Skip to main content

طعن جنائي رقم 1054-50 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1054-50 ق  

خلاصة المبدأ 

  1. عدم إيداع أسباب الطعن في الميعاد- أثره.
  2. قصد القتل – أمر خفي لا يدرك بالحس الطاهر – استخلاصه متروك لقاضي الموضوع- شرط صحته.
  3. عدم الحكم بالسجن والديه لعفو أولياء الدم – أثره.

الحكم 

الوقائع 

 اتهمت النيابة العامة الطاعنين لأنهما بتاريخ 7/11/2001 بناحية مركز شرطة غريان.

  • المتهمان: قتلا عمدا المجنى عليه فيصل أحمد البوش، بأن قام الثانى بمسك المجنى عليه من يديه وعطل حركته حتى تمكن الأول من طعنه بسكين عدة طعنات، فأحدث به الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية المرفق، والتى أودت بحياته.
  • المتهم الثاني: أتهم شخصا بفعل يعتبر جناية مع علمه بأن ذلك الشخص برىء، وبشكل يمكن معه مباشرة إجراء جنائي ضده، وحصل الاتهام أمام السلطات المختصة، وذلك بأن أتهم بطعن المجنى عليه سالف الذكر خلافا للحقيقة، وكما هو مبين بالأوراق.

وقدمتهما الى غرفة الاتهام، لاحالتهما الى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمتهما عما أسند إليهما بالمواد 1-2-4-6 من القانون رقم 6 لسنة 1994، والمادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1998، والمادة 262/1-2 عقوبات. والغرفة قررت ذلك.ومحكمة جنايات الزأوية بعد أن نظرت الدعوى بجلستها المنعقدة بتاريخ 17/3/2003 قضت بإدانتهما عما اسند اليها ومعاقبة كل واحد منهما بالسجن لمدة خمس سنوات وبلا مصاريف جنائية.   

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 17/3/2003 ف وقرر المحكوم عليهما الطعن فيه بالنقض لدى ضابط السجن بتاريخ 19/3/2003، بتاريخ 15/4/2003 أودع محامى الطاعن الثانى مذكرة لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، كما قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن على الحكم بالنقض بتاريخ 10/4/2003 لدى القلم المذكور، وبذات التاريخ والمكان أودع مذكرة بأسباب طعنه.

 قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانونى في الطعن، رأت فيه الآتي:

  • أولا عدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكل.
  • ثانيا بقبول طعنى النيابة العامة والمحكوم عليه الثانى شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم لصالح المتهمين معا واعادة الدعوى الى محكمة جنايات الزأوية لنظرها مجددا من هيئة أخرى.

وحددت جلسة 16/1/2005 لنظر الطعن، وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

   حيث أن الطاعن الأول، وإن قرر الطعن على الحكم في الميعاد وإلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه إعمالا للمادة 385 إجراءات جنائية لذلك فإن الطعن يكون غير مستوف للشكل المقرر قانونا، ويضحى غير مقبول شكلا.

وحيث أن طعن المحكوم عليه الثاني والنيابة العامة استوفيا شروطهما

الشكلية المقررة قانونا فهما مقبولا شكلا.

وحيث ينعى الطاعن الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من وجهين:

  • الأول إن المحكمة عولت في إدانته عن تهمة القتل العمد بناء على أقوال المتهم الأول الذى قال بأن الطاعن هو الذى أمسك بيد المجني عليه، إلا أن هذا القول نفاه الطاعن في جميع مراحل الدعوى، وقال ان تواجده بمسرح الجريمة كان صدفه، ولا يوجد اتفاق بينه وبين المتهم الأول بالاعتداء على المجنى عليه، وأنه قام بمسك يدي المجنى عليه لرد الاعتداء منه على المتهم الأول خاصة وأن المجنى عليه كان يحمل سكينا، وأن قيامه بمسك المجنى عليه حصل بعد الاعتداء عليه من المتهم الأول وليس بعده. وأن المكان الذى وجد فيه المجنى عليه في حالة إغماء، يبعد عن مكان وقوع الجريمة مسافة مائتي وخمسين مترا، الأمر الذى يؤكد أن المجنى عليه لم يشعر في البداية بإصابته من طعنات المتهم الأول وذهب في حالة سلبية، وأنه إذا كان هناك خلاف بينه وبين المجنى عليه قام بالإجهاز عليه بعد أن قام المتهم الأول بطعنه.
  • الثاني إن المحكمة المطعون في قضائها لم تقم بالرد على دفع المتهم الذى ينفي فيه قيام الركن المعنوي للجريمة في جانب الطاعن، إذ أن جريمة القتل العمد تتطلب قصدا خاصا وهو اتجاه إرادة الجاني الى ازهاق روح المجنى عليه، يتعين على المحكمة أن تتحدث عنه استقلال وتستظهره بأدلة تكشف عنه، وتبحث عن أصوله في أوراق الدعوى، وهذا ما لم تشر إليه المحكمة في أسبابها.وخلص الى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والاعادة.             

وتنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين:

  • الأول: إن المحكمة المطعون في قضائها خالف نصى المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 7 لسنة 1430 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 1423 بشأن القصاص والدية، إذ قضت بمعاقبة المحكوم عليهما بالسجن لمدة خمس سنوات عن جريمة القتل العمد المسندة إليهما، ولم تقضى بعقوبة السجن المؤبد والدية، وقد استندت في تبرير العقوبة الى العفو الصادر من أولياء الدم، ولعدم وجود ما يسىء لسمعة المتهمين في السابق..وأنه لا مجال لإعمال نص المادة 29 عقوبات استنادا إلى العفو الصادر عن أولياء الدم لأن المشرع أعمل أثر العفو واستبدل به عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤيد.
  • الثاني: ان المحكمة المطعون في قضائها لم تحكم بالدية، مستندة في ذلك الى أن أولياء الدم تنازلوا عن حقهم الجنائى والمدنى وأنهم استلموا التعويض، وأن الدية تعتبر تعويضا، الأمر الذى يجعلها بتنازل أولياء الدم عنها لا وجود لها، وهذا الأمر تراه النيابة الطاعنة مخالفا للقانون، ذلك أنه وإن كانت الدية تعد تعويضا لأولياء الدم، إلا أن المشرع قد نص عليها في القانون باعتبارها عقوبة أصلية، يجب الحكم بها في حالة عفو أولياء الدم، بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤيد، لذلك فأن الحكم المطعون فيه إذ لم يأخذ بهذا الرأي فإنه يكون مخالفا للقانون مما يوجب نقضه مع الاعادة.

وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن وقائع الدعوى تتلخص كما أوردها الحكم الطعين أنه بالتحقيق مع المتهم اعترف بطعنه المجني عليه لخلاف بينهما بسبب أقراص الروح، وقد قام المتهم… بمسك المجنى عليه من يديه ومنعه من الدفاع عن نفسه، فقام هو بطعنه بسكين أبو خوصة في صدره طعنتين أو ثلاث وذلك لأنه نصب عليه، ثم عرض الحكم المطعون فيه لبيان عقيدة المحكمة وأدلة الثبوت بقوله وحيث انه ازاء اعتراف المتهم الأول بأنه طعن المجنى عليه بسكين طعنتين أو ثلاث، في ساعة متاخرة من الليل معتقدا أنه طعنه جانب كتفه، وذلك أن المجنى عليه نصب عليه عندما طلب منه شراء حبوب الروج، وقد أحضر له المجنى عليه أقل مما اتفق معه عليه، الأمر الذى جعله ينهال عليه بتلك الطعنات التى كانت السبب في وفاته، لما كان ذلك وبما أن المتهم الأول أرجع الفضل للمتهم الثانى الذى مسك المجنى عليه من يديه وشل حركته، وإلا لما أمكن المتهم الأول من اقتراف جريمته، وحيث ان المتهم الثانى أكد أنه رافق المتهم الأول في تنقلاته إلى أن أقترف جريمته النكراء، ولما كان ذلك وبما أن المتهم الأول أكد في أقواله أنه لولا مساعدة المتهم الثانى لما استطاع التغلب على المجنى عليه، سيما وأن المتهم الثانى اعترف صراحة باتهامه للمدعو…. باقترافه لفعل مع تيقنه أن ذلك الشخص بريء، الأمر الذى يؤكد جليا للمحكمة أنه على اتفاق تام مع المتهم الأول في اقتراف جريمة القتل المسندة إليهما.وحيث انه من خلاف الكشف الذى أجرته الشرطة والنيابة العامة، وقد اثبته الطبيب الشرعى في تقريره أن المجنى عليه أصيب طعنات في صدره، وقد أدت تلك الطعنات التى جاءت في مكان حساس من جسم المجنى عليه الى وفاته، الأمر الذي يؤكد جليا للمحكمة أن القصد من الطعنات هو التخلص من المجنى عليه..)

لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم الاعتداء على النفس، بقصد خاص، هو أن يقصد الجاني، سواء كان فاعلا أو شريكا، من ارتكابه الفعل، إزهاق روح المجنى عليه، وهذا القصد الخاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم، وهو بطبيعته أمر داخلى يبطنه الجاني و يضمره في نفسه، فلا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يستخلص من والأمارات والمظاهر الخارجية التى تدل عليه، واستخلاصه من هذه الإمارات والمظاهر وإن كان من شأن محكمة الموضوع، إلا أنه يتعين أن يكون استخلاصها سائغا، ويؤدي إلى النتيجة التى انتهت إليها، وأن يكون له معينه في الأوراق، وإلا كان حكمها معيبا بالقصور في التسبيب وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة، بشأن إثبات جريمة القتل العمد في حق الطاعن الثانى على النحو السالف بيانه لاتؤدى الى ماذهب اليه، ذلك أن مجرد القول بأن المتهم الأول أرجع الفضل للمتهم الثاني ( الطاعن ) الذى أمسك المجنى عليه من يديه، وشل حركته، وإلا لما أمكن المتهم الأول من اقتراف جريمته، وكذلك القول بأن المتهم الثانى ( الطاعن ) رافق المتهم الأول في تنقلاته الى أن اقترف جريمته النكراء، وكذلك القول بأن المتهم الثانى (الطاعن ) اعترف صراحة باتهامه للمدعو… باقترافه لفعل مع تيقنه أن ذلك الشخص بريء فهذه الأدلة لا تنهض دليلا قاطعا على قيام نية القتل العمد لابحق الطاعن الثانى ولا ترشح لذلك، ومن ثم يكون ما نعاه الطاعن الثانى في الوجه الثانى من طعنه في محله، ويكون الحكم المطعون فيه معيبا بالقصور في التسبيب ويتعين القضاء بنقضه موضوعا بالنسبة للطاعن الثانى دون حاجة لبحث باقى مناعية. 

وحيث إنه عما تنعى به النيابة العامة على الحكم المطعون فيه في محله ذلك لأنه من المقرر قانونا في المادة الأولى من قانون القصاص والدية رقم 6 لسنة 1423 المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1430م، أن عقوبة القاتل العمد هى الإعدام قصاصا، وفي حالة العفو ممن له الحق في ذلك تكون العقوبة السجن المؤيد والدية، ومؤدى ذلك أن المشرع قد جعل هاتين العقوبتين الأخيرتين بدل لعقوبة الإعدام قصاصا، وأنه يجب على محكمة الموضوع أن تحكم بهما في حالة العفو عن القاتل العمد ممن له الحق في ذلك، وأنه لا يصح قانونا النزول عن هاتين العقوبتين أو عن أحدهما، أو استبدالهما بغيرهما، وكان الحكم المطعون فيه لم يحكم بعقوبة الدية بمقولة إن أولياء دم المجنى عليه استلموا التعويض، الأمر الذي يجعل الدية لأوجود لها بتنازل أولياء الدم عنها، كما أنه قضى بمعاقبة المطعون ضدهما بالسجن لمدة خمس سنوات بعد أن أعمل ظروف التخفيف في حقهما عملا بالمادة 29 عقوبات، فإنه على هذا النحو يكون معيبا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويكون ما ينعاه النيابة الطاعنة في هذا الشأن في محله، ويتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول طعن الطاعن الأول شكلا، وبقبول طعن الطاعن الثانى والنيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى الى محكمة استئناف الزاوية – دائرة الجنايات – لنظرها مجددا من هيئة أخرى بالنسبة للمحكوم عليهما معا.