طعن إداري رقم 62/ 43ق
طعن إداري رقم 62/ 43ق
خلاصة المبدأ
العقارات المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة تصبح من الأموال العامة، بتخصيصها للمنفعة العامة من قبل اللجنة الشعبية للبلدية – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ تتحصل واقعات الموضوع – كما تبين من أوراق الطعن – في أن اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس (سابقاً) أصدرت القرار رقم 92/1271 بتاريخ 92/10/13 بنزع ملكية بعض العقارات – ومن بينها قطعة أرض صالحة للبناء مملوكة للطاعنين – لإقامة وحدات سكنية، طعن الطاعنون في هذا القرار بالإلغاء وبصفة مستعجلة وقف تنفيذه، بصحيفة دعواهم رقم 24/6 المودعة قلم كتاب دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف طرابلس في 94/10/8، والمحكمة بعد أن قررت وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، أصدرت حكما في الموضوع بجلسة 27/2/96 برفض الدعوى، والحكم الأخير هو محل الطعن بالنقض.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 96/2/27 فقرر محامي الطاعنين بتاريخ 96/4/20 الطعن عليه بالنقض بالتقرير به لدى قلم كتاب المحكمة العليا بطرابلس أرفق به مذكرة بأسباب طعنه، كما أودع بذات التاريخ سند إنابته، وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله، ومذكرة شارحة أحال فيها على أسباب الطعن، وحافظة مستندات أشار إلى محتوياتها على غلافها، مسدداً الرسم والكفالة المقررة.
وبتاريخ 96/4/25 أعلن الطعن للمطعون ضدهم لدى إدارة القضايا بطرابلس، وأودع أصل ورقة إعلانه في 96/5/1.
وبتاريخ 96/5/29 أودعت إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضدهم خلصت فيها إلى أن المشرع لم يحدد شكلا محدداً لتقرير التلخيص، وأن الطاعن لم يعترض عليها يبدي ملاحظاته عند تلاوته، وأن نزع الملكية تم بناء على عرض من مكتب شؤون العقارات والرسوم التخطيطية، وأثبت الحكم ذلك في مدوناته، ورد على دفاع الطاعن رداً مقنعا، وعدم نشر القرار في الجريدة الرسمية إجراء لاحق لا يدخل في تكوين القرار ووجوده، وإنما هو إجراء كاشف، وعلى فرض صحة عدم نشره لم يرتب المشرع على ذلك البطلان.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، تأسيسا على أن القرار صدر وفق صحيح القانون أما الإجراءات الأخرى كالنشر في الجريدة لاحقة للقرار ولا تؤثر فيه، ولا جدوى من إثارة ضرورة موافقة أمين الزراعة على نزع ملكية أرض زراعية لأن قرار نزع الملكية صدر بعد رفع الصبغة الزراعية، وكان على الطاعنين أن يعقبوا على تقرير التلخيص أمام محكمة الموضوع، وقبل صدور الحكم.
حددت جلسة 99/12/19 لنظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة 2000/1/2، ثم مد اجل النطق بالحكم إلى جلسة 2000/1/23 وفيها صدر الحكم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب فيما انتهى إليه وهو بصدد الرد على الدفع بعدم اختصاص اللجنة الشعبية (لبلدية طرابلس) بإصدار القرار المطعون فيه حيث خلط المنفعة العامة بين تقرير ونزع الملكية للمنفعة العامة، وجاء استنتاجه فاسداً وهو بصدد تقسيمه للإجراءات السابقة على صدور قرار نزع الملكية والإجراءات التالية لتقرير المنفعة العامة، وحيث إن هذا النعي في مجمله سديد، ذلك أن المادة 17 من القانون رقم 72/116 نصت على أن يكون تقرير المنفعة العامة لمشروعات المرافق والمنافع العامة الواقعة داخل مخططات المدن والقرى أو خارجها بقرار من اللجنة الشعبية العامة، كما أجازت المادة 18 منه تقرير المنفعة العامة وفق المادة السابقة لمشروعات الإسكان المتمثلة في بناء الدولة للمساكن وما تتطلبه من مرافق ومبان وخدمات. وبالنسبة لمشروعات المرافق والمنافع العامة التي تقع ضمن نطاق اختصاص البلديات (سابقا) فقد فوضت اللجنة الشعبية العامة الاختصاص بتقرير المنفعة العامة لتلك المشروعات للجنة الشعبية للبلدية بقرارها الصادر بتاريخ 79/10/13، حيث نصت مادته الأولى على أن يكون تقرير المنفعة العامة لمشروعات المرافق والمنافع العامة بقرار من اللجنة الشعبية العامة في “البلدية”، وذلك بالنسبة لمشروعات المرافق والمنافع العامة التي تقع ضمن نطاق اختصاص (البلدية). ومفاد ذلك وعملا بحكم المادة 87 من القانون المدني أن العقارات المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة في نطاق البلديات (سابقا) تصبح من الأموال العامة بتخصيصها للمنفعة العامة. من قبل اللجنة الشعبية للبلدية، وبالتالي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ما دامت محتفظة بتلك الصفة، أما إذا كانت العقارات التي تقرر الزومها للمنفعة العامة مملوكة للأفراد، فإن تخصيصها للمنفعة العامة لا يتأتى إلا بعد الاستيلاء عليها وضمها إلى المال العام.
لما كان ذلك، وكان القرار رقم 92/1271 الصادر من اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس سابقا، والذي بموجبه نزعت قطعة أرض مملوكة للطاعنين لإقامة وحدات سكنية يعد في حقيقة الأمر استيلاء على أرض الطاعنين، وأن المناط في مشروعية هذا القرار من عدمه يتوقف على السبب الذي يقوم عليه ويبرر إصداره، فإذا كان هذا الاستيلاء الذي استعمل كأداة لنزع الملكية للمنفعة العامة أدخل المنزوع ملكيته في الأملاك العامة ولو بغير الطريق القانوني يكون طلب إلغائه غير منتج بعد تقرير المنفعة العامة، أما إذا كان نزع الملكية (الاستيلاء) لغير المنفعة العامة فإنه يجعله معيباً.
والحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى رفض دعوى طلب إلغاء القرار المطعون فيه دون أن يستظهر ما إذا كانت الوحدات السكنية التي تقرر إنشاؤها على الأرض التي نزعت ملكيتها قد دخلت في الأملاك العامة باعتبار تلك الوحدات السكنية تعد من المنافع العامة، أو أنها ليست كذلك مما يجعله قاصراً في أسبابه تعجز معه المحكمة عن بسط رقابتها على سلامة تطبيق القانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقص الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى لمحكمة استئناف طرابلس دائرة القضاء الإداري لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.