الطعن الجنائي رقم 752 لسنة 55 ق
بالجلسة المنعقدة علنا صباح يوم الاثنين 20 صفر 1434 هـ الموافق 2013.12.23 ميلادية بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس.
الحضور
رئيس الدائرة: المستشار الأستاذ يوسف مولود الحنيش
أعضاء الدائرة:
- المستشار الأستاذ محمد إبراهيم الورفلي
- المستشار الأستاذ عزام علي الديب
- المستشار الأستاذ صالح عبدالقادر الصغير
- المستشار الأستاذ فوزي خليفة العابد
- المستشار الأستاذ عبد السلام امحمد بحيح
- المستشار الأستاذ المبروك عبد الله الفاخري
- المستشار الدكتور سعد سالم العسبلي
- المستشار الدكتور حميد محمد القماطي
- المستشار الأستاذ فرج أحمد معروف
- المستشار الأستاذ علي عمران التواتي
- المستشار الدكتور نور الدين علي العكرمي
- المستشار الأستاذ بشير سعد الزياني
المحامي العام بنيابة النقض: الأستاذ أحمد الطاهر النعاس
أمين سر الجلسة: السيد أسامة علي المدهوني
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- (…) 2- (…) 3- (…) لأنهم بتاريخ 2006.11.18 م بدائرة مركز شرطة بنينا بني وليد:
* المتهم الأول:
- أ- قتل نفسا عمدا، وذلك بأن صوب تجاه المجني عليه -…- البندقية الموصوفة بالمحضر، وأطلق عليه عيارات نارية، اخترق أحدها زجاج سيارته، وإصابته في رأسه بالإصابات المبينة بتقرير الطبيب الشرعي المرفق بالأوراق، والتي أدت إلى وفاته في الحال، وعلى النحو المبين بالأوراق.
- ب – قتل نفسا عمدا مع سبق الإصرار على ذلك والترصد، بأن أحضر من منزله البندقية المبينة الأوصاف بالمحضر والذخيرة، وترصد للمجني عليه حتى حضر، أطلق عليه أعيرة نارية أخترق أحدها زجاج سيارته وإصابته في رأسه بالإصابات المبينة بتقرير الطبيب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أدت إلى وفاته في الحال، وهي جناية القتل العمد، و اقترنت بها جناية حيازة السلاح والذخيرة بدون ترخيص صادر من الجهة المختصة بذلك، وعلى النحو المبين بالأوراق.
2.حاز أسلحة وذخيرة بدون ترخيص صادر له وفقا لأحكام القانون، وذلك بأن حاز البندقية، وكمية الذخيرة الخاصة بها، والمبينة الأوصاف بالمحضر، وتقرير خبير السلاح بالإدارة العامة لمكافحة الجريمة المرفق.
* المتهم الثاني: اشترك مع المتهم الأول في قتل المجني عليه.سالف الذكر – مع سبق الإصرار والترصد، وذلك بأن ساعده في الأعمال المسهلة للجريمة بقيادة المركبة الآلية وتتبع المجني عليه ومن معه، حتى تمكن الأول من إطلاق النار عليه وقتله، وعلى النحو المبين بالأوراق.
* المتهم الثالث:
- أ- حاز سلاحا وذخيرة دون ترخيص صادر له وفقا لأحكام القانون، وذلك بأن حاز البندقية وكمية الذخيرة الخاصة بها، المبينة الأوصاف بالمحضر وتقرير خبير الأسلحة بالإدارة العامة لمكافحة الجريمة المرفق بالأوراق.
