طعن مدني رقم 41/ 45 ق
العنوان
قانون التأمين الإجباري خول المضرور دعوى مباشرة قبل المؤمن لاقتضاء المبلغ المحكوم به على المتسبب في الضرر، وأخرى قبل المؤمن له، وهما مسئولان بالتضامن – بيان ذلك.
الملخص
المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1971 ف – بشأن التأمين الإجباري – أوجبت على طالب الترخيص لمركبة آلية أن يقدم وثيقة تأمين عن حوادث المركبة لمدة الترخيص، وضمانا لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر، نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من هذا القانون على أنه يكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض عن الإصابات التي تقع للأشخاص مهما بلغت قيمته ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى من صاحب الحق فيه…
ومفاد ذلك أن قانون التأمين الإجباري خول المضرور دعوى مباشرة قبل المؤمن لاقتضاء مبلغ التعويض المحكوم به على المتسبب في الضرر، وبذلك أصبح للمضرور مدينان بالتعويض المستحق له، أولهما المؤمن له المسئول، وهو مدين طبقاً لقواعد المسئولية، وثانيهما المؤمن بحكم الدعوى المباشرة، ولكنهما غير متضامنين فيه، بل هما مسئولان عنه بالتضامن، فلا يجوز للمضرور أن يجمع بينهما ويرجع على كل منهما، فإذا استوفى حقه من أحدهما برئت ذمة الآخر، لأنه بحصوله على حكم ضد المؤمن إلى جانب الحكم الذي حصل عليه ضد المؤمن له المسئول، يكون له الخيار بين أن ينفذ على المؤمن أو المؤمن له المسئول، فإذا نفذ على أحدهما، فليس له أن ينفذ على الآخر، إذ تكون ذمته قد برئت طبقاً لقواعد التضامن.
الحكم
الوقائع
أقام المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 2246 لسنة 1995 ف أمام محكمة طرابلس الابتدائية على الشركة الطاعنة، طالباً إلزامها بدفع مبلغ مائتي ألف دينار تعويضاً شاملاً عن الضررين : المادي، والأدبي، لوفاة مورث موكليه في حادث مرور بسيارتين مؤمنتين لدى الشركة الطاعنة، وأدين السائقان بحكم جنائي، وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بصفته بأن تدفع للمدعي بصفته مبلغ خمسين ألف دينار، فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون “.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.4.13ف، وأعلن بتاريخ 1997.10.8ف، وقرر أحد أعضاء إدارة القضايا – نيابة عن الشركة الطاعنة – الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1997.11.8ف، مسدداً الرسم والكفالة، ومودعاً مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي، ثم أودع – بتاريخ 1997.11.13 ف – أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 1997.12.2ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة رادة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته.
وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من الوجهين الآتيين:-
- أن الحكم استند في قضائه على حكم جنائي تم نقضه في الطعن الجنائي رقم 212 لسنة 41ق واعتبر لاغياً، وكان يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان الحكم أساساً لها وذلك طبقاً لنص المادة 360 من قانون المرافعات
- أن الحكم قضى بالتعويض دون بيان لعناصر الضرر وأسس التقرير.
وحيث إن الوجه الأول مردود، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 360 من قانون المرافعات تقضي من أنه (( إذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه، بقي نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض )).
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالتعويض على الحكم الجنائي كأساس لمسؤولية الشركة الطاعنة تجاه محدث الضرر والذي صار نهائياً ولم يكن محل طعن، إذ أن الحكم في الطعن الجنائي رقم 212 لسنة 41 ق – والمودع ملف الطعن صورة رسمية منه – قد انصب على الشق المدني الذي رفع تبعاً للدعوى الجنائية باعتبار الشركة الطاعنة ضامناً ولم يتطرق للشق الجنائي الذي صار نهائياً، الأمر الذي يكون معه هذا الوجه من النعي في غير محله.
وحيث إن الوجه الثاني غير سديد، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1971 ف – بشأن التأمين الإجباري – أوجبت على طالب الترخيص لمركبة آلية أن يقدم وثيقة تأمين عن حوادث المركبة لمدة الترخيص، وضمانا لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر، نصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من هذا القانون على أنه يكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض عن الإصابات التي تقع للأشخاص مهما بلغت قيمته ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى من صاحب الحق فيه… )).
ومفاد ذلك أن قانون التأمين الإجباري خول المضرور دعوى مباشرة قبل المؤمن لاقتضاء مبلغ التعويض المحكوم به على المتسبب في الضرر، وبذلك أصبح للمضرور مدينان بالتعويض المستحق له، أولهما المؤمن له المسئول، وهو مدين طبقاً لقواعد المسئولية، وثانيهما المؤمن بحكم الدعوى المباشرة، ولكنهما غير متضامنين فيه، بل هما مسئولان عنه بالتضامم، فلا يجوز للمضرور أن يجمع بينهما ويرجع على كل منهما، فإذا استوفى حقه من أحدهما برئت ذمة الآخر، لأنه بحصوله على حكم ضد المؤمن إلى جانب الحكم الذي حصل عليه ضد المؤمن له المسئول، يكون له الخيار بين أن ينفذ على المؤمن أو المؤمن له المسئول، فإذا نفذ على أحدهما، فليس له أن ينفذ على الآخر، إذ تكون ذمته قد برئت طبقاً لقواعد التضامم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده ذات مبلغ التعويض الذي صدر به حكم محكمة الجنح المستأنفة على المؤمن له المسئول استناداً إلى نص المادة السادسة من قانون التأمين الإجباري سالفة الذكر، وكان الحكم الذي قدر التعويض المحكوم به على المتسبب في الضرر قد صار نهائياً لعدم الطعن عليه من طرفيه، فإنه لم يعد أمام المحكمة المطعون على حكمها سلطة في إعادة تقدير قيمة التعويض لا بزيادته ولا بإنقاصه، ومن ثم فإنه لا إلزام عليها بإيراد أية عناصر لهذا التقدير بما يكون معه هذا النعي بدوره في غير محله، ويتعين لذلك رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وبإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات