Skip to main content

طعن مدني رقم 43/ 46ق

نشر في

طعن مدني رقم 43/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. طلب تثبيت حق انتفاع هو في حقيقته طلب إثبات ملكية – أساس ذلك.
  2. الحيازة التي يعتد بها القانون هي الحيازة المشروعة، وجوب إثبات سببها – أساس ذلك.
  3. وجوب الاستناد في إثبات الملكية إلى أحد أسباب كسبها، عدم جواز الاستناد إلا إلى سبب يقره القانون – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 984 لسنة 1993 ف أمام محكمة طرابلس الابتدائية على المطعون ضدهم، طالبا الحكم بثبوت حقه في الانتفاع بالعقارات موضوع الدعوى، وإلزامهم بتعويضه بمبلغ عشرة آلاف دينار، وقال شرحا لدعواه: إنه يملك العقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، والتي آلت إليه بموجب التنزيل الصادر إليه من خال والده (…) عن طريق محكمة القره بوللي الجزئية بتاريخ 1967.11.19ف كما أن زوجة المذكور تنازلت له عن حقها في الميراث العائد إليها من زوجها المنزل، إلا أن المطعون ضدهم قد نازعوه في ذلك مما حدا به إلى رفع هذه الدعوى، فقضت المحكمة برفضها فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.2.18 ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية نيابة عن الطاعن الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.11.8 ف، مسددا الرسم، والكفالة، ومودعا مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، وسند إنابته، وبتاريخ 1998.11.16 ف أودع ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهم يومي 11 و 15 من شهر 11 لسنة 1998 ف، وفي يوم 1998.12.19 ف أودع محامي المطعون ضدهما الأول، والثالث، مذكرة رادة بدفاعهما مشفوعة بسند وكالته. وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها. 

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.

وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من عدة وجوه:-

  1. إن الطاعن استند في حقه في الانتفاع بالعقارات موضوع الدعوى وطلب الحكم بتثبيته إلا أن مورث المطعون ضدهم قد أنزله منزلة الابن في كافة أمواله الثابتة والمنقولة، وهذا التنزيل يعتبر شرعاً وصية في حدود ثلث التركة، وهذا ثابت بالمستندات التي تقدم بها الطاعن إلى المحكمة المطعون في حكمها، كما قدم ما يفيد أن زوجة خاله ( المتوفى ) المنزل (…) قد تنازلت له عن نصيبها من تركة زوجها، كما قدم شهادات سلبية وأخرى، بما أدلى به الشهود الذين أكدوا واقعة التنزيل إلا أن الحكم طرح هذه المستندات على سند من القول أن المدعى لم يثبت أن الأرض موضوع الدعوى كانت مملوكة لمنزله قبل وفاته، فإنه يكون قد خالف القانون.
  2. إن الطاعن استند في حقه في الانتفاع بالأرض موضوع الدعوى لمدة ثلاثين سنة إلى القانون رقم 7 لسنة 1986ف بشأن ملكية الأرض والذي جاء في مادته الثانية (( يحق لكل مواطن يحوز أرضاً بطريقة مشروعة الانتفاع بها شغلاً وزراعة ورعياً متى كان يستغلها بجهده وجهد أفراد أسرته دون استغلال لجهد الغير وفي حدود إشباع حاجاته وحاجات أفراد أسرته ويكون ذلك لورثته من بعده )) والحكم طرح هذا القانون ولم يطبقه على الواقعة.
  3. إن الحكم لم يرد على دفوع الطاعن وأحال على أسباب محكمة أول درجة دون أن يرد عليها، ومن هذه الدفوع الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أثاره أمام المحكمة المطعون في حكمها، إذ كان على محكمة أول درجة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لا برفضها، ولم ترد عليه مما يصم حكمها بعيب القصور في التسبيب

وحيث إنه عن الوجه الأول فهو في غير محله، ذلك أنه من المقرر – وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن من يدعي الملكية أن يستند في إثباتها إلى أحد أسباب كسبها المنصوص عليها في القانون المدني، وهي الاستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والشفعة، وأن يقيم الدليل على تحقق هذا السبب وفقاً للأدلة المقررة في القانون في شأن إثبات هذه الأسباب، ولا يجوز له أن يستند في إثبات الملكية إلا لسبب بقره القانون.

وحيث إن الوجه الثاني غير سديد، ذلك أن الاحتجاج بالقانون رقم 7 لسنة 1988 ف بإلغاء ملكية الأرض لا يجدي نفعاً في هذا الموضوع ذلك أن الطاعن أسس دعواه على طلب تثبيت حق الانتفاع وهو في حقيقته إثبات ملكية، والقانون المحتج به يعطي الحق في الانتفاع بشرط أن يكون المنتفع حائزاً حيازة مشروعة، والطاعن لا يطالب بالحيازة، وإنما يطالب بإثبات حق الملكية، فضلاً على أن القانون المتمسك به يشترط أن تكون الحيازة مشروعة وهي الحيازة التي تستند إلى سبب، قانوني بشرط إثبات ملكية من تلقى عنه هذه الحيازة من مورث أو موص، فإذا كان غير مالك لأرض النزاع فلا يعتبر من تلقى عنه هذا الحق حائزاً حيازة مشروعة.

وحيث إنه عن السبب الأخير فهو على غير أساس، ذلك أن الطاعن لم يبين الدفوع التي أثارها أمام المحكمة المطعون في حكمها، والتي لم ترد عليها، عدا الدفع بعدم قبول الدعوى وهذا الدفع لا يحقق مصلحة للطاعن، فسواء قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى أو بعدم قبولها فالأمر سيان لأن كلاً من الحكمين فاصل في موضوع النزاع، وتستنفد به المحكمة ولايتها.

ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب تثبيت حق الانتفاع في قطع الأرض موضوع النزاع استناداً إلى أن منزله أنزله منزلة ابنه، وأن زوجة المنزل تنازلت له عن حقها في إرث زوجها، وأن التنزيل يعتبر وصية في حدود الثلث، ومحكمة أول درجة قضت برفض الدعوى على سند من القول: إن المدعي عجز عن إثبات ملكية منزله ومورث المتنازلة له، وتأيد هذا القضاء بالحكم المطعون فيه، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويكون الطعن برمته غير قائم على أساس من القانون بما يتعين رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه و بالزام الطاعن بالمصروفات.