وهو ( إذا كانت الهبة الذي رحم محرم )، ولما كان نص هذه الفقرة قد جاء عاما دون تخصيص، ومطلقا بغير قيد فإنه يسري على جميع الهبات متى كان الموهوب له تربطه بالواهب قرابة الرحم والمحرمية معا، ومنها هية الوالد لولده، وبصدورها لا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير التراضي مع الموهوب له.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده سلم قطعة الأرض الموهوبة لابنه ( الطاعن ) والتي يطلب الترخيص له بالرجوع فيها طائعا مختارا وهو ما لا ينازع فيه الطرفان، فإنه لا يجوز له أن يسترد ما سلمه، ولو كانت الهبة باطلة لعيب في الشكل متى قام بتنفيذها عملا بحكم المادة 418 من القانون المدني.
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى فسخ عقد الهبة واعتبارها كأن لم تكن، وإلزام الطاعن تسليم العقار موضوع عقد الهبة للمطعون ضده لعدم تنفيذه لالتزامه المقابل وهو تسليم العقار المتفق عليه مع والده له، وهو ما يخرج عن نطاق الدعوى – أيا كان وجه الرأي فيه – دون البحث في أساس الدعوى، وهو ما إذا كان يجوز اللطاعن الرجوع في هبته أو عدمه، مما يجعله مخطنا في تطبيق القانون، قاصر التسبيب يتعين معه نقضه.
وحيث إن مبنى النقض الخطأ في تطبيق القانون، وأن الدعوى صالحة للفصل فيها لما سبق بيانه، فإن المحكمة تفصل فيها عملا بحكم المادة 358 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وفي الاستئناف رقم 43/304 ق استئناف طرابلس برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وبإلزام المطعون ضده المصاريف.