- ب – ساعد بعد وقوع جريمة شخصا يشتبه بأنه الفاعل على الاختفاء من تعقب السلطات له، وضلل التحقيقات الجارية في شأنه بإخفاء البندقية المستعملة في الجريمة وذخيرتها وردمها تحت الأرض، وعلى النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمتهم عما أسند إليهم طبقا للمادتين 1، 2 من القانون رقم 6 لسنة 1423 م الصادر بشأن أحكام القصاص والدية وتعديلاته والمواد 368، 369، 370، 2/372، 100،1/101، 1/270 عقوبات و3 بند 2 من القانون رقم 7 لسنة 1981 الصادر في شأن حيازة الأسلحة والذخائر والمفرقعات وتعديلاته، والغرفة قررت ذلك بعد أن أضافت تهمة جديدة في مواجهة المتهمين الأول والثاني بوصف: أنهما بتاريخ الواقعة ومكانها أرغما المجني عليهم – (…) و (…) و(…) بالعنف والتهديد باستعمال سلاح ناري في تمكينهما من تفتيش المركبة الآلية التي كانوا يستقلونها وإرغامهم على مغادرة منطقة سوف الجين، حيث هددهم الأول بسلاح ناري وساطور والثاني بعصا، وعلى النحو المبين بالأوراق.ومحكمة جنايات مصراته بعد أن نظرت الدعوى قضت حضوريا بتاريخ 2007/12/10 م:
- أولا: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني قصاصا رميا بالرصاص عن تهمة قتل المجني عليه.
- ثانيا: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن تهمة حيازة السلاح والذخيرة بدون ترخيص.
- ثالثا: بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل مدة سنتين عن تهمة إخفاء السلاح وبسقوط الجريمة بالتنازل عن تهمة حيازة السلاح والذخيرة بدون ترخيص، وبمصادرة السلاح المضبوط والذخيرة، وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليهما الأول والثاني مرتين متتاليتين في صحف الفجر الجديد والشمس والميزان وبإلصاقه بلوحة إعلانات المحكمة مصدرة الحكم وبلا مصاريف جنائية.
وكان المحكوم عليهم قد طعنوا على ذلك القضاء بطريق النقض، وعرض الطعن على الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة العليا، وكان مما نعى به المحكوم عليه الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بمقولة أنه اتهم بالاشتراك في القتل بالمساعدة، وقد خلا قانون القصاص والدية من أفراد نصوص للاشتراك مما يتعين معه – حسب وجهة نظر الطاعن الثاني – الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي لا تعاقب الشريك غير المباشر في القتل بالقصاص، وأن اتفق مع الفاعل المباشر له، وأنه في القضاء بمعاقبته بالإعدام قصاصا مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية التي تعاقب الشريك بالتعزير، الأمر الذي يستوجب نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.ولقد لاحظت الدائرة الجنائية الثانية أن المحكمة العليا قد سبق لها وأن قضت في الطعنين الجنائيين رقمي 50/1985 ق و 51/224 ق، بأن عقوبة الإعدام قصاصا لا تطبق في جريمة القتل العمد إلا على من قتل النفس عمدا بأن باشر الفعل الذي أدي إلى القتل وتسبب مباشرة في إزهاق الروح، أما الشريك في القتل الذي يقف دوره في ارتكاب الجريمة عند الاتفاق أو المساعدة أو التحريض، ودون أن يباشر القتل فعقوبته السجن المؤبد وليس الإعدام قصاصة تأسيسا على أن المادة السابعة من القانون رقم 6 لسنة 1423 الصادر في شأن أحكام القصاص والدية نصت على أن تطبق أحكام الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة النصوص هذا القانون فيما لم يرد بشأنه نص فيه، ولأن القانون المذكور قد خلا من بیان الشريك في جريمة القتل العمد، فإنه يتعين طبقا لنص المادة السابعة سالفة الذكر العودة إلى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنص القانون المذكور أخذا برأي جمهور الفقهاء في المذاهب الإسلامية الأربعة وهو القصاص بالقتل من القاتل وحده، أي الذي يباشر القتل دون إنزال حكم القصاص بالقتل على الشريك الذي لا يباشر القتل وإنما يكتفي بتقديم المساعدة للقاتل على إتمام الجريمة مهما بلغ دور الشريك في هذا الشأن، وأيا كان نوع اشتراكه فيه سواء بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة، بينما قضت المحكمة العليا في الطعن الجنائي رقم 50/1789 ق بإقرار عقوبة الإعدام الصادرة بحق الشريك في جريمة القتل العمد تأسيسا على أن قانون القصاص والدية رقم 6 لسنة 1423 خلا من النص على أحكام الاشتراك في جريمة القتل العمد المنصوص عليها فيه، ومن ثم يعد قانون العقوبات هو النص الاحتياطي له وفقا لأحكام الاشتراك المنصوص عليها فيه، فإن العقوبة واحدة للفاعل والشريك، وقد رأت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة العليا المعروض عليها الطعن الراهن أن ذلك يشكل تناقضا في الأحكام يستوجب عرضه على دوائر المحكمة مجتمعة للعدول عن أحد الاتجاهين في الأحكام السالف الإشارة إليها بما يزيل التناقض والتعارض بينهما.قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها إلى إقرار الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم 50/1985 ق وما على شاكلته والعدول عن المبدأ الصادر في الطعن الجنائي رقم 50/1789 ق وما على شاكلته، وترى أن عقوبة الشريك تعزيرية هي الأولى بالاتباع وحيث إن القانون رقم 6 لسنة 1994 م في شأن القصاص والدية وتعديلاته، قد خلا من تنظيم أحكام الاشتراك في جرائم القتل، وقد نص في مادته السابعة على الإحالة على أحكام الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لأحكامه، و إعمالا لنص المادة ( 31 ) من الإعلان الدستوري والمادة الأولى من قانون العقوبات اللذان ينصان على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وما يقضيانه من عدم جواز الإحالة في شأن التجريم والعقاب فإن هذه الإحالة تفسر في غير ما يتعلق بالتجريم والعقاب ومنها تحديد عقوبة الشريك في القتل العمد التي يجب أن يرجع فيها إلى أحكام الاشتراك في قانون العقوبات دون سواها ولما كانت المادة 101 من قانون العقوبات تنص على أن من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها إلا ما استثني بنص خاص، وإذ لم يرد ما يستثني معاقبة الشريك في القتل من عقوبة الفاعل ويتعين من ثم الأخذ بالمبدأ الذي يقرر عقوبة الشريك في الجريمة المذكورة وفقا لأحكام قانون العقوبات.
الحكم
فلهذه الأسباب قررت المحكمة بدوائرها مجتمعة إقرار المبدأ الوارد في الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم 50/1985
ق والذي مقتضاه تطبيق أحكام قانون العقوبات على الشريك في جريمة القتل العمد، والعدول عن المبادئ التي تقرر خلاف ذلك.
قرار بتصحيح خطأ مادي في منطوق القرار/// أنا المستشار محمد القمودي الحافي رئيس الدائرة بعد الإطلاع على القرار الصادر عن دوائر الحكمة مجتمعة في الطعن الجنائي رقم 55/752 ق بتاريخ 2013.12.23 وعلى ملف الطعن الجنائي المشار إليه تبين أنه قد وقع خطأ مادي في منطوق القرار إذ جاء به إقرار المبدأ الوارد في الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم 50/1985 ق، في حين أن الرقم الصحيح هو 50/1789 ق – وهو ما كانت أسباب الحكم في مجموعها قاطعة وبما لا يدع مجالا للشك في أن المحكمة وصلت إلى إقرار المبدأ الوارد في الطعن الجنائي رقم 50/1789 ق وليس كما جاء في منطوق قرارها محل التصحيح. لذلك وعملا بالمادة 288 من قانون المرافعات.
تقرر الحکمة/// تصحيح القرار بحيث يجري منطوقه على النحو التالي:
قررت المحكمة بدوائرها مجتمعة إقرار المبدأ الوارد في الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم 1789/50 ق والذي بمقتضاه تطبيق أحكام قانون العقوبات على الشريك في جريمة القتل العمد، والعدول عن المبادئ التي تقرر خلاف ذلك.