طعن مدني رقم 101/ 46ق
طعن مدني رقم 101/ 46ق
التصنيف: مدني- ذات الصلة:تعويض/ ملكية
- رقم الطعن: 101
- السنة القضائية:46ق
- تاريخ الجلسة: 23/2/2004
خلاصة المبدأ
- تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع.
- بيان عناصر التعويض من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة المحكمة العليا.
- عدم اتخاذ الإجراءات القانونية عند نزع الملكية – اعتماد الحكم على العلم والخبرة عند تقدير التعويض – أثره.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده عن نفسه وبصفته الدعوى رقم 94/144 ضد الطاعنين بصفتيهما وآخر أمام محكمة مصراتة الابتدائية، قال شرحا لها: إن المدعين يملكون الأرض الكائنة في مصراتة المبينة الحدود والمعالم المذكورة في صحيفة الدعوى، إلا أن الجهات المدعى عليها قامت بالاستيلاء عليها، وشيدت عليها مدرسة دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون، وانتهوا إلى طلب إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لهم مبلغا قدره مثنا ألف دينار تعويضا عن الأرض التي تم الاستيلاء عليها بالمخالفة للقانون، والمحكمة قضت بتاريخ 1997.11.16 بالزام المدعى عليهم بصفتهم بأن يدفعوا متضامنين للمدعين مبلغا قدره ستة وخمسون ألفا وسبعمائة وعشرون دينارا، استأنف المطعون ضده عن نفسه وبصفته هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصراتة بالاستئناف رقم250/25ق كما قدم الطاعنان بصفتيهما استئنافا مقابلا، والمحكمة قضت بقبولهما شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1998.7.1، وتم إعلانه للطاعنين بصفتيهما بتاريخ 1998.12.16، وبتاريخ 1999.1.16 قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مودعا مذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1999.2.3 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهم بتاريخ 1999.1.28، وبتاريخ 1999.2.27 أودع أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية مذكرة رادة مشفوعة بسند إنابته وحافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن وأبدت رأيها بقبوله شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، والتصدي للفصل في الدعوى، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن عدلت عن رأيها إلى قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث ينعى الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال من وجهين:-
الأول: استندت المحكمة المطعون في حكمها على العلم والخبر المقدم من المطعون ضدهم كأساس لإثبات ملكيتهم للعقار موضوع الدعوى مخالفة بذلك نص القانون الذي يقرر أن الملكية في العقار لا تثبت إلا بتقديم الشهادة العقارية، وقد جرى قضاء المحكمة العليا على أن العلم والخبر يعتبر مجرد شهادة إدارية لا حجية له في إثبات الملكية، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا المبدأ.
الثاني: أن التعويض عن الضرر المعنوي يهدف إلى التخفيف عن المضرور ومواساته، وقد استقر الفقه والقضاء على أن يكون التعويض معقولا دون غلو أو إسراف، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض عن الضرر الأدبي ولم يراع ذلك، ولا الحكمة التي توخاها المشرع عن التعويض وهي جبر الضرر. وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن جهة الإدارة إذا استولت على عقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها القانون، فإن ذلك يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسؤوليتها عن التعويض، ويكون صاحب العقار عند مطالبته بالتعويض شأنه شأن المضرور من أي عمل غير مشروع، له أن يطالب بالتعويض سواء في ذلك ما كان قائما وقت الغصب أو استمر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم، والتعويض سالف الذكر هو تعويض عن ضرر عن عمل غير مشروع، وهو غير التعويض الذي قرره المشرع في المادة 28 من القانون رقم 11 لسنة 1972 بشأن التطوير العمراني.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على الجهات العامة بقوله: وحيث تبين من خلال المستندات المرفقة أن المدعين يملكون قطعة أرض عن طريق الإرث الشرعي وذلك وفقا لما هو ثابت بالعلم والخبر الصادر عن أمين اللجنة الشعبية بمحلة الرويسات، وما قرره الشهود الذين سمعت أقوالهم أمام الخبير الذي قام بمعاينة العقار حيث ثبت أنه ملك لمورث المدعين وقد تم إنشاء مدرسة عليه، وأن الجهات المدعى عليها لم تقدم ما يفيد اتباع الإجراءات القانونية المتعلقة بذلك عند استيلائها على عقار المدعيين…. فإن النعي على الحكم باعتماده على العلم والخبر دون الشهادة العقارية عند قضائه بالتعويض يكون في غير محله، طالما أن الجهات العامة لم تسلك تلك الإجراءات التي نص عليها القانون عند نزع الملكية للمنفعة العامة، وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون متفقا مع القانون مما يتعين معه رفض هذا النعي.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الثاني في غير محله، ذلك أن تقدير التعويض من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن تعيين عناصر التقدير المكون للضرر المادي التي يمكن أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل التي تخضع لرقابة المحكمة العليا، لأن هذا التعيين هو بيان مدى التناسب بين التعويض والضرر، أما بالنسبة للتعويض عن الضرر الأدبي وهو من الأمور الخفية التي لا تدرك بالحس فإنه يكفي لسلامة الحكم بشأنه أن يكون معقولا دون تقتير أو إسراف. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض التعويض المادي وقضى للمطعون ضدهم بتعويض عما لحقهم من ضرر أدبي، وكان التعويض عن هذا الضرر من الأمور الخفية التي لا تدرك بالحس وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه راعى في تقديره لهذا التعويض مدة حرمانهم من الأرض والاستفادة منها، وقضى بإلزام الطاعنين بالمبلغ المحكوم به دون غلو أو إسراف فإنه لا يكون معيبا بمخالفة القانون أو القصور في التسبيب بما يتعين معه رفض النعي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